|
المؤتمر السابع للجمعية العراقية لحقوق الانسان في الدنمرك حقوق الإنسان في العراق – ملاحظات تقيميه
ازدادت حالة حقوق الإنسان في العراق ترديا خلال السنة المنصرمة وفي الربع الأول من هذا العام. وإذا قورنت بالفترات السابقة لها فإنها اكثر سوءا عما كانت عليه. أن ما يميز اليوم العراقي هو تلك الأعداد الكبيرة من القتلى مجهولي الهوية، والتي أخذت أعدادهم تتزايد يوما بعد أخر بتوسع الرقعة الجغرافية لارتكاب مثل هذه الأفعال الإجرامية والمنافية لأي شرائع إنسانية ودينية. وازدادت ممارسات القتل الطائفي التي ترتكب بحرفية كبيرة والتي دفعت آلاف العوائل للهجرة من مناطق سكنها إلى أماكن أخرى ، ناهيك عن الهجرة إلى خارج العراق والتي تزداد مع تواصل تلك العمليات وما تقوم به قوات الاحتلال المتعددة الجنسيات والقوات العراقية من حصار للمدن وقصف عشوائي، وصل إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليا في البعض منها. أن هذه الانتهاكات ومعها انعدام الخدمات اليومية في مجالات عديدة، وانعدام الحياة الآمنة، وانتشار المليشيات المسلحة وما تقوم به من خروقات جمة تتجلى بتطبيقها لقوانينها الخاصة في الشارع العراقي، أصبحت تطبق على حياة المواطن العراقي يوميا، الذي اصبح متوقعا الموت في أي لحظة كانت في البيت أو الشارع أو وسائل النقل ومشابه، فأما قصف عشوائي وأما تفجير إرهابي وإما خطف أو قتل على الهوية!! في ظل غياب مريع لمواجهة هذا الفلتان الأمني الذي يسود غالبية مناطق العراق. ويعزى ضعف التصدي الحكومي لهذه الظواهر إلى أن العديد من تلك المليشيات تجد دعما لها في السلطة الرسمية، وضعف تطبيق القانون. كما شكلت العديد من التشريعات انتهاكا لحقوق الفرد، ومنها على وجهة التحديد إلغاء قانون 188 لسنة 1959 " قانون الأحوال الشخصية" في الدستور الدائم ، ناهيك عن تعقيد بعض القوانين والخاصة بالمجتمع المدني ، وأي مطلع على قانون الجمعيات الجديد أو مشروعه سيلمس ذلك بشكل جلي عبر ربط مصير عمل الجمعيات وحياتها الداخلية بيد أعضاء الحكومة، والذي يعد جملة وتفصيلا منافيا لما نصت علية المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وخصوصا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وجدير بالذكر إن العراق انظم إلى قائمة الدول الموقعة على تلك الصكوك ولكن الدستور الدائم وعلى العكس مما نص عليه قانون ادراة الدولة المؤقت، لم يشر لهذه الاتفاقيات في أي مادة من مواده. ولازالت خارطة القوى التي ترتكب الانتهاكات لم تتغير بل ازدادت عمقا وتوسعا من جميع تلك القوى، التي تمتلك القوة و السلاح والتمويل والدعم الخارجي. وتتوزع الانتهاكات على الشكل التالي : 1. قوات الاحتلال وما ترتكبه يوميا من انتهاكات عبر حصارها لمدن كاملة كسياسة عقاب جماعي والتي تسببت بالتوافق مع عمليات القتل الطائفية بنزوح الآلاف من العوائل العراقية من مناطق سكناها ، هدم المنازل والاعتقالات الكيفية ، اخذ بعض أفراد العوائل كاسرى، الانتهاكات التي جرت ولازالت في السجون والتي وثقتها كلا من منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأميركية ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية عدة، ناهيك عن ألاف السجناء المعتقلين دون أن يجري محاكمتهم أو توجيه تهمة لهم، وقسم منهم ينتظر الإفراج لشهور، بل جرى إلزام المفرج عنهم ، ممن لم تثبت عليهم إي تهمة في إيجاد كفيل كشرط لخروجهم من السجن! ناهيك عن الكثير من المعالجات الخاطئة لقضايا المواطن اليومية، ويعد عدم وجود قوانين تخضع عناصر القوات الأجنبية للمحاكمات في حالات ارتكابهم جرائم ضد المواطن العراقي انتهاكا صارخا لحقوق المواطن العراقي والقوانين الدولية الإنسانية وترخيصا لهذه القوات بارتكاب ما يناسبها دون إي اكتراث بمصير الإنسان، وهذا يضع موضوع السيادة الوطنية محل الشك، في ذات الوقت الذي يضع المواطن في دوامة مابين قول انتقال السيادة وغيابها على ارض الواقع. 2. ما تمارسه قوى القمع المتبقية من نظام الدكتاتورية متضامنة مع قوى الإرهاب المتسترة بالدين والمدعومة من قبل دول الجوار العراقي والإقليمي، من إرهاب منظم ضد المؤسسات الاقتصادية العراقية، والشرطة والجيش وكذلك ضد المواطن المسالم من خلال التفجيرات اليومية والخطف ، والقتل على الهوية في العديد من مناطق العراق. وتشكل المليشيات المسلحة من جانب والمنظمات الإرهابية من الجانب الأخر والتي يعمل الكثير منها في ظل أغطية وواجهات أخرى وبمأمن من المعاقبة والمسائلة، اكبر تحديا لعملية استقرار العراق، تلك المليشيات التي أخذت تنتشر بطول العراق وعرضه وتحكم مناطق كبيرة من مناطق العراق وفق قوانينها التي ترتب وتسن من خارج الحدود وفي ظل صمت برلماني وحكومي عراقي. وأصبحت مناطق عديدة من العراق تحت سيطرة تلك المليشيات المسلحة سوى منها من يرتدي لباس الأحزاب الحكومية أو الداعمة لها ومنها تلك التي تدعي العمل ضد قوات الحكومة وقوات الاحتلال، لقد وجهت أصابع الاتهام لتلك المليشيات في أكثر من مجزرة وحادث وبسبب الضغوط الدولية والحملات الإعلامية اضطرت الحكومة إلى تشكيل العشرات من لجان التحقيق والتي لم يعلن إطلاقا عن نتائج أي منها ، لقد امتد العنف الطائفي إلى أجزاء كثيرة من العراق مهددا روح التعايش السلمي التي كانت وإلي وقت قريب السمة المميزة للعلاقة السائدة بين مكونات المجتمع. وتذكر التقارير الواردة من أحياء عديدة، أن العنف الجاري حالياً قد تسبب في نزوح الأفراد وعائلاتهم إلي الأحياء المجاورة بعد تعرضهم إلي التهديد والقتل. كما أن هناك عمليات نزوح طوعي من قبل بعض العائلات هرباً من الضغوط الطائفية التي تتعرض لها بشكل مكثف لا يسمح لهذه العائلات بالبقاء في الأحياء التي كانت تقيم فيها. 3. لقد جاء في أخر استطلاع لبعض منظمات المجتمع المدني في العراق إن عدد المخطوفين بلغ 19548 والذي يجهل مصيرهم أصلا وأشار التقرير إلى إن ما يقارب 3457 حادث عنف وقع في العراق شملت إعمال التخريب المتعمدة لدور العبادة ومقرات الأحزاب وتشريد العوائل والخطف والتهديد بالقتل والعمليات الانتحارية وإطلاق قذائف الهاون، منذ بداية العام الحالي أي خلال الأربع شهور الأولى من هذه السنة 4. كما إن الأجهزة التنفيذية للحكومة العراقية المؤقتة مارست ولا زالت أساليب التعذيب المختلفة في السجون العراقية وحملات الاعتقالات الكيفية والمداهمات التي تتعارض مع نصوص قانون إدارة الدولة المؤقت. بل ووقفت في العديد من الحالات موقف المتفرج إمام المليشيات المسلحة وأزلام البعث الذين احتلوا مراكز عديدة في القضاء وفي المحافظات وفي دوائر عديدة حساسة. لا بل إن الأمر تعدى ذلك في صمتها عن عمليات التهديد والخطف والقتل للعديد من الأكاديميين، وتحولت العديد من الوزارات إلى مراكز حزبية بدلا من أن تكون مراكز لتقديم الخدمات للمواطنين. وشكلت الانتخابات وخصوصا البرلمانية منها والإجراءات التي اتبعت وما سادها من ممارسات قتل وحرق وتخوين وتهديد، انتهاكا أخر لحرية المواطن وحرية إيصال المعلومات في مثل هذه العملية المهمة. ومن المظاهر الأخرى التي تعد انتهاكا للقانون وحق المواطن، الفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة وعلى أرضية التقاسم الطائفي والحزبي في المؤسسات والتي تعمل العديد من القوى الحالية إلى تعميقه لا بل والعمل على تجريم كل من يختلف مع تلك القوى على هذا الأساس في عملية لإشاعة واستنهاض الروح الطائفية والشوفينية القومية في الشارع العراقي وهذا ما يتعارض مع مبدأ إشاعة العدالة وحق الفرد في المجتمع والتي لا يمكن إطلاقا مهما كانت نبوءة هذا الطرف أو ذاك من تحقيقها إذا أسست على النفس الطائفي أو الديني أو التعصب القومي. إن مجتمع العدالة واحترام حق وحريات الفرد يتحقق عبر احترام الروح الوطنية وروح المواطنة والالتزام بالقوانين ، لا تطبيق السياسات الحزبية والمليشياوية الضيقة . لقد برزت أيضا تجاوزات عديدة ضد نشطاء حقوق الإنسان في العراق وتعرض بعض الإخوة إلى الخطف والتهديد والقتل، وشمل هذا الأمر حرية حركة الصحفيين الذين قدموا العديد من الضحايا بنيران الاحتلال أو على يد المليشيات الإرهابية. وأصبح الحق بالحياة الآمنة من الأمنيات صعبة المنال للمواطن العراقي. كما شكلت عمليات الحرق وتفجير الأماكن المقدسة ودور العبادة انتهاكا صارخا على حرية العبادة خصوصا بعد تفجير مرقد الإمامين في سامراء والتي أدت إلى إعمال ثار متبادلة وحرق لدور العبادة وما تحتويه، دون أن تتمكن الحكومة العراقية من معالجة الموضوع بطريقة حكيمة، بل أن الدعوات التي جاءت للتظاهر زادت من أعمال العنف في الشارع العراقي ، ورغم تشكيلها لجنة للتحقيق إلا أن نتائج عمل تلك اللجنة لم يرى النور وكما هو الحال مع اللجان العديدة الأخرى التي شكلت أيضا لغرض التحقيق في أحداث كثيرة منها جسر الأئمة والمعتقلين لدى وزارة الداخلية وغيرها. إن المهمات التي نعتقد أنها تقع في مقدمة مهمات منظمات المجتمع المدني العراقي وخصوصا جمعيات حقوق الإنسان هي: 1- وضع برنامج وطني شامل للتعليم والتوعية في مجال ثقافة حقوق الإنسان يستهدف كافة قطاعات الشعب العراقي وذلك من اجل نشر الوعي بحقوق الإنسان وتطوير ثقافة وطنية تقوم على احترام تلك الحقوق. 2- تعزيز جهود جميع منظمات المجتمع المدني من اجل المطالبة بتشريع قانون للأحول الشخصية، تضمن فيه الدولة حقوق المرأة العراقية بشكل خاص والأسرة العراقية بشكل عام. 3- العمل على إلغاء قانون تشكيل الجمعيات وإطلاق حرية تشكيل الجمعيات على أن لا تتعارض أهدافها مع دستور البلاد والعمل السلمي الديمقراطي لتحقيق أهدافها. 4- العمل على تضمين الدستور العراقي التزام العراق بقوانين حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي والمواثيق والاتفاقيات الخاصة في هذا المجال والتي صادق عليها العراق سابقا. 5- العمل بكل قوة على الكشف وتوثيق الجرائم والانتهاكات التي ترتكب ضد الإنسان العراقي وفضح مرتكبها أيا كان. 6-الاستمرار في الجهود من اجل بناء شبكة عراقية لحقوق الإنسان تعزز من قوة دور الجمعيات العاملة في هذا المجال وتتمكن من استثمار الإمكانيات بشكل أفضل. 7- وبالتزامن مع هذا البرنامج يجب إن يجري العمل على دعم جهود منظمات وجمعيات المجتمع المدني وتوفير الموارد لها. 8- تشكيل لجنة وطنية لحقوق الإنسان تأخذ قوتها وسلطتها من الدستور العراقي وتكون مهمتها رسم البرامج اللازمة للارتقاء بوعي وثقافة حقوق الإنسان ومراقبة السلطات الثلاث الأخرى بما يخص مجال عملها هذا. 9-إنشاء بنك معلومات مركزي لجمع كافة الأدلة والإثباتات التي تتعلق بالانتهاكات التي مورست سابقا وألان للاستفادة منها في مسار التحقيقات وكي تحفظ أيضا كي تؤرخ ضمن تاريخ البلد وضمن مهمة الحفاظ على الذاكرة. العمل على إطلاق حملة صريحة من اجل المصالحة في المجتمع العراقي والذي نعتقد انه الطريق لإعادة وحدة المجتمع، وبالاستفادة من التجارب العديدة للدول الأخرى في هذا المضمار، وعبر الإدانة الأخلاقية والقانونية لمن ارتكب جرائم وانتهاكات ضد الإنسان العراقي. كما نوصي بضرورة الاستفادة القصوى من الوصايا التي خرج بها مؤتمري بغداد الذي عقد بإشراف الأمم المتحدة في حزيران –تموز 2003 وكوبنهاكن لحقوق الإنسان في أب 2003.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |