الشهيد  عز الدين سليم لم يزل في سماء العراق


 

زهير كاظم عبود

zouher_abbod@hotmail.com

        2/5/2005

بهدوء من لايكترث للمنصب او المركز كان عز الدين سليم يجسد حقيقة من حقائق النضال العراقي ، ويعبر بصدق وبعفوية عن حقيقة الأنسان العراقي الذي لم تغيره الحياة  ولابدلته الظروف فتعامل معها  دون تزويق ، وعبد الزهرة عثمان أو عز الدين سليم كان يتعامل مع الأحداث على حقيقته لم تغيره الظروف والمناصب والمراكز  ، ولاأسرته الحماية والأهتمام الذي يلقاه بحكم كونه أحد الأشخاص الذين تصدوا لقيادة العراق الجديد  بعد سقوط سلطة الطاغية  ، ولم يكترث للمناصب الرفيعة التي تولاها بجدارة وبأستحقاق .

العطاء الذي قدمه الراحل سواء في المجال الثقافي او الفقهي يدعو للتأمل ، فقد كان ماكنة بشرية من العطاء المستمر ،  أحتل مكانة متميزة كطاقة عراقية تتميز بالبساطة والواقعية والمنطق  ، وموسوعة معرفية  كبيرة  تتوزع بين الأشراف الاعلامي ومعالجة القضايا بصميمية بارعة وبلغة غابة في الشفافية   ،  فقد  أشرف على أصدار مجلة التضامن الإسلامي في  النجف الأشرف  ، بالأضافة الى أسهاماته وأشرافه المباشر على  مجلة رسالة الإسلام التي صدرت في  بغداد  ، وفي مرحلة أغترابه قام بأصدار مجلة  البلاغ في  الكويت  و مجلة المنطق في  بيروت ، ومجلة الجهاد من  طهران  ، كما أشرف على إصدار صحيفة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الصادرة في طهران أثني عشر عاما اعتبارا من عام 1983  ولغاية العام 1995.

كانت حياة  الشهيد الراحل عطاء مستمر رغم كل المصائب والمصاعب التي واجهها في نضاله المرير والصعب ضد السلطة الصدامية ، فقد واجه السلطة الصدامية منذ عام 1975 ، أذ  اعتقل في البصرة والديوانية بتهمة انتمائه للتنظيمات الأسلامية  ثم أطلق سراحه وطورد في نهاية نفس العام مرة ثانية لاستمرار علاقته بالتنظيمات  .
 مما اضطره الى ان يغادر العراق إلى الكويت سرا وعاش فيها خمس سنوات وباشر العمل ضد النظام المقبور مع عدد من الناشطين العراقيين دون كلل او ملل , وبعد انكشاف عملهم في الكويت غادر مع مجموعة من رفاقه إلى إيران في بداية عام 1980 م ،  وفي نفس العام  انشق حزب الدعوة فشكّل السيد عز الدين سليم مع مجموعة من الإخوة العاملين (( حركة الدعوة الإسلامية )) في العراق اعتباراً من عام 1980 م حيث ترأسها حتى استشهاده .
عمل عضواً في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق منذ تأسيسه عام 1983 م
تسلم مسؤولية الإشراف على إعلام المجلس سنوات عديدة .
كان عضواً للشورى المركزية للمجلس الأعلى لأكثر من عشر سنوات، ومسؤولاًعن اللجنة  الثقافية المركزية في المجلس الأعلى ، ثم  ترك العمل في المجلس عام 2001.

وخلال سنوات نضاله أصدر العديد من الأسهامات الثقافية والفكرية حتى بلغت مؤلفاته القيمة أكثر من 40 كتاباً تركها خلفه ثروة للأجيال القادمة .

كان الراحل يتمتع بخلق يعكس جميع مايؤمن به من قيم ومايطرحه من افكار  فيترجمها بتواضع جم الى حقائق ملموسة في التعامل والعلاقة الأنسانية .

وعرفه اهل العراق سواء في فترة النضال السري أو بعد ان سقط الطاغية الصنم بأسم عز الدين سليم ،  وسواء كان عز الدين سليم  أو السيد الحاج عبد الزهرة عثمان محمد الحجاج العبادي. فقد أوفى الشهيد  للقيم التي يؤمن بها فأعطاها من وقته وراحته حتى منح العراق روحه  ، وقد  ولد(الحاج أبو ياسين) كما يحب ان ينادي به احبته واخوته  عام 1943 م في البصرة في  منطقة الهوير، وقد عرف باسم السيد عز الدين سليم في الأوساط السياسية والإعلامية منذ قرابة أربعين سنة ، ولجأ الى أن يكتب بهذا الأسم المحبب لديه ولدى جميع من عاصروه في تلك الفترة الحالكة من عمر العراق ،  حيث بدأ الكتابة بهذا الاسم المستعار، مؤسسا جريدة الشهادة، والاعتصام ، تخرج من دار المعلمين الملغاة عام 1964م.
ولأبي ياسين شخصية علمية متواضعة للغاية، وهو بالرغم من علميته وثقافته العالية يتبسط الى الحدود الدنيا ويتعمد التبسيط في لغة التفاهم التي يعتمدها منهجاً وأسلوباً ، ومن يقرأ له أصداراته يشعر بتلك الميزة التي تتميز بها كتاباته ، كما يتميز الراحل  باللطافة والظرف، وهو خفيف الظل، هادئ و مسالم اجتماعياً.
درس العلوم الدينية والإسلامية , وتلقى معارف الإسلام على يد من علماء ومفكري الأمة في العراق والكويت. وقد عايش الرعيل الأول من مفكري  الحركة الإسلامية أمثال الشيخ عارف البصري، ومحمد باقر الحكيم، إضافة إلى معايشته للسيد محمد باقر الصدر الذي كان يثني على كتاباته، التي عرف منها: الزهراء فاطمة بنت محمد، الذي ألفه وهو في العشرين من عمره.
مارس التدريس في العراق والكويت بين عام 1965 م إلى عام 1980 م حيث درّس العربية والتاريخ , والمجتمع العربي في المدارس الابتدائية , والمتوسطة والثانوية .

وحين كان رئيساً لمجلس الحكم في العراق كان من المؤمل أن يشارك في مؤتمر القمة العربي المتوقع عقده في تونس أواخر الشهر الذي استشهد فيه .
 وبالنظر للتأثير الكبير وللمكانة الكبيرة التي يحتلها الراحل في قلوب العراقيين وبين أوساط السياسيين ، فقد قررت المافيا الأرهابية بكل مالديها من أمكانيات وثقل مادي ومعنوي أن تنهي حياة الشهيد ، فعمدت الى وضع سيارة مفخخة في طريق موكبه وهو يتوجه الى مقر عمله في مجلس الحكم فاستشهد صباح يوم الاثنين 17- 5 - 2004 في منطقة الحارثية في بغداد . واستشهد معه عدد من حراسه المقربين.
كان عز الدين سليم يردد في منفاه: عندما أعود للعراق سأتفرغ للتأليف، لقد تعبت من العمل السياسي، وبمقتله رحمه الله خسرت الساحة العراقية مفكرا واعياً وداعية وديعاً في خلقه ورحابة فكره ونفسه.

وفي ذكرى رحيله الأولى بعد ان تمكن الراحل من تسجيل أسمه ضمن رعيل الشهداء الأبرار الذين قارعوا الدكتاتورية والطغيان ، وبعد ان أدى ماعليه من واجب ضميري ، وبعد أن اكمل مايستطيعه من ثراء ثقافي وفكري بقي يحلــم بأن يستمر في عطاءه متفرغاً من العمل السياسي ، بعد ان يطمأن على العراق والعراقيين ، فنقش أسمه في ضمائر العراقيين أبداً بهياً فوق سماء العراق سواء كان عز الدين سليم أو عبد الزهرة عثمان .

 











 
 

 

 

 

 

      

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com