|
أنسـنة صـدام علي الشلاه كاتب واكاديمي عراقي ali_shalah@hotmail.com لست من القائلين اطلاقاً بنظرية المؤامرة التي تحرك كل شيء في أذهان معتنقيها ، ولكنني لست ساذجاً أيضاً لكي أقبل كل شيء بحسن نية فأنا اجمع مثل غيري من الناس بين قوله تعالى ( ان بعض الظن اثم ) وبين قول العرب سوء الظن من حسن الفطن ، وعلى وفق نظرية حسن الفطن هذه سأحاول قراءة تسريب الأجهزة الأمنية الامريكية لصور المتهم الموقوف قيد العدالة العراقية صدام حسين مجيد التكريتي، والتي تطرح المتهم صدام - وخلافاً لكل ماجرت عليه العادة في الاعلام الغربي كله واوله الاعلام الامريكي في العقدين الماضيين من شيطنة لهذا الدكتاتور البدائي المتخلف - تطرحه كأنسان ينام مثل كل البشر ، ويغسل ملابسه مثل كل البشر ، ويتعرى أمام نفسه ويمارس العادة السرية مثل بعض البشر. والذي يفهم العقلية الغربية يدرك ان هذا الأمر يحول صدام من صورته الاجرامية المعتادة والحقيقية الى صورة جديدة عليه وعلى المتلقي الغربي وهي صورة الانسان التي يراد منها مسح الصورة الاولى لمصلحة صورة ثانية مسكينة تثير تعاطفاً معه مؤداها ان هذا المجرم قد نال من العقاب مايكفي ولاضرورة لاعدامه فهو قد تجرع ماهو اشد من الاعدام والموت عبر التشهير به وانتهاك حقوقه ،وبهذه الصورة الجديدة المموهة يراد ان يقهر العراقيون على قبول فكرة عدم اعدام الطاغية الذي اعدم بلدهم وأفنى شعبهم وأباد مستقبل أطفالهم . ويبدو انني قد نسيت في حمأة التنظير ان اقول انني ضد عرض صور صدام بهذا الشكل فنحن لدينا اليوم ماهو اهم من صدام لنناقشه وندافع عنه وهو مستقبل العراق ومصيره في غمرة الارهاب الطائفي القادم من وراء الحدود متحالفاً مع طائفيي الداخل ودعاة الصدامية ، ولذ فان هذه الصور قد صرفت الأذهان عن جرائم الارهاب اليومية الى صور صدام ، وكانه قد كتب على العراقيين ان يعانوا من صدام التكريتي وزبانيته حاكماً وساقطاً . وعلى الرغم من انني شخصياً لست من المتحمسين لاحكام الاعدام، الا انني لا اريد ايضاً ان يفلت هذا المجرم واي مجرم آخر من القصاص العادل مراعاة لظروف سياسية او غيرها ، فهو لم يراع حيواة مئات الآلاف من البشرالأبرياء ولازالت صور الشهداء في عائلتي وانسبائي زاد امي اليومي في دموعها المتصلة ، مثلما كانت حكاياها عن زياراتها لأمن الحلة للسؤال عن ولديها وتلاعب السجانين وامرائهم بها ( القادمين صدفة من الفلوجة المقدسة حيث اضطر عمي لزيارتهم في منازلهم لدفع رشوة بسيطة مقدارها احد عشر الف دولار فقط ليطلقوا سراح أخوي ) كل هذا وكثير غيره يدفعني الى التمسك باعدامه حتى لايتوهم طاغية اخر انه قادر على فعل ذلك او مايشبهه ثم ينجو من العدالة لسبب ما او دونما سبب. أعود الى السادة الذين سربوا صور صدام بكامل قيافته الجنسية او وهو يمثل دور المؤمن متوهماً ان الله تعالى مثل السذج والمرتزقة من الأعراب يمكن ان يخدع بركعتين مرائيتين ليسامح مجرماً اهلك الحرث والنسل وقتل خيار الناس واشرافهم ، لكنه مثل كل مجرم يتمسك بالتوبة ناسياً ان هناك من الاجرام مالاتنفع معه توبة ، فهل سرق صدام مضطراً ليداري جوعه او قتل شخصاً خطأ في حادث سير لكي تقبل توبته ؟ والله تعالى يقول ( ومن قتل مسلماً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ) ويقول ايضاً ( ومن قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ) فكيف بمن قتل مئات الآلاف من الأنفس البريئة؟ انني احذر الحكومة العراقية وذوي الضحايا وسائر ابناء الشعب العراقي من خدعة انسنة صدام تفادياً لافلاته من عدالة السماء والأرض ، فهي ليست امراً فردياً بل قضية شعب وحرية وطن فكيف سنثق بعراق جديد لم يحترم شهداءه الذين مضوا قرابين لحريته ونترك صداماً التكريتي وغيره من الصدامات الصغيرة يمضون حيواتهم في سجون خمس نجوم ويتحينون الفرص للانقضاض على العراق وشطبه من خارطة الشعوب الديمقراطية الحية، وربما مهدوا لما هو اسوأ من ذلك ،واذن فلا بد من تيئيسهم، فاذا حصل لاسامح الله وقفز الى السلطة احد جلاديه فلن يتردد لحظة واحدة في اختصار سكان العراق الى اربعة ملايين فقط ، ومن هنا ندرك ان في موت صدام حياة للعراق وللعراقيين و لسائر الانسانية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |