محمود شريف بسيوني أستاذاً ومناصراً لحقوق الأنسان

زهير كاظم عبود

zouher_abbod@hotmail.com

 

حين تستعرض مامر بالأنسان من محنة في العراق على وجه التحديد،  تجد ان القلة من الأسماء العربية الشريفة  من وقفت بصراحة وجرأة تنتصر لحقه وتدافع عن الظلم الذي لحق بشعب العراق، قليل من اصحاب المراكز من يقف  بصف الشعوب والشرائح المظلومة منها بوجه خاص، فالكثرة تقف مع السلطات والسلاطين،  وحين تستعرض سطوة السلطة الصدامية التي تخطت  هيمنتها العراق و التي طوعت طاقات وعقول وأشترت ضمائر خارج اطار العراق، لكن بعض هذه العقول والضمائر  بقيت عصية على صدام لم تستطع ملايين الدولارات ولاقسائم النفط العراقي ولا اساليب الترغيب والبذل،  ولا نفعت معها طرق المخابرات وأساليب دوائر الرئاسة  في الالتفاف عليها، و ان تجعلها تتنكر لمبادئها في مناصرة حقوق الأنسان ولاأن تقبل الوقوف مع السلطة الطاغية  بأن تلوث ضميرها، ولا الأنحياز الى حق العراقيين بالحياة الحرة والكريمة  دون طغاة ودون دكتاتوريات.

محمود شريف بسيوني مواطناً عربياً مناصراً لحقوق الأنسان، ومؤيداً لحقه في رسم حياته بالشكل الذي يحقق أدميته ويترجم أنسانيته.

 محمود شريف بسيوني عربيا من مصر ولكنه يدخل في تفاصيل الحقائق العراقية، ويعرف خروقات السلطة البائدة مثلما يعرف تفاصيل وجع العراقيين عربا منهم كانوا أو اكراداً، محمود شريف بسيوني روحاً عراقية تتعلق بكل مجد العراق وماضي العراق وقيم العراق.

محمود شريف بسيوني رئيساً للمعهد الدولي  لحقوق الأنسان المؤسسة الفاعلة والمتفاعلة مع قضايا الحقوق والأنسان، وأستاذا للقانون بجامعة دي بول بشيكاغو، ورئيس الجمعية الدولية للقانون الجنائي، ورئيس المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية، واستاذ غير متفرغ بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.

وطاقة مثل محمود شريف بسيوني حق لنا ان نفتخر بها عرباً واكراداً وتركمان وآشوريين وكلدان، فقد وظف طاقاته الهائلة من اجل الأنسان أيا كان لونه وجنسه وعقيدته.

وكل هذه المراكز لم يستطع ان تتوصل لها سلطة  صدام بما امتلكت من سطوة وأقتدار مالي أن تجعل الدكتور بسيوني يتزحزح عن قناعاته الثابتة من  أن النظام الصدامي مخالف للمنطق ولواقع الحياة ولحقوق الأنسان ومدان ومتهم بجرائم ضد العراقيين والأنسانية،  ويجب ازاحته ليتمكن العراقي من الحياة بعز وكرامة وحرية.

في مؤتمر سيراكوزا – ايطاليا  المنعقد في المعهد الجنائي الدولي، والذي حضرته نخبة خيرة من القضاة والحقوقيين العراقيين المعارضين لسلطة الطاغية  قبل سقوط صدام في العام 2002، وقبيل اختتام المؤتمر عرضت علينا وثيقة اعمال المؤتمر وتوصياته، وعند وصولها لي لاحظت خلو البيان الختامي من توصية  الأقرار بحقق شعب كردستان العراق بالفيدرالية في العراق، وهي حق أقره برلمان كردستان بالأجماع في العام 1992،  فأعدت البيان الى الأستاذ الجليل وأشعرته أن مثل هذا الأمر لايمكن أن نتجاهله، فما كان منه الا ان طلب مني أن اضيف العبارة بخطي، وفعلاً كتبتها بخطي وصدرت الوثيقة وهي تحملها، دلالة على تفهمه حقوق شعب كردستان وفقاً لما أورده الأعلان العالمي لحقوق الأنسان.

المحاور الدولية التي يعمل بها هذا الرجل عديدة، فهو مقرراً للعديد من اللجان المتخصصة في حقوق الأنسان،  وخبيراً معتمداً في اللجان الدولية، وبالأضافة الى علميته الفذة واراءه السديدة، فانه متواضع الى درجة يشعرك بمكانته العلمية والأخلاقية الكبيرة التي اكتسبها من خلال تفانيه في أن يترجم اعتقاده وأفكاره الى واقع، وتقرأ افكاره الأنسانية من خلال أصداراته التي تعتبر مرجعاً من مراجع القانون الانساني الدولي.

كان من حسن حظي ان التقي بالبرفسور بسيوني مرة اخرى في واشنطن عشية سقوط صدام وانهيار سلطته بعد فراره المشين الى الحفرة، بعد مشاركتي في المؤتمر القانوني والقضائي الذي حضرته نخب من القضاة والحقوقيين المعارضين لسلطة صدام،  تداولنا عدة امور تخص الوضع العراقي بعد سقوط الطاغية  فوجدت الرجل متفهماً ومنسجما مع ما نتطلع اليه ونحلم به، وكان لفرط تواضعه يستجيب الى مايسمعه منا من اراء ويتحاور بموضوعية وعلمية تنم عن خبرة وعمق في الطرح.

محمود شريف بسيوني أسم جدير بالتقدير والأعتزاز، فقد قدم العديد من الدراسات والبحوث التي تنتصر لحقوق الأنسان، وكان مناصراً شديداً من اجل الوقوف الى جانب  حق الشعب العراقي وخياراته الأنسانية، وكان أيضاً صوتاً معارضاً لسلطة صدام، وشخص جميع المواقف المتعارضة مع حقوق الأنسان والتعذيب والقتل الجماعي والأنتهاكات الانسانية في الزمن الصدامي البغيض  بجرأة وصدقية كنا بحاجة ماسة اليها.

آن لنا أن نكرم هذا الطود القانوني والمرجع الكبير، وآن لنا أن نتذكر مواقفه الأنسانية ضد الطغاة، وآن لنا أن نعتز بهذا الأسم وهو يجاهد من اجل حقوق الأنسان.

وأذا كان لهذا الأسم القانوني الكبير حظوراً متميزاً وفاعلاً في المؤتمرات القانونية الدولية منها أو الأقليمية، فأن تشخيصه الصائب في ضرورة منح العراقيين فرصتهم في الحياة، وأن يتم احترام حقوق الأنسان، بالأضافة الى بصماته الواضحة في اللجان والدراسات التي تخص متابعة الانتهاكات المريرة للأنسان في كل مكان، بالأضافة الى تفاعله مع الجهود الدولية والتفاني من اجل جمع الأدلة وتوثيق المعلومات في الجرائم المرتكبة في البوسنة، يجعلنا نتقدم له بالتحية ونطالب مؤسساتنا القانونية والمختصة بحقوق الأنسان تكريمة والأحتفاء به.

والتجربة الجديرة بالأنتباه في مسيرة المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية التي يقودها الدكتور محمود شريف بسيوني، حققت تطوراً ملموساً ونشاطاً مثمراً من خلال الدراسات المتعلقة بتطوير العلوم الجنائية وحقوق الانسان، وأستمر نهجه المتميز في اعداد برامج تدريس حقوق الأنسان في المعاهد والكليات العربية، بالأضافة الى مساهمة جادة وفاعلة في وضع مشروع ميثاق حقوق الأنسان والشعب في الوطن العربي، ومحاولة ارساء مفاهيم تعميق حقوق الأنسان علماً وعملاً وممارسة تتم في أطار عالمي مشترك.

ومن منطلق ان حقوق الأنسان ليست مسألة ثانونية بحتة يختص بها رجال القانون، وأنما هي مسألة مدنية وحضارية، وهي بالتأكيد قضية عامة.

فاعلية وحضور محمود شريف بسيوني في كل هذا يؤكد مقدار الجهد والفاعلية التي يقدمها هذا الأسم لمجمل حقوق الانسان، ومن خلالها الى العراق، حيث كان نصيراً قانونياً عنيداً متمسكاً بحقوق الشعب العراقي، واقفاً في صفوف معارضي نظام القمع والموت في بغداد، مرشداً ودليلاً، فتحية لهذا الأسم الذي يشعرنا بالأمل، ويساهم في تأكيد رسم مستقبل حقوق الأنسان في كل مكان.

تحية لوفاء هذا الرجل الذي ترجم القانون الى مباديء، وقارع الأنظمة الدكتاتورية بالقوانين، وأصر على الوقوف بجانب المظلومين.

تحية لمحمود شريف بسيوني، أكاديمياً، ورجل قانون دولي، وأستاذا، واخاً، ومناصراً لشعب العراق في محنته بعد ان عزت الرجال، وتحية لمحمود شريف بسيوني وهو يؤكد حق شعب كوردستان في الوجود،  وأن له كل الحقوق التي أوردها الأعلان العالمي لحقوق الأنسان.

تحية للأنسان والأخ محمود شريف بسيوني.

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com