|
منظمة خلق الإيرانية خنجر مغروس بهدوء في خاصرة العراق.. احمد الخفاف
عجيب أمر هذه المنظمة.. تمسي نفسها "مجاهدين خلق" أي مجاهدي الشعب والشعب الإيراني والشعوب العربية متخوفون منها ولا يحتكون بها، بل هي في نظر الشعوب عموما والشعب العراقي خصوصا منظمة إرهابية خطيرة تتبنى خطابا نفاقيا مزدوجا في الأهداف والاتجاهات.. ومن أوجه خطورتها أنها متمرسة في اللعب على حبل التناقضات في المسرح السياسي ومغازلة الحكام المستبدين وذلك كي تتمكن من الاستمرار في لعب دورها المرسوم لها من قبل الذين يقومون باستغلال إمكانياتها وطاقاتها.. فهي على الرغم من كونها داخليا منظمة "حديدية" كتنظيم القاعدة الإرهابي إلا أنها أداة طيعة بيد الأنظمة الإقليمية والقوى الدولية ترضخ لأوامرها وتسير معها في توجهاتها تحت ذريعة المحاولة للحفاظ على ديمومة المنظمة وفقا لقانون الصراع من أجل البقاء.. لقد برز نجم منظمة خلق الإرهابية بعد أن أعلنت هذه المنظمة مرحلة الكفاح المسلح ضد الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني حيث قامت بأعمال عسكرية قتالية إرهابية ضد مصالح الشعب الإيراني ومؤسسات دولته الفتية.. كما قامت المنظمة بأعمال غدر جبانة ضد رجال الثورة الإسلامية منها تفجير مقر الحزب الجمهوري الإسلامي وكذلك المقر الرئاسي في العاصمة طهران وقد أودى الانفجاران إلى مقتل العشرات من قادة الثورة الذين كانوا قد خاضوا مقاومة عسكرية وسياسية حافلة ضد نظام الشاه الأمريكي عبر عقود من الزمن.. استمرت منظمة خلق الإرهابية في الحرب على الثورة الإيرانية المسكينة والتي كانت أول ما أقدمت علية غلق السفارة الإسرائيلية في طهران ومنحها إلى سفير فلسطين الأمر الذي أدى إلى الإضرار بالمصالح الأوربية في إيران والمنطقة حيث جذر الشعور المعادي للغرب والصهيونية لدى العرب والمسلمين.. وكانت فرنسا البلد الأوربي الأكثر انحيازا لمنظمة خلق فقامت بتبني خطط المنظمة واستقبلت قادتها في عاصمتها باريس واحتضنت زعمائها بعد أن فروا من إيران نتيجة ملاحقتهم من قبل الشعب ومؤسساته الثورية آنذاك.. لم يدم الأمر طويلا حتى شن صدام الحرب ضد إيران وبأوامر من الولايات المتحدة الأمريكية وبمباركة معظم الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا.. كان السيناريو المعد له هو إسقاط النظام الثوري الجديد في إيران عبر استخدام الآلة العسكرية العراقية والجيش العراقي الذي زوده المعسكرين الشرقي والغربي بأفتك الأسلحة وذلك لمنح صدام فوزا خاطفا وسريعا على الثورة الإيرانية التي أفقدت الولايات المتحدة الصواب بسبب زوال أكبر خادم مطيع لها في الشرق الأوسط. بعد اندلاع الحرب الصدامية ضد إيران دعيت منظمة خلق إلى التحشد والتجمع في العراق للمشاركة في القتال ضد بلادها واستخدام عناصرها المدربة جيدا كعملاء للاستخبارات الأوربية وللجيش الصدامي أثناء العمليات القتالية.. كان دور منظمة خلق كذلك هو العمل على حماية نظام المجرم صدام حسين من أي انتفاضة من الداخل قد تهدد نظامه وتطيح به.. وعلى ضوء هذه الاستراتيجية دخلت مجاميع من عناصر خلق في دورات استخباراتية نظمتها لها الاستخبارات العراقية ثم تم نشرها في معظم محافظات العراق وعلى الخصوص الشمالية لتمكن الكثير منهم التحدث بلغات محلية متعددة كالكردية والفارسية والتركية والعربية.. كما تم نشرهم أيضا في المدن الشيعية المقدسة لمراقبة تحركات الشارع الشيعي.. كما تم أيضا تجنيدهم في بعض الحوزات الدينية في كربلاء والنجف والكاظمية وذلك بغية الوصول إلى بعض المرجعيات الشيعية التي كانت تتعاطف مع الثورة الإسلامية في إيران أو تتعاطى مع أفكارها ومبادئها التي قلبت الثوابت ومعادلات المنطقة آنذاك رأسا على عقب. بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية غزا المجرم صدام هذه المرة دولة الكويت حيث أجهز عليها وما أن اضطر من الانسحاب منها تحت وطأة القوة العسكرية ذليلا خاسئا حتى اندلعت الانتفاضة الشعبانية المجيدة ضد النظام وسقطت أربعة عشر محافظة من محافظات العراق بيد أبناء الانتفاضة الأبطال، هنا استعان المجرم صدام مرة أخرى بعناصر منظمة خلق الإرهابية موقظا خلاياها النائمة ومطلقا يد عناصرها الآثمة وذلك في أكبر حملة دموية تقوم بها عناصر المنظمة ضد الشعب العراقي الذي انتفض على حاكمه الجائر محاولا الإطاحة به والتخلص منه. تدخلت منظمة خلق المجرمة بكل قواها في ساحة العراق المضطربة فأقدمت على عمليات تصفية سريعة لأبناء الانتفاضة كما حركت عددا من قواتها القتالية المدربة على قتال الشوارع إلى ضواحي بغداد وكذلك مدن كركوك وكربلاء والنجف بأوامر من المقبور قصي الذي كان يشرف شخصيا آنذاك على قوات خلق العسكرية وكان هو المسئول عن ملف خلق في العراق وكانت له اجتماعات دورية مع مسعود رجوي قائد المنظمة في بغداد. لقد استخدم المجرم صدام منظمة خلق كأداة للضغط على إيران للحصول على تنازلات من حكام طهران في مرحلة المفاوضات بعد انتهاء الحرب.. واستخدمها كذلك كعصا غليظة ضد الشعب العراقي المضطهد خلال انتفاضته المجيدة ففتكت المنظمة من خلال عناصرها الجبانة بخيرة شباب الوطن خدمة لأسيادهم البعثيين الذي لم يبخلوا عليهم بمعسكر هنا وهناك وشقق سكنية في مناطق مختلفة في بغداد مقابل خدماتهم التي يقدمونها لهم حيث شملت مع الأسف حتى الخدمات غير الشريفة وذلك من خلال تقديم المتطوعات الخَلقيات لمسؤولين كبار في نظام العفن الصدامي..!! بعد انهيار نظام الطاغية صدام في التاسع من نيسان 2003 أصيبت المنظمة بالذهول نتيجة سرعة تطورات الأحداث في ساحة الحرب في العراق، ولكنها سرعان ما تفهمت الوضع بعد أن اطمأنت إلى أن نظام البعث الحاكم زال ومعه رجاله وصدامه.. دخلت خلق كما عودتنا دوما بنفاقها السياسي والتي تعتبرها المنظمة مبدأ من مبادئها التي تقوم عليها دخلت مع قوات الاحتلال الأمريكية المنتصرة في مفاوضات من أجل الإبقاء على وجودها السياسي والعسكري في العراق تحت إشراف قوات الاحتلال الأمريكي طبعا... لقد أدرك الأمريكيون أن خلق كانت دوما عصا غليظة بيد هذا وذاك وبما أن الأمريكان لديهم أجندتهم الخاصة حيال إيران فقد قررت عدم حسبان منظمة خلق وهي الحليف الإستراتيجي السابق لنظام صدام الدموي منظمة إرهابية على الرغم من أن اسمها مندرج في قائمة المنظمات الإرهابية لدى وزارة الخارجية الأمريكية.. وعلى ضوء ذلك قرر الأمريكيون التفاهم مع خلق أو قل العكس، فسمحت لهم بالإبقاء على أسلحتهم الثقيلة في معسكراتهم على الأراضي العراقية وفي مقدمتها معسكر" أشرف" والذي يعد أكبرها بسبب تواجد غرفة العمليات ومرابطة القيادة السياسية والعسكرية فيها.. لقد أدرك الأمريكيون أن منظمة خلق لا تتمتع بأي شعبية في الشارع الإيراني بل هي منظمة مغضوب عليها من قبل الشعب وراس قيادتها مطلوب لدى النظام الإيراني وأدركت أيضا أن فرنسا كانت قد لعبت بورقة خلق لحل مشاكلها مع الثورة الإيرانية إبان انتصارها وبعد أن فرغت منها أسقطتها من حساباتها فاستلمها صدام وكان يخطط لها لتكون عونا له في حربه ضد إيران ولقمع أي حركة معارضة لنظامه.. لقد أدرك الأمريكيون كل ذلك ولذا تفاهموا معهم لأن الأجندة الأمريكية للمنطقة تستدعي دورا لمنظمة عسكرية مسلحة قادرة على إيصال الأذى بالنظام الإيراني والشارع الإيراني على حد سواء وذلك كمقدمة لزعزعة الاستقرار الداخلي في إيران وبث الفوضى في هذا البلد من خلال الإقدام على شن عمليات تفجيرية في المدن الإيرانية كما يحدث بالضبط هذه الأيام في العراق من أعمال تخريب وتفجير واسعة النطاق.. إن منظمة خلق التي باتت خنجرا مسموما مغروسا بهدوء في خاصرة العراق تعتبر من أخطر المنظمات الإرهابية على الساحة العراقية وذلك لخبرتها التجسسية والمعلوماتية والعملياتية القادرة على إلحاق الأذى بالشعب العراقي النازف أصلا بسكاكين الحقد السلفية والبعثية من كل جانب.. ومنظمة خلق والتي تسمى بحق منظمة "منافقي خلق" شأنها شأن التكفيريين العرب الذين استقبلهم الطاغية الملعون صدام حسين على أرض العراق قبل انهيار نظامه المسخ، هؤلاء أيضا استقبلتهم عشائر عراقية تنتمي لإخواننا من أهل السنة مع الأسف في محافظة ديالى حيث قدموا ومازالوا يقدمون كل أدوات الدعم لهؤلاء الإرهابيين والذي لم يعد دورهم المشبوه خافيا على أحد في العراق.. عناصر خلق الأراذل والذين ينافقون في خُلُقهم مازالوا يتمتعون بكل أسباب القوة في العراق ويستمدون كل وسائل الدعم من قوات الاحتلال الأمريكي وكذلك من عشائر محافظة ديالى الذين احتضنوهم واستضافوهم وأمدوهم بالدعم والحماية والمساندة كما كان عهدهم زمن صدام البائد.. وفي التاريخ السياسي يندر أن تَسلم أية ميليشيا عسكرية من استحقاقات الهزيمة ونتائجها الخطيرة المترتبة عليها ولكن منظمة خلق أثبتت أنها قادرة كالحرباء على التلون واللعب بجدارة على حبال التناقضات الاستراتيجية العميقة والإفلات من العقوبة وسوء العاقبة.. وقد يعود ذلك إلى بعض التكتيكات التي تستخدمها المنظمة في شرائها للذمم، فقد اشترت المنظمة دعم بعض من عشائر محافظة ديالى الذين يحتضنون أيضا السلفيين العرب التكفيريين من الوهابية وبفضل هذا الدهاء فقد احتضنت العشائر ذاتها ميليشيات خلق العسكرية والتي تنتمي عناصرها إلى المذهب الشيعي والتي تبدأ خطاباتها السياسية زورا بأقوال.. (قال المولى علي..) ويقصدون الإمام علي عليه السلام.. وفوق ذلك تفاهمت المنظمة مع الغزاة الأمريكان المحتلين أيضا وهم أعدائها وأعداء حلفائها حول البقاء في قواعدهم العسكرية بعد أن كانوا زمن صدام يصفونهم بالإمبرياليين ويعلون من شأن صدام ويصفونه بأنه العدو الأوحد للإمبريالية الأمريكية والاستعمار في العالم ويصفقون ويطبلون له!!... بعد كل هذا الخليط من التناقضات المشوهة( لبن، حليب، تمر هندي) والتفاهمات التي حصلت بين منافقي خلق والأطراف المتعارضة في العراق لا يسعنا الا أن ننتبه إلى خطورة تواجد هذه المنظمة على أرضنا ونحذر من دورها المقبل في زعزعة العراق داخليا وخارجيا.. إقليميا ودوليا.. وقد بدت بوادر خلافات بين أبناء الوطن الواحد تطفو على السطح هنا وهناك حول تواجد منظمة خلق الإرهابية.. ففي حين يرفض غالبية العراقيين كل أشكال التواجد للمنظمة على الأرض العراقية سواء كان بموجب أجندة أمريكية أو استضافة عشائرية، نرى فئة عراقية ضئيلة غير معروفة الأهداف والتوجهات في محافظة ديالى تبادر إلى تقديم الحماية اللازمة لهؤلاء الإرهابيين المتسترين وذلك مقابل ضخ الكثير من أموال أنصار المنظمة في أوربا إلى جيوب هؤلاء العشائر..!! إن منظمة خلق الإرهابية في حاجة دوما لحماية الغرباء والغزاة والأعداء لديمومتها.. فالآخرين يريدونهم لاستخدامهم في مشاريعهم ومخططاتهم المقبلة.. فالترويكا (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) استخدمت المنظمة في مفاوضاتها العسيرة مع الإيرانيين إبان انتصار الثورة، وبعدها استعملهم المجرم صدام في حربه الظالمة ضد إيران وما لبث أن استعملهم لقمع الشعب العراقي في الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991 في الشمال والوسط والجنوب.. بعدها جاء دور الأمريكان ليواطئوهم عدتهم فتتطابق المصالح الخَلقية الأمريكية فتنتج عنها صفقة بين نوعين من الضيوف غير المرغوبين على أرض الرافدين.. أحدهما خَلقي إيراني والآخر غازي أمريكي.. والعراقي صاحب الأرض لا حول له ولا قوة.. الصفقة كان مفادها.. (لا تضربونا ولا تجردونا من السلاح مقابل إطاعة أوامركم وتنفيذ مخططاتكم إزاء من تريدون.. أما الأمريكان فكان ردهم.. تمتعوا قليلا وسيكون لكم دور هام بعد حين.. فماذا سيكون هذا الدور يا ترى؟؟ الإجابة واضحة.. دور إيذائي مشبوه ضد العراقيين الذين لا ينصتون جيدا للأمريكان.. ودور عسكري عملياتي ضد إيران عندما تحين الفرص وتكتمل الطبخة ويحين قطف الثمار.. هذه هي منظمة منافقي خلق.. خنجر سام مغروس حتى المقبض في خاصرة العراق الذي يئن ولا أحد يكترث لأنينه.. فمن هو الشجاع الذي يقذف بملف هذه المنظمة الإرهابية بوجه الحكومة العراقية ووزارة الداخلية والدفاع والخارجية والاستخبارات لفتحها والوقوف على نتانتها.. ومن يستطيع الضغط على قادة العراق الجدد لطرح هذه المشكلة الآفة على بساط البحث في حكومة السيد الجعفري رئيس الوزراء ويقول بفم مليان للأمريكان.. سنُخرج خَلق من أرض العراق الطاهر أسوة بالسلفيين التكفيريين العرب ولا نريد المزيد من الميليشيات الأجنبية على أرضنا.. فأرضنا وخيراتنا مقصورة على العراقيين وحدهم دون غيرهم..
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |