|
رسالة إلى موقع بنت الرافدين
علي القطبي
جائتني رسالة قبل يومين تقريباً من موقع عراقي تشرف عليه اخواتنا وامهاتنا وبناتنا النساء العراقيات, وكانت الرسالة تطلب مني المساهمة في هذا الموقع الجيد والمميز. وبتوقيع الأديبة الفاضلة علياء الأنصاري المشرفة او المسؤولة عن هذا الموقع المحترم، وعن منظمة نسائية تحمل نفس الإسم. إذن !! المرأة العراقية أخذت تشق طريقها شيئاً فشيئاً إلى كل ميادين العلم والثقافة والنور. بالأمس صارت المرأة العراقية وزيرة ونائبة ومشرعة، من خلال مساهمتها في كتابة الدستور, وعضو في كل مواقع الدولة من أعلى المواقع الى ادناها. واليوم المرأة العراقية تدير مواقعاً على الانترنيت.. مواقعاً سياسية وثقافية وعلمية وتقنية. المرأة العراقية التي عانت الاهوال، وفي ظل عقود عجاف من جور النظام الهمجي البائد. فضحت بالإبن والاخ والزوج والاب وهي ترى مذابح أهلها وفلذات أكبادها أمام عينيها. وعذبت وانتهكت كرامتها الانسانية التي حباها الله بها باعتبارها النصف الآخر للإنسانية، فهي الأم التي تضحي وتسهر الليالي لاجل ايجاد النشأ السليم، وتربيته التربية الصالحة. رجل من الصالحين كان يتمرغ بـيـن الفينة والاخرى تحت أقدام أمه ويشم التراب الذي تدوس عليه امه فسأل ماذا دهاك قال: إنها أمي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة تحت أقدام الامهات، وكلما اشتقت إلى الجنة شممت التراب الذي تدوس عليه أمي. عانت ولا زالت المرأة العراقية من تحديات هوجاء عديدة ، من تخلف قبلي ما زال يضرب بأطنابه في بعض نواحي المجتمع إن كان في العشيرة أو العائلة، أو حتى في المدينة. وبعد تحدي مقيت جائر قام به نظام دموي همجي لا يعلم أي معنى للفضيلة. ولكنها تخرج بعد كل امتحان شامخة مرفوعة الرأس. إطلعت على هذا الموقع ولاقرأ بعض ما فيه قبل أن أتفاءل كثيراً. فرأيت الموقع في حلته القشيبة الجميلة، وهو موقع يشتمل على الاخبار, وعلى باب خاص بالمقالات، وباب خاص بالبحوث، وباب خاص بالاستفتاءات. وهناك اهتمام بالصور المعبرة من الواقع المعاش داخل العراق. وتركيز وتفصيل مميز في البحوث المتعلقة بالمرأة، فلأول مرة أرى أن هناك اهتمام خاص بالمرأة الريفية، وباب خاص في البحث بشؤون الأدب للمرأة العراقية, وبأقلام النساء العراقيات. والعديد من الأبواب الاخرى المميزة والجديدة. إضافة إلى الأبواب المتعارف عليها في كثير من المواقع. وأعجبني كثيراً القلم الراقي، والفكر النير الواضح للسيدة علياء الأنصاري مديرة الموقع وهي تكتب مدافعة عن حق المرأة في ارتداء حجابها الشرعي، أو ما ترتأيه من زي، وباسلوب أدبي هادئ وجميل أنقل لكم بعضاً منه: (( جوهر الاختلاف في المنظومة الانسانية تكمن_ برايي- في النظرة الكونية للحياة، حيث لكل انسان نظرة معينة تجاه الحياة تتباين تبعا لما يحيط به من ظروف وملابسات تاريخية وجفرافية وسياسية وتقترن بمخزوناته الفكرية والعقائدية والبيئة وحتى الوراثية. وربما النظرة الكونية للحياة تتدخل حتى في طبيعة تناول الطعام او الاستلقاء للنوم وتحديد الهوايات. واعتقد ان جمالية الحياة تكمن في هذا الاختلاف والتبياين ) وتضيف السيدة علياء الأنصاري مبينة أن ثياب المرأة لم تكن عائقاً يوماً ما، بل على العكس هو نوع من أشكال الحرية التي تختاره المرأة بارادتها وعن قناعة واختيار.... تكتب الانصاري: (( ولم يكن النمط الذي ارتايته لجسدي عائقا يوما ما عن العلم او الفكر او الثقافة او العمل او التواجد في الشارع او الساحة العملية او العلمية او الاجتماعية او السياسية بل العكس كنت اشعر بهذا النمط المختار نوعا من الحرية التي تدعم حركتي وتعطيني حافزا للتقدم ورفض الخوف والدخول الى كل الميادين بجراة وشجاعة. هذه هي رؤيتي للحياة التي اسست عليها طبيعة اختياري للثوب الذي ارتديه واظن ان هذا من ابسط حقوقي. واظن ان من ابسط حقوق المراة العراقية ان تختار هي ما تريد من نوعية الثوب ونوعية العمل ونوعية الحياة الاجتماعية التي تريد او السياسية )) ... وفي مقطع آخر: ليس مهما عندي ان تكون المراة العراقية محجبة او لا، المهم عندي ان تكون المراة العراقية سعيدة وان تنهض من علياء القهر المكبوت سنين طويلة الى علياء العلم والرقي والمجد.)) وتسأل السيدة علياء المثقفين وأصحاب الأقلام، وأنا أتساءل معها: (( لماذا نوظف طاقتنا الفكرية وابداعاتنا القلمية وكل ما نملك من ثقافة وعلم واحاسيس بالهم العراقي نوظف كل ذلك بالتطاحن والتناحر بدل ان نوظف ذلك لنفكر كيف نرتقي بالمراة العراقية ونرفع من شانها وناخذ بيدها بعد ان تكالب عليها الداني والقاصي لابادتها. لنفكر ونعمل معا لاجل المراة العراقية فهي تستحق منا الكثير الكثير... علياء الأنصاري )) نعم تستحق المرأة العراقية الكثير ، فما زالت المرأة العراقية تعاني وتدفع الثمن من هذه الهجمات الفاشية السادية، بدون أن تجني أي جريمة ضد هذه العصابات التكفيرية والبعثية الفاشية. ما زال الإرهاب القادم إلينا من العصور السحيقة عصور الجهل والدم والتخلف البعيدة كل البعد عن الأخلاق الإسلامية النورانية التي تمثلت بنهج رسول الله ( ص) وآل بيت رسول الله (ص) من احترام الرسول لفاطمة الزهراء عليها السلام ، ومن بكاء الامام علي (ع) لبكاء يتيم جائع... تلك الصور المشرقة من النورانية والرحمانية انقلبت على أيدي المتطرفين الدمويين البرابرة وبالاً ودماراً وناراً تحرق الأخضر واليابس وأساءت إلى الاسلام أيما إساءة. وتمسكت المرأة العراقية بدينها ووطنيتها وشرفها وتقدمت تسحق على المتفجرات للمشاركة في كل الميادين الدينية والوطنية وآخرها ملحمة الإنتخابات. لن ننسى الشهيدة وجدان أو رجاء الخزاعي التي ترشحت للإنتخابات العراقية فاختطفها الأوباش وعذبوها حتى الموت، تلك التي قال عنها المفكر العربي الشريف شاكر النابلسي بأنها: * قديسة الديمقراطية *, أو قريب من هذا التعبير ( لا أدري بالضبط ). وفي كل فينة وأخرى نفجع بما نسمع من اعتداءات الوحوش التكفيريين وبما يجري من اعتداءات وانتهاكات فاضحة على أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا في العراق وباقي أبناء الشعب. النصر والمستقبل الزاهر لدعاة الحرية والمدافعين عن كرامة الانسان وحقوق المرأة، واللعنة والعار على أعداء الله والانسانية تلاحقهم أين ماحلوا.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |