|
رسالة موجهة الى العالمين الغربي والاسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) 39-40/سورة الأحزاب إن الذي تعرض له شخص النبي محمد صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ في الإعلام العالمي أمر جاهلي محض ولايمت إلى الحضارية بادنى صلة, ولذلك يجب على العالم عموما والاسلامي خصوصا أن يقولوا كلمتهم لتثبت تحضرهم وإنسانيتهم, بكل ما تحمل كلمة التحضر والإنسانية من عمق. لقد اخذ العالم يتخبط في هذا الحدث بشكل لا يناسب وحجم الاعتداء على اعظم شخصية كريمة على الله, وأعظم مقدسات المسلمين بعد الذات الإلهية المقدسة. الأمر الذي دفعنا إلى توجيه الخطاب التالي للعالم وكل المعنيين بهذا الأمر. فخطابنا الأول إلى العالم يلزمنا القول إن (محمداً) صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ هو نبي لمليار ونصف المليار من سكان هذه الكرة الارضية. وهو رسول الله للانسانية, ونبي الرحمة للبشرية, ونبي الدعوة إلى الخير, ونبي الحضارة والتحضر على هذه الأرض. · وبذلك فإن المساس بساحته المقدسة تعديا على رب السموات والاض لكونه ممثل السماء وخليفة الله في خلقه, فيكون التعدي عليه عملا جاهليا محضا. · ولأن النبي (محمدا) هو نبي الإنسانية فيكون التعرض لشخصه المقدس إهانة للإنسانية كلها, ومن يتعدى على الإنسانية سيكون عدوا لدودا لها, فيترتب على ذلك أن يعلم العالم كله أن الاعتداء على الإنسانية ارهاب محض. وأن من يشجع على هتك حرمة الرسول الأكرم صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ إنما يشجع على الإرهاب, لأن التعدي على رمز الإنسانية والتشجيع عليه والتساهل معه يعني الإرهاب بعينه. · ولأن الرسول (محمدا) صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ هو نبي الخير كله, فإن التعدي على شخصه المقدس يعني تعديا على الخير, والتعدي على الخير شرٌّ صِرفٌ. · ومن حيث أن الرسول (محمدا) صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ هو نبي الدعوة إلى الحضارة والتحضر, فإن التعرض لشخصه الكريم يعني انتهاكا للتحضر, ويكون التشجيع على المساس به دعوة إلى الجاهلية لكونها داعية إلى تدمير التحضر وهتك إنسانية الإنسان وقتل التآلف البشري على الأرض, وقد نصت المادة (1) من ميثاق الامم المتحدة لحقوق الانسان على احترام التاخي في المجتمع البشري فقال: (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.). وما صنعه الاعلام العالمي الذي تعرض لساحة الرسول الأكرم هو من مصاديق تدمير التآخي البشري الذي يجب ان تلتزم به الأمم على هذه الارض . من هنا يجب على العالم إدراك ان التعدي على الانبياء والمرسلين من المحرمات القطعية عند المسلمين جميعا على الاطلاق, ولأن عقيدة الاسلام هي عقيدة الحضارة والتحضر فأنه يحرّم على كل مسلم ان يؤمن ببعض النبيين ويكفر ببعض وهذه دلالة واضحة على حضارية الاسلام ومناهجه. ثم ان الأمم المتحدة التي نظمت في لوائحها التي يجب ان تلتزم بها كل الدول والأمم قد نصّت في مادتها التاسعة عشرة على ان: (لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل) الامر الذي يوجب على الجميع أن لا يستغلوا هذه الحرية في توجيه أية إهانة للقيم والمقدسات التي تؤمن بها الانسانية, وفي مقدمتها إهانة نبي الاسلام وسائر الانبياء لأنه مما يتعارض وبنود حقوق الانسان. لأن العالم بما فيه العالم الغربي سوف لن يقبل لو التزم احد مبدأ الحرية في تأييده زعماء الارهاب المسلح والارهاب الفكري على حد سواء لمخالفته الانسانية وانتهاكه حقوق الانسان, وعليه يجب ان تضمّن الجمعية العامة للأمم المتحدة في بياناتها ما توضح فيه للعالم ان التعرض لمقدسات الشعوب