اجل إنّها مقبرة!

سليم رسول

Srh113@yahoo.com

هنا بقية رأس، وهناك طاقم أسنانٍ إصطناعية، وهناك رموش طفولة لم تزل متكحلة بحلم الحياة، وليس بعيد ترتمي مسبحة لم تكمل دورتها في تسبيح ربّها، كانت بيد شيخ على أعتاب نهاية رحلته في دنيا الخوف، وعلى مقربة تناثرت حبات عقد كان يطوق جيد فتاة، لبسته على حين فرحة أو زهو بيوم جديد وأمل متبرعم في قلب نقي، وهناك أوصال ثوب تلون بألوان الربيع ليقول للتأريخ أنه كان محتفياً بنوروزه الذي كان الأخير، ومثله هناك شماغ فارق العقال منذ أن تداعى رأس كانا يجملانه بإطلاقة ساخرة من البشرية الساذجة، وليس ببعيد جداً تلتمع قطع نقدية ودعها العراقييون من زمن بعيد وإستبدلوها بصور (القائد الضرورة) ولكن هناك يد مبسوطة كل البسط على مقربة منها، ترى الى أي شيء تشير هذه اليد المبتورة؟!

نعم تشير إلى أنها لم تعد تعرف قيمة للمال ما دام لا يؤدي بها الى سعادة أبدية هي منتهى الرغبة ومنهتى الأمل.

 ومشهد أخير يزيد من حرقة القلب، وتقشعر منه الجلود، هل أذكره لك؟! نعم إنه كف طفل ممسك بقطعة من جديلة إخته، الى جانبه ورقات من القرآن الكريم، من ضمن ما كان مكتوباً في تلك الأوراق من آيات بينات(وإذا المؤدة سئلت بأي ذنب قتلت).

 لست أحب سؤالك الملحاح، سأجيب، أجل إنها مقبرة، جماعية، أو لنقل إنها مقبرة مصغرة لحفرة كبيرة كان يجب أن ينام فيها العراقييون، كما يقول السياب (نومة اللحود) ولكنهم وعلى مدى خمسة وثلاثين عاما لم ينتهوا ولم يموتوا جميعا!

 يا للعجب لم يزل بعد هذا الشعب الذي حكم عليه بالإعدام موجوداً، ترى كيف يمكن ان يموت هذا الشعب ويدفن بأجمعه، في مقبرة شعبية إسمها العراق؟!

يقول الزرقاوي أن قطع الطرق والتفجير بالأسواق، وخطف المئات من مختلف الفئات العمرية، والذبح اليومي لكل من يقع فريسة يمكن أن يقنع الشعب بأن يستسلم للموت ويمد أعناقه طوعاً فنذبحه ذبحة واحدة!

لقد رأى غيره رأياً آخر فقال تعالوا نحاول الرجوع مرة أخرى الى كرسي بغداد الذي فقدناه قريباً ولو رجعنا تمكنا من ذبحهم جميعا، ولكن ذلك يتطلب منا مقاومة(شريفة) حتى نقنع هذا الشعب، و(نقشمره) مرة أخرى ثم إذا وثق بنا وأعاننا على نفسه أخذنا أخذاً وبيلاً .

 فيما رأى آخرون أن ذلك يتطلب وقتاً كبيراً وهم لايستطيعون الصبر عندما يرون العراقيين يسيرون في الأسواق ويأكلون الطعام، لذلك فهم يرون أن الحل الأمثل هو الحصول على السلاح الكيمياوي بأي ثمن من أجل إبادة الشعب بأكمله مرة واحدة!.

 قال لهم بعض من يوصف بالجوار، لست أعترض على أي منكم ولكن أنا أريد أن أرى الدماء تترقرق في الشوارع، فأية طريقة تختارون أنتم أحرار في ذلك.!

يا عزيزي ليست هذه المقبرة نهاية المطاف، خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلاّ من هذه الاجساد، ودفينٍ على بقايا دفين في طويل الأزمان والآباد!.




 
 

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com