|
هل يجب على (علي بابير) أن يقرأ القرآن على مسامع أزلام صدام، أم أن يقرأ الفاتحة على أرواح شهدائنا الأبرار؟ و السكوت علامة الرضا
فينوس فائق صحفية كوردية مستقلة مقيمة في هولندا
لم يكن غيابي هذه المرة إعتصاماً وهروب ولا تكاسل، وإنما كنت بحاجة لبعض الوقت لأتأمل ما يجري حولي، والأصح أن أقول ما يجري هناك، ونحن نشاهد، ولا حول ولا قوة لنا سوى المشاهدة والتعليق بين الحين والآخر، وبما أنه يقال السكوت علامة الرضا، فكان علي أن أعود ومعي قصيدة، عذراً أعود ومعي تعليق .. طارق عزيز الذي كان يسمى فيما مضى من الزمن الغابر بـ(بوسطجي صدام) لأنه لم يكن مخولاً ولم يكن مسموح له بأن يكون له رأي كنائب رئيس وزراء، يبدوا أنه تعلم اليوم كتابة الرسائل، حيث أنه وفي عدد من رسائله التي وجهها إلى الرأي العام العالمي يناشد فيها المجتمع الدولي لإنهاء معاناته يقول أنه بريء ومحتجز دون وجه حق وبصورة غير عادلة... أما وفي الغرفة المجاورة له جلس قبل شهور طه ياسين رمضان يعرض على الأمريكيين نصائحه وحلولاً للمأزق الأمني في العراق وخططاً لجدولة خروج القوات الأمريكية من العراق وذلك مقابل ترحيله إلى إحدى دول الخليج، وفتح حوار مباشر مع المتمردين في اطار صفقة شاملة.. وفي نفس الوقت وفي إحدى الزنزانات الأخرى وفي نفس البناية كان هناك سجين نزيل آخر هو الشخ (علي بابير) زعيم الحركة الإسلامية الكوردية الذي روى لصحيفة الكارديان كيف كان قريباً من سجن على حسن المجيد المشهور بعلي الكيمياوي وكيف أنه ''كمسلم ملتزم بتعاليم دينه السمحاء، شعر بضرورة مسامحة البعثيين على الرغم من كل المجازر التي ارتكبوها، لأنهم الآن في موقع ضعيف جدا''· وتابع انه كان يتلو القرآن الكريم على مسامع رفاق صدام، مؤكدا انهم ''يبدون بغاية الاحباط''، وليس من المستعبد أنه صلى لهم وطلب من الباري عز وجل أن يعفوا عن ذنوبهم وأن يدخلهم فسيح جناته بأيديهم الحمراء بدماء شهداء حلبجة وعمليات الأنفال وشهداء إنتفاضة الشيعة وشهداء العراق أجمعين وإن الله غفور رحيم.. و من جانب آخر فإن قاتل الكورد وحامل ذنب المئات من شهداء العراق سفيه السامرائي عذراً وفيق السامرائي مستشار الأمن القومي لسيادة رئيس الجمهورية، وفي سياق مقابلة له مع قناة الفيحاء الفضائية، يتحدث وبكل قوة ورفعة رأس وصلافة عن النسيج الوطني العراقي الذي كان هو أحد الذين كان كل همه تمزيق هذا النسيج ويقول: "ولكن ان نمارس دورا في مساعدة أبناء شعبنا على تعزيز الامن وفرض الاستقرار واشاعته على درء الفتنة الطائفية البغيضة التي يريد بعض المتحجرين احداثها.." كم هو جميل هذا الكلام حين يكون المرء فيما مضى بطلاً من أبطال البطش والقتل والمجازر الجماعية، ويضيف هذا البطل المغوار كيف أن المتحجرين يريدون ضرب الوحدة والتلاحم الوطني ويذكرفي سياق حديثه بعض الكلمات مثل:"التأريخ والتراث والقيم والدين..."، وهو يعد المجالات التي يضربها المتحجرون برأيه، ويزج بعبارات مثل "شرائح المجتمع المتجانسة" التي كانوا في الماضي القريب جداً يقطعونها إرباً إرباً، أما بصدد كيفية محاكمة الإرهابيين فإنه يدلي بنصائحه القيمة حيث يقول: "انا برأيي يجب تشكيل محاكم وطنية خاصة في مختلف المناطق على ان تكون هذه المحاكم شفافة، تتسم بشفافية وتكون عادلة وتكون علنية، وان تصدر احكاما من دون اعفاء بحق المجرمين، بحق هؤلاء القتلة، بحق من قتل الاطفال والنساء والشيوخ، بحق من اعتدى على حرمة الشعب العراقي، يجب ان تكون هنالك محاكم خاصة وفقا للقانون وليس وفقا للنظم الدكتاتورية."