هل تتجزء الوطنية ..؟!

 

هادي فريد التكريتي

 6 مايس 2005

hadifarid@maktob.com

تم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وأعلن رئيس الجمعية الوطنية ، عن أداء القسم للوزارة ، وأثناء تلاوة القسم لاحظت أن هناك صيغتين لأداء القسم ، إحداها كانت تشير إلى الالتزام  بعراق اتحادي  وديمقراطي والثانية خالية من هذه الصيغة ، ولم ألاحظ على سبيل المثال أن الأخوة الكورد ملزمون بهذه الصيغة دون العرب ،أو العكس ، فالعرب والكورد على حد سواء ، تقاسموا أداء اليمين بهذه الصيغة أو تلك ، وهذا خلل كبير يفسح في المجال للوزراء المعارضين للديمقراطية أو الفدرالية أن يعرقلوا المشاريع المستقبلية ، وهي ثغرة ما كان يسمح لها أن تكون في صيغة أداء القسم للوزارة الجديدة ، ولا ندري هل أن هذا الإجراء متفق عليه لوزراء معينين ، أم أنه حدث نتيجة رغبة لهذا الوزير أو ذاك ، أم نتيجة لسهو غير مقصود، ومن المعلوم أن هذه الوزارة هي وزارة اتحادية وليست إقليمية ... بعد القسم تقدم رئيس الحكومة الجديدة الدكتور إبراهيم الجعفري بإلقاء خطابه ، الخطاب كان جديدا على مسامع الشعب العراقي ، لكونه لأول مرة ، من رئيس وزراء معين ديموقراطيا ، بعد زوال النظام الفاشي ، ويعبر بصدق عما يختلج في صدور العراقيين من آمال وطموحات ، ولامس بصدق ما يعانون منه وضرورة معالجة كل أوجاع المصائب التي حلت بهم ، من اجل بناء عراق الغد المشرق والجميل لكل أبنائه ، وإذ يتوجه السيد رئيس الوزراء، الجعفري ، في  خطابه بالتحية لكل من ساهم وساعد في خلق ظروف العراق الجديدة من الدول الصديقة ، فالعرفان بالجميل من خلق وطبع العراقيين ، توجه كذلك بالتحية ، إلى بعض العراقيين ، وخص بالذكر منهم الشهداء الذي ساهموا في خلق عراق جديد بواقع جديد خالي من الفاشية والدكتاتورية والحزب القائد ، تحيته لهؤلاء لم تكن باعتباره حزبيا ينتمي إلى حزب طائفي اسمه حزب الدعوة الذي قدم الكثير من الشهداء ضد النظام الفاشي ، وليس باعتباره ممثلا لقائمة انتخابية فائزة ضمن كتلة تنتمي إلى  الطائفة الشيعية ، كما ليس باعتباره فردا من الشعب العراقي ، بل باعتباره رئيس وزراء جديد لكل العراقيين ، وليس للطائفة التي انتخبته كما ليس ممثلا لمرجعية  دعمته وساندته  ، فعندما سمى الشهداء العراقيين الذي قدموا دماءهم من اجل الوطن ، محمد باقر الصدر والسيد محمد صادق الصدر والسيد باقر الحكيم وصاحب دخيل والشيخ البدري وعارف البصري وآمنة الصدر وسلمى البحراني وحفصة العمري وشهداء الكورد في حلبجة والأنفال وغيرها ، كان المفروض ألا ينسى ، وهو يتحدث باسم العراقيين أن هناك شهداء عراقيين كثر للوطن قد تجاهلهم ، قدموا أرواحهم ضحايا رخيصة ، لتنوجد هذه اللحظة العراقية ، التي يقف بها السيد رئيس الوزراء الجديد ، هذا الموقف التاريخي حيث يوجه خطابه ، فالمئات والآلاف من الوطنيين والديموقراطيين والشيوعيين العراقيين رجالا ونساء ، الذين فضلوا مقاومة الطغاة على مر العهود استشهدوا تحت راية العراق وليس تحت راية الطائفة أو القومية ، هؤلاء ما كان على السيد الجعفري رئيس وزراء العراق الجديد أن يتناساهم أو يتجاوزهم ، فبعض من هؤلاء كانوا من الرعيل الأول ، وآخرون في عهود لاحقة ، ومنهم من ينتظر ، والكل من هؤلاء استشهد تحت راية الوطنية العراقية ،  ولم يكن انتماؤهم الديني أو القومي أو الطائفي همِا" حاضرا لهم  غداة تصديهم لهموم العراق والعراقيين ، كما لم يكن هذا من همومهم لحظة استشهادهم ، فمن أجل أن نصدق أن السيد الجعفري قد تجاوز عقدة الطائفة والحزبية الضيقة ، كان عليه أن يلامس جروح عوائل ورفاق الشهداء الوطنيين العراقيين ، ممن يناهض أفكارهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم السياسية السيد رئيس الوزراء ، باعتبارهم عراقيين خلقوا باستشهادهم الظرف الجديد للعراق أسوة بمن أسماهم وتوجه لهم بالتحية ، فعراق اليوم بكل مكوناته ، هو ما يتحدث باسمه ، السيد الجعفري ، وعليه أن يدافع عنه  ويتبنى حريته ، كما من حق بعض مكونات العراق الجديد    أن يذكر اسمها عندما يصار إلى ذكر القوى العراقية التي ساهمت في الخلاص من الفاشية ... بصراحة وصدق نعتبر ما ورد في  خطاب السيد ريئس الوزراء الجديد فيما يخص التحية  لشهداء العراق ، تحية ناقصة ، وإشارة واضحة لتجاهل دور الوطنيين والديموقراطيين والشيوعيين العراقيين ، ما كان عليه تجاوزها ، ومن حقنا مطالبته بالاعتذار،  كما نعتبره ،  في هذا الخصوص ،  ذا نزعة طائفية تتناقض مع ما ادعاه بكونه لكل العراقيين ، وقي هذا المجال أود أن أشير إلى تسجيل بادرة خطيرة أشار إليها ، السيد رئيس الوزراء ، من  تسمية البعض بالشهداء في حين لم يكن ذكرها سوى فتح لجروح الماضي ، وغزلا مع قوى رجعية ساهمت في وصول البعث والفاشية إلى حكم العراق  ، أتمنى على السيد الجعفري ،  أنه لم يكن هادفا  فتحها ...   ولا يفوتني أن أذكر بأن الوطنية لا تتجزء ، والمواقف من العراق وقضاياه ، قديما وحديثا ، هي التي تسمي الأشياء بمسمياتها ..

 











 
 

 

 

 

 

      

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com