لماذا الربع لبرلمانيات العراق

 

د. عامرة البلداوي / باحثة عراقية

amirabald@yahoo.com

 أقرت المادة 30 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وفي الفقرة ج ( انتخاب جمعية وطنية وفقا لقانون الانتخابات يستهدف تحقيق نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من اعضاء الجمعية الوطنية ) وبناء عليه تحقق الان ما يزيد على هذه النسبة بجلوس 89 امرأة على مقاعد البرلمان العراقي من مجموع 275 عضو فيه ويزيد هذا العدد على عدد النساء في برلمانات الدول الاكثر عراقة في الديمقراطية فضلا عن برلمانات البلدان المجاورة العربية وغيرها مما اثار استغرابا وتساؤلا واهتماما فسلطت الاضواء على نساء برلمانات العراق واحاطت بهن وسائل الاعلام تارة تصف ملابسهن واخرى تغرق في وصف مرجعياتهن ..لا ادري أمستكثرة لعددهن ام نوعهن ام تستكثر على العراق . نعم يحق لنساء العراق اللواتي غرقن في ظلم الدكتاتوريات التي تعاقبت على حكمه اكثر من ثمانين عاما .....يحق لتضحيات رسمت بلون الدم والخوف والجوع ولم تعرف اليأس ولا الملل...يحق لحلم ظل يراود عيون اغرورقت بالدموع على بلد مزقت اشلاؤه وحملت نعوش ابنائه عظاما بأكياس النايلون ...ومن اجل ردم هوة عميقة سقطت فيها كل معاني الانسانية والشعور بالامان وزرعت بأشواك الخوف والانتظار ...ومن اجل أيد مكبلة وابواب موصدة مرة بالتهديد والوعيد ومرة بالخوف على فقدان الاهل والاحبة ... ومن اجل تحطيم سقف رفع بالابعاد وغلق الطريق امام القدرات وقلة التعليم والتحييد وسيادة الذكورة في القرارات والمواقع اذ لم يكن العراق بلد حريات الصحافة والتعليم والفكر والثقافة بل  كان يرزح تحت نير حكم مارس كل انواع التقييد لهذه الحريات وكان نصيب المرأة الاوفر دائما من كل انواع المظلوميات ...غيبن في السجون وفي ذاكرة خالدة لكل من زهقت روحه على عود مشنقة كما غيبن في بقاع الدنيا حتى لم تعد لديهن الرغبة في العودة الى الوطن وبقينا لنكون شوكة في العين وعظم في الحلق وخنجرا في خاصرة الطاغية ولنشهد زمن انسحاقه ولكن كانت كل واحدة منا مغلولة اليد حبيسة اللسان مضطهدة المشاعر رافضة للظلم منتظرة ...كم عددهن اللواتي مارسن نشاطا مختبئا وراء جدران المنازل ؟ كم عددهن اللواتي لديهن برنامجا نضاليا فعالا عملن به زمن ظلم الطاغية؟......واجاب عن هذا السؤال انطلاق جموع النساء الى الجوامع والى منظمات المجتمع المدني والى الجامعات وغيرها يمارسن نشاطا غير مسبوق لقد كن يحبسن هذه الطاقات وما ان سقطت الاصنام تباعا حتى انهار الجليد وسالت ينابيع العطاء الذي لم ينقطع متدفقا ومتصاعدا بعضه يهدر كالشلال بقوته وعنفوانه وبعضه يسير باردا كالغدير في يوم قائظ فليست القدرات متكافئة ولا الامكانات متساوية وكلها من رحم ارض تفطرت من فرط الجفاف فكيف السبيل لانصاف المرأة في العراق بعد كل ما عانت فأذا انتظرنا سننتظر طويلا واذا انحرفنا يمينا او يسارا ظلمنا كما ظلم من قبلنا فهذا قطافهن يانعا اذا اخذ كله والمسيرة طويلة ربما اسهم بحداثته وطراوته بعرقلة السير الطويل ونحن بحاجة للجلد والخشونة في اول تجاربنا بعد طول القسوة والابعاد...واذا اكتفينا بقطيرات اكتنزت الخبرة والفطنة والعمل السياسي ستبعد من جديد الملايين من النساء فالانصاف ان تروى الارض الجافة من طراوة العطاء وان كان لم يكتمل نضجه ولتهدم السقوف بسواعد غضة لم تشتد بعد عند ذلك سيميز الخبيث من الطيب والقوي من الضعيف والصالح من الطالح والقادر على اكمال السير من الذي اتعبته الرحلة واظهرت خوره ستغربل تلك الطاقات بشتى امتحانات المراحل القاسية وستظهر منهن من تستحق البقاء ومتابعة السير والتربع في اعلى السلم عندذاك سنطالب بألغاء الارقام والنسب لانها لاتعبر عن واقع افرز من الكفاءات النسوية ما يشار اليه بالبنان دون الحاجة للكيل بمكيال التظلم واجحاف الحقوق .

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com