هل سينتهي فكر البعث بتغيير العلم؟ و هل يجب صياغة الدستور الدائم في ظلال ذلك العلم؟

 

فينوس فائق

صحفية كوردية مستقلة مقيمة في هولندا

venusfaiq@yahoo.co.uk

 

 كتب محمد حسن الموسوي و ساهر عريبي و غيرهم كثيرون عن العلم العراقي و كيف أن الذل كل الذل لحق بكافة أطياف العراق في ظل هذا العلم المشؤوم ، و هذا ما أتفق فيه معهم بدون شك و يتفق أيضاً عليه كل العراقيين ، فبدل أن يكون هذا العلم رمز سيادة البلد و رفعة شأن مواطنيه بين أمم الدنيا ، و بدلاً من أن يختزل كل معاني إحترام الإنسان في ظلاله و يعطي معاني شموخ و عزة و كرامة شعب بأكمله ، إلا أنه كان و على مدى أربعين عاماً عنواناً للذل و إهدار الكرامات و هتك الأعراض و قتل و أعدام خيرة أبناء البلد تحت ظلاله و أحرقت بإسمه 4500 قرية كوردية و أنفلت تحت رايته 182 ألف كوردي و أستشهد تحته أكثر من 5000 كوردي بالغاز السام ، نعم إنه عنوان الذل و القهر و الخزي و العار و كل معاني الإنكسار و الكثير من العراقيين يخجلون من وجوده وهو يرفرف حتى الآن على دوائر و مؤسسات الدولة ، و كان الأحرى بالبرلمان العراقي ان يرفض رفعه منذ أول جلسة عقدها ، كنت أتمنى أن لا أرى هذا العلم المشؤوم خلف سيادة رئيس الجمهورية و هو يقسم اليمين حينما تم إختياره لرئاسة أول جمهورية عراقية بعد سقوط صدام الدموي ..

لكن هنا لابد لي أن أسأل و هل أن كل مشاكل العراقيين و أزماتهم السياسية و العرقية و الطائفية و الدينية و الفكرية تختصر في العلم و تغيير العلم؟ هل أن تغيير العلم وحده كفيل بتنظيف الدماء البعثية في عروق بقايا السلفبعثيين الذين مازلوا يعيثون في البلد فساداً؟ هل أن إزالة و تغيير العلم كفيل بتنظيف مؤسسات الدولة و وزاراتها و تشكيلتها الحكومية الجديدة وصولاً إلى المناصب الحساسة التي يتولاها بقايا حملة فكر البعث و كل الذين مازالت أيديهم حمراء بدماء الكورد و كافة العراقيين من كافة الأطياف و على رأسهم السفيه وفيق السامرائي مخرب عفواً مستشار الأمن القومي لرئيس الجمهورية؟ هل هو كفيل بأخذ الخطوات الأولى الجدية نحو بناء مجتمع مدني قائم على أسس من الحرية و إحترام الإنسان؟

إن تغيير العلم أمره بسيط إذا ما تم تنظيف العقول كلها من السموم و الأحقاد و الضغائن التي زرعها في عقول شعب بأكمله و ترك وراءه خراباً أخلاقياً و فساداً إنسانياً بين صفوف أتباعه ليكملوا المشوار من بعده بأداء رسالتهم التي تتمثل في نشر تعاليم الإرهاب و أساليب التفجير و الذبح اليومي ..

إن تغيير العلم جزء صغير من عملية جراحية كبيرة لابد أن يتم إجراءها في جسد العراق ككل ، تلك العملية التي لن تحققها إلا تثبيت دعائم الديمقراطية و زرع بذورها في العقول من خلال تنظيف كافة مرافق و مؤسسات الدولة من فكر البعث الفاشي ، فما فائدة تغيير العلم إن كان هناك رموز و أزلام مازالوا يتحسرون على أيام صدام العفلقي و يتباكون عليه و يعملون جهدهم لتخريب البلد و تحويله إلى مشروع إرهابي كبير قابل للإنفجار داخل كل بيت و كل زقاق ، بلد صار قنبلة موقوتة في كل سيارة مجهولة مركونة على رأس الشوارع الرئيسية في كل مدن العراق..

هل تغيير العلم العراقي كفيل بإعادة الأمان إلى البيوت قبل تحقيق الأمن بشكل حقيقي و و إقامة نظام سياسي ديمقراطي قائم على أسس من التسامح و التعايش بين كل الأطياف دون الخوف من ضغائن الماضي و شبح الإرهاب ، و هل هو كفيل بقلع جذور الإرهاب من الأعماق و زرع بذور الديمقراطية مكانها ، هل يجب تغيير العلم قبل تطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدولة المؤقت أم بعده؟ هل يجب تغيير العلم قبل تطبيع الأوضاع في كركوك و إعادة المهجرين إليها أم بعده؟ و هل أساساً يجب تغيير العلم قبل صياغة الدستور الدائم للبلاد أو سيتم صياغة الدستور الدائم في عهد الديمقراطيات في ظلال ذلك العلم المشؤوم من جديد ؟؟ إن كان تغيير العلم يسبق صياغة الدستور فأهلاً به ، أما إذا كان الدستور ستتم صياغته في ظل ذلك العلم القذر فلنقرأ من الآن الفاتحة على الديمقراطية و الفيدرالية التي ذبح شعب بأكمله من أجلهما في ظلال ذلك العلم، بل لنقرأ الفاتحة على الدستور الدائم للبلاد..

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com