من يتحمل مسؤولية اختفاء شاكر الدجيلي ؟

 

فرات الحداد

furat_alhadad@yahoo.com

 

منذ اختفاء اثار السيد شاكر حسون الدجيلي , حاولت اوساط عديدة ( الحكومة العراقية , الحزب الشيوعي العراقي , الحكومة السويدية ,  منظمات حقوقية وإنسانية ) , اعطاء فرصة للعمل الدبلوماسي الهادئ بشكل مباشر او غير مباشر , حفاظاً على سلامة وحياة وحرية السيد شاكر حسون الدجيلي . واليوم تروج مواقع الانترنيت العراقية والعربية لنداء من أجل الكشف عن مصير السيد شاكر الدجيلي.

 السيد شاكر حسون الدجيلي , مواطن عراقي , مقيم في السويد منذ عشرون سنة , حاصل على الجنسية السويدية , ناشط سياسي , كادر متقدم في الحزب الشيوعي العراقي و عضو لجنة العلاقات الوطنية فيه,و مستشار في الجمعية الوطنية العراقية .

غادر السيد شاكر الدجيلي  في 31/3/2005 العاصمة السويدية ستوكهولم متوجها الى العاصمة السورية دمشق في طريقه الى العراق .

وحسب المعلومات التي أوردتها المصادر ذات العلاقة فقد كان المؤمل ان يغادر السيد الدجيلي دمشق في ذات  اليوم ( 31/3/2005 ) مستقلاً طائرة الخطوط الجوية العراقية , لكن حين وصوله كانت الطائرة العراقية قد غادرت دمشق مما اضطره لاخبار زوجته في بغداد بأن وصوله سيتأخر لانه مضطر لمغادرة سوريا عن طرق المنافذ الحدودية البرية .

ومنذ انقطاع مكالمته مع زوجته ولحد اليوم لم يعرف له مصير رغم الجهود التي تبذلها السلطات السورية ( كما تدعي ) والحكومة السويدية ( الخارجية , السفارة السويدية في دمشق ) والسفارة العراقية في دمشق وكذلك حزبه, الحزب الشيوعي العراقي .

المعلومات الواردة تشير الى أن الحكومة السورية اكدت من جانبها ان شاكر الدجيلي وصل سوريا عن طريق مطار دمشق , ولم يغادرها عن طريق المنافذ الحدودية البرية او الجوية او اي منفذ اخر .

والحكومة العراقية اكدت وبشكل قاطع ان السيد شاكر حسون الدجيلي , لم يدخل  الاراضي العراقية منذ تاريخ وصوله دمشق ولحد اللحظة .

وبحسب ما أطلعنا عليه وتابعناه طيلة تلك الفترة من داخل سوريا وخارجها نؤكد بشكل قاطع أن السيد شاكر الدجيلي لا يمكن أن يكون قد غادر سوريا بطرق غير شرعية وهو ليس مضطر لذلك وكل متعلقاته الشخصية وأوراقه الثبوتية رسمية وصحيحة ومتطابقة في جواز سفره السويدي و العراقي و الهويات الثبوتية الاخرى .

يمكن القول  وبشكل جازم أن وجود السيد شاكر حسون الدجيلي على الاراضي السورية واقع حال , وامر اختفائه مرهون بحسابات الحكومة السورية واجهزتها الامنية والاستخبارية والمخابراتية المختلفة .

في سوريا يتداخل عمل الاجهزة الامنية والاستخباراتية والمخابراتية ( شعبة فلسطين , القوة الجوية , 279 , 235 , الامن الاقتصادي , الامن السياسي  ,   ...  ) مع بعضه.  ويتقاطع في بعض الاحيان ولكنه يصب في أتجاه واحد. ومن الصعوبة بمكان معرفة جهة  الاختصاص بقضية سياسية او جنائية او امنية محددة , كل الاجهزة تقدم تقارير يومية شاملة عن عملها ونشاطها ومعلوماتها لرئاسة الجمهورية ( الامن القومي ) او الامن السياسي.وتقوم رئاسة الجمهورية والامن السياسي بأصدار  تعليماتهما لاحقا للاجهزة كل على حدة، عن كيفية التصرف بقضية وردت بتقارير ومعلومات جهاز ما . نظام وعمل الاجهزة الامنية السورية معقد الى درجة لا يعرف معها اختصاص وعمل كل جهاز ,وبالاخص ان المهام متداخلة وتكثر فيها مصادر ومراكز القرار وتقع أحيانا في حالة من التخبط وعدم التنسيق, لكن كل تلك الأجهزة تعمل وفق نظرية وهاجس المؤامرة والشك والريبة وأستباق الحدث .  التقرير اليومي الذي يأتي من مختلف المصادر يشمل الحوادث الكبرى والصغرى .حركة وتنقلات الافراد والجماعات , عن نزلاء الفنادق الكبرى والصغرى , معلومات عن تنقل الركاب بين المحافظات ووفق الجداول والاسماء التي تنظم من قبل محطات انطلاق مركبات النقل , عن حوادث السير , عن المستشفيات , عن كميات الامطار , عن كمية الاموال المتداولة وقيم التحويلات المالية الخارجية والداخلية , تقارير محطات المخابرات في الدول المجاورة , تقارير الوكلاء الامنيين ( موظفون ,عمال , طلبة , ائمة مساجد , سواق سيارات,نوادل المقاهي,مراقبو الأسواق ,  اتحادات رياضية .....   ) , عن عمل المحاكم , عن السجون عن المدارس عن حركة الشارع, ولذا فأن هناك سلسلة طويلة من المراجع الامنية التي جعلت من المواطن السوري وكيل امن شاء ام ابى ‍ ‍‍‍.   بالاضافة لتقارير ضباط او عناصر المنظمات والاحزاب العربية و الفلسطينية المتواجدة على الساحة السورية  .

اختفاء مواطن في الاراضي السورية ولفترة تتجاوز العشرين يوما ودون معرفة الجهات ذات العلاقة بأمره ( كما تدعي السلطات السورية ) , امر مشكوك فيه ويحسب على مجمل العمل الامني والاستخباراتي السوري , فالداخل الى سوريا والخارج منها محكوم بحركته وتنقله وفق ضوابط ومعايير الاجهزة الامنية ( نقاط حدود , التنقل عبر المحافظات , الفنادق , المستشفيات , حوادث السير , الحوادث الجنائية .... الخ ) . وفي قضية اختفاء المواطن العراقي السيد شاكر الدجيلي , لا يساورنا الشك مطلقاً بانه في عهدة جهاز امني سوري ما وبمعرفة المراجع العليا ( رئاسة الجمهورية ,الامن القومي , الامن السياسي ) . السلطة السورية وبحساب خاطئ تعتقد ان بالامكان المساومة على حرية السيد شاكر الدجيلي ومبادلته بالعناصر الارهابية والتخريبية التي تم القبض عليها داخل العراق والتي ادلت وافادت واعترفت بأعمالها الأجرامية وكذلك عن تورط النظام السوري بافعال واعمال القتل والتخريب, والتحريض عليهما داخل العراق ( تدريب , تحريض , تجنيد , دعم مالي  ) , ولكن ما يدهش في الأمر هو أن السيد شاكر الدجيلي  ومن وراءه حزبه كما اغلب القوى السياسية العراقية , لا يضمر لسوريا العداء ولازال الحزب الشيوعي يحتفظ بعلاقات جيدة ومن خلال زيارات يقوم بها العديد من قادته الى سوريا او من خلال عمليات التنسيق عبر مقر الحزب في دمشق .

ولكن ما يؤشر ويؤسف له اليوم تلك السياسات قصيرة النظر التي جعلت من سوريا في الفترة الاخيرة مرتعاً للقوى الارهابية الاصولية والسلفية وبالاخص لجماعة القاعدة بالاضافة لفلول النظام العراقي المقبور. وهناك أيضا النشاط العدائي الذي تقوم به قيادة قطر العراق لحزب البعث ( فوزي الراوي ) ومكتب المنظمات الشعبية العراقية ومكتب شؤون العراق في القيادة القومية تجاه الوضع القائم في العراق . وكل هذه القوى والواجهات تعمل وتمارس نشاطها بالتسيق المباشر مع الجهات الامنية والسياسية  السورية ذات العلاقة , واختفاء السيد شاكر الدجيلي وبهذا الشكل الغامض , عمل امني استخباراتي يبقى من مسؤولية السلطات السورية ولايمكن الاقتناع بما ادعت به من انها لا تعلم عنه شيئا ً .

كل المعطيات والمؤشرات تدلل وتؤكد ان السلطات السورية تتحفظ على السيد شاكر الدجيلي والاجهزة الامنية السورية متورطة بأمر اختفاءه .وللسلطات السورية تأريخ حافل بأنتهاكات وخروقات فضيعة لحقوق الإنسان , فهناك الآف من سجناء الرأي والضمير و هناك الآف من المفقودين والمغيبين من المواطنين السوريين ومنذ حوادث مدينة حماة واستباحتها , هناك المئات من المعتقلين اللبنانيين والفلسطينين والعراقيين . والسلطات السورية تنكر ذلك وتستنكر وتمنع اي جهد لمعرفة احوال واوضاع حالات حقوق الانسان في السجون.. ولا غرابة ان تغيب ولزمن قادم السيد شاكر الدجيلي.

شاكر الدجيلي لم يغادر سوريا وهذا ما اكدته السلطات السورية نفسها للسلطات السويدية عن طريق سفارتها في دمشق وكما اكدته للسيد شقيق السيد شاكر الدجيلي وكما اكدته لحزبه وللسفارة العراقية وأيضا ما يؤكد ذلك مجريات ووقائع سفر السيد شاكر حسون وحوادث يوم سفره وما تلاه من أيام في المنافذ الحدودية السورية والعراقية حيث لم تؤشر حوادث خطف أو قتل ضمن تلك الفترة ولم يؤشر خروج السيد شاكر عبر الحدود وكذلك عدم دخوله الأراضي العراقية.

أمام مثل هكذا وقائع لا يمكن للسلطات السورية انكار واقع وجود شاكر على الاراضي السورية وامام هذا الكم الهائل من الاجهزة الامنية لا يمكن قبول التبرير والتسويف و بانها تجهل او لاتعرف اين هو.

أن السلطات السورية مطالبة اليوم بالكشف عن مصير السيد شاكر حسون مثلما هي مطالبة أيضا بأن تتخذ الموقف الصحيح والعقلاني من الوضع السياسي العراقي وتنفذ تعهداتها التي ألزمت نفسها بها في جميع لقاءات ومؤتمرات دول جوار العراق.وأن أختطاف وتغييب شخصية وطنية عراقية تنتمي لحزب يعتبر صديقا مقربا للسلطة الحاكمة في دمشق يعد أستهتارا بالقيم السياسية والأخلاقية, وتعد أيضا سياسة قصيرة النظر وبعيدة كل البعد عن الدعوات والنداءات التي تنطلق من الشارع السوري ومن طليعة مثقفيه حول مطالب التغيير في السياسات الداخلية ومن أجل النظرة الواقعية لمتغيرات العصر والمحيط الأقليمي والدولي.

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com