|
حينما شاهدت قبل يومين على شاشة تلفزيون العراقية رئيس الوزراء العراقي الجديد المنتخب الدكتور ابراهيم الجعفري يستقبل ثلة من النساء الثكالى بابنائهن وازواجهن ضحايا الارهاب في الموصل برفقة اطفالهن، كان اشد مالفت انتباهي ومتابعتي ليس طريقة جلوس السيد رئيس الوزراء او عباراته التي كانت تشد من ازر السيدات وتعظم دور ضحاياهن، والتي استهدفت بناء الجانب النفسي لهن اعتمادا على المفاهيم الدينية والوطنية. ولا شجاعتهن في تحدي الارهاب وحبهن لبلدهن. كما انه لم يكن مستغربا فجيعة هؤلاء النسوة والاطفال بذويهم ولا الطرق البشعة التي يستخدمها الارهابيون في ايقاع الضحايا، بل مالفت نظري اكثر هو ان الدكتور الجعفري لم يعطي جوابا قاطعا للنسوة باعدام هؤلاء القتلة الذين انهاروا واعترفوا بجرائمهم امام ذوي الضحايا في الموصل، ومع توسلات النسوة هذه بان مطالبهن الرئيسية هي ان يأخذ هؤلاء المجرمون جزاءهم العادل وفقا لقيم السماء واعراف المجتمعات البشرية. ان مطلب الطفل اليتيم الذي شاهد بام عينيه اباه يقتل غيلة برصاص الارهابي الذي تعرف عليه، ان يتم اعدامه ليشفي غليله، لكن السيد الجعفري بقي يركز على بناء نفسية هذا الطفل اليتيم ليتجاوز هذه النكبة ويكون شيئا ما من خلال حديثه مع والدته، ولم يقل له او لها او لباقي الحاضرين باننا سوف نعدمهم. لم يقطع وعدا بذلك. وبقي يردد عبارة " ان القانون سياخذ مجراه وان القتلة سوف يأخذون محاكمة عادلة وسينالون جزاءهم". ومع اني وبشدة مع تفعيل عقوبة الاعدام في العراق في هذه المرحلة باعتباره "غاية تبرر وسيلة الحد من قتل عشرات العراقيين مقابل جندي اميركي واحد" هذا اذا لم يكن قتل العراقيين في الغالب يستهدفهم ويستهدف وحدتهم وبلدهم اصلا. ان مشهد المقابلة هذه يعيد لي بالمقارنة صور صدام البائسة حينما كان يجلس ويتصرف بمظهر الطاغية، يعدم بيديه يمينا وشمالا، ويوزع الهبات من اموال العراق حيث لا يوجد فرق بين المال العام والخاص، وحيث القانون ورقة يكتبها بيده ويطبقها حيثما اقتضت مصلحته ويمزقها وقتما تعارضت مع نزواته واهوائه. مع مشهد الجعفري وتصرفه زادت قناعتي وتفاؤلي باننا في طريق قيام دولة القانون والعدالة الاجتماعية رغم موجات الارهاب الاسود التي تستهدف اعاقة هذا الهدف.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |