ALKHAFAFAHMAD@YAHOO.COM
ما
يحصل في العراق كارثة بكل مفهوم الكلمة حيث لم تعد
الكلمات تسعف أحدا في وصف ما يدور على أرض العراق من
استباحة لكل شيء.. الوطن والعرض والنفس والأرض
والمال.. فقد انقلبت الموازين كليا وصار التعقل جنونا
والجنون تعقلا.. أصبحت القيم مقلوبة تماما في عراق
اليوم بل ومنذ اليوم الأول من الإطاحة بنظام الصنم صار
كل شيء مقلوبا.. فعمليات التدمير والقتل المنهجي صارت
تسمى \"مقاومة\".. وعمليات التطهير العرقي في مدن
العراق من أبناءها الشيعة \"مقاومة\" .. عمليات
التفجير اليومية في شوارع بغداد والمدن الأخرى
\"مقاومة\".. عمليات خطف الإنسان العراقي الشيعي ومن
ثم ذبحه \"مقاومة\".. عمليات تفجير السيارات المفخخة
في أماكن مدنية وتجارية \"مقاومة\".. استهداف
المستشفيات والكراجات والساحات العامة والمنازل الآمنة
بالهاونات \"مقاومة\".. قتل العشرات من المواطنين
الناخبين المشاركين في الانتخابات الشعبية
\"مقاومة\".. قطع أصابع الناخبين بحجة مشاركتهم في
الانتخابات \"مقاومة\".. اغتيال العشرات من أصحاب
محلات الحلاقة والحلاقين في بغداد \"مقاومة\".. خطف
أبناء الشيعة المدنيين وتعذيبهم واتخاذهم رهائن ومن ثم
قطع رؤوسهم ورميهم في نهر دجلة \"مقاومة\".. وعشرات
الممارسات الإجرامية التي يقوم بها المجرمون البعثيون
وحلفائهم من السلفيين العرب بمباركة هيئة أوقاف الجرذ
صدام حسين كلها \"مقاومة\"!!! ويتم من خلال كل هذه
الأعمال الدنيئة أبشع التصفيات العرقية الهمجية بحق
الشيعة ولا محرك لساكن.. ولا يبدو أن هناك حلا يلوح في
الأفق..
ولكن لنتحدث بالكثير من الصراحة والجرأة ولنسمي
الأشياء بمسمياتها ولنضع النقاط على الحروف ولنتكلم
بشفافية وصراحة ووضوح.. لنقر ابتداء ومعنا الخيرين من
أهل السنة بأن الذين يقومون بالأعمال البربرية في
العراق يعلمون حق العلم بأن ما يرتكبونه في العراق
اليوم من أعمال قتل وتدمير منهجي مقصود ومتعمد لا يمت
بصلة لا من قريب ولا من بعيد بقضية إخراج المحتل من
العراق، بل هي أعمال إرهابية وحشية بحق البلاد والعباد
تستهدف إيراد ضغوط هائلة على الشعب وعلى الأخص الشيعة
والأكراد منهم وكذلك قادتهم ومنظومة الحكم الجديدة
لإجبارهم على إعادة الكوادر البعثية والصدامية إلى
أعلى مستويات سلم الدولة وكذلك تلبية مطالبهم، وفي
مقدمتها إطلاق سراح المجرم صدام حسين هو زبانيته قبل
أن تصلهم حبل المشنقة.. إن الأمر الذي بات للجميع
واضحا وضوح الشمس هو أن ما يجري في العراق اليوم بعيد
كل البعد عن حقيقة \"المقاومة\" بكل أنواعها الشريفة
منها وغير الشريفة، وإن من يقومون بهذه الإعمال
الدنيئة ما هم إلا شرذمة بعثية وسلفية لبسوا لباس
الدين والوطنية المزورة وخطفوا مع الأسف كلمة الأغلبية
الصامتة من أهلنا، أهل السنة في العراق..
ولكي نفهم جيدا بعض الأمور الغامضة في العراق دعونا
نقلب الصورة، ولنتصور برهة من الزمن ماذا كان سيحصل لو
أن سيناريو العراق الحالي كان بالمقلوب.. أي أن تكون
السلطة قد صارت من نصيب السنة وأن المناطق المضطربة
الملتهبة هي المحافظات الشيعية.. لنتصور فرضا أن عصب
السلطة صار بيد السنة وأن مناطق الفوضى هي المدن
الشيعية ويجري فيها يوميا القتل والاضطرابات والخطف
والذبح وعدم الاستقرار والتدمير والسيارات المفخخة
وقطع الطرق والنهب والسلب ولا أمن ولا أمان فيها..
تصور ماذا كان يحصل.. لنفترض:
ماذا لو كان عصب الحكومة أساسا بيد السياسيين السنة
العرب المؤيدين للنهج الصدّامي..
ماذا لو كانت أغلبية الجمعية الوطنية بيد قائمة مشعان
الجبوري والمتحالفين معه..
ماذا لو كان مشعان الجبوري ذاته رئيس الوزراء..
ماذا لو كان وزير الداخلية وفيق السامرائي مثلا أو
وزير بعثي من أنصار المجرم صدام..
ماذا لو كان مدير جهاز المخابرات الرفيق مثنى حارث
الضاري..
ماذا لو كان قوام الجيش والحرس الوطني من أهالي مدينة
الفلوجة والرمادي والحويجة من أعضاء الحرس الجمهوري
الصدامي المنحل..
ماذا لو كانت أجهزة الأمن بيد الدليمي والراوي والعاني
والتكريتي والدوري..
ماذا لو كانت وزارة النفط ومداخيلها بيد عناصر بعثية
سابقة مؤيدة للرفاق..
ماذا لو كانت الحكومة بيد الوزراء الموالين لحزب البعث
الفاشي المنحل..
ماذا لو كان وزير شؤون المحافظات من بعثيي الحويجة أو
عانة أو راوة وهلم جرا..
ماذا لو كان وزير الأوقاف حارث الضاري..
ماذا لو كانت وزارات المواصلات والتجارة والصحة بيد
الكبيسي والسامرائي والفيضي وغيرهم ممن أحوالهم
ومواقفهم معروفة للجميع..
ماذا لو كانت وزارة الإعلام ومسؤول الفضائيات ووسائل
الإعلام بيد البعثي ذو المنظر الكريه سعد البزاز
سكرتير المقبور عدي..
ماذا لو كانت وزارة التربية والتعليم والثقافة بيد
وزراء موالين للبعثيين والصداميين..
ماذا لو كان وزير المالية من عشيرة تكريتية كان ضمن
التركيبة الوزارية الجديدة..
ماذا لو كان محافظ البنك المركزي منهم..
ماذا لو كانت سجلات الأحوال المدنية والوثائق الرسمية
بأيديهم..
ماذا لو كان الشريان الأساس لحركة التجارة في العراق
يمر عبر محافظة الأنبار فقط..
ماذا لو كانت محطات توليد الطاقة الكهربية في مدنهم..
ماذا لو كانت محطات تصفية المياه وتوزيعها بأيديهم..
وعلى سبيل الفروض التي افترضناها آنفا نسأل.. هل كان
لهؤلاء أن يسكتوا على قطرة دم واحدة أريقت منهم أو مال
سُلب أو عنق قُطع أو مسكن خُرب أو مال نُهب أو أخ وأخت
وأم وأب وابن خُطف ثم عُذب وجُز عنقه ورُمي في نهر
دجلة أو اختطف ودُفن في مقبرة مجهولة أو معلومة..؟؟..
لا وألف لا.. بل كانوا وعبر مختلف المسميات وبمختلف
الحجج الواهية وغير الواهية يتحركون لوضع حد لما يجري
من انتهاك لأهلهم ومدنهم وشوارعهم.. يتحركون باسم
الدولة العراقية وغطائها الرسمي.. يتحركون باسم
الجمعية الوطنية المنتخبة.. يتحركون بحجة الحفاظ على
هيبة الدولة.. وباسم حكومة العراق.. وباسم الشرعية
الدولية.. وباسم حكومة القانون.. وبحجة ملاحقة
الخارجين عن القانون.. وباسم الشعب.. وباسم الله ..
وباسم رئيس الجمهورية.. وحتى باسم البعث إن أمكن..
وباسم كل حجة وحجة يجتاحوا أرض العراق شبرا شبرا مهما
كلف الثمن وكلفت التضحيات ولاستباحوا المدن وقمعوا كل
من يعارضهم ويُسكتوا الرعاع ويخنقوا معارضيهم حتى
باللسان ويقضوا على المسلحين ويطردوا الإرهابيين
ويقتلوا قطاع الطرق وإن كان كل هؤلاء المجرمين منهم
وفيهم!!.. فعندهم الملك عقيم وهي وصية خليفتهم المغمور
هارون الرشيد..
ونتساءل حقا لو كانت السلطة بأيدي هؤلاء فرضا.. هل
كانوا يسمحون أن يحدث كل ما حدث من جرائم فضيعة تقشعر
لها الأبدان لأهليهم في مدن تلعفر والمدائن وبغداد
واللطيفية والحلة وكركوك.. ألم يكن يستخدموا أية وسيلة
وأية قوة من شرطة وحرس وطني وجيش وميليشيات يسوقونهم
سوقا نحو المدن الملتهبة باسم الحفاظ على وحدة الوطن
ليجتاحوا هذه المدن ويقضوا على المجرمين والمسلحين وإن
كان هؤلاء من أبنائهم الذين يعبثون بأرواح الأبرياء من
الناس.. بل لو كانت السلطة بأيديهم لهاجموا المدن
الملتهبة بأسلحة الدمار الشامل بحجة قمع التمرد على
الشرعية وخرق القانون والخروج على السلطان ولكانوا
سموا المسلحين والمجرمين والمقاومين بالغوغاء كما سمى
قبلهم الملعون صدام شباب الانتفاضة الظافرة في الجنوب
عام 1991 بهذا الوصف.
مطلوب تحرك سريع وحازم من قبل الحكومة الجديدة برئاسة
الدكتور القدير السيد إبراهيم الجعفري والتي فازت عبر
صناديق الاقتراع لمواجهة الخلل الرهيب في أمن الشارع
العراقي والمواطن العراقي والذي سيختار بكل تأكيد في
دورة الانتخابات المقبلة كل من يستطيع إعادة الأمن
والهدوء والاستقرار إلى مدينته وبيته وشارعه بغض النظر
عن اتجاهاته السياسية أو الدينية أو العرقية أو
الطائفية وهنا سيكون مربط الفرس.. فهل سيعي من بيدهم
السلطة الآن خطورة الموقف بعد سبعة أشهر من الآن؟؟..