، وأنا أقول أن فاقد الشيء لا يعطيه، فليضحك بمثل تلك النصائح على من لا يعرفه، ولا أظن هناك عراقي غيور على شعبه وأرضه وشعبه لا يعرف السفيه السامرائي، فإن مثل تلك المحاكم التي يقترحها، لن تكون موجودة بوجود أمثالك يا وفيق، لأنك لا تعرف أساساً ماذا تعني تلك العبارة، لأن معلمك صدام لم يربيكم على مثل هذه القيم التي تتكلم عنها اليوم والتي إكتسبتها بقدرة قادر في ليلة وضحاها مع هبوب رياح الديمقراطية وإختلاط الأوراق السياسية في العراق بحيث سنحت لك فرصة تولي مثل ذلك المنصب، ثم أين كانت النسوة والأطفال والشيوخ من ضمائركم عندما كنتم تبيدونهم وتقتلونهم ليلاً نهاراً، وأين كانت كل تلك المفاهيم من قاموس الحكم الدكتاتوري الذي كنتم متنعمين في ظلاله الوارفة وغارقين خيراته.. إن من يقرأ هذه الأخبار التي لا تسر لا عدو ولا حبيب، يجب أن يسأل عن مستقبل العراق والشعب العراقي والكورد بوجه خاص في ظل كل تلك التخبطات السياسية التي تحدث حولنا، بداية بإهمال قضية محاكمة صدام حسين وأعوانه وإبقاءه بشكل معلق إلى أن يحصلون الواحد تلو الآخر على موافقة الأمريكان لترحيلهم إلى دول الخليج لينعموا بالراحة بعد دعوات علي بابير لهم بأن يغفر الله ذنوبهم.. وأنا الآن أسأل بابير ترى كم مرة تذكر أن يقرأ آية الكورسي وأن يتلوا الفاتحة على أرواح شهداء حلبجة والأنفال، قبل أن يتلوا آياته على آذان القتلة ويدعوا لهم بالمسامحة؟؟ .. مازلت أصدق تلك المقولة أن شبيه الشيء ينجذب إليه، وإلا فكيف يطلب بابير العفو عن هؤلاء المجرمين ويدعوا لهم بالرأفة وهم مجرمون ويستحقون المحاكمة والقصاص العادل.. فلا أستبعد أنه قد رفع يده إلى السماء ليسكن الله هؤلاء المجرمين نعيم جناته، ولا أستبعد ايضاً أن يترأس لجنة وساطة للمطالبة بالإفراج عنهم ونقلهم معززين مكرمين إلى دول الخليج.. مثلما كان السفيه السامرائي وحتى الأمس القريب يتفنن مع أعوان صدام في قتل الأرواح البرئية وكانت تسليته معهم فتك الأعراض وقتل الشباب، فإنه اليوم يتحدث من موقعه الذي يليق به كمستشار الأمني القومي لسيادة رئيس الجمهورية ويعطي نصائحة عن كيفية الحفاظ على الأمن القومي ويلقي محاضراته القيمة عن الوطنية وكيفية القضاء على الإرهاب والإرهابيين وفقاً للخبرة الغنية التي يمتلكها في مجال قمع الحركات والقضاء على الأرواح وقتل الناس.. ومما يدعوا إلى السخرية ايضاً تلك الرسائل الغرامية التي يوجهها طارق عزيز إلى الرأي العام العالمي وذلك الغزل الشفاف الذي يداعب به جوارح المجتمع الدولي ويستعطفهم لكي يساعدوه على إنهاء معاناته، لكن يجب أن نسأل الآن عن معانات الشعب العراقي والكوردي بشكل خاص وبكم كان كيلو تلك المعانات عندما كانوا يملكون السلطة والقوة أم أن الذل ينسي البشر معاناة وأهوال غيرهم، خصوصاً تلك المعاناة التي كانوا هم السبب فيها، وأين كانت تلك النصائح والمشورات والمحادثات الشفافة التي يخاطب بها طه ياسين الوفد الأمريكي وأين كانت تلك النصائح الملائكية للقضاء على المأزق الأمني في الماضي القريب الذي كان معلمه وهم وأعوانه الآخرون السبب فيه؟؟ لماذا لم يتجرأ أكبرهم على مطالبة المجتمع الدولي لإنهاء معاناة ذلك الشعب المسكين من بطش النظام المستبد، أم الرياح آنئذ كانت تجري بما تشتهيه سفنهم؟؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |