|
العراق الامريكي الجديد ..أكاذيب لا تنقطع؟ ياسر سعد / كندا
العراق الجديد الذي بشرتنا به نبع الديمقراطية العالمية وملهمتها الولايات المتحدة الامريكية يستحق وبجدارة منقطعة النظير ان يدخل كتاب جينيس للارقام القياسية من حيث اعداد واحجام الاكاذيب التي سبقت وتزامنت مع الاحتلال وما تزال عدته الرئيسية في محاولاته المستميتة للسيطرة على العراق. لم تكن اكذوبة اسلحة الدمار الشامل الا قمة رأس الجليد وبداية حقبة من الاكاذيب التي لا تنتهي ولا تستحي. بعد أن انفضحت الادلة المزورة وعجزت قوات الاحتلال عن إيجاد المختبرات المتنقلة والاسلحة القادرة على الانطلاق خلال 45 دقيقة إنتقلنا الى موضوع حقوق الانسان والديمقراطية والحرية والتي من أجلها وفي سبيلها يموت "ويستشهد" الجنود الامريكيون ومعهم حشود المرتزقة القادمون الى العراق من كل حدب وصوب. وجاءت فضائح ابوغريب وغيرها الكثير والتي أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش الامريكية مؤخرا في الذكرى السنوية لظهورها الى دائرة الضوء إلى أن نهج ابوغريب منتشر في انحاء العراق وأن اسلوب التعذيب والتحقير لم يتغير. ثم جاءت التقارير الصحفية العالمية وتقارير منظمات غربية حكومية وغير حكومية للتتحدث عن فساد مالي وإداري وصل الى ادنى درجات القاع وضاعة ولصوصية حيث وصفت صحيفة وول جورنال ستريت الامريكية الفساد الاداري في العراق الامريكي بأنه الاسوأ في العالم, فيما ربع أطفال العراق الجديد وحسب تقرير حديث للامم المتحدة يعانون الجوع او سوء التغذية. بعدها بشرونا بالانتخابات الديمقراطية والثورة البنفسجية وأنتظر العالم الرياح الديمقراطية الامريكية لتهب على العراق فإذا بها أعاصير وزوابع من الدجل والتزييف والتزويير والتزويق. فقد صيغت القوانين الانتخابية ومن قبلها قانون إدارة الدولة العراقية لتجعل من ما سموه العملية الديمقراطية وسيلة لوصول المتهمين بقضايا اختلاس دولية للجمعية الوطنية من خلال التسلل لقوائم حملت ارقام ورموز دون معرفة الناخب بالاسماء والمؤهلات, كما ان القوانين المعقدة والنسب المطلوبة كانت وستبقى وسيلة لتشتيت الجهود واستبقاء حالة الاحتقانات والابتزازت السياسية المزمنة والتي تضيع الاولويات إن وجدت وتجعل من الاحتلال -والذي يفترض ان العملية الانتخابية وسيلة لطرده سياسيا - من قبل اصحاب الخيار السلمي في المقاومة المزعومة الحَكم والمرجعية وقبلة سياسيي العراق الجديد وملاذهم من اصحاب العمائم وربطات العنق. الديمقراطية الامريكية اوصلت طالباني للرئاسة وهو القادم من أقلية – 13 بالمئة حسب احصائيات برنامج الامم المتحدة النفطي الغذائي – مع العلم والتذكير ان الطالباني ربما لا يمثل اكثر من ثلث الاكراد والذين مزقتهم خلافات قادتهم السياسيين أكثر من اي شئ أخر وحسب صحيفة القدس العربي فقد "تصاعدت الخلافات بين الحزبين الكرديين الديمقراطي برئاسة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني خلال الايام الثلاثة الماضية، ودخلت في منعطف خطير يهدد بانفراط التحالف السياسي الذي جمع الحزبين وخاضا باسمه انتخابات الثلاثين من كانون الثاني (يناير) الماضي، وعودة الاقتتال بينهما من جديد، بعد فترة من الهدوء الحذر استمر اربع سنوات". وبعد مفاوضات مضنية وصفقات وابتزازت ولدت الحكومة العراقية الجديدة عرجاء وهي في حالة من الاعياء الشديدة والانهاك المزمن وأقسمت اليمين الدستوري وبإكثر من صيغة ودون تعيين وزراء النفط والدفاع, ربما لإن ليس من حاجة اليهما فالدفاع والنفط بأيدي الامريكيين من ألفه إلى يائه. الاكاذيب والمعلومات المغلوطة المنتشرة رافقها تكتم إعلامي وإخفاء للحقائق والتطورات على الارض والواقع وبحجج مختلقة وتحت ذرائع متعددة. فما حدث في الفلوجة في نوفمبر وما بعده ولحد الان غير معروف وواضح. في الوقت الحالي وحسب بيان لهيئة علماء المسلمين صدر يوم الإثنين 2-5-2005 فإن قوات الاحتلال الأمريكي تدعمها قوات من الحرس الوطني العراقي تحاصر مدن الحقلانية وحديثة والقائم في محافظة الأنبار منذ أكثر من أسبوع، بحثا عمن تسميهم مطلوبين أو متورطين في شن هجمات عليها. وقد ذكرت الهيئة في بيانها أن تلك القوات تمارس على سكان المدن الثلاث ضغوطا عديدة، مما ترك آثارا شديدة السلبية على حياتهم. رافق ذلك الاعلان الامريكي عن فقد طائرتين مقاتلتين من أف18 فوق العراق, فما الذي كانتا تقومان به فوق المدن العراقي؟ إن سقوط طائرتين قد يعني من الناحية الاحصائية أن عشرات الطائرات المقاتلة تقوم بعمليات عسكرية في العراق, فإين التغطية الاخبارية لما يجري على الارض والعالم يتمتع بقدرة تقنية عالية جدا في مجال الاتصالات؟ منذ أيام أعلنت وزارة الصحة أن معدل عدد حالات الاصابة بمرض السرطان في العراق ارتفع الى نحو عشرين حالة يوميا. وقال مصدر مسؤول فى الوزارة إن الاصابات الموجودة حاليا تبلغ أكثر من 14 الف حالة فى حين كانت فى العام الماضي 7500 حالة فقط، هذه الزيادة ملحوظة قياسا بالسنوات السابقة سببها التلوث الاشعاعي الناجم عن استخدام أسلحة محرمة دوليا خلال الحروب فى العراق وكذلك عوامل اخرى تؤثر على بيئة البلاد حسب مصادر وزارة الصحة العراقية. في خبر سابق قرأته في موقعين اخباريين عراقيين على شبكة الانترنت أن موظفا عراقيا في وزارة الصحة اسمه خالد الشيخلي أعلن ان الفحوصات التي أجرته وزارته أثبتت ان القوات الامريكة استخدمت اسلحة كيماوية في الفلوجة. الخبران يشيران ان هناك إستخداما امريكيا للاسلحة المحرمة دوليا مع أن احد اسباب "التحرير" الامريكي للعراق هو تخليصه من اسلحة الدمار الشامل. من جهة اخرى فقد صرح الرئيس الأمريكي جورج بوش في أواخر شهر ابريل المنصرم بإن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال ريتشارد مايرز أخبره بأن "لدينا الكثير من القدرات." فيما أشار تقرير سنوي أعده نفس الجنرال ليقدمه للكونغرس الامريكي ونشرته وسائل الاعلام العالمية في الرابع من ايار إلى أن حربي العراق وأفغانستان قد تستنزف الجيش الأمريكي وتحد من قدراته في خوض حروب أخرى وخلص التقرير إلى أن الانتشار الواسع للقوات الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان سيؤثر على النزاعات المسلحة المستقبلية من حيث الفترة الزمنية وعدد الضحايا وأنه لن يكون في مقدور واشنطن حشد وتحريك قواتها بالسرعة الكافية كما كان الحال في حرب العراق. وأستعرض التقرير بعض أوجه القصور الحالية منها: عدم كفاية المخزون من أجهزة دقة إصابة الهدف، وجنود الاحتياط الذين يشاركون في غالبية المهام القتالية في العراق. تقرير مايرز إقرار واضح بالصعوبات التي تواجهها قواته في العراق والتي قد تكون بداية لخروجها من ذلك البلد وهو مناقض لتقارير اعلامية وتصريحات امريكية وعراقية متحالفة معها تروج عن انحسار في عمليات المقاومة. امريكا وحلفاؤها يراهنون الان على ملاذهم الاخير, حرب اهلية طاحنة تخفف عنهم ضغوطات المقاومة والمشاعر الشعبية المتراكمة من الكراهية والسخط. يجب على المخلصين في العراق التنبه فالايام القادمة قد تشهد استهدافا كبيرا للمساجد والحسينيات والرموز الدينية من الشيعة والسنة. يجب التحقق والتحقيق الدقيق في السيارات المفخخة والتي تستهدف المدنيين والابرياء هل هي عمليات انتحارية ام تفجير عن بعد؟ الاجابة هنا تعني الكثير. بكل الاحوال قبل الاحتلال الامريكي لم تكن هناك عمليات استهداف على خلفية مذهبية ولم يعرف العراق الزرقاوي والقاعدة وثقافة قطع الرؤوس الا بعد أن احتلت القوات الامريكية العراق ودمرت بنيته التحتية. فحسب توماس فريدمان الكاتب الامريكي المعروف فإن الحصار القاسي الذي فرضته امريكا على العراق لإكثر من عقد وحملات الصدمة والترويع قد افرزت انسان الدمار الشامل والذي سيعاني العالم كله من ثقافته الدموية والتي تساعد شبكة الانترنت على نشرها وتعميمها في اوساط شباب محبط ومحطم من ظلم امريكي طاغ ومن عجز عربي رسمي فاقع ومن يأس من حركات اصلاحية وفكرية تتحول في مطابخ السياسة لإدوات للهيمنة الامريكية كما حصل ويحصل في العراق.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |