|
هه ولير التي لن يتوقف حلمها ابداً
زهير كاظم عبود zouher_abbod@hotmail.com عبقة مثل قطر الندى ، وطرية مثل ورق الزنابق ، صلبة مثل الجبال تتكسر على صخورها نصال ورماح القتلة ، دافئة مثل قلوب العشاق ، وغنجة مثل دروب الجبال ، وشامخة مثل تاريخ كردستان . طحنتها المحنة ولم تزل ترقص في أعياد نوروز ، وتحولت ساحاتها وحدائقها الى مناطق محروقة ، ولم تستطع كل سلطات السلطان أن تسلب منها الالوان ، أو أن توقف دبكاتها الملونة وحركات شبابها المملئة فرحاً ونشوة وقوة . انها هولير التي نضعها في القلب جدرانها مكتوب عليها أسماء الشهداء ، محمية بالشهداء وبالفرح ، وتعرضت في كل الأزمان الى حالات استلاب ، فدخلتها الدبابات وخربت شوارعها المجنزرات ، ووضعوا في مداخلها المصدات التي تمنع الناس من المرور ، غير انهم لم يستطيعوا أن يمنعوا الشهداء من التحليق عالياً فوق قلعتها وسمائها التي تحرسها ، غير انهم لم يستطيعوا رغم كل الوجوه الملثمة المدججة بالسلاح والمتفجرات ومقرات الأمن والمخابرات أن تمنع أطفالها من الضحك أو يمسحوا أسمها من سجلات التاريخ . انها هولير التي ماتوقفت عن العطاء ، مثلما لم يتوقف في يوم ما ( كاوة الحداد ) أن يطل عليها من فوق جبالها يتحدى الظلم والظلام ، فتشعل له هولير نيرانها . أنها هولير التي ماتوقف الربيع عنها فنشرت ظفائرها في جبل بيرمام وفي بي خال وفي شقلاوة وتعمدت في عين كاوة وكلي علي بك ، انها هولير التي عشقتها شقائق النعمان ، وأنتشرت ازهار الأقحوان والياسمين بين حقولها تنشر الرائحة العبقة كما أسمها . انها هولير التي تعتقد ( البهائم المفخخة ) ان حياتها ستتوقف ، وان حلمها سيؤجل ، وان فرحها سيختفي ، مثلما كانت تحلم تلك السلطات التي ترتدي الأقنعة وتلبس اللثام وتجمع الجيوش والأسلحة والطائرات ، حين بقيت هولير شامخة متألقة ، وصارت جيوشهم حكايات للتندر والسخرية . انها هولير التي تتجد مع نسائم الهواء ، ففيها يكمن سر الحياة الأزلي ، ومنها يستمد اهلها ضحكاتهم وسمرهم ، وفي حقولها تشم روائح الخبز والجبن واللبن الكردي . أعتقدت ( البهائم المفخخة ) أن ثمة مجال أن تجعل فرح هولير حزناً ابدياً فكان لها قدرة على التجدد والتحول ، وأعتقدت تلك البهائم أنها ستجعل منها مآتما للأبرياء من اهلها الكرد ، فتسابقوا للألتحاق بركب الشهداء الطويل ، انها الامة التي تعطي أكثر مما تأخذ ، والأمة التي تحمي مستقبلها بأعمار أولادها ، والأمة التي تفتخر بفرحها وتمسك بحلمها المستقبلي ، والأمة التي ترضع أولادها حليباً من الحقوق المسلوبة . لكنها تبقى هولير التي تتربع وسط قلوب اهل العرب ، فهي أربيلو التي كانت جزء من تاريخ المنطقة الغارق في القدم ، وهي أربيلو التي نقل أهلها لغة السومريين منها الى سهول العراق . هولير التي لن يتوقف حلمها ولن يتوقف فرحها ، مثلما لن يتوقف عطائها ، فقد حلق شهدائها اليوم في سماء كردستان يلتحقون بتلك الطوابير من الشهداء الأبرار يتزاحمون لحماية الأنسان حتى تتحقق الحياة الديمقراطية والفيدرالية التي هي أكثر الأحلام تواضعاً والتي تريدها الناس .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |