|
جوانتناموا وتدنيس القران ياسر سعد / كندا
قتل أربعة أشخاص وجرح اكثر من أربعين في مدينة جلال اباد حين فتحت الشرطة النار على متظاهرين كانوا يحتجون على معلومات اوردتها مجلة نيوزويك الأمريكية عن تدنيس القرآن من قبل جنود اميركيين في غوانتانامو. وخرجت قوات من الجيش الافغاني مدعومة من وحدات أمريكية إلى شوارع جلال آباد في محاولة للسيطرة على الوضع. وامتدت الاحتجاجات إلى مدينة خوست في الجنوب الشرقي حيث خرج مئات من الطلاب إلى الشوارع. من جهة أخرى أعلنت السلطات الأمريكية أنها تحقق في التقارير الواردة عن وقائع تشير إلى تدنيس القرآن من قبل الحراس والجنود الأمريكيين في معتقل جوانتانامو بكوبا. وقال توم كيسي متحدث باسم الخارجية الأمريكية انه إذا ما كشف التحقيق أن الادعاءات صحيحة ستكون تلك الأفعال انتهاكا صارخا للسياسة الأمريكية من الجنود المسؤولين عنها، وان الامر سيعامل بصرامة. واضاف كيسي "من الواضح ان المساس بأي كتاب مقدس سواء كان الانجيل او القرآن او اي كتاب له ذات الصفة غير مقبول تماما ولا يتماشى مع السياسات والممارسات الامريكية". وجاءت التصريحات بعد تقرير في مجلة نيوزويك الأمريكية قال إن المحققين الأمريكيين في معتقل جوانتنامو يدنسون المصحف بغرض الضغط على أعصاب السجناء. وقالت المجلة ان المحققين الأمريكيين يضعون المصحف الشريف فوق المراحيض بهدف إثارة أعصاب السجناء، بل وفي إحدى المرات وضعوه داخل المرحاض. الخبر وتداعياته يثير الكثير من النقاط الهامة والتي تستدعي التوقف والتأمل. السياسة الامريكية الموغلة بالحقد والتطرف تهدد سلامة العالم بإشعال حروب دينية طاحنة. كما إن نجاح بوش في الانتخابات الرئاسية الامريكية مدعوما بالتيار اليميني المتصهين وارتفاع اصوات المتطرفين إن كان في امريكا او في الدولة العبرية سيؤدي وبشكل متسارع الى ارتفاع في شعبية التيارات الاسلامية في العالم الاسلامي خصوصا تلك التي تنادي بالمواجهة والصدام مع الغزو الغربي او الانظمة المرتبطة به عضويا. هذه التوجهات ستفرض نفسها –ان لم تكن فرضت بالفعل- على التيارات "المعتدلة" لتغيير مساراتها واولوياتها كما يحصل في مصر الان. تدنيس القران والاعتداء على الحرمات الاسلامية من قبل الجنود الامريكان ليس عملا إستثنائيا, بل إن الامر يبدو وكأنه سياسة مبرمجة, فلقد تكررت مثل هذه الاعمال وانتشرت صور الصواريخ الامريكية والتي كانت تقصف العراق وقد كتب عليها الجنود الامريكيون عبارات تنال من الاسلام وتزدري أهله. وازدحمت مواقع الانترنت بصور مساجد الفلوجة وغيرها وقد عاث بها جنود امريكا فسادا وتدنيسا, فصورة مسجد الخلفاء وقد دخله الجنود بإحذيتهم وتوزعوا فيه مضطجعين ومتكئين وعابثين انتقلت عبر البريد الالكتروني ملايين المرات وخلفت في الذاكرة الاسلامية جروحا ليس من اليسير ان تندمل, اما صور المصاحف الممزقة والمبعثرة فحدث ولا حرج. لجان التحقيق الامريكية لم يعد يثق بها أحد فقد اصبحت وسيلة للهروب من الاستحقاقات ومن المواقف الامريكية المخالفة للقوانين الدولية ولإبسط المعايير الانسانية. فتحقيق ابوغريب انتهى بعقوبات مخففة وتافهة والتحقيق بمقتل كليباري ضابط الاستخبارات الايطالية انتهى بتبرئة الجنود القتلة, كما ان مقتل الجريح العراقي بدم بارد في احد مساجد الفلوجة والتي شاهدها العالم على شاشات التلفزة كانت عملا مبررا حسب تقرير امريكي رسمي. إن امريكا والتي نصبت إدارتها من نفسها قاضيا عالميا ومعيارا لحقوق الانسان توزع الدرجات والمديح والتوبيخات على دول العالم, هي واحدة من اسوأ دول العالم في ميدان الانتهاكات والاعتداءات والتجاوزات على حقوق الانسان وكراماته ومعتقداته. إن معتقل جوانتانامو كان وسيبقى شاهدا على النفاق العالمي والتجاوزات الامريكية. ميزان العدالة الامريكي في التعامل مع المشتبهين قاس جدا ويلجأ الى الشك والتقارير غير الدقيقة ومع كل ذلك فإن كثير من معتقلي جونتاناموا قد أطلق سراحهم بعد اعوام قضوها في ربوع الظلم الامريكي بعد أن ثبتت براءاتهم دون ان تعتذر لهم السلطات الامريكية ناهيك عن دفع التعويضات لهم. وإذا كانت امريكا قد أطلقت سراح بعض الموقوفين فما الذي ستفعله مع الاعداد الغفيرة من الابرياء والذي قتلتهم في العراق وفي افغانستان , هل ستدفع لهم تعويضات كتلك التي دفعها نظام القذافي لضحايا لوكربي؟ الامر الذي يستحق التأمل ان الاحتجاج الوحيد لحد الساعة على تدنيس القران والذي كان صاخبا جاء من افغانستان وبعد اكثر من ثلاث اعوام من سقوط نظام الطالبان والاحتلال الامريكي للبلاد. الاحتجاج الافغاني قد يكون مؤشرا على الاستياء الشعبي من حكم لوردات الحرب بالوكالة عن سلطات الاحتلال الامريكي كما أنه سيعطي المقاومة الافغانية زخما شعبيا كبيرا فالحرب ليست ضد نظام او اسلوب حياة او حكم إنه ضد الاسلام كما سيفهمه ويعتقده الكثير من أبناء الشعب الافغاني. الامر المؤسف يكمن في صمت العالم على مثل هذه التجاوزات فيما يتحرك بقضه وقضيضه إذا ما صرح سياسي او مفكر بتصريح قد يفسر وبسوء نية على أنه معاد للسامية. كما ان صمت العالم الاسلامي الرسمي يظهر العجز والخوف من التسلط الامريكي والذي يهز سيف الاصلاح الكاذب بوجه انظمة الفساد المزمن كما يهز الراعي عصاه على قطيع الاغنام فيسيرها كيف يشاء حيث ما يريد. ننتظر من المرجعيات والحركات الاسلامية في العراق والتي حالفت الاحتلال ووثقت بوعوده موقفا ورأيا في هذه المسالة ان كان لهم رغبة في ذلك او قدرة عليه.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |