حكم الأمثال

 

 

سليم رسول

Srh113@yahoo.com

 

بعد جهد جهيد إعترف زكريا الموسوي بأنه مذنب في القضية المتهم بها وهي ضلوعه في تفجيرات الحادي عشر من أيلول، وحال إعترافه بذلك خرجت عدة تصريحات كان من أبرزها تصريح وزير العدل الامريكي  الذي دعا الى إنزال أقسى العقوبات بحق (موسوي) وهي عقوبة الإعدام وقد كان لهذا التصريح أثره عند ذوي الضحايا فرحبوا به أشد ترحيب، وبالوقت نفسه أعربت فرنسا عن أسفها لعدم قدرتها على إقناع الحكومة الأمريكية بعدم تطبيق الإعدام بحق (موسوي) الذي يحمل الجنسية الفرنسية وهو مغربي الأصل.

 لدينا في الشأن العراقي وفي الملف الأمني بالذات الكثير من النظائر التي تتفق مع جريمة الموسوي من حيث النوع وتختلف من حيث الكم وتتفق ومع آيديولجيته التي يؤمن بها ولكن القضاء العراقي أثبت أنه أكثر إنسانية وديمقراطية من القضاء الأمريكي الذي يعتبر نفسه من أكثر انظمة القضاء في العالم مراعاة لحقوق الإنسان!

الحكومة الأمريكية تطالب بإعدام موسوي، فيما نجد في العراق رفضاً صريحا من أعلى رجل في الدولة لتطبيق حكم الإعدام على الطاغية المخلوع، ويجد هذا الرفض قبولاً ورضا حتى من قبل الإدارة الامريكية، فهل أنّ موسوي كان في جريمته أكثر من صدام وحشية؟ أم أنه قتل أعدادا أكثر مما قتل صدام ؟ أم أنه إرتكب جرائم ضد البيئة أكبر من جرائم صدام ؟أو أنه إرتكب جرائم إقتصادية أشد من جرائم صدام الذي أهدر ثروات بلد من أغنى دول العالم وجعله في ذيل قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم؟!

 هل يجوز أن تصفق الحكومة الأمريكية لإعدام موسوي وترفض إعدام صدام ، أليس حكم الأمثال فيما يجوز أو لايجوز واحد؟ أم أن الدم الذي أريق في نيويورك أكثر عظمة وقدراً من الدماء التي سالت في وادي الرافدين؟! وهل أن مأساة البرجين أكثر شدة من مأساة المقابر الجماعية أو حلبجة أو الأهوار الى غير ذلك؟!

 الموقف جداً غريب من قبل الإدارة الامريكية، ولكن الأغرب أن يصر الرجل الاول في الدولة العراقية على عدم التوقيع على قرار إعدام صدام بحجة انه موقع على وثيقة رفع حكم الإعدام من القضاء في العالم كله؟! والأكثر غرابة هو ما نراه من أحكام هزيلة وغير مقنعة تصدر من قبل المحكمة الخاصة التي تنظر في ملفات الإرهابين الذين قتلوا أعدادا كبيرة من العراقيين، فهل وصل الأمر الى هذه الدرجة من الإستخفاف بالدم العراقي البريء؟!

 قضية المتهم موسوي كشفت بدرجة عالية من الوضوح إزدواج المعايير والنظر الى الأشياء بمناظير عدة حسب الحاجة والمصلحة ولم يكن من بينها حق الشعوب في أن ترى العدالة الحقة تنزل بالمجرمين المستهترين بالدماء والاعراض والاموال، فنحن نرى السعي الحثيث من اجل أن ينال الطاغية حكما مخففا بدعوى ان ما نزل به من عقاب مذل يكفي ولا داعي لإعدامه وما هذا الكلام إلا كخدعة الصبي عن اللبن!

 إنّ أقل ما يمكن ان نقدمه للشهداء وذويهم من تكريم في العهد الجديد هو ان نمكنهم من رؤية المشهد الذي ينتظرونه وهو إنزال القصاص العادل بالدكتاتور السجين وبزمر الإرهاب التي تقبع في السجون وتلقى المعاملة الحسنة فنحن لسنا ديمقراطيين اكثر من أمريكا التي تريد إعدام موسوي.

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com