أكيتو نكهة كلدانية خالصة

قاسم ماضي

KASSIMZGHAYER@MAKTOOB.COM

تحت وطأة البحث الدائب في فضاءات التاريخ والجغرافيا بوصفها تمثل التوق ، وما بعدها يمثل التجسيد ما زال المؤلف ( مرشد كرمو ) يحلم وهو الحالم دوماً بأن يوماً ما سيكون ولكي يتحقق حلمه في هذا  الزمن العتيق ، الذي حتماً سيوٌلي  بلا عودة وبلا رجعة . آثر التحدث عن الماضي السحيق لا لشيء إلا لإضاءة الحاضر معتمداً المنهج الجدي لتفسير التاريخ . فالمثقف العراقي في هذا المنفى الكبير لم ينفصل يوماً عن هموم أمته وشعبه وتندرج محاولات قراءة التاريخ من جديد في إطار إحياء الرموز الحضارية وتقديمها إلى المتلقي في قالب   فني جديد وذلك ما سعى المؤلف ( مرشد كرمو ) إلى تحقيقه . والمثقف العراقي ما زال يحمل ألماً وغصة لما يجري في الساحة العراقية الملتهبة التي ما زالت تشهد حراكاً ماراثونياً غيٌب عنه رأي المثقف على جميع المستويات بالرغم من أنه يستحق الكثير من مساحة الاهتمام في هذه المرحلة تحديداً من تاريخ العراق وكما ذكرت الشاعرة والروائية الجزائرية د. أحلام مستغانمي في معرض تعليقها على حالة المثقف العراقي خلال الندوة الثقافية الفكرية التي نظمت في جامعة ميشيغن حيث قالت ( أن المثقف العراقي يستحق كل التقدير والاحترام لما عانى من النظام السابق وله الأولوية في تكريمه ، أليس هو الذي باع كتبه على الأرصفة وأسس مؤخراً جمعية أدباء فقراء بلا حدود فضلاً عن مجابهته سياسة عسكرة الحياة )

وتستدرك الأديبة لتقول ( ينبغي محاكمة الأدباء العرب الذين كانوا يساندون النظام العراقي السابق وأنا واحدة من الذين قدموا سبعة شكاوى في المحاكم ضد هؤلاء وخاصة الذين يحضرون مرابد صدام )

ونحن اليوم في تحول ومخاض في الحياة العراقية ، فالمأساة المرعبة والمعقدة والمرتبطة بالأمور السياسية ماانفكت ترخي بظلالها على أداء المثقف ودوره. ومن الفاعلين في هذا الاتجاه و في هذا المنفى بالذات . هناك العديد من المثقفين ومنهم المؤلف ( مرشد كرمو) فهو يعرف النتائج وهو من المتحمسين الذين يمضون بدقة آمالهم وإلى رسم غاياتهم . وانطلاقاً من المكانة الحيوية للمسرح في حياة الشعوب ومن أهمية تفعيل دور المسرح . صدر للكاتب العراقي مرشد كرمو النص المسرحي الجديد ( أكيتو )  الذي يعد  اقتطاع أو اقتناص لمقطع تاريخي موغلاً في القدم . حيث تدور أحداثه أثناء رأس السنة البابلية . فهو يحاول أن يصٌور لنا صوراً حياتية مختلفة ومثيرة من مجتمع بلاد ما بين النهرين ضمن سياق درامي . انطلاقاً من أحداث وقعت في احتفالات ( اكيتو )التي تصادف في اليوم الأول من نيسان من كل سنة . ومن المعروف أن فن كتابة المسرحية هو تصوير صراع قوى بشرية كاملة مع قوى بشرية أخرى ، وإن القاعدة الأولى في تقسيم بناء المسرحية إلى عرض ، عقدة ، حل وإن الوحدات الثلاثة التي جاء بها أرسطو وتقسيم المسرحية إلى فصول \ ومشاهد \ وضعت الروابط التي من خلالها يؤسس بناء شامخ في الأدب المسرحي ولو رجعنا إلى الفترة التي سبقتنا وهي فترة راسين \ موليير \ شكسبير \ أبسن , لوجدنا كيف أحدث هؤلاء ثورة أطاحت بأركان ذلك البناء . ثورة شملت الموضوع والتكتيك.  وتبقى هناك دوافع كثيرة وأسباب عديدة تدفع دائما إلى نبذ القديم والبحث عن الجديد وهنا بوسعي القول أن مسرحية ( أكيتو) من النصوص المسرحية التي تحمل جرأة وهو نص يحمل إلى حد كبير شروط مقبوليته . بالرغم من وجود بعض العثرات من خلال المزج بين التاريخ القديم ومتطلبات العصر بالإضافة إلى الضعف الذي بدا على بناء بعض الشخصيات وخاصة شخصية ( أنليل) وشخصية الأميرة ( عشتار ) التي لم يحاول المؤلف تطوير فعلهما الدرامي عبر علاقتهما الرومانسية بل تمت الإشارة لهما بواسطة بعض المفردات البسيطة التي وردت على لسان شخصية ( أنليل ) في حين كان يمكن تقوية خيوط هذه العلاقة التي جمعت البستاني والأميرة لتجسيد بعض القيم الإنسانية ولم يوفق المؤلف في أن ينمي بناء الشخصيتين بناءً حبكوياً لغرض الوصول إلى الذروة التي اتضحت ملامحها في نهاية المسرحية عندما قررت الأميرة عشتار الزواج من البستاني ( أنليل ) ويذكر أن مسرحية ( أكيتو ) تقع في 114 صفحة من القطع المتوسط وسبق للروائي أن صدرت له العديد من المؤلفات منها ( مدرسة الأبطال ) ( الأقنعة ) مجموعة قصصية ( الطفل والوحش ) رواية باللغة الإنكليزية والمؤلف مرشد كرمو من مواليد 1953 . حاصل على البكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة ( وين ستيت ) عام 1981 والدكتوراه في القانون من جامعة ديترويت  1984. وله نشاطات أدبية ومسرحية .

 

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com