معارضة الفيدرالية  بحجة وحدة العراق.... مفخخة سياسية قادمة

(شكل الدولة وشكل النظام السياسي ومصالح الشعوب)

 

محمد الموسوي / باحث قانوني

almosawy1967@yahoo.com

 

يكثر الحديث في العراق حول الفيدرالية من قبل المتخصصين وغيرهم ، وقد يستغل هذا الموضوع لأغراض سياسية وشخصية بفعل نقص الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة الدستورية وأتوقع أن يكون موضوع الفيدرالية في العراق هو المفخخة السياسية القادمة ، فستكون الفيدرالية –كما سيدّعون- عامل لتجزئة العراق وسيتباكون على وحدة العراق أرضا وشعبا(وطبعا إعلام الجزيرة ومحلّليها جاهزا لذلك ويعدّ العدّة من الآن)وسيقولون أنها مطلب أمريكي أو كردي في احسن الأحوال وسيخلطون ،كعادتهم، كل الأوراق فسيعتبرون الفيدرالية شكلا لنظام الحكم السياسي ومظهرا للطائفية والعنصرية وسيخلصون إلى أن الفيدرالية حرام وان المنادين بها من أهل النار وضد العروبة والإسلام وان كل الشرف والوطنية ووحدة العراق وأرضه وشعبه الواحد على مرّالعصور يقتضي رفض الفيدرالية الكافرة.. وحتى نصل إلى تفكيك هذه المفخخة ونتخلص من شرور هولاء الافاقين الطائفيين والقومجيين والاسلامويين والمستبدين يجب على جميع القوى الحيّة في البلاد أن تأخذ دورها في العمل وتثقيف المواطنين حول هذا الموضوع وعدم تجاوز القواعد الشعبية كما يفعل السياسيون عادة ، وكمحاولة منّا على هذا الطريق ، نقول:

أولا:  إن الفيدرالية تعني الاتحاد وليس التقسيم فهي أسلوب يعتمد توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعدم تركيزها في جهة واحدة لمنع الاستبداد والتخلص من أخطاء المركزية الخطيرة في التحكم وعدم إفساح المجال للجميع وكبت الطاقات المحلية ومنعها عن الإبداع والعمل إضافة إلى أنها-الفيدرالية- تؤدي إلى إيصال الخدمات للجمهور بأسرع وقت ممكن وبأفضل الوسائل لان أهل مكة أدرى بشعابها – كما يقولون- بفضل إن القائمين على الحكومة المحلية هم أهل الدار يفهمون حاجاتها وطبيعة سكانها وهمومهم لا كالمتربعين على عرش السلطة في العاصمة يقررون كما يشاءون في ظل النظام المركزي.

ثانيا: هناك فرق كبير بين الفيدرالية وشكل نظام الحكم في البلاد، فالفيدرالية شكل من أشكال الدولة وطريقة من طرق تنظيم العمل فيها فهناك الدولة البسيطة وهناك الدولة الفيدرالية وهناك الدولة الكونفدرالية وتختار الشعوب شكل هذه الدولة بحسب طبيعة كل شعب وخصوصياته فما قد ينجح عند أحد لا ينجح عند الآخر، وقد جرت العادة على أن تختار الشعوب التي تتميز بالتنوع العرقي أو الديني أو المذهبي شكل الدولة الفيدرالية أو الكونفدرالية طريقة لتنظيم دولها، وتتميز الدولة الفيدرالية عن الكونفدرالية بأنها اكثر اتحادا وقوة لذلك فقد انتشرت في اغلب مناطق العالم ولم تشهد تجربة فيدرالية مشاكل تستحق التوقف عندها في جميع الدول التي طبّقتها كسويسرا وألمانيا وتقريبا اكثر من ثلاثة أرباع دول العالم، ويعتبر الشكل الفيدرالي للدولة الطريقة الأكثر نجاحا لادارة الشعوب المتنوعة عرقيا أو دