بغداديات....( فاتك القطار )

 

بتوقيع بهلول الكظماوي

امستردام في 2-5-2005

 bhlool2@hotmail.com

 

 يحكى ان بدويّاً اسودّت الدنيا في عينيه حينما وجد فشل ابنه في الدراسة و حصل على مجموع متدنّي جداً بعد عدّة سنوات كرّرها للمرحلة الثانوية.

و لهذا اضطرّ ان يرسل ولده الى دولة من الدول الشرقية الاشتراكية , ليدرس بها على حسابه الخاص , لانها الطريقة الوحيدة التي يضمن بها تحصيل ولده الخائب على شهادة جامعية يمكن له ان يفتخر فيها بابنه التحفة.

سافر الولد ( ابن البدوي ) الى ذلك القطر الاشتراكي الذي كان متقدّماً علمياً و تكنولوجيّاً آنذاك وحلّ ضيفاً ليس ثقيلاً على ابناء جلدته المغتربين في تلك العاصمة ,اذ كان مرحباً به لانه يملك المال الذي يزوّده به ابوه بحوالة بنكية كل اول شهر اذ لم يتمكّن اي كان من الناس ان يحوّل حوالة رسميّة في تلك الايام القاحطة الا ان يكون من اتباع نظام هدام.

وكان هذا الولد كسولاً خمولاً , اتكالياً يعتمد على والده في مصروفه , ولم يتعوّد على الكد و التعب و الاجتهاد.

وما هي الاّ ايام و تأتي رسالة من الجامعة المفترض ان يداوم بها هذا الطالب ( ابن البدوي ) تدعوه للقدوم اليها لغرض تقديم امتحان كفاءة قبل البت في اي قسم سيرشح للدراسة فيها .

قدم الشاب البدوي الى المحطة المركزية للقطارات وقطع تذكرة سفر للذهاب الى المدينة الجامعية التي هي تبعد مسافة بعيدة عن العاصمة .

وكان عليه الانتضار اربعة ساعات لغرض الركوب ولهذا كان ضجراً كسولاً متردّداً بين الذهاب او عدمه او الانتظار طيلة هذه الساعات الاربعة.

و بينما هو على هذه الحالة من الضجر وجد جهازاً الكترونياً يقرأ افكار و شخصية من يستخدمه , فقرّر ان يملاء وقت فراغه باستخدام هذا الجهاز الحديث الصنع الذي لا يمكن ان يجد مثله في دويلة عصابة صدام آنذاك .

وقف صاحبنا امام الجهاز و وضع قطعة النقود المطلوبة في الفتحة المخصّصة لها , وعندها بدأ الجهاز يقرأ له افكاره قائلاً له :

انك مشعل بن حميدان ( و كان هذا اسمه حسب الرواية ) قدمت الى هنا لغرض الدراسة و بعد اربعة ساعات ستستقل القطار الى المدينة الجامعية لغرض الامتحانات التأهيلية !!!!

قرّر صاحبنا ان يتحدّى الجهاز , فذهب راجعاً الى بيت اصدقائه القريبين من المحطة و غيّر من هيئته فلبس كوفية وعقالاً ثم اتى الى المحطة ثانية و وقف امام الجهاز فقال له الجهاز ثانية : انت مشعل بن حميدان ذهبت و غيّرت ملامحك و لبست عقالاً و رجعت لتقف امامي , وانبهك الا انه لم يبق امامك الاّ ثلاثة ساعات على حركة القطار .

ولم تفلح تنبيهات الجهاز لمشعل اذ لا يزال راكباً رأسه متحدياً الجهاز , وقفل راجعاً ثانية الى اصدقائه ليطلب منهم لباساً آخر يغير به هيئته فكانت هذه المرة ان لبس قفطاناً ( زبون ) و سترة واعتمر على رأسه ( كشيدة جلبية ) واتى ليقف امام الجهاز ليخبره الجهاز للمرة الثالثة بانه هو نفسه مشعل بن حميدان و و و و و ولم يبق امامه الاّ ساعتين على بدء الرحلة , و مع كل ذلك لم يستسلم اخينا البدوي لليأس و ذهب ليلبس ستة و بنطلون ( قاط و رباط ) طقم كامل ( افندي ) و ليعتمر على رأسه سدارة فيصليّة و يأتي ليقف امام الجهاز فيخبرة بحقيقته الذي هو فيها رغم تغيير ملامحه , وانذره هذه المرة بانها اللحضات الاخيرة , اذ ليس لديه متّسع من الوقت على حركة القطار .

ومع كل هذه التحذيرات الا ان البدوي العنيد لم يعر اهمية للوقت الذي بدء ينفذ , وعالعادة ذهب ليغيّر ملامحه و ملابسه و يأتي ليقف امام الجهاز متحدياً ,

واذا بهذه المرّة كانت هي الفاصلة الاخيرة في هذه اللعبة الممجوجة اذ صرخ به الجهاز معنفاً متشمّتاً به قائلاص له :

ها انت اخيراً مشعل بن حميدان ( ضلّيت تتنعوص و تتمركص براسي ) تتدلّل وتستهزء بي الى ان فاتك القطار ,

ثم خرجت يدان من الجهاز لتغمّه قائلاً له : امداك او طاح حظّك !!!

و ألآن عزيزي القارئ الكريم :

و كما حصل لأخينا البدوي مشعل بن حميدان ’ حصل تماماً لبعض الاخوة الذين تخلّفوا عن الانتخابات في العراق ( اقول لبعضهم و ليس للكل ) حيث ظلّوا متردّدين بين حبهم للمشاركة في بناء وطنهم مع الاكثرية و بين شياطين حزب البعث الذي لا يريدون خيراً للعراق هم واعوانهم من شياطين العروبيين و الاسلاموين ( ولا اقصد بهم العرب الشرفاء او الاسلاميين المتنوّرين ) ولهذا فات على هذا البعض المظغوط عليهم و المغرّر بهم القطار.

و مع هذا فصدر الوطن يسع الجميع و قطاراته القادمة رحبة و واسعة و هي قادمة على طول الخط , فليحضّروا انفسهم للقطارات القادمة انشاء الله , على ان لا يفسحوا مجالاً لحزب البعث العفن و لايتامه من المرتزقة العروبيين و الاسلامويين الاجانب و الدخلاء على العراق ( و اقصد بهم كل الاجانب و الدخلاء سواء كانوا شرقيين او غربيين) , فالعراق للعراقيين , والعراقيون احباب فيما بينهم و يعرفوا كيف يحلّوا مشاكلهم فيما بينهم ’ هذا اذا كانت هناك ثمّة مشاكل لا سمح الله .

نأمل لشعبنا دوام الالفة و المحبة و نهاية المشاكل و الاحزان.




 
 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com