بما فيها مراكز العبادة والأنبياء وكتبهم المقدسة وفي مقدتها الذات الالهية المقدسة والانبياء والمرسلين, يُعد نوعا متميزا من الاضطهاد الفكري المخالف لحقوق الانسان ومواثيق الامم المتحدة . إن ما تعرض له شخص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم من ابرز مصاديق التحريض على العنصرية وعدم (احترام الإنسان), والتربية على تدمير (التفاهم والتسامح) وقتل مبدأ (الصداقة بين جميع الشعوب والجماعات) وتاجيج للتعصب الديني. وهذا يخالف بنود الأمم المتحدة في الفقرة (1) من المادة (26) المؤكدة على اهمية التربية الانسانية واحترام الحريات, حيث نصت على ذلك بقولها: (يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام). وبذلك فالتشجيع على انتهاك حرمات الرسول نبي الرحمة يعني التاكيد على التربية المدمرة للانسانية, وتشجع على تحويل المجتمع البشري الى غابة وحوش. ثم ان ما تعرض له شخص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم من اهانة في بعض وسائل الاعلام الغربي وتسامحت معه بعض الحكومات والقادة السياسيين بحجة حرية الراي, انما يناقض ميثاق الامم المتحدة وحقوق الانسان من جهة ممارسة مبدأ الحرية الشخصية في التعرض لكرامة نبي لمليار ونصف المليار من سكان العالم, وقد نصت المادة (29) من الميثاق في فقرتها الثالثة على انه: ( لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.) وبهذه المادة فان ما يسمونه حرية التعبير عن الراي وممارسة الفكر لا يجوّز هذا الطعن الذي وقع على نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله سلم, لانها (ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها) في احترام الانسان ومعتقداته. وبالتالي فان الحجج التي يتذرع بها زعماء سياسيون غربيون ويجوزون ويسوغون الإهانة التي وجهتها بعض وسائل الاعلام انما هو تأويل لمفهوم حرية التعبير عن الراي. وأن ما هو منصوص عليه في المادة التالية التي تلزم كل أمم العالم ودولِهِ بما فيها دول العالم المتمدن الغربي الذي بقي بين ساكت لهذه الجريمة النكراء, وبين مؤيد لها, وبين متساهل حيالها ومقلل من شأنها, كما بينت ذلك (المادة 30) مواثيق حقوق الانسان للأمم المتحدة في نصها القائل: (ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه. صحيح ان للانسان حرية الراي بمعنى حرية المنطق والتفكير وليس حرية انتهاك مقدسات الاخرين فقد نصت المادة (2) على ان: (لكل الانسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر). واذا كان بعض زعماء السياسة الغربية تقول ان انتهاك حرمات الاسلام من مصاديق حرية الراي فان هذا سيفتح الباب على مصاريعه في شتم مقدسات اليهود والنصارى وغيرهم, الأمر الذي لايقبله الغرب نفسه فضلا عن انه سيخرب الارض على من عليها, وهذا عمل غير عقلائي على الاطلاق. اما خطابنا الى المسلمين جميعا فنقول أن الاهانة التي لحقت شخص نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم انما هي قضية تمس صميم الانسانية والتحضر, وعليه يجب ان يتعامل المسلمون مع القضية بكامل الحضارية التي عمل ودعى اليها رسول الحضارة والتحضر بعيدا عن العنف والاسفاف في التدمير, لخروج ذلك عن الثأر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, علما أن الثأر للرسول يعني دعوة البشرية الى دينه وتحويلهم الى سبيله أفواجا أفواجا, من هنا وجب على المسلمين جميعا, القيام بامور منها : اولا: ان تعمل الشعوب والدول والمنظمات المدنية على بيان جاهلية وعدم حضارية المنطق الذي تتعامل به وسائل الاعلام والقادة السياسيين ممن كانوا وراء هذا العمل الجاهلي المقيت. ثانيا: تنظيم مؤتمرات فكرية وسياسية لدراسة القضية دراسة حضارية تخرج ببحوث تساهم في تثقيف العالم كله لتعريفه بحضارية الاسلام والفكر الاسلامي الرصين, وتثقيف المسلمين عموما بحضارية الاسلام ومناهجة التي رفع لواءها رسول الله وأهل بيته وفي طليعتهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام, ودعوة البشرية اليها. ثالثا: ان تخرج تلك المؤتمرات بدراسات منهجية تسلط الضوء على اسباب التحريف الفكري الذي اصاب اذهان المسلمين وساهم في خلق حالة العنف على مر التاريخ, الأمر الذي سبب تشويها لصورة الاسلام في اذهان غير المسلمين, كما نشاهده في عمليات الذبح الذي يتعرض له المسلمون في العراق قديما وحديثا لا لذنب اقترفوه سوى أنهم متمسكون بالمناهج الحضارية التي رفع لواءها اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رابعا: ان تخرج تلك المؤتمرات بتوصيات وأطروحات قانونية يتم تقديمها الى الأمم المتحدة بما يساعد على ردم الفراغات القانونية في قوانين الأمم المتحدة والتي يعبث بها بعض المتربصين بالانسان واستقرار المجتمع البشري, متذرعين بحق الحرية والتعبير عن الرأي الذي أقرته قوانين المجتمع الدولي, والذي تأولوا استعماله. خامسا: ان تقوم المنظمات القضائية الحكومية والمدنية بالعمل على مقاضاة الذي تعرضوا لشخص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم قانونيا, وذلك وفق المواد الانسانية التي سنتها الأمم المتحدة والتي منها المادة (7) التي تنص على ان: (كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.) سادسا: إن الثأر لما تعرض له شخص إمام الحضارة والتحضر ونبي الانسانية يستدعي مواجهة الجاهلية بمنطق الحضارة لا بمنطق الاسفاف في التدمير الذي يخالف الروح الحضارية التي ارادها الرسول, وعليه فان العمل الحضاري الناجح والناجع هو طرح صورة الاسلام الحقيقية وروح مناهج رسول الانسانية بما يجعل الناس تتداعى اليه لتؤمن به وتعمل بمناهجه, كما دعى الى ذلك حفيده الاكرم الامام الصادق عليهما الصلاة والسلام بقوله: (كونوا دعاة للناس بغير السنتكم ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع) وقال سلام الله عليه موصيا شيعته العمل بحضارية تامة في تغيير عقول الناس لا بالعنف بل بحضور الفكر الحضاري والعمل المنهجي الذي يملكه الاسلام ويعلمه اهل بيت رسول الله, وطرحه على الواقع العملي والسلوكي ليترجم معاني الحياة الى المجتمعات البشرية, وليس بمناهج العنف والذبح والابادة والتدمير, ذلك أن الاسلام دين الحياة ومنهج تغيير الناس بالتي هي احسن, حيث قال سلام الله عليه: (وأن تكونوا لنا دعاة صامتين) بالعمل والسلوك الكاشف عن حضارية التعامل لتتذوق الإنسانية طعم الحياة من خلال التصرف والتعامل بحيوية الفكر الذي يجهله العالم , وقد أمر الله تبارك وتعالى بالعمل وفق منهج: (وقولوا للناس حسنا) سورة البقرة/ آية 83 سابعا: كما أن العمل الحضاري الصادق يحتم على المسلمين جميعا البراءة من فكر العنف ومناهج التطرف وعزل أئمته السياسيين والدينيين من ميادين الحياة السياسية والدينية كيلا يشوهوا الإسلام في الواقع البشري اكثر مما قد حصل وليفهم العالم أن مناهج الإسلام هي مناهج : (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ومحاكاة عقول المجتمعات البشرية بمنطق: ( وجادلهم بالتي هي احسن ) ذلك ( إن ربك هو أعلم بمن ظل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) سورة النحل/ آية 125. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 7/محرم الحرام/ 1426 ـ 6/شباط/2006 ع/ الأمين العام لرابطة علماء الشيعة في امريكا الشمالية محمد سعيد المخزومي
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |