الموسيقارشوبرت وتحليل السمفونيه الثامنه الناقصه


الفنان
مازن المنصور
Oslo . Norway
mazen_flaminco@yahoo.com
 

الموسيقار شوبرت وهو من فطاحل العصر الرومانتيكي ايضا سوة بالفنان بيتهوفن الذي سبق ان تحدثت عنه في مقال سابق . وهو عبقريه ملموسه ظهرت مواهبه في سن السادسه عشرعندما وضع اول سمفونياته ، التي بلغت صفحاتها الخمسه والثلاثين . وقد تجلت مواهبه بصوره خاصه في تلحين الاغاني الالمانيه ، فكان طابعه يمتاز بوضع خاص تتوافر فيه التعبيرات الصوتيه . كما كانت الاغاني متوافقه مع مقاطع الشعر ومعانيه. كان شوبرت مخلصا من كل جوارحه  الى فن بيتهوفن الرمانتيكي العميق . وفي احدى المناسبات عرضت بعض الحان شوبرت على بيتهوفن الذي قال جملته المأثوره ( ان صاحب هذه الالحان شخصيه روحيه تستضئ  بقبس من النور الالهي ) وعندما توفي بيتهوفن كان شوبرت ضمن حملة المشاعل في جنازته ، بل كان اسم بيتهوفن اخر كلمه نطق بها شوبرت اثناء احتضاره في النفس الأخير من انفاسه ، كما اوصى ان تدفن جثته بجانب بيتهوفن وبالفعل نفذت الوصيه ، ومات شوبرت في سن مبكره لايتجاوز الثانيه والثلاثين . ولاكنه خلف وراءه تراثا فنيا من الالحان ، ستظل خالده على مدى الدهر .
ومن مؤلفات شوبرت : تسع سمفونيات ، وعدد وافر من الصوناته ، والالحان التي بلغ عددها حوالي 1634 اغنيه . ومن اشهر الحانه السرناده المعروفه بأسمه ، والآنشوده الكنسيه تحت عنوان (Ave Maria )، أي انشدك ( الرحمه يامريم ) وقصائد عديده منها رحلة الشتاء ، وعلى شاطئ ، والمسافر وغيرها .
ومن قصائد شوبرت الملحنه اغنية ( ملك الغابه) ، ومن اشعار ( جوته ) . تصف لنا رجلا يحمل طفله الصغير  امامه على فرسه ، ويخرج به في ليلة شتاء قارسه البرد ، كثيرة الآمطار . وقد يخيل للطفل من آونه لآخرى ان ملك الغاب ينظر اليه بين الآشجار، يستدعيه اليه ليضمه الى
صدره الحنون . ويحاول الآب ان يصرف ذهن الطفل عن هذه التخيلات والآوهام ، مؤكدآ له ان مايسمعه ليس صوت ملك الغاب ولاكنه صفير الرياح وآزيز العواصف . وعبثا تنجح محاولات الرجل لآن صوت الملك مازال يطن في اذن الطفل .
وعندما يعود الرجل الى داره يجد طفله قد فارق الحياة بين يديه . من ناحية التحليل الموسيقي للقصيده ، فقد جاهد شوبرت في اغنية ملك الغابه ان يصور مشاعر الرجل الحزين على طفله ، فتبدأ المقطوعه بأكورات رهيبه وعميقه ، يعزفها عازف البيانو لتصف لنا ظلام الليل القاتم . ثم ننتقل من اللحن المهيب الى ( نوطات ) زخرفيه مهروله كأنها حوافر جواد تنهب الارض نهبآ . وسرعان ماتتزايد النغمات في شكل تصاعدي ( كريشندو ) تمثل فزع الطفل المتزايد عندما يصل الى اذنه صوت الملك المسحور ، وكأنه حفيف الشجر او صفير الرياح وتختم الآغنيه بأعادة الحان الحزن والآسى على نهاية الطفل المفجعه .
السمفونيه الثامنه ( الناقصه ) : لحنت هذه السمفونيه من مقام ( سي ماينر ) . هي الحان رومانتيكيه بحته، نلمس فيها معاني الافراح ، انها موسيقى روحيه تفيض بالنغمات العذبه الحلوه الرنانه .وتتألف السمفونيه من الحركتين الآولى والثانيه ، ومطلع الحركه الثالثه  المشيد في قالب (الآسكرسو) المفرح .
وضع شوبرت هذه الموسوعه الفنيه قبل وفاته بخمس سنوات . وقد لحنت بمناسبة ترشيح شوبرت عضوآ في الجمعيه الموسيقيه لمدينة (جراتز ) في النمسا . فلما فاز في العضويه اراد ان يعبر عن مشاعره تجاه مدير الجمعيه ،  فوعده بتلحين سيمفونية وإ هدإءها له بمثابة شكر وإمتنان
. وبالفعل عكف شوبرت على انجاز هذا العمل فأنهى منه الحركه الآولى السريعه ، والحركه الثانيه البطيئه ، ومطلع الحركه الثالثه الخفبفة . ولكن انشغاله في نواح اخرى جعله ينسى البر بوعده ، وإرسال السيمفونيه كامله الى مدير الجمعيه . ولما مات شوبرت عثر ( انسلم هوتنبرنر ) تلميذ بيتهوفن وصديق شوبرت على المخطوطات ،  فعمل منها وضعا خاصا لآلة البيانو ومكثت النوطه في حيازة ( هوتنبرنر) مدة 42 سنه بعد انتقال شوبرت الى العالم الآخر ، حتى عزفت للمره الآولى في ( فيينا) في اليوم السابع عشر من كانون الاول 1869 .
تحليل السيمفونيه : الحركه الآولى : تميز بطابع معتدل السرعه مشيد على فكرتين موسيقيتين اساسيتين ، تبدأ الحركه بجمله لحنيه من ألة الفيولونسل في صورة خافته عميقه ، وكأننا نواجه مكانا رهيبا او غابه موحشه . وسرعان ماتتبدل النغمات الرهيبه بأخرى حزينه ، تعزفها
ألات الفلوت والكلارنيت في تجاوب رائع . وقد تلعب الكمان دورا هاما في تحلية المجموعه بنوطات ايقاعيه زاهية ، يتلوها تسابق بديع بين مجموعة العازفين ، فالفلوت تستقبل نغما متهاديا كنفحة النسيم ثم تلاحقه ألة الكورنو ،  تود ان تتغلب بأصواتها الخشنه على عواطف الفلوت
والكلارنيت . وتأبى الآلآت النحاسيه والخشبيه الا ان تتحد سويا ’ وتسيطر على الموقف بأيقاعاتها القاسيه التي تمثل الرهبه والانتظار . وتستمر في هذا الصراع الموسيقي حتى تعلن الات الكمان دخولها في نغمات  مفرحه خفيفه تتبعها الآلآت الخشبيه بألحان هادئه  رزينه تصور الآنتقال من الظلام الى النور . وتختم الحركه الآولى بالعوده الى اللحن الرهيب التي بدآت  منه .
الحركه الثانيه : نغمات متهاويه في معناها ، عميقه في مبناها ، تمثل معاني الرفعه والسمو . فالمفردات  الموسيقيه العذبه تبعث بنا الى عالم روحي يسيطر عليه عظمة الفن وقوة الآبداع . وقد نلمس في هذه الحركه  الرومانتيكيه الحنا تصور تبدد السحب وتفرقها ، ثم  تظهر الشمس بأشعتها الذهبيه فتظئ الكون بنور الحياة .

 

  

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com