|
الشركات الأمنية الخاصة وانفلات الأمن في العراق ( أسباب ومعالجات لحماية الدم العراقي)
محمد الموسوي / باحث قانوني
شهد العراق بعد سقوط الصنم البعثي واقعا داخليا وخارجيا معقدا أدى إلى انفلات أمني ملموس الأمر الذي استدعى الاستعانة بالشركات الأمنية الخاصة واغلبها أجنبية من خارج العراق، وقد افرط البعض من أصحاب المصالح الكبيرة فضلا عن السياسيين في استخدام هذه الشركات، وان كان الأمر يبدو مبررا للوهلة الأولى إلا أن نظرة متفحصة للواقع تشير إلى خلاف ذلك إلى درجة ليست بالقليلة فالكثير من مستخدمي هذه الشركات لم يصلوا إلى تحقيق الأمن الذاتي لانفسهم إضافة إلى مصالحهم إضافة إلى أن هذه الشركات أفرزت مشاكل أخرى لم تكن موجودة سابقا وهذا الواقع له أسباب عديدة منها إن فلسفة الأمن التي جاءت بها هذه الأجهزة تنبع من آليات المجتمعات التي عاشت وتدربت بها وهي بالتأكيد مختلفة عن مظاهر فلسفة المجتمع العراقي مما خلق عدم انسجام في الأداء بينها وبين الأهداف التي تتعامل معها والتي من بينها المواطن العراقي - لا بل وحتى الاسلاموي القادم من الخارج – مما خلق منطقة فراغ أمني وهي خطيرة على آليات المعالجة الأمنية بصورة علمية لأننا نعرف أن تطبيق الخطة الأمنية له محورين الأول يتعلق بالآليات العلمية والأخرى التعاون المجتمعي للأفراد وهو المحور المفقود إلى حد كبير الآن في عمل تلك الشركات وهو الأمر الذي خلق مشكلة أخرى تعد السبب الثاني من الأسباب التي نعالجها في هذا البحث ألا وهي مشكلة رد الفعل الأمني والعملي من قبل هذه الشركات ضد السلبية المجتمعية التي قابلها بها الأفراد وهو ما استوجب تعاملا ليس علميا بل وفي بعض الأحيان ليس أخلاقيا من الطرفين(الشركات الأمنية والأفراد ) وطبعا كانت الضحية الآليات الأمنية أمن المستخدم بشكل خاص أمن المجتمع عموما ويمكن أن يتطور هذا الأمر- سوء العلاقة بين الجانبين- إلى حد استحداث آليات ضد أحدهما على الآخر وهو خطر أمنى لم يكن موجودا قبل ذلك ويعدّ من الأخطار التي فرّختها هذه الشركات، والسبب الثالث المرتبط أيضا بالسبب الأول هو عدم نجاعة آليات المعالجة الأمنية لأنها مصممة خارج طبيعة المجتمع العراقي مما يخلق منطقة فراغ بين النظرية والتطبيق يؤثر على مدى إمكانية تحقيق الأهداف الأمنية وقد لا يشعر المستخدم الأمني بهذا للغربنة التي عاشها مع نفسه إذا كان من عراقيي الخارج أو أجنبيا أصلا وهو أمر لا يفهمه بالطبع منظرّو هذه الشركات ابتداء وبهذا تصبح آليات المعالجة عبئا على جميع الأطراف والسبب الرابع نفسي اجتماعي متعلق بطبيعة الإنسان العراقي في ظل الظروف التي يعيشها حاليا فصحيح أن العراقيين ليسوا من النازيين الجدد ولا حتى القدماء لكن وبفعل التهميش الوطني الذي مارسه الطاغية الحجري عليهم تكوّنت لديهم عقدة الأجنبي صاحب الامتيازات في بلدهم مع الحرمان الذي يستشري بداخلهم مما خلق واقعا نفسيا واجتماعيا متوترا بين الجهتين ويؤدي حتما إلى جمود في طبيعة التعاطي الإيجابي بينهما وهو حتما يؤثر بشكل كبير على انسيابية المعالجات الأمنية إن لم يكن عاملا حتميا في فشلها وهذا ما يقود إلى السبب الرابع فهذه الصعوبات تؤدي إلى عرقلة عمل الشركات وتزيد نسبة الخطورة عليها مما استدعاها إلى زيادة أجورها حتى أصبحت خيالية في بعض الأحيان وهو الأمر الذي خلق مشكلة كبيرة مرتبطة بما سبق فاصبح المواطن ينظر إلى رواتب أفراد هذه الشركات العالية ويقارنها بوضعه المتردي فتثير في نفسه كل عقد الماضي ويشعر بالغبن المنشئ لعقدة الحرمان المؤدية للكراهية إضافة إلى ما يحدثه هذا السبب من خسارة مالية كبيرة للبلاد وهو في حاجة ماسة لكل درهم يصرف الآن فتصوروا الضغط النفسي الذي يعيشه المواطن العراقي وهو ينظر إلى موارده الضائعة فهو يسمع إن(8 2)مليار دولار سرقت في زمن الطاغية و( 21) مليار دولار سرقت بعد سقوطه و( 750) دولار الأجر اليومي لفرد واحد من الشركات الأمنية والعراقي بلا ماء ولا كهرباء ولا مجاري ولا سكن ولا زواج ولا عمل ولا استقلال ولا ..ولا.. والقائمة تطول من اللاءات البغيضة وطبعا كل هذا مع توفر المفخخات والعنصرية والطائفية والمحاصصات والقتال على المناصب بين السياسيين والشعور بالمظلومية التاريخية وغموض المشروع الأمريكي وغموض الاجندات السياسية وضعف الإعلام العراقي ( وسفالة الإعلام العربي والأجنبي) وست وعشرون جلسة للجمعية الوطنية يقاتل أعضائها على المخصصات والحماية الشخصية وغلق الطرق ورداءة البطاقة التموينية والفساد الإداري والعجز القضائي لمحاكمة صدام وأعوانه وعدم إصدار أحكام الإعدام بحق الإرهابيين وتهجير وتصفية الشيعة وضرب رموزها الوطنية والسكوت على تلعفر وغيرها وضياع دم السيد محمد باقر الحكيم وعز الدين سليم واستمرار خطب مساجد التحريض والإرهاب وعدم الالتفات إلى خبرات العراقيين في الخارج وضمان حقوقهم واعادتهم إلى داخل البلاد لبنائها وعدم رؤية أية آلية من آليات الاعمار لا في المدن الهادئة ولا غيرها... وغير ذلك كثير، فأيّ أمن تريدون وأيّ استقرار تنشدون؟ . وعلى سبيل المعالجة الجزئية بصدد موضوع البحث أ قترح استبدال الشركات الأمنية الأجنبية بأفراد عراقيين من خلال التنسيق سواء مع شيوخ العشائر أو مع الأفراد أنفسهم أهل مكة أدرى بشعابها وشرفاء العراق كثيرون دون أن تنسوا الامتيازات التي تعطى لهولاء والتي يجب أن لاتقل بأي حال عن ما يعطى لللاجانب لو وصلت لابن عمها و..... اللهم هل بلّغت اللهم فاشهد. دون أن ننسى ملاحظة هامة جدا وهي أن بعض أفراد الشركات الأجنبية الأمنية يعملون بالجاسوسية ومرتبطون بمافيات عالمية ولديهم ازدواجية الولاء لمن يدفع اكثر.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |