|
هل الصحافة أمانة ..!
هادي فريد التكريتي 14 مايس 2005
كثيرة هي المواقع الصحفية الألكترونية المتاحة للكاتب أن يكتب عليها في آن واحد ، بعكس الصحافة الورقية المكتوبة ، فالكاتب عندما يرسل مادة ما للنشر على هذه المواقع ، يفترض في الموقع المعني أن يكون أمينا في نشر ما يصله كما هو ، إن كان منسجما مع أهدافه وما يرمي إليه ، والحق كل الحق للموقع أن لا ينشر الموضوع أو المساهمة التي تصله ، إن خالفت وجهة نظره ، أو رأى فيها موقفا يمس جهة ما ، هو حريص عليها أو على عدم الإساءة إليها ، فالأمانة الصحفية تقتضي النشر دون أي تحريف أو اجتزاء لمقطع من المقالة أو أكثر ، فربما يكون المحذوف هو بيت القصيد وما يرمي إليه الكاتب ، وفي هذه الحالة ، إجراء تعديل على المساهمة ، يتوجب الرجوع إلى الكاتب وأخذ رأيه في الموافقة أو عدمها على التحرير الذي يريد أن يجريه المحرر على الموضوع ، وهذا لا يستغرق سوى دقائق معدودة ، للموافقة أو عدمها ، وعلى النشر بالصيغة الجديدة .. ومسؤولية النشر تتضاعف على الموقع الملتزم والمعبر عن فكر ما ووجهة نظر مسؤولة ، حيث يكون أكثر احتراما للكاتب و رأيه فيما يكتب ، وبما أن المواقع التي يضع الكاتب عليها موضوعه كثيرة ، ومن الصعب جدا ملاحقة الموضوع للتأكد من نشره أو لا ناهيك عن قراءته ، في مثل هذه الحالة تبقى الأمانة الصحفية على ذمة محرر الموقع والثقة المتبادلة بين الموقع والكاتب ، وهي الوسيلة الوحيدة لتجسيد احترام مبادئ وقيم الصحافة الوطنية الملتزمة واحترامها لقيمها ، التي هي بنفس الوقت تحترم للكاتب ورأيه بما يكتب وعدم إجراء أي تغيير في الموضوع دون علمه ، إلا أن ما يؤسف له وجدت عن طريق الصدفة ، وربما بعد وقت ليس بالقصير من نشر مساهمات على بعض المواقع ، اكتشفت أن تحويرا وحذفا واجتزاء لأكثر من موضوع لي قد نشر على مواقع ملتزمة ، كما يفترض ، لأنها تعبر عن اتجاه سياسي وفكر ملتزم بقضايا شعب أو مجموعة عرقية ، ولم يكن الحذف أو اجتزاء بعضه ناتج عن ضرورة التحرير، أو إعادة لصياغة فقرة التبس فيها الفاعل عن المفعول ، أو ما شاكل ذلك ، بل كان الحذف مقصودا بالأساس للفقرة التي تعبر بوضوح عن الهدف والغاية من إعداد الموضوع ، وبعد الحذف اتضحت عبثية الفكرة بل أصبحت مؤيدة للإٌتجاه المغاير الذي يهدف اليه الموضوع ..ورغم الإحتجاج على هذا الفعل لم يتجاوب القائمون به على التصحيح أو رفع الموضوع عن الموقع الذي حرف وشوه ما نشره ، كان الأحرى به إهمال ما ورده لأنه لا ينسجم مع توجهاته ، وهذا من حقه ولأنه شرط من شروطه : عدم نشر أي موضوع دون إبداء السبب ، كما أن ملاحظة أخرى تشير: أن ما ينشر لا يعبر عن وجهة نظر الموقع ، وفي هذه الحالة الكاتب هو من يتحمل المسؤولية كاملة دون الموقع ... الغريب في الأمر أن بعض ما هو محذوف يعالج جزء من حالة إرهابية تمارسها فئة طائفية في الكثير من المدن العراقية ، كما عانى ويعاني منها أصحاب هذا الموقع بالذات ، فلم إذن التستر على فضح هؤلاء وغيرهم من المسيئين للشعب العراقي ، في الوقت الذي يدعي ـ أصحاب الموقع ـ فيه محاربتهم للإرهاب وللطائفية وللفساد..؟ فهل هو الخوف من هؤلاء بحجة عدم استفزازهم يجري هذا التجاوز على فكر الكاتب ورأيه ؟ وهل بهذا الأسلوب الذي يتستر على الجريمة وعدم تسمية مرتكبيها يتم القضاء عليها ؟ إن بناء العراق على أسس وطنية وديموقراطية ، لا يتم عن طريق إغماض العيون عن الواقع ، وترك الأمر للزمن لمعالجة جرائم وأخطاء المسيئين بحق الشعب العراقي ، فتغيير الواقع إلى واقع افضل يتم عن طريق الفضح والنقد الصريح والمجابهة كذلك ، ومكاشفة الشعب بما هو حاصل ويحصل من استخدام أساليب إرهابية وقمعية من قبل هذه المجموعات الإرهابية ، وتسميتها وتسمية الجهات التي تتستر عليها والداعمة لها والمستفيدة من جرائمها هذه ، ومن حق التاريخ علينا مراجعته والاحتكام إلى تجاربنا في السكوت والمهادنة للجرائم وللأخطاء المرتكبة في الماضي القريب والشاخصة أمامنا، لنر قوى من حزب البعث الفاشي وما ارتكبته من جرائم ، بحق الشعب العراقي عامة ، وبحق قوى سياسية وطنية وديموقراطية وشيوعية خاصة ، تساهلنا في ممارستها وتخاذلنا عن مواجهتها، نراها هي نفسها اليوم على ارض الواقع ، ولكن بأياد أخرى ومن منطلقات طائفية متعصبة مغرقة في ظلاميتها، فكرا وممارسة ، ونتائجها ستكون هي أسوء بما لا يقاس بكثير ، مما أفرزته الممارسات القومية ـ العنصرية ، وما نراه اليوم من معالجات للواقع ، هي نفسها المعالجات الخاطئة التي كانت تدعو إلى عدم المجابهة بحجة عدم الاستفزاز، واللجوء إلى القانون لمحاسبة المسيئين ، نعم اللجوء إلى القانون واجب ، ويجب أن يكون هو الطريق المفضية إلى نيل الحقوق ، كما أن القانون ، ليس فقط على شريحة دون أخرى الالتزام به ، بل على كل القوى والفئات ومهما كانت ، وفق المبدأ العادل ، القانون فوق الجميع ، وهنا يجب فضح القوى المنتهكة لحرمة القانون ، وتسميتها دون تعتيم أو ضبابية ، وكذلك فضح القوى المتسببة في عدم الوصول إلى القانون أو سيادته ، ولفضح هذه القوى ، هناك وسائل وأساليب كثيرة يمكن اتباعها واستخدامها ومن ضمنها الصحافة ، الوطنية والديموقراطية ، بكل أشكالها ، وهناك الكثير من المواطنين والكتاب يمارس هذا الدور من على مختلف المواقع الصحفية ، إلا أن الساحات المتاحة لهؤلاء بدأت تضيق بهم هذه المواقع وبمعالجاتهم الجادة ، تارة بالحذف وتشويه القصد ، وتارة أخرى بالدعوات للتخفيف من النقد وعدم الاستفزاز وترك الأمور للحكومة طالما أنها منتخبة من قبل الشعب ، وهذا كله يصب في خانة الاستسلام لما هو قائم ، سواء لأمر الإرهاب تحت أية ذريعة كانت ، وبغض النظر عن مواقع القائمين به ، أم لأمر الحكومة التي لم نر منها حتى الآن ما يطمئن أنها تسلك الطريق المؤدية إلى استتباب الأمن واستئصال بؤره ، ومحاولة ترسيخ مبادئ هلامية لديموقراطية جديدة مفصلة على مقاس الحكم الجديد ، وما بدر منها حتى الآن يعمق الشك بها وعدم احترامها لكل مكونات الشعب ، ومشاعرها وقيمها الوطنية التي تربت عليها أجيال كثيرة ، وفي هذه الفترة التي لم تباشر الحكومة بعد بشكل جدي معالجتها للواقع المأساوي الذي يعيش لحظاته المواطن العراقي ، تفتح الحكومة ملف الدستور الدائم وكتابته وسط كل هذا الخراب ، لخلط الأوراق وإيجاد حالة من عدم تركيز المواطن على المهم والأهم من أسس حياته القادمة ، وسط واقع إرهابي ليس لم يحسم بعد، بل يتزايد عدده وضحاياه ، وفي ظل أكثرية طائفية ـ قومية في المجلس المنتخب ، تمارس بعض مكوناته إرهابا فكريا في ممارساتها العملية لبعض المناطق ، ولا تجرؤ قوى تشكو من هذه الممارسات وتصاعدها عن فضح ما يجري ، لعدم توفر الحماية الفعلية من قبل السلطة للديموقراطية وأدواتها، التي هي رهينة بموالاة النهج الطائفي فقط ، وبعكسه النتيجة معروفة كما هو واقع فعلا ، التهجير والاغتيال وحرق المقرات وتفجيرها ، والثمن البديل ليس تكميم الأفواه فقط بل الاستسلام لفاشية جديدة سنلعنها حتما ، والعودة إلى ما كنا عليه وأشد قسوة من عهد لعناه .. ولكن السؤال الملح موجه للقوى الوطنية والديموقراطية والشيوعية : هل ستستسلمون لتجربة سبق لكم أن خضتموها من قبل ، الإجابة برسم تبديل النهج وترسيخ ثقة المواطن بغد أفضل ..؟!!
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |