|
هل سيكون العراق لبنان أخر د.باسم المظفر basim_amh @yahoomail.com أن التاريخ الطائفي للبنان ليس قصيرا فهو يمتد إلى ما يقارب القرنين من الزمن , عندما بدأت الدول الأوربية الاستعمارية في بداية القرن التاسع عشر التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للإمبراطورية العثمانية الضعيفة بحجة حماية الأقليات الغير مسلمة ثم أجبرت السلطنة العثمانية على سن قانون حماية(( الملل )) حيث أعطت فيه الحق القانوني للدول الأوربية في فرض حمايتها الرسمية على الأقليات , فتولت فرنسا حماية المارون الكاثوليك , وروسيا حماية الأرثوذكس , وبريطانيا للأقلية اليهودية, ثم تطور هذا القانون ليعطي بعض الأمتيازات لهذه (( الملل )) التي تطورت مع مرور الوقت لتصبح حقوق مكتسبة , تحددت من خلالها أطار هذه الأقليات. وبعد تشكيل دول الشرق الأوسط بعد الحرب ألعالميه ألأولى كانت هذه الطوائف شبه مستقلة قانونيا وجغرافيا, لترفض بعدها التنازل عن هذه الحقوق لمصلحة الدولة العليا , لتكون هذه الأمتيازات جزء من الدستور اللبناني وليتأكد هذا التقسيم الطائفي بعد أجيال من الصراعات السلمية والعسكرية وتداخلات الدول الخارجية في حماية هذه الطائفة أو تلك, خلالها كانت الحركة الثقافية والتشكيلات الحزبية تتمحور حول الطائفية حيث أن معظم أحزاب هذه الدولة هي أحزاب قبلية طائفية رغم الأسماء الرنانه لها. الصورة تختلف في العراق , فلم تشكل الطوائف الغير مسلمة نسبة كبيرة للمجتمع العراقي , وهذا قلل من تأثير قانون ((الملل () العثماني وتداخلات الدول الأوربية, بألاضافة إلى أن الدستور العراقي الأول ( والذي تبعة لاحقا) لم يدرج فيه أمتيازات خاصة لطائفة على حساب أخرى رغم الممارسات العملية للتميز القومي والطائفي للحكومات العراقية المتعاقبة والشيء المهم أن الحركة الثقافية والحزبية التي سادت خلال معظم تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها هي حركات وأحزاب ذات صفه جماعية . تكونت الأحزاب الدينية (السنية والشيعية) بشكل واضح في بداية الستينيات أي بعد ما يقارب نصف عمر الدولة ثبتت خلالها الأحزاب والثقافة العلمانية ألأسس الفكرية للوطن العراقي الموحد , وكانت فترة السبعينيات والثمانينيات للقرن الماضي هي فترة ثبات و ازدياد قوة الأحزاب الدينية بعد أحباطات وأنكسارات الأحزاب العلمانية وكنتيجة أيضا للطائفية السياسية للدولة .وأسلوبها القمعي المتوحش, أي أن الأحزاب الدينية لم تمتلك الوقت الكافي لنشر وتأكيد ثقافة طائفية محددة المعالم . أن نظام المحاصصه الموجود الآن في ألجهاز التنفيذي للدولة ( الوزارة ) هو إفراز طبيعي من انعدام الثقة الناتج من أخطاء الماضي(ضعف الأجهزة الدستورية السابقة المفترض أن تمنع وقوع انقلابات عسكرية أوصلت حكومات قبلية وعائلية إلى دفة الحكم ) , فالكل يبحث عن ظمانات , وهذه الظمانات سوف لن تكون كافية بمجرد كتابتها في الدستور دون وجود قوة عظمى خارجية تظمن هذا الدستور ( وهنا هي الولايات المتحدة الأمريكية ) حينها سيستمر نظام المحاصصه لحين أعادة زرع الثقة وتكوين فكر جديد للدولة العراقية مقبول من قبل الجميع , فكر يعطي أسبقية ألانتماء للأمة العراقية على الانتماءات الخارجية ( القومية ,الدينية, الأممية ) وبعدها ستتحول هذه الصراعات من صراع على المراكز السلطوية إلى الصراعات الاقتصادية ( والتي ليس لها دين أو طائفة )عندما يدخل الاقتصاد العراقي في دولاب اللبرالية الاقتصادية . أي من يملك المال سيكون له التأثير ألأقوى مهما كانت طائفته. شيء أخر مهم يضعف من ( اللبننة ) هو أن السلطة التشريعية ( الجمعية الوطنية ) لم تخضع إلى نظام المحاصصه ( كما هو في لبنان )بل إلى قانون انتخابي يشمل الجميع ., وهذه نقطة ايجابية قوية جدا ( تفرمل ) من ألاندفاعات ألتقسيميه . بالتأكيد سيكون النظام القادم في العراق مختلف كليا عن النظام القومي القبلي العائلي السابق ولكن بنفس الوقت لن تتوفر فيه أسس اللبننة كي يولد نظام طائفي ومحاصصي رسمية) حقوق لطوائف معينة مسجلة دستوريا , أحزاب طائفية وثقافة طائفية مقبولة شعبيا , ودعم دولي). بل سيكون نظام تتأكد فيه قيم ( الأمة العراقية ), التي بدأ في بنائها الملك فيصل ثم توقف بنائها بعد وفاته. وحاول الزعيم عبد الكريم تكملة بنائها ولكنه لم يمتلك الوقت الكافي لذالك .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |