اقطعوا الطريق ..!
هادي فريد
التكريتي
hadifarid@maktob.com
منذ سقوط
النظام وحتى اللحظة الراهنة لم تتوقف الأجهزة الأمنية لدول
الجوار ، عربية أم أجنبية ، من إرسال جواسيسها وعملاءها إلى
العراق ، لأهداف مختلفة، وما حصل ويحصل في العراق من تهريب و
تخريب وقتل وتفجير، وممارسات أخرى معروفة للقاصي والداني ، ما
هي إلا نتيجة لنشاط هذه الأجهزة ، وقد ألقت الأجهزة الأمنية
القبض على الكثير من هؤلاء وهم متلبسين بالجرم المشهود ، أو
نتيجة لاعترافات شركاء لهم في الفعل والجريمة . القضاء هو
المخول في البراءة أو الإدانة ، ولا يمكن لأي كان ، لمن هو في
السلطة أو خارجها ، أن يتدخل في إجراءات القضاء ، قبل أن يقول
القضاء كلمته ، ومن هنا جاءت الحكمة لاستقلالية القضاء وفصله
عن باقي السلطات ، وعند توفر رغبة للحكومة في التدخل ، لسبب من
الأسباب ، لإطلاق سراح متهم قبل أن يصدر حكما عليه ، أومن سبق
وأن أصدرت المحاكم عليه حكما ما ، فلن يتم هذا الأمر دون تشريع
، من الجمعية الوطنية ، أو البرلمان . . . هذا في الدول
الديموقراطية والتي يحكمها القانون ، أما إذا كانت الحكومة من
النوع التي تعتبر المواطنين ، رعايا ، وهذا ما كان عليه نظام
الحكم البعثي الساقط ، ، فالأمر يختلف ، كما هو عندنا في الظرف
الراهن .. فعشية زيارة السيد كمال خرازي وزير خارجية إيران ،
أقدم وزير الداخلية العراقي السيد باقر صولاج على إطلاق سراح
414 متسللا من إيران إلى العراق ، وهؤلاء المتسللون تم التعتيم
على وقت وتاريخ إلقاء القبض عليهم وعلى أسباب تسللهم ، ولم
تعلن وزارة الداخلية إن كان قد أحيل هؤلاء المتهمون إلى القضاء
أم لا ؟
وأثناء الزيارة للعراق ومقابلة السيد خرازي للسيد الجعفري رئيس
الوزراء تم الإعلان عن إعفاء كافة السجناء الإيرانيين في
العراق وإطلاق سراحهم ، مهما كانت جرائمهم ، ويخلى سبيلهم فورا
.. ولم يوضح قرار رئيس الوزراء كم هو عدد هؤلاء السجناء ؟ وهل
أحكامهم قد صدرت قبل سقوط النظام أم بعده ؟ كما لم يشخص لنا
القرار إن كانت أحكامهم بسبب جرائم عادية ، أو ما ينطبق عليها
تسمية \" أمن الدولة \" .
لقد أثارت خطوة رئيس الوزراء هذه حفيظة القوى السياسية
العراقية ، حيث قالت أحزاب الملتقى الديموقراطي : \" إن هذا
الإجراء هو إهانة للشعب العراقي ، وطريق جديدة للمساومة على
حقوق الشعب ... \" كما أشارت جريدة الاتحاد الكوردستاني الى
تصريح مصدر مقرب من الرئيس الطلباني : \" ... برغم أن الجعفري
أشار إلى أن قراره هذا حصل على موافقة مجلس الرآسة ، إلا أن
الموافقة لم تتم ولم يعرض الأمر على الطلباني أو على نائبه ،
عادل عبد المهدي .. كما أن قرارات رئاسة مجلس الوزراء تستوجب
مصادقة مجلس الرآسة قبل تعميمها أو نشرها ، وأيضا موافقة
الجمعية الوطنية .. \" كما قد صرح السيد جواد المالكي عضو
الجمعية الوطنية ، في رد له على طلب أحالة بعض الوزراء من
الحكومة السابقة إلى القضاء \" .. لا يحق لأي أحد من الحكومة
أن يتدخل في قرارات القضاء في إيقاف أي دعوى ..\"
بعد كل ما تقدم يتضح للمواطن البسيط أن الحكومة لم يكن وارد في
منهجها التزام بأي نهج ديموقراطي ، وما ينساق على شفاه
المتحدثين باسمها ما هو إلا تضليل للشعب ، وحتى أعتى
الدكتاتوريات في العالم ، لم تكن قادرة على إطلاق سراح سجناء
وموقوفين بالجملة دون قانون يصدر من جهة تشريعية ودون مصادقة
رئيس الجمهورية على نفاذ هذا القانون، على الأقل من باب عدم
انتهاك الشرعية القانونية ، فهل السيد رئيس الوزراء يجهل هذا ،
والفصل بين السلطات أمر ما عاد خافيا حتى على طلاب المدارس
الابتدائية ! كما كان على السيد جواد المالكي أن يشير إلى
السيد الجعفري، رئيس حزبه ، قبل أن يدافع عن قرارات القضاء بحق
الوزراء السابقين ،أن أمر إطلاق سراح الإيرانيين و\" فورا\" لا
يجوز قبل أن يصدر تشريع قضائي ، وقبل أن تصادق عليه هيئة
الرآسة ... مصيبة العراق أن الضحية سرعان ما يلبس عباءة الجلاد
، ونحن بعد في بداية الطريق ، يتم التنكر لكل المبادئ التي
نتبجح بها ، الديموقراطية ، والشفافية ، وسيادة القانون ،
والفصل بين السلطات ..! وغيرها من مبادئ لا تسمن ولا تغني ،
وهي على الورق ، يكذبها التفعيل على الواقع ، فالكل يعلم أن
الزيارة التي تمت للسيد كمال خرازي وزير خارجية إيران
الإسلامية ، لم تأت من أجل أن يقول نحن نقف معكم في ضبط الحدود
أومكافحة المتسللين والمهربين ، فيوم 28 مايس 2005 أعلن قائد
شرطة حدود المنطقة الرابعة ، اللواء الركن علي حمادي في مؤتمره
الصحفي في البصرة :\".. البحرية الإيرانية تقدم بشكل مباشر
وعلني الدعم للمهربين ، من خلال توفير الحماية لهم عند
مطاردتهم من قبل القوات العراقية ..\" إذن إيران لم يكن وارد
في موقفها أن تنحاز للعراق ، ثم أن إيران حليف مباشر لسوريا
المتهمة بتقديم الدعم للإرهابيين من بعثيين وسلفيين ، إذن فما
سبب الزيارة غير إطلاق سراح متهمين أومحكومين بجرائم لها علاقة
بمساهمة مسؤولين كبار فيما يحصل في العراق ..وإلا اتركوا
القضاء والعدالة تأخذ مجراها ، كما كان عليكم أن تساوموا فيما
يخص مالنا من أسلحة ومهمات مودعة عندهم ، أو بالتنازل عن
مطالبات بديون حرب باطلة ليس للشعب العراقي رأي في وقوعها، وإن
كان أقرها مسبقا رئيس قائمتكم ! ، واقطعوا الطريق على من يؤشر
عليكم بأنكم توالون الطائفية الأجنبية وتتسترون على جرائمها
بحق الوطن .!