|
بإختصار: حديث ابن الراوندي
كاظم جواد السماوي
منذ قيام الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي وحتى لحظات ولادة حكومة الجعفري. لم نسمع من العرب والعجم والروم بكل لغاتهم ولهجاتهم كلمة تضع قطرة دواء على جرح الاغلبية العراقية النازف بسبب سياسة التعسف والتهميش والابعاد والتعذيب والتقتيل والتهجير وكل مفردات الالم وتقطيع القلوب. لم يقل يوما من العربان ألا يحق لهؤلاء المساكين من الاغلبية الشيعية والاقلية الكردية والتركمانية والكلدواشورية والايزيدية وغيرها من الاقليات وما اكثرها في هذا الوطن, لم يقل احدا عنهم شيئا يدخل في قلوبهم فرحة حتى ولو في خطبة العيد. والان بعد ان صار عندنا انتخابات, وصارت عندنا استحقاقات انتخابية, وعبرت النتائج عن ارقام جديدة لهذا الوطن الذي ظل نهبا لكل الاغيار. والسبب بلا شك معروف, فالاقلية الحاكمة سابقا بسيف عشيرة وتحت لافتة طائفة تحتاج امتدادا وعمق. فراحت تبدد ما في الوطن لهذا الخارج كي تقوى به على الداخل في الحرب والسلم. الان وبعد ان صار الامر يمثل الواقع الحقيقي وعرف من عرف وصم اذنه من صم راح العقلاء من الخارج يتحدثون ويصرخون من اجل عدم تهميش المكونات, هم يريدون ان يقولوا اشياء اخرى لا يستطيعون التصريح بها. والمشكلة ان الذين يتحدثون بهذه اللغة هم اولى بان يسمعوا هذه النصيحة. هم قبل غيرهم. فالكل سمع بنصيحة الامير عبد الله في زيارته الى امريكا و نسى او تناسى او ظن ان الناس مغفلين لا يعرف ان المملكة فيها اقلية شيعية لا تطالب بالمشاركة في الحكم, فهذا من المحرمات الوهابية, بل فقط تتطلع لمساواتها في ابسط الحقوق الانسانية كمواطنين من الدرجة الثالثة. وفي اعقاب مؤتمر الدول المجاورة للعراق, ولا اعرف لماذا تزج مصر في هذا المؤتمر, يطلع علينا وزير خارجيتها بتصريح مضحك طالبا عدم استبعاد المكونات الاجتماعية في العراق. يا سيد ما اعرف اسمك, هل انتم في بلدكم طبقتم مثل هذا الكلام" الكبير اوي" اقصد عدم استبعاد المكونات من المشاركة السياسية؟ هل يمثل غير حفنة من سياسين يدورون في فلك الرئيس الفرعوني المؤبد غير المبارك؟ هل مثلا مثلتم طوائفا اخرى في التكوين السياسي بدرجة مماثلة لوضعهم السكاني؟ هم يعرفون ان الاستحقاق الانتخابي لا يجبر الكتل الفائزة على اشراك الاخرين, حتى ممن حصل على عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية فما بالك بمن لم يشترك فيها او من وقف بقوة بوجه العملية الانتخابية, وحاربها ودعم بصريح الموقف من هدد الناخبين واخافهم من المشاركة. وهم يعرفون ايضا ان الكتل التي يحق لها وحدها بتشكيل الحكومة, ولا ملامة عليها ان فعلت منفردة بالمسؤولية, ومع هذا كانت هذه الكتل كريمة مع البخلاء وعاقلة في سلوكها السياسي مع الرعناء, ولم تكن انانية كما يكون الحكام" الناصحون" في بلدانهم, وراحت الكتل الفائزة تحاور الاخرين وتريد اقناعهم للمشاركة وقبول مناصب في هذه الوزارة. وبعدد يفوق حتى حقهم لو كانوا مشاركين اصلا بالانتخابات. بل وواجهت القوى المسؤولة عن تشكيل الحكومة اشد العراقيل, وحاولت ان تتخطى كل ألغام ذوي النوايا المشبوهة, وربما كانت لها نوايا مغايرة تماما لنوايا صادقة عبر عنها مرارا القائمون على ترتيب البيت العراقي والحكومة الجديدة. ومع كل هذا وبصبر يفوق الوصف, بل واقول ان مثل هذا الصبر لا يمكن ان يصدر من اي من القوى الخارجية التي توجه سهام الشكوك وتذرف دموع التباكي التمساحية. هناك مثل نردده دائما ينطبق على هؤلاء العرب الحاثين بدعوتهم المقرفة يقول: "مثل ابن الراوندي يقول للناس صلوا وهو ما يصلي" قولوا خيرا اواصمتوا, واضحكوا على غيرنا بمثل هذه المهازل.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |