سعيد الوائلي : شاعر ينتمي إلى جيل الإنترنت

 

سعد السعدون – أمريكا

Saad_sadoon@hotmail.com

 

أفرزت آلية التداول المعلوماتي التي اتخذت من شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) وسيلة لها أفرزت الكثير من الحالات التي يندرج قسم كبير منها تحت خانة الايجابيات ولا يعدو القسم الآخر سوى ثمة سفسطات حوارية لا تغني ولا تسمن من جوع ترتكز إلى ما هو ( مشخصن ) وقد أتاح ذلك الفيض المعلوماتي فرصة واسعة للتعرف على ما يفرزه المشهد الثقافي من نتاجات وأسماء ورؤى من شأنها تحريك المياه الراكدة في ساحتنا الثقافية العراقية من خلال دوائر الجدل التي قد تثار إزاء ما يطرح . ومما لا شك فيه أن النشر بواسطة وسائل الاتصال الالكتروني اختزل الكثير من الجهود التي كانت موجودة سابقاً والمتمثلة في صعوبة النشر والسقف الزمني الذي يستغرقه للوصول إلى القارئ فضلاً عن تكاليف المطبوعات التي غالباً ما تكون باهضة وفي غمرة التعاطي مع وسائل الاتصال الحديث نستطيع القول أن هناك جيلاً شعرياً جديداً دخل المعترك الشعري مستفيداً من عوامل ومعطيات الثورة المعلوماتية الهائلة التي ولجت عالمنا     الكوني الذي نعيشه ومن تلك الأسماء التي أطلت علينا من نافذة ( الإنترنت ) الشاعر والمسرحي العراقي سعيد الوائلي الذي أماط اللثام أخيراً عن تجربته الشعرية حيث تتواجد قصائده في الكثير من المواقع الالكترونية وتمتاز تجربة هذا الشاعر بأنها تتخذ خطىً وئيدة في عملية البناء وتكوين الصورة الشعرية وغالباً ما تستهل قصيدته بجمل ذات إيقاع هادئ سرعان ما يتنامى وصولاً إلى إنتاج المعنى وهو بذلك كمن يروي قصته بإيجاز مستخدماً عنصر التكثيف والضغظ في أغلب قصائده وتكاد تكون مفرداته متأرجحة بين البحث عن شكل فني مبهرج وبين إمكانية الإنفتاح على التأويل وهنا نجد أن الشاعر له الحرية في رسم الشكل حسبما يرى بوصفه خالق الشكل كما إنه لا يوجد شكل واحد ثابت ونهائي للشعر فيه تستقر القصيدة وتسكن ، وإلا حكم بموتها . فالأشكال الشعرية تتجاور جمالياتها وتنفتح وتتجادل وتتحاور والمستقبل يعد دائماً بأشكال جديدة يخلقها الشعراء . ومن المعلوم أن هناك تقاليداً وأعرافاً شعرية والشاعر التقليدي هو الذي يتحرك في إطارها ، دون أن يخرق قوانينها ويهتك مقدمها ومن ثم يخلق ( أناه ) أعرافها وتقاليدها الجديدة التي تتصل بتراثها ولا تنفصل عنه ، لأنه لا جديد في الخلق الفني والأدبي وفي الإبداع عموماً دون القديم . وفي تجربة الوائلي الحديثة نسبياً جنوح أو توق للتحليق في فضاء القصيدة منطلقاً من الشعر بمعناه والأخير لا يعني بالضرورة نهاية القصيدة ومبتغى طموح الشاعر لانه أي الشكل يصبح عنصراً فقط إذا لم يخلق أفقه من اللغة والمعنى . والشكل تشكيل جمالي تكوٌنه ذات الشاعر وأي شكل جديد يتقادم إذا لم يكن صاحبه مهجوساً بالتجريب والمغامرة والتجديد والإضافة ، بل يصبح مكروراً ، معاداً إذا لم يسهم بإضافة له وللشعر . ومن هذه الأرضية نلاحظ أن مسيرة الشاعر الشعرية تسير على نحو متباطئ للخروج بوعاء شعري جديد يتماهى مع روح الحداثة وتحولاتها . أما الموضوعات التي ظل يتحرك خلالها الشاعر فتكاد لا تنفصل عن قضايا الساعة الساخنة التي تغٌلف واقعنا المعقد بتداعياته وإشكالياته وقد عبر عنه بحزن شفيف تارة ونشيدية مباشرة تارة أخرى . ومن خلال النظرة العامة لما يطرح على مستوى المشهد الشعري يمكننا أن نخلص برأي يقول بأن الحداثة الاجتماعية والسياسية المعاصرة هي ( متن ) لحظتنا الراهنة ويكاد يجزم الكثير من المهتمين والمتابعين للشأن الشعري العربي بأن قصيدة التفعيلة والنثر على السواء ستظل تحاكي إفرازات الحداثة وتلاوينها ولعل من أبرز ما يلاحظ فيما يقدمه جيل الإنترنت الشعري إذا جاز لنا التعبير ومنهم الوائلي هو الركون إلى قصيدة النثر فقط وإن هناك نوع من إنحسار ملحوظ في قصيدة التفعيلة التي تحوٌل الكثير من شعرائها إلى قصيدة النثر وقد يكون مرد ذلك خفوت قصة التفعيلة نفسها بسبب حالة الطلاق الحاصل بينها وبين الأجيال الجديدة من القراء والجماهير الذين راحوا يستقون ثقافتهم من مصادر أخرى كالفضائيات ، الفيديو ، الإنترنت وعلى الرغم من كل العوامل التي طرأت على الواقع الثقافي إلا أن الشعر العربي المعاصر بتياراته المختلفة لم يصل إلى حد التأزم كما يزعم البعض بل إنه بحاجة إلى إعادة تقيم ثقافية حقيقية للقدرات والمواهب الشعرية التي تدخل محترف الإنتاج الشعري لتتمكن من الحفاظ على ألق القصيدة الشعرية العربية عامة والقصيدة العراقية على وجه الخصوص وتلك مسألة مرهونة دائماً بشعرية الشاعر وحساسيته وثقافته

 

 

 

                                                                                  

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com