|
ستوكهولم: ندوة سياسية جماهيرية
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد/ ستوكهولم ندوة سياسية جماهيرية عامة، يوم الأحد الموافق 21/1/2007 في ستوكهولم وعلى قاعة آلفيك، أستضافت فيها الرفيق د. صالح ياسر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الذي تحدث عن آخر مستجدات الوضع السياسي العراقي، حضر الندوة جمهور كبير من أصدقاء وجماهير الحزب في ستوكهولم. في بداية الندوة التي قدمها الرفيق أبو هيلين تم الترحيب بالحضور ونقل لهم الخبر المؤلم برحيل الرفيق والشخصية الوطنية عبد علوان الطائي (أبو بشرى)، كما تلا على الحضور نعي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد ودعاهم للوقوف دقيقة صمت حداداً من أجله ومن أجل المناضلين الآخرين الذين فقدناهم. بعدها رحب باسم الحاضرين بالرفيق الدكتور صالح ياسر الذي تحدث عن آخر المستجدات على الساحة السياسية، مستعرضاً بالتحليل أهم النقاط والمحطات التي تحيط بالعملية السياسية والأزمة المتعددة الصعد التي يمر بها العراق. وأشار إلى أن الوضع معقد وهناك عناوين متناثرة لهذا التعقيد وما يرتبط به من صراعات، وإذا تم جمع تلك العناوين، وغيرها، فأنها ستفضي إلى نتيجة واحدة هي: أن الصراع يدور على تقرير مستقبل العراق السياسي وليس غيره، انه صراع على السلطة والمواقع والثروة وشكل الدولة الجديدة ومضمونها. وإذا كانت الفوضى الأمنية والبطالة وسوء الخدمات والفساد والاستعصاء السياسي وغيرها هي من بين المظاهر التي ميّزت الوضع في بلادنا طيلة السنوات الماضية، فان الأشهر الأخيرة، بحسب الرفيق المحاضر، شهدت احتقانا كبيرا واستقطابا طائفي متفاقم الحدة رافقه شلل في الحياة السياسية ونشاط فعال للميليشيات من مختلف الأنواع، وتوتر عارم ذكّرنا بما حدث في سامراء في 22 شباط 2006 (تفجير المرقدين)، والتفجيرات الأخرى التي تبعتها والتصعيد الخطير للأعمال الإرهابية ما هي إلا محاولة لإضعاف وزعزعة الأمن والحكومة وتمرير المخططات التي يرمون أليها، وكسر الأمل لدى الناس بإمكانية تحسن الظروف والوضع الأمني ولا تريد لهذا الأمل أن يكبر، وبالتالي حظ الحكومة في أن تنجح قليل وضعيف ، كما يخطط الذين يقفون وراء هذه النشاطات. وأشار الرفيق المحاضر أن تفاقم الصراعات الطائفية ، ليس بمعزل عن جملة من العوامل والأسباب من بينها: · التركة الثقيلة للنظام المقبور؛ · إجراءات وسياسة قوات الاحتلال ولجوؤها إلى تصنيف أبناء شعبنا على أساس طائفي وقومي ضمن استراتيجيتها القائمة على ما يسمى بـ " نظرية الفوضى المنظمة أو البناءة " التي تفترض وجود هامش معين من الفوضى لضمان هيمنتها على المشهد السياسي العراقي. · اعتماد بعض القوى والأحزاب السياسية نهج الاستقطاب الطائفي والقومي، للوصول إلى مراكز القرار وتوسيع النفوذ. · نشاطات وممارسات الصداميين وقوى الإرهاب والتكفيريين من جماعة القاعدة وحلفائها التي تعمل من جانبها لإثارة ومفاقمة مشاعر العداء والكراهية والتهييج الطائفي. · ممارسات بعض دول الجوار وتورطها في نشاطات تدعم من خلالها هذه الطائفة أو تلك طبقا لأجندات خاصة بها. ومن جهة ثانية أكّد د. صالح ياسر على انه ومن اجل فهم عمق هذه التطورات وتعقيدها وما شهدته من تفاقم، وخصوصا خلال الفترة الأخيرة، لا بد من توسيع دائرة التحليل لتشمل محيط القضية العراقية وإمداداتها الدولية أيضا، وربط ما يجري في أوضاعنا الداخلية بما يجري في البلد الذي يمثل اللاعب الرئيسي في هذه القضية ونعني به الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبحت القضية العراقية عنصرا أساسيا في كسب أصوات الناخبين هناك. وارتباطا بالملاحظة أعلاه كرّس الرفيق المحاضر جزءا من حديثة للتطورات التي شهدتها الاستراتيجية الأمريكية وبعض العناوين الكبرى الجديدة مثل تقرير بيكر هاميلتون وإعلان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ما أطلق علية بـ " الاستراتيجية الجديدة " وقدم قراءة مكثفه لهما. واستنتج بان الهدف النهائي لهذه المحاولات هو تقليص الخسائر الأمريكية إلى أقصى حدّ ممكن، مع بقاء السيطرة الستراتيجية على العراق. وأكّد الرفيق المحاضر على أن القضية التي تواجهنا اليوم ليست قضية زيادة قوات بحد ذاتها. فالعراق وقع تحت الاحتلال ووفقا لقرار مجلس الأمن 1546 لازال الملف العسكري بيد القوات المتعددة الجنسيات ، ولهذا يبقى المطلب السليم والصحيح هو توفير المستلزمات السياسية والمادية لاستعادة السيادة والاستقلال الكاملين من خلال بناء القوات المسلحة الأمنية والعسكرية العراقية وبما يمكن من طرح جدول زمني محدد لرحيل القوات الأجنبية. وبالمقابل أشار الرفيق المحاضر أن الفترة الماضية شهدت العديد من المستجدات والأحداث والتطورات السياسية، توقف عندها بتكثيف لاستكمال صورة الوضع السياسي المعقد والمتشابك. كان ابرز تلك الأحداث تنفيذ حكم الإعدام بالدكتاتور صدام حسين وما رافقها من ردود فعل، لجنة الدستور وما يرتبط به من تعديلات، الميزانية الفيدرالية لعام 2007.... الخ. وحول كيفية التغلب على مشاكل العراق اليوم، أكد الرفيق المحاضر على أنه لا توجد حلول سحرية، ولكن هناك محاولات تبحث عن مخارج وإن من منطلقات مختلفة، وهنالك عدة آراء وقراءات مختلفة للعملية السياسية الجارية مرتبطة كل منها بالجهة التي تطرحها. ورؤية الحزب الشيوعي العراقي تتمثل في أن العملية السياسية ما زالت تعاني من صعوبات حقيقية، وتعترضها أخطاء وأخطار كثيرة. وبيّن أن أمام هذه العملية خياران لا ثالث لهما: - أما أن تذهب إلى " الوادي السحيق " وبالتالي ستنفتح الأفق لتبلور بدائل غامضة، اكثر سوداوية واستبدادا ؛ - أو لا بد من العمل على بلورة خيار قادر على إصلاح الأمور. ومهما تعددت الصياغات فان هذا الخيار لن يكون سوى الخيار العابر للطوائف والمؤسس للمواطنة العراقية، انه الخيار الوطني الديمقراطي. وأكّد الرفيق أن الحزب يعتبر المصالحة الوطنية الطريق المضمون للتغلب على المشاكل التي تواجهها العملية السياسية الراهنة، لأنها – أي المصالحة – هي السبيل الوحيد الممكن اليوم في مثل هذه الظروف لتجاوز نظام المحاصصة ونظام المخاوف المتبادلة. وفي ختام مداخلته، أشار الرفيق د. صالح ياسر إلى انه رغم " الحريق الطائفي " فان التجربة تتيح استخلاص جملة من الدروس المهمة من بينها: أول هذه الدروس وأهمها، أن مشروع الدولة الحديثة، الديموقراطية والعصرية، لا يزال مطروحا للتنفيذ باعتباره المخرج الوحيد، الممكن والمقبول، من الأزمة البنيوية الراهنة التي تواجهها بلادنا. فقد دللّت تجربة السنوات الماضية انه لا وجود لوحدة وطنية حقيقية وثابتة خارج مشروع الدولة الديمقراطية العصرية. الدرس الثاني: يفترض أي اتفاق بين القوى المتصارعة لتجاوز المشهد المأساوي الراهن تقديم حل لهذه المعضلة بإلغاء الطائفية من حالتها السياسية، وضمان حرية كافة المكونات الاجتماعية وحقها في الشراكة بتقرير الخيارات الكبرى للدولة، أو الخيارات المصيرية، وبالتالي إطلاق حركة المواطنية بتجاوز الشكل الطائفي عبر جعل المواطنين سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات. الدرس الثالث أن المطروح هنا هو مسار وطني كبير يحتاج إلى جملة من الإجراءات الاقتصادية/الاجتماعية، والى إرادة سياسية عند الجميع، إرادة تراهن ليس على الخنادق الطائفية والاحتكام إلى سلاح الميليشيات والمتفجرات والسيارات المفخخة، بل من خلال الحوار الجاد والقدرة على تقديم تنازلات متبادلة، قد تكون صعبة ومرة وعسيرة في بعض الحالات. الدرس الرابع، بالإضافة إلى الإجراءات أعلاه، ثمة حاجة ملحة إلى ثقافة ديموقراطية حقيقية. ولهذا يبدو أن التحدي الأكبر الذي يواجه بلادنا اليوم هو في تجميع " القوى العابرة للطوائف " وخنادقها المتبادلة، حول العناوين الكبرى والأساسية لبناء الدولة الديمقراطية العصرية، دولة المواطنين الأحرار المتحررين من أية هيمنة طائفية أو قومية أو عرقية. وبعد أستراحة قصيرة فسح المجال للحضور بالمداخلات و بطرح الأسئلة المتعددة تناولت العديد من الأمور منها حول المصالحة الوطنية والمؤتمر الوطني الثامن ودور المرأة العراقية في العملية السياسية اليوم وغيرها من الأمور والتي أجاب عليها الرفيق الدكتور صالح ياسر مشكوراً.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |