اعادة اعمار ثقافة المواطنة

 

د. لميس كاظم

lamiskadhum@hotmail.com

 

كل الاحزاب وان اختلفت مناهلها الفكرية تناظل اليوم من اجل دستور دائم يحقق عراق حر ديمقراطي تعددي فيدرالي في مجتمع تعرض لابشع حالات القهر والقمع والأضطهاد السياسي في عهد الصنم، ذلك الموروث الذي هدم البنية التحية لثقافة المواطنة وسلب كل حقوقها وواجباتها وحولها الى عبارات جوفاء لايجوز تطبيقها في المجتمع.

ولاجل نجاح تطبيق فقرات الدستور الجديد يتطلب اعادة اعمار البنية التحية لثقافة المواطنة وفق منهج الدستور  الجديد الذي يختزل كل الولائات في ولاء الوطن ، اي ان المواطن يشعر بانتمائه للوطن اولا والمجتمع ومن ثم مقدساته المختلفة، بيد ان  مايجر ي الأن في العراق هو امتداد لنفس النهج الصنمي لكن بولائات مختلفة، فما هو معروف بأن ثقافة الصنم اسقطت في داخلها ثقافة المواطنة مما جعلت المواطن مغترب بداخل وطنه ومسجون لعبادة الصنم ، واليوم حرر المواطن من هذه الثقافة لكنه هناك محاولات لسجنه بثقافة الولاءات المتنوعة.

فمن المفترض ان نوسس لبناء تقاليد جديدة في السياسة والمجتمع مستوحاة من ثقافة الدستور  ومحاولة ايجاد سلوك سياسي جديد وليس ترويض الدستور لثقافة السياسة. ان اخطر المفاهيم التي ستحارب الدستور  تلك تسيس الدستور والمجتمع لصالح افكارها.

لكي تصبح ثقافة المواطنة هي السائدة في المجتمع يجب ان تتوفر كل الظروف التي تسهل تطبيقها واهمها هو سيادة القانون في كل موسسات المجتمع.

لابد من ترسيخ مفهوم المواطن بأعتبارة قيمة ثمينة في المجتمع وكل السلطات الثلاث تخدم وتحمي حقوقه الاقتصادية والأجتماعية والسياسية وتوفير الحصانة القانونية التي تحمية من القهر والأبتزاز.

اعادة صياغة كل المناهج التربوية التي تؤسس لدور القانون والمواطن في بناء وطنة وكذلك تنمية ثقافة الوطن على المواطن وتعليم كيفية حماية ثرواته وممتلكاته الطبيعية والأنسانية.

لكي تمارس المواطنة بشكل كامل لابد وان تلغى كل اشكال الصيغ الأجتماعية التي تكرس المفاضلة والتمييز بين ابناء المجتمع واعتبار كل المواطنين متساويين في الحقوق والواجبات وان اختلفو في مواقعهم الأجتماعية.

كما ان توفير فرص العمل و تحسين شروط العمل هي افضل الوسائل التي توفر المناخات النفسية الأيجابية لتطوير ثقافة المواطنة . إذ ان فرص العمل والتحرر الأقتصادي يساعد المواطن على تقوية علاقته بمجتمعه ويندمج فيه بأعتباره جزء فعال من هذا النسيج الأجتماعي .

لقد ورثنا من السابق سلوكيات وظيفية تمتهن وتقلل من المواطنة لذلك من الأساليب الجديدة هي تنمية شعور ان الوظيفة الحكومية مهما كانت نوعها هي مهمة مكلف بها المواطن وليس سلطة يستخدمها المسؤل لفرض قهره على موضفيه. مع تفعيل دور الموسسات والنقابات التي تحمي الموظف من قهر المسؤل، والعامل من استغلال رب العمل تلك المؤسسات ستحمي المواطنة من الأنتهاك.

كما ان دمقرطة مهام القوات الأمنية في المجتمع بحيث لايستخدم العنف ضد المواطن مهما كان خطئه الأ في حالة الدفاع عن النفس. وعدم استغلال الصفات الأمنية في ترويع المواطن سيقوي روح المواطنة عند الناس.  

يجب العمل على الغاء كل المظاهر الصمنية السابقة التي تكرس لثقافة التمييز الأجتماعي والجنسي والسياسي والقومي، من خلال اشاعة ثقافة الوطن ملك الجميع  والمواطن هو صاحب هذا الوطن، وتقوية حقوقة المدنية واهمية دوره في محاربة كل المظاهر الصنمية السابقة واولها والفساد الأداري والمحسوبية الرشاوي والبيرقراطية والتمجيد والتزلف والولاء.

ان العقبة الأساسية التي تقف امام اشاعة ثقافة المواطنة وتطبيق القانون هي الامية التي ارتفعت مستوياتها في السنوان الأخيرة لتصل الى ارقام قياسة. إذ لايمكن رفع ثقافة المواطن الى مستوى الحقوق والواجبات المتساوية في ظل  جهل المواطن،  والتي تنمي كل الامرض الأجتماعية والتي تمنع التطور الأجتماعي واحيانا يتخذها الكثير من القوى السياسية سلاح بيدها لمصادرة حقوق الأخرين.

اعطاء دور مستقل وحر للأعلام العراقي في تطوير ثقافة الوطن والمواطنة اولا فق مفاهيم الدستور الجديد التي تكرس لأزالة مفهوم  كسر المقدسات الفكرية والقومية والعرقية التي تربى عليها المواطن العراقي. اي سأسلم بفكرة الكاتب والمخرج المسرحي الألماني كارل بريخت عندما قال *اعطني خبزا ومسرحا اعطيتك شعبا مثقفا*. الاعلام العراق لايزال يكرس لثقافة التزلف والتمجيد والمحسوبية في برامجة. كما ان من الضروري ان يلعب الأعلام دور في احلال السلام الأجتماعي بين ابناء المجتمع والغاء كل البرامج التي تكرس لمفهوم الارهاب والعنف.

ان اشاعة ثقافة الحوار السلمي بين ابناء المجتمع ورفض كل اشكال الخطاب الأجتماعي والسياسي المتمسك بالعنف والقتل. إذ أن توفير الأمن الأجتماعي سيوفر الأمن النفسي للمواطن ويخلصة من تركتة مظاهر العنف وسيساعد المواطن على طرد تلك المفاهيم من اسلوب تفكيره وممارساتها اليومية. فلايزال الكثير من العراقيين يلجأون الى العنف والتهديد والقتل لحل مشاكلهم، وهي ظاهرة من مظاهر ضعف القانون اولا وغياب الوعي السلمي في سلوك المواطن.فالحروب التي خاضها الصنم وكذلك مظاهر الذبح والقتل والوجود المسلح في الشوارع بعد سقوط الصنم كلها تكرس لمفهوم العنف في سلوك المواطن. ومن هنا يجب العمل على الغاء كل المظاهر المسلحة في الشارع العراقي كالدبابة والمصفحة والجنود والمليشيات التي ترهب المواطن وتقلقه نفسيا.

اننا لانزال نستخدم اسلوب الحوار المبتور والتقاطع الأجتماعي في حواراتنا اليومية وهو امتداد طبيعي لفقدان السلم الأجتماعي الذي لم يتمتع به المواطن العراقي على مدى نصف قرن. لذلك ترى بوضوح حوارات المواطن العراقي ساخنة وعنيفة ومتناحرة بالمقارنة مع حوارات بقية الشعوب العربية التي تتسم بنفس سلمي ومتسامح واكثر دفئ اجتماعي.

ان تخليص المواطن من ظاهرة عباد القائد وتقديس خطابة السياسي وسلوكه الأجتماعي المُنزه والعمل على مبدء ان القائد السياسي هو مواطن عادي يخضع لنفس الحقوق والواجبات وهو غير معصوم من الخطأ من الضرورات القصوى التي تتطلب كسرها.

فما هو مُلح ايضا هو  اعادة هيكلة كل البناء القوفي للمجتمع واولها الأحزاب السياسية التي ناضلت ضد النظام الصنمي او تلك التي تاسست بردة فعل سريعة بعد سقوط الصنم. كل هذه الاحزاب التي تقود مسيرة بناء المجتمع، لاتزال تقدس مبادئها اولا وفوق مبادئ الوطن. واغلب برامجها تمتد لفترات ماقبل سقوط الصنم والتي باتت لاتنسجم مع تطلعات الدستور الجديد. ان كتابة برامج الأحزاب السياسية وانظمتها الداخلية وفق الأسس الجديدة للدستور ستساعد على اعادة اعمار عقل القائد السياسي العراقي الذي لازال الماضي له بصماته على سلوكه العملي وخطابه السياسي. ان تلك البرامج الجديدة ستعيد بناء المفاهيم الفكرية لأعضائها وستنمي الية وعيها المتساوي وتحررهم من ظاهرة التقديس والتزلف  والمحسوبية وستقرب المسافة بين قاعدة الحزب وقيادته عمليا وبروح جديدة مما تساهم في توطيد ثقافة المواطنة .

 اننا لابد من توسيع ثقافة المؤسسات والمشاريع الثقافية والأجتماعية التي تساعد على تخليص المواطن العراقي من الكثير من تركات الماضي واصلاح الكثير من الذين كانو عرضة للأمراض الأجتماعية الفتاكة والتي تعيق مفهوم تطوير ثقافة المواطنة كالتسول الأجرام والتفسخ الخلقي.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com