|
حذر الكثير من الكتاب والصحفيين المهتمين بالشأن العراقي، وانا احدهم، من ان الأستحواذ على مراكز القرار في الحكومة الجديدة بيد الاحزاب الفائزة، ومنع قوى سياسية اساسية من المساهمة في صنعه وانما اقتصارها على المشاورة والتهميش العملي ، ممكن ان يوسع مسافة الخلاف بين الكثير من الأحزاب الوطنية واثارة حمى الطائفية الأمر الذي يدفع نحو بداية الصراعات الطائفية التي قد تقود البلد الى كوارث بشرية جديدة. فلأول مرة يوجة مملثي هيئة علماء المسلمين الأتهام المباشر للحكومة في رعايتها لأرهاب الدولة واتهام قوات شعبية عسكرية غير نظامية تابعة للأحزاب الفائزة بالمشاركة في الأعتقالات واستهداف علماء دين من ابناء الطائفة السنية. الأيام الأخيرة شهدت تصعيد خطير غير مسبوق في الوضع الأمني إذ ان الأغتيال والقتل بات يستهداف كبار رجالات الدولة من وزير ووكيل ومدير حتى اعضاء الجمعية الوطنية و رجال الدين من كلا الطائفتين، ناهيك عن المواطن العراقي الذي اصبح جوكر طايف يقتل من كل ممثلي الأحزاب والمنظمات الأرهابية والرافضة للعملية الديمقراطية في العراق. هذا الأضطراب الأمني والتصعيد الطائفي الخطير في الخطاب السياسي ماهو الا رسالة كانت قد وجهت في السابق لاصحاب القرار الحكومي واليوم يعاد ارسالها لكن بجمل وشفرات اكثر ساخنة وفاعلة في سبيل تنبيه الحكومة على انها تسير على رماد نار بركان هادئ ممكن ان تقذف حممه حجيم جديد. وهنا اسجل اول سابقة انتخابية فلأول مرة يشهد العالم تجربة ديمقراطية غريبة في مواصفاتها، فالمعروف ان كل الأحزاب السياسية في اوربا والعالم تستعد للحملة الأنتخابية وتحاول ان تكسب الناخب باغراءات ووعود بنفسجية تحقق الرفاهية للناخب والبلد. بينما في العراق ماهو مختلف تماما، فبعد كل حدث ديمقراطي يصعد وتيرة الموت لترتفع اعلى نسبهِ من القتلى والمخطوفين والمذبوحين من ابناء شعبهم في سبيل الرضوح لتحقيق مطاليب تلك الجهه او هذا الحزب. فالقوة الأنتخابية على مايبدو باتت تتحقق في العراق بنسبة ذبح وتفجير اكبر عدد من ابناء العراق الأبرياء وليس بقوة الناخب مستخدمين أرهاب الزرقاوي ملاذا لهم. هذا السينارينو الذي اصبح اخراجة باهت وغير مقبول لحد السخرية وكل محاولات اصحاب القرار والحكومة هو استمالة والضحك على عقول العراقيين، وكانهم يلعبون لعبة الأطفال الشهيرة، الحرامي والشرطي، فعلى سبيل المثال لا الحصر، باننا اقتربنا من الوصول الى الزرقاوي وهرب قبل دقائق من سيارتة واعتقال سائقه وكمبيوتره وعدد من مساعدية والطبيب المعالج وغيرها من الحماقات الأعلامية التي لاتعكس سوى ضحالة وضعف الخبر الاعلامي. وكان كل الذي يجري في العراق هو من فعل اسطورة اسمها الزرقاوي. ان بهذا الخبر الأعلامي يتوهمون انهم يبعدون عن ماهو اخطر من امبراطورية الزرقاوي، تلك القوى التي تحاول ان تنتقم من جسم الوطن والمواطن باسم ارهابي عربي وكذلك لابعاد الخطر حول المتهمين الوطنيين من ابناء جلدتنا. ان الزرقاوي لن يمسك وان مسك فهناك الكثير من الأسماء العراقية والعربية التي من الممكن ان يختبا بداخلها لنحر الوطن والديمقراطية. فلن ينتهي هذا المشهد المرعب الأ اذا حلت كل المشاكل السياسية والمناصب الحكومية العالقة في العراق .ان استهداف خيرة كوادر الدولة العسكرية والمدنية والتكنلوجيا لاياتي الأ من خلال معلومات استخبارية موثقة بمكان وزمان حركتهم ولايدخلون في حسابات الزرقاوي الهارب من العدالة. وهنا اسجل ايضا ثاني سابقة ارهابية غريبة في الحرب ضد الأرهاب. هذا الأرهاب الذي يفقد الكثير من مقوماته من خلال رفض الشعب العراقي للارهاب جملة وتفصيلا وكذلك الأحزاب الفائزة ملاحقة لنشاطة والأحزاب الخاسرة رافضة لنهجه الأرهابي اما الحكومة العراقية وقواتها والقوات المتعددة الجنسية البالغة عددهم مجتمعة حوالي 300000 تطارده والأدهى انه لايمتلك قواعد ثابتة وغريب عن اهل البلد وارضها ولايمتلك جذوز نضالية تاريخية في هذا البلد، كل هذه تفقده كل مقومات الأستمرار لكنه ينطلق ويتحرك من مدينة لاخرى ويفجر ويذبح ويغتال بقوة متحديا كل تلك الأرادات . اليس هذه موضوعة تثير الشك والأحتمالات ان هناك من هو اكبر من الزرقاوي ؟ فلاتوجد اي من المستلزمات التي تجعل استمراره مبرر في مفهوم القتال وحرب العصابات لكنه لايزال يصول ويجول في مدن العراق. ان شماعة الزرقاوي التي يعلق عليها كل قتل انواع جرائم البلد الجارية حاليا من قتل الأبرياء والاغتيال السياسي والعلمي وتريع المواطنين، انما هو منقذ حقيقي وفرصة ذهبية لكل القوى التي تريد ان تصفي حساباتها مع الشعب العراقي فقد اختلط الأرهاب بالمقاومة وقتل البرئي بالسياسي ودفن جرائم الحاضر والماضي في قبر واحد هو قبر الأرهاب الأجنبي الذي ستبقى حفرته مفتوحة لقبر كل ما يعترض ويخالف الديمقراطية الحديثة وابقاء حالة الهلع السياسي والشعبي مستمرة والقبر مفتوح ويتسع لكل من تطاوله نفسة التجاوز على الخطوط الحمراء. ان هذا التصعيد لايخدم الأ اعداء الديمقراطية والنفوس الضعيفة التي تحاول ان ترمي الوطن في شباك الطائفية البغيضة. فمن واجب الحكومة ان لاتنام نوم الذئاب وتصحى على اصوات الحراب وتعليق الأخطاء على الأرهاب . ان المجال امامها بات محدود الأحداثيات وقواعد اللعبة الديمقراطية اصبحت واضحة المعالم لذلك عليها ابداء حسن النية العملية تجاة كل الأحزاب الوطنية السياسية والدعوة لحوار شامل يضم الكل والتمثيل يكون وفق مبدء التوافق السياسي والتاريخ النضالي وليس القوة العددية. لان مايجري حاليا هو عبارة عن سجن الوطن وفق الشرعية الديمقراطية بقضبان الطائفية والقومية المقيتة. فأتفاق الأحزاب الفائزة في الحصول على اغلبية الحصص في لجنة صياغة الدستور واستبعاد الأحزاب الأساسية من اللجنة لايعكس الأ العطش الشبقي للمسؤلية والأستثار بالموقع والقرار وهذا يخالف كل القواعد الديمقراطية وفتاوي المرجعية. إذ ان دعوة المرجعية العليا اية الله علي السيستاني الى زيادة تمثيل الطائفة السنية النابعة من الحس الوطني لكنها لم تاخذ بنظر الأعتبار. فالأحزاب الفائزة تتعامل حتى مع فتاوي المرجعية العليا للسيد علي السيستاني حسب الطبخة التي تعدها، فان كانت الفتوى تخدمها في المرحلة الحالية، تستخدمها بحرارتها بل وتصعد من سخونتها مثلما فعلت في الأنتخابات، وان كانت الفتوى تتعارض مع طموحاتها الأنية، تضعها في الثلاجة لسحب فتيل حيوتها مثلما فعلت مع تمثيل احزاب السنة في الوزارات ولجنة صياغة الدستور. ان الحكومة الحالية باتت لاتسمع الأ صوتها ومتجاهلة كل الندءات التي توجه اليها من المرجعيات الشيعية والسنية والأحزاب السياسية وحتى القوات المتعددة الجنسية مما سيسبب لها الصمم في قبول الراي الأخر والفكر المناقض لها وبالتالي لن يشهد الجنين الديمقراطي ظروف صحية حقيقية لولادته الطبيعية مما يستوجب عملية قيصرية قد تشوة كل معالم وجه الديمقراطية مستقبلا. فلايجوز ان تشكل لجنة صياغة الدستور من 28 صوت لكتلة الأئتلاف بنسة 51% من اصوات اللجنة و 15 صوت للتحالف الكردستاني بنسبة 28% من الأصوات فيكون مجموع اصوات الاحزاب الفائزة 79% من اصوات اللجنة وتوزع 21 % البقية على بقية الأحزاب حسب المحبة وحسن التعامل معها والأدهى هو التهالك على رئاسة اللجنة بين الكتلتين. ان هذا الأستفراد لايعكس فعلية الممارسة الوطنية لمقدرات المرحلة الراهنة في انجاح التجربة الديمقراطية بقيادة جميع مكوناة الوطن الذي يقرر مصيرة جميع ابنائه . ان سماح الاحزاب الفائزة بمشاركة بقية الأحزاب والشخصيات الوطنية المشاركة في اللجان المنبثقة عن اللجنة الأساسية انما هي محاولة واضحة العيان لحصر القرار بيدهم ومنع تمرير افكار مناهضة لهم وهي محاولات معروفة الهدف يبغى من ورائها سجن الديمقراطية باسم الأستفتاء والأنتخابات لافكارهم واهدافهم المحدودة. كما ان الأستعانة بمستشارين قانونيين ومتخصصين اجانب يعكس نفس الغرض وهو السماح للكل في المشاركة وفي المناقشة لكن القرار على الأفكار والصياغة يبقى حكر على تلك اللجنة وهذه هي السطوة الديمقراطية الشرعية في مصادرة افكار واراء الأخرين ومن الممكن بعد الصياغة والاقرار تتم المصالحة اي بعد ان تؤمن كل ماهو مطلوب. ان محاولة الغاء الأخر في القرار ومغازلته في الخطاب السياسي الوطني هي اساليب مورست على مدى ثلاثة عقود في مدرسة دولة ولاية الفقيه المجارة التي دفعت بكل ثقلها لوصول ممثليها الى سدة الحكم والهيمنة على كل مؤسسات الدولة. انها نجحت في الغاء الأخر من الوصول الى مركز القرار لخصوصيتها القمعية لابناء بلدها لكن هذه السياسة لن ترى النور وسط عتمة المشهد السياسي العراقي و انقطاع التيار الكهربائي الذي سيقطع كل الأمدادات على حلفائها وسيضعف من قدرتها على رؤية نور الحرية الحقيقي الذي سيكتمل باكتمال كل الوان الطيف العراقي. نحن لن نستنسخ القديم البائد الذي يستحوذ على كل ملاكات الوطن والمواطن، فميزان القوى في العراق لايميل الى الطائفية الشمولية ولن يسمح العامل الدولي والأقليمي لبلورة مثل هذا النظام. ان الخاسر الأول والأخير هو المواطن العراقي الشيعي والسني والكردي والأشوري والتركماني والصابئ والأيزيدي والشبكي. فالسيارات والبهائم المفخخة لاتمتلك متفجرات ذكية تستطيع ان تميز ابناء العراق كل حسب طائفته ومرجعيته وملته وانما الموت لكل العراق الديمقراطي. ان من يراهن على ان ينقذ البلد بالسطوة والأستثار والغاء الأخر فهي محاولات ياسة اثبتت فشلها وستبقي دوامة العنف مستمرة ومقبرة الشعب العراقي مفتوحة مستفيد منها كل صناع تلك السيانريوهات لكن هذه المقبرة ستتسع للجميع وستسقبل ابطالا الأمس والغد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |