|
هل جريمة الأنفال هي قضية تخص الكورد فقط؟ أم السكوت عنها بين أروقة البرلمان هو إحترام لمشاعر المجرمين؟
فينوس فائق صحفية كوردية مستقلة مقيمة في هولندا
قبل فترة ليست بالقليلة ألقت السلطات الهولندية القبض على الهولندي المدعو (فرانس آنرات) وإحتجزته على ذمة التحقيق بتهمة تهريب المواد الكيمياوية التي تدخل بشكل مباشر في صناعة الأسلحة الكيمياوية وأسلحة الدمار الشامل وقام ببيعها إلى النظام العراقي المقبور، والتي إستخدمها (أي النظام العراقي) لاحقاً في إبادة الشعب الكوردي وفي مناطق متعددة ومختلفة وإستخدمها أيضاً وحسب ما أسمع به من العراقيين أنفسهم في مناطق الجنوب.. تم تقديم فرانس آنرات إلى المحاكمة وجرت الجلسة الأولى قبل فترة ليست بالقصيرة، وتم تنظيم عدد من المظاهرات في هولندا تطالب بإنزال القصاص العادل بهذا المجرم الذي لا تقل فداحة جريمته عن فداحة جريمة صدام نفسه، فحسب القانون (رغم أنني لا أفهم شيئاً في القانون) أن الشاهد الذي يتستر على جريمة يعتبر في حكم القانون شريكاً للمجرم الذي نفذ الجريمة، وفرانس آنرات لم يكن شاهداً ليتستر على الجريمة، بل كان الشريك الأول في تنفيذ الجريمة، وحسب ما إعترف به في آخر جلسة في المحكمة من أن المواد التي باعها إلى صدام هي نفسها المواد التي إستخدمها الفاشي صدام لصناعة أسلحة الدمار الشامل وإستخدمها في إبادة الشعب الكوردي وقدر عدد الضحايا التي ماتوا بسبب تلك الأسلحة المصنوعة من تلك المواد التي باعها إلى صدام بـ80% من مجموع الضحايا.. هذا وقد نظم عدد كبير من الكورد المقيمون في هولندا يوم محاكمة فرانس تظاهرة سلمية أمام مبنى المحكمة في مدينة روتردام مطالبين بإنزال العقوبة المناسبة به.. وحسب ما ورد على لسان السيد علي محمود محمد الناطق بإسم منظمة (جاك) لمناهضة إبادة الشعب الكوردي، أنه ولحد الآن تم صرف مبلغ 13,000 € ثلاثة عشر ألف يورو، وهذا المبلغ تم تأمينه من منظمات خيرية هولندية ومن الحزب الإشتراكي الهولندي ومنظمة جاك نفسها، أما المبلغ المتبقي من أتعاب القضية فتقدر بنحو ما يزيد على 12,000 € إثني عشر يورو والتي يجب تأمينها قبل موعد الجلسة الثانية التي ستصادف شهر حزيران القادم.. هنا لابد لي أن أسأل لماذا عندما يطالب الكورد بالإستقلال وو حق تقرير المصير داخل خارطة كوردستان الكبرى وعلى الأقل داخل حدود خارطة كوردستان الجنوبية التي ألحقت مؤخراً بالعراق مرة أخرى، يكون الكورد مواطنون لكن خونة لأنهم يطالبون بتقسيم العراق ووحدة العراق، لماذا يجب أن نتوحد في الأرض، لكن ننقسم في المآسي، ها نحن عدنا إلى العراق، فلتقاسمونا مآسينا وماضينا المؤلم، ألستم تقولون أننا عراقيون، حسناً ألم يتم إبادتنا بكل الوسائل والسبل، من القتل بإسم آية الأنفال ؟ ألم يتم إبادتنا في عقر دارنا بالأسلحة الكيمياوية؟ ألم نُدفن في قبور جماعية؟ ألم تصادر حرياتنا مثلما جرى معكم ؟؟ أين هي إذاً الأصوات التي تدعوا إلى عراق ديمقراطي وتدعوا إلى إنزال القصاص العادل بالقتلة والمجرمين وعلى رأسهم المجرم صدام، أين هي الشعرات الرنانة التي تطالب بإحقاق الحق وبناء مجتمع مدني قائم على المساواة في الحقوق والواجبات وإحترام حقوق الإنسان، ها نحن قمنا بواجبنا (الوطني) في (عراقكم الموحد) وحافظنا على العهد، أين هي إذاً حقوقناً في تعويضنا عن تلك الجرائم أمام العالم ؟ أين هي الحكومة العراقية ورئيس الوزراء العراقي الجديد والبرلمان العراقي من كل هذه المصائب، وماذا تحمل في أجندتها من أجل حل مشاكل ضحايا تلك الجرائم؟ أين هي المنظمات التي يجب أن تأخذ على عاتقها مهمة تبني مثل تلك المآسي والمشاكل الناجمة عن تلك الجرائم ومحاولة إيجاد الحلول لها ومساعدة عوائل الشهداء الكورد وعوائل شهداء حلبجة والمتضررين بسبب الغازات السامة وتعويضهم ليس فقط مادياً، بل معنوياً ايضاً ؟ اين هي الإعتذارات التي طالبنا ولازلنا نطالب بها لهؤلاء الضحايا؟ أم أن كراسي الحكم والبرلمان أنست الكل القضايا الحقيقية التي ناضلنا من أجلها وكانت شعارات ترفع فقط اثناء الترويج لحملة الإنتخابات وعندما جلس كل واحد على كورسي المنصب ضرب بالشعارات عرض الحائط.. ألم يأتي أوان تعريف المواطن العراقي البسيط بتلك الجرائم ؟ ألم يأتي الأوان لكي تدخل تلك الجرائم في منهاج كتاب التأريخ في المراحل المختلفة من الدراسات المتوسطة والإعدادية والجامعية ؟ ألم يأتي أوان حملات التوعية بين صفوف عامة الشعب العراقي في الوسط والجنوب وتعريفهم بتلك الجرائم التي إرتكبت بحق الشعب الكوردي؟ أم أننا إخوة فقط عندما يصل الحديث إلى حدود المطالبة بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الكوردية ويقال (هةر بجي كورد وعرب) لكن عندما نقول أننا تعرضنا للإبادة الجماعية نكون نبالغ وياقل هذا أصبح ماضي؟ وأم أننا إخوة فقط عندما نوزع الحقائب الوزارية والمناصب الحساسة ونمنحها للقتلة والمجرمين من أمثال الصفيق وفيق السامرائي وننسى أنهم هم المجرمون الحقيقيون الذين إرتكبوا تلك الجرائم ؟ ام أن السكوت معناه أن الحكومة تخجل من ذكر تلك الجرائم مثلاً أمام المجرم السامرائي لكي لا يخدش شعوره وهو مستشار (سيادة ئيس الحكومة العراقية)، أم حتى لا نجرح شعور البقية الباقية من زمرة العصابة المتبقية من بعد الطاغية صدام لأننا مازلنا نبحث عنهم لنكافئهم بتنصيبهم في مناصب أخرى مهمة في الحكومة ؟ أين هي دروس الوطنية التي تعلمناها من سنوات النضال ضد الفاشيست؟ أين هي الشعارات التي حملناها حتى تعبت أيادينا وعندما جلسنا على كراسي الحكم بجانب القتلة رمينا بالشعارات تحت أقدامنا؟ أليس من المخجل أن تدفع منظات هولندية وأحزاب هولندية كافة مصاريف وأتعاب قضية محاكمة فرانس آنرات؟ ويسكت الأحزاب والكل يبلع لسانه في حلقه؟ ألم يكن مشرفاً لو سارعت منظمات وأحزاب عراقية وحتى كوردية وحتى حكومة إقليم كوردستان إلى التبرع بمبالغ لسد مصاريف محاكمة ذلك المجرم؟؟ لا أظن أن المبلغ كبير بحيث لا يكون بالإمكان تدبيره، فهو يساوي مصاريف أمسية ودعوة عشاء ودعوتي عشاء حزبي لمناقشة المسائ المصيرية التي يخرجون منها دائماً غير متفقين.. لقد توهمت للأسف أن الكثيرين ممن كانوا يقفون في وجه إرادة الشعب الكوردي في إقامة الدولة الكوردية أنهم يطالبون بعراق موحد من منطلق أننا (أمة واحدة) كما يقولون، لكن للأسف يبدوا لي أنهم في المصائب يقولون هذا شأنكم وهؤلاء ضحاياكم، لكم مصائبكم ولنا عراقنا إياكم أن تعملوا على تقسيمه.. من هنا أدعوا كل أصحاب الضمائر الحية إلى أن يخطو خطوة نحو تصحيح ما يجب تصحيحه، وأن يعمل على إلتآم الجراح التي خلفها الطاغية، أدعوا رئيس حكومة العراق، رئيس الوزراء، أحزاب ومنظمات، مؤسسات وجمعيات ذات علاقة وصلة بالموضوع، والعمل الجدي من أجل الدفع بمحاكمة فرانس آنرات، ومحاكمة المجرم صدام وأعوانه وعصبته، وطرد كل البعثيين القذرين من أمثال الصفيق السامرائي من المناصب التي منحت إياهم، والإعتذار من ضحايا تلك الجرائم، وإصدار المطبوعات والمنشورات والمواثيق التي تخص تلك الجرائم وخصوصاً جرائم الأنفال وقصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية والقبور الجماعية في وسط وجنوب العراق بين عامة المواطنين وتوعيتهم وإدخالها في منهاج مادة التأريخ وتدريسها في مراحل مختلفة دراسية، وإنشاء مراكز ومنظمات على مسوى العراق في الجنوب والوسط تهتم بدراسة تلك الجرائم وتجري البحوث سنوياً بل فصلياً وترجمتها إلى أغلب لغات العالم ونشرها بين الأوساط القانونية والدولية، والأهم حضور مندوبون وممثلون عن الحكومة العراقية وأصحاب الشأن في الجلسة الثانية لمحاكمة المجرم فان آنرات في هولندا والوقوف في قاعة المحكمة كحكومة عراقية لها ثقلها ومتابعة سير القضية، وبالتالي لتسمع صوتها للمحكمة الهولندية بضرورة إنزال القصاص العادل به أسوة بمجرمي الحرب في العالم..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |