|
بغداديات....( العزيمة للجبة )
بتوقيع بهلول الكظماوي / امستردام
يحكى ان بهلول بمظهره كان رثّ الثياب, ينتعل حذاءً بالياً ويعتمر برأسه عمامة ركيكة اللف عتيقة وممزّقة, بادياً لمن شاهدهبهذا المظهر بأنّه صعلوكاً من الصعاليك. كانت الدعوات توجّه الى بهلول لحضور الاجتماعات الشعبية والمآدب والولائم التي يقيمها عليّة القوم لعدّة اعتبارات :منها قرابته لهارون الرشيد, وللحكمة التي يتمتّع بها بهلول, ثمّ للطافته ودعابته . والحقيقة انّ بهلول كان بحاجة الى غشيان هكذا امكنة لغرض توعية الامّة وتوجيهها وتصحيح مسارها عن طريق النكتة والسخرية والدعابة. حدث ذات مرّة ان دعي بهلول الى وليمة فحضرها ولكن على غير المألوف منه, اذ احتمّ ولبس افخر ما عنده من ثياب وعمامة وحذاء وخرج اليهم بزينته تحوطه كلّ مظاهر الابّهه والوقار. فوجئ بهلول عندما دخل عليهم بآيات الترحيب به والاستقبال المهيب والاحترام المتزايد والحفاوة البالغة له الغير مألوف لديه من اصحاب المجلس. بل اكثر من كلّ ذلك وجد المدعويين وهم من عليّة القوم : كلّ يدعوه الى الجلوس بجانبه. اختار بهلول مكاناً له في صدر المجلس, في محلّ متبيّن ومتميّز على الجميع, بعكس جلوسه المعتاد دائماً حينما كان يأتيهم على هيئة صعلوك فيكون جلوسه في الاخير وفي موضع الاحذية بالذات. و بعد ان مدّ السماط للطعام ووضعت عليه ما لذ وطاب من الاطعمة والاشربة, وشرع المدعوّون بالاكل , بدأ الجلساء (يتعارفون) يعزمون على بهلول: هذا يدعوه الى هذا النوع من الطعام وذلك يدعوه للنوع الثاني, تحيّر صاحبنا من امر جلساءه , وعن السرّ في حسن معاملتهم ايّاه ,فتبيّن انّ سرّ اهتمامهم به لما يلبسه من ثياب فاخرة, وهي: (جبّته) قفطانه الحريري المطرّز بالذهب ولعمامته الفاخرة. وبالطبع كان بهلول حكيم زمانه على غير ما يظنّه عامّة الناس بهمن جنون وصعلكة , فاراد ان يحارب هذا المرض النفسي في الناس منحبّ للظهور والفخفخة والتملّق والرياء واحترام المظاهرالخدّاعة. اخذ بهلول يأتي بالاطعمة ويظعها بكم الجبّة تارة وتارة اخرى فيجيبها ثمّ يظعها في طيّات عمامته قائلاً لهما (لجبته وعمامته) كلا على بركة الله هنيئاً مريئا, فانّ الاحترام لكما يا جبتي ويا عمامتي, وانّ جميع هذا التعظيم والتبجيل لكما وليس للذييرتديكما, اذ لولاكما لما حصل لي هذا التقدير والترحاب. و ألآن عزيزي القارئ الكريم:كلّنا قرأنا التأريخ فوجدنا سيرة الانبياء والرسل كانوامتواضعين غير متعالين على الرعية, منصفين الناس من انفسهم قبل انينصفوهم من غيرهم،كلنا قرأنا سيرة خاتمهم نبينا محمّد (ص) كيف عندما يدخل الغريبالى مجلسه فلم يكد يعرفه فيسأل الجالسين : ايّكم الرسول ؟فيجيبوة اليه دلالة الى ان الرسول محمد (ص) لم يكن يختلف اويفرق في ملبسه او في مجلسه عن بقية الصحابة. كلنا قرأنا سيرة ابي بكر الصدّيق (رض) كيف تصدّق بماله علىالفقراء!كلّلنا قرأنا ان عمر بن الخطاب (رض) كيف كان يشد حجر المجاعةعلى بطنه حاله حال فقراء المسلمين !كلنا قرأنا عن عثمان بن عفّان (رض) وهو العابد المتهجّدالمبتلى بارحامه (بنو اميّة) الذين تلاقفوها بأسمه ليقضي نحبهشهيداً مضرّجاً بدمائه وهو يتلوا القرآن الكريم. كلنا قرأنا عن علي (كرم الله وجهه) وقرأنا عن زهده كيف يشتريثوبان اولهما بدرهم والثاني بدرهمين, فيلبس الذي بدرهم ويدفعالذي بدرهمين لخادمه قمبر ليلبسه. نعم كلنا قرأنا كلّ ذلك ولكن كسيرة مثالية لم نجد لها تطبيق فيواقعنا العملي, بل وجدنا بدله مرءوسينا يمتلكون تسعة وتسعيناسماً ينافسون بها الله في اسمائه الحسنى. وجدناهم يمتلكون الضيع والارصدة ويمتلكون المراكب النهريةالذهبية والعربات الملكية الذهبية في الوقت الذي يجوع فيه شعبنافي بلد حباها الله بالذهب الاسود المطموع فيه من كل الاستكباراتالعالمية. و في غربتنا القسرية عشنا في اوروبا التي نعتبرها لا تمتلك ايةحضارة ترتقي الى حضارتنا, بل تمتلك مدنية حديثة نحن اصحابالحضارات نفتقدها, وجدنا اوروبا هذه تنعدم فيها الطبقيات علىالمستوى القانوني وعلى مستوى النظام,وجدنا هنا في هولندا استاذ الجامعة والطبيب والمدير العاميمتطي الدراجة الهوائية بكل تواضع , وجدنا انك باستطاعتك وبكلبساطة ليس محجور عليك بمقابلة الكثيرين من المسؤولين في الدولة ,والسؤآل الذي نجد جوابه على طارف السنتا دائماً وابداً باننانحن بحاجة الى الديمقراطية كحل لمشاكلنا ومعضلاتنا،وهنا تأتي العقبة الكأداء وهي : ان الديمقراطية تحتاج الى تأهيلو هذا التأهيل يحتاج الى زمن بغية التأصيل !!!!فيا ترى اليس الديمقراطية هي آالية لترجيح رأي الاغلبية فياختيار القرارات وفي التداول السلمي للسلطات ؟؟؟؟فيا ترانا لا نمتلك تلك الآلية من قبل ؟؟؟؟الم تكفنا آية الشورى في القرآن الكريم (وشاورهم في الامر ؟؟؟؟وامرهم شورى بينهم ؟؟)الم يرضخ امام المتقين علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه)للتحكيم وينزل عند رأي الاغلبية في صفين ؟؟؟؟ وهو باب علممدينة رسول الله واخيه وصهره ووزيره ولحمه من لحمه ودمه مندمه ؟؟؟عزيزي القارئ الكريم :اليوم وبعد ان منّ الله علينا بزوال طاغية العراق على يد اسيادهو اوليائه , واستلم الحكم من بعده من كان يعارضه على طغيانه وتسلّطه على الرعيّة, وطالما التتقينا واياهم مع الافكار الساميةالتي اوردناها اعلاه في التواضع والايثار وعدم الاستئثارباموال وارواح الرعية . واليوم يبدأ اول امتحان لا اقل لهم , بل اقول اول امتحان لناجميعاً لاجل الاثبات للعالم اجمع باننا امّة لها اصالتها النابعةمن تأريخها العظيم والتي تفتخر به حضارياً على كثير من الاممالحديثة , مع ان تأريخنا العظيم هذا لا يلغي حضارات ومدنياتالامم الاخرى, بل يستلهما كعلم ينتفع به لاجل الصالح العام، الميقل الرسول الكريم (ص) : اطلب العلم من المهد الى اللحد , اطلبالعلم ولو كان في الصين ؟؟؟؟عزيز القارئ الكريم :من حقنا ان نحلم , فكل عمل جميل سامي يبدأ اولاً بالحلم الجميلالسامي, ولكن على ان يكون حلماً قابلاً للتطبيق , فكيف باننانحلم بالرجوع الى ما افتقدناه حيث كان مطبّقاً في واقعنا السالف,واليوم نجد ان الآخرين (الديمقراطيين الاوربيين) يطبقون شبيهاًاليه !!فالى التطبيق العملي لمبدأ السلف الصالح لاسقاط ادعاءأت ما يسمىبالسلفية الذين لا يفقهون من السلف الا قطع الرقاب واختطافالابرياء وترويع الآمنين. ودمتم لاخيكم
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |