|
شرق ... وغرب
(1)
لم تخلفنا؟ ولم تطوروا؟ علي بداي
يتميز الموقف العربي- الاسلامي من الغرب بتناقض حاد، ماان يستعص علينا امر في بلداننا المتخلفة ، حتي تتجة الرؤؤس صوب اوربا واميركا، كل مشاريع التنمية والتطويرمن انشاء السدود و تحلية المياة ونظم مكافحة التصحر واكثر انظمة الكومبيوتر تطورا واكثر الاسلحة حداثة وارقى المستشفيات والجامعات التي يشار في اعلامنا منذ ستين سنة انها ستصنع تطورنا وتقدمنا، وستؤسس لعالمنا السعيد، هي غربية او اميركية، فالكل مجمع على تحضر الغرب، وتقدمه في العلوم والتكنولوجيا والطب والفنون والاداب وكل مجالات الحياة، وفي ذات الوقت و بتناقض مفضوح، نتكلم عن انحطاط الاخلاق والتفسخ الغربي وانعدام الدين والفضيلة والضمير هناك، وتنسج الاساطير عن هزالة المجتمع وتداعي اركانه وافتقاره الى القيم النبيلة التي ندعي نحن امتلاكها! وتتفاخر ممالكنا ودولنا الغافية على ضفاف اشهر انهار العالم والنائمة فوق اعمق بحيرات النفط انها تستورد ارقى المعدات الغربية والاميركية فمادام اللة قد من عليها بنعمته السابغة مالا وفيرا، فلم هذا الولع بتقليد الغرب في ثورته الصناعية؟ لكن المشكلة الكبرى، ان هذه التكنولوجيا المتطورة، التي نستوردها تصاب بالهم والغم، وتاكلها الكآبة ماان تدخل حدود بلداننا، فتكف عن كونها مبدعة، فكم من خطة خمسية انتحرت؟ وكم من اجتماع ومؤتمر نظم للارتفاع بالانتاج واذا به يهوي الى القاع بنفسه وبالانتاج معا؟ وكم من الانقلابات استحصلت شرعيتها من دواعي تحرير الشعب من التخلف واذا بها تزيد الشعب تخلفا ؟ وكم من مليارات براميل النفط صدرت ولايعلم حتى الراسخين في العلم عن عائداتها شيئا؟بل وكم من حرب خيضت بالسلاح المتطور وانتهت بفقدان الارض والركض لابواب الامم المتحدة متوسلين من اجل استردادها؟ فهل نقتنع بتفسير ابن خلدون الذي تجرا واشار الى ان العرب ابعد الناس عن الصنائع لانهم اعرق في البداوة وابعد عن العمران الحضاري؟ وهل يقتصر الامر على العرب وحدهم؟ ام ان هناك منظومة فكرية تقيد عالمنا العرباسلامي وتحصرة بحدود ضيقة تمنعه من الحركة ومواكبة العصر؟ . من الملفت للنظرفي تاريخنا البدائي ، كما لاحظ ابن خلدون ، لكن في عالمنا الحاضر ايضا، ان هناك غيابا للمنطق و الترابط بين الاشياء، وتغلب للعفوية والاضطراب في الحياة، فالحياة تسير هكذا ، البارحة تشبه اليوم والغد سوف لن يكون غير اليوم، لاتغيير تحت شمس صحراءنا العربية والحياة تمضي بلا تخطيط يدفعها قانون الاستمرارية ليس غير. والذي يدرس حرب العراق والكويت مثلا ،لايجد صعوبة بنسبها الى داحس والغبراء الواقعة قبل الفي سنة فالعقل العرباسلامي كان مستعدا لاعادة انتاجها مدفوعا بذات الطاقة من انعدام المنطق واختلاط حدود الربح والخسارة وكان الزمن قد توقف ولم تتغير سوى اسماء القبائل! ولو اردنا ان نحاكم التكنولوجيا التي اصابتنا بخيبة الامل على اساس مقارنة ظروف اشتغالها في بلدانها الاصلية مع ماهوموجود لدينا، لاتضح ان ماكنتنا لاتنتج لان العقل الذي يقف وراءها عقل قدري، لايراكم الخبرة ولاينتظر ان تتحول تراكمات الخبرة في مرحلة ما، الى انتقالة نوعية. عقل تسيطر علية الخرافة، فانساننا يمضي يومه خائفا، تخترقه الهواجس، وتلاحقه اشباح الهلع على حياته وحياة اسرته يفتتح يومه بالدعاء كي يمر يومه دون مصيبة لايعلم مصدرها. همه الاول، وغاية طموحه ان يحيا بلا مشاكل، والمقصود هنا بالمشاكل مايفرض عليه من ازمات تجبره على صراع ماهو اقوى منه، المرض او الدولة اومالك الدار التي يسكنها، وهو كائن مطارد، منتهك، ومكشوف وعار، يركض طالبا "الستر" معرض لمفاجاة من الانوار الكاشفة التي ستكشفة على حقيقته التي يتستر عليها ، كائن منطو على اسرار وتطارده غابة من" الحساد" "والعواذل" و"الشمات" و"اللائمين" مما تعج به اغانينا الشعبية ، هو كائن غير متوازن وقلق، ويشتغل لذلك باقل من ربع طاقته وحتى حين يصلي فانه يعبد الخوف لا الله ، هو يصلي خائفا ولا يبالي بحقيقة ان اللة لايقبل صلاة الخائفين لانه لايستطيع مقابلة خالقة باحسن من الصورة التي هو عليها. باختصار، يقف انساننا امام التكنولوجيا كعقل لم ينضج بعد ولم يعد بنيويا للتعامل معها، رغم تحصيله الدراسي الذي قد يكون بمقاييسنا"عاليا" بينما يقف الانسان في العالم الغربي امام تلك الماكنة بثقة، مدفوعا بطموح للاكتشاف والبحث عن الجديد ومستندا الى قاعدة مادية مؤمنة له ولعائلته، ومجتمع يحتكم كله لقانون واحد، اما عقلة فيشتغل بطاقتة القصوى ان عالمنا العرباسلامي يوهم نفسة بنظرية مدمرة، اخترعها هو بنفسة مفادها، اولا ان هناك تفسخ اجتماعي على كل الصعد في الغرب وثانيا ان هذا التفسخ الاجتماعي نتاج للتطور المادي والتكنولوجي وثالثا يستنتج عالمنا ان الاسلم لنا ان ناخذ من الحضارة الغربية تكنولوجيتها المتطورة، ونتجنب "تفسخها الاجتماعي" اي ان ننعم بالنتائج متجاوزين الاسباب التي كانت وراء انتاجها ! وكل هذة الدهاليز، صممها العقل العرباسلامي للهروب امام مستحقات النهضة الفكرية التي لابد ان تبدا اولا بتحرير العقل وازالة السدود المحيطة به، ونسف شبكة الاسلاك الشائكة التي تعزله عن المحيط الخارجي، وتحرير العقل يبدا من هز مااصطلح على تسميته بالثوابت الفكرية في التراث والحياة المعاصرة واخضاعها للمسائلة العلمية فيبق عندئذ في الارض ما ينفع الناس وما لاينفعهم يذهب غير ماسوف عليه، فقط بهذة الطريقة نتمكن من فصل حياتناو مقدساتنا وتراثنا عما علق بهما من خرافة وتطفل عليهما من طفيليات.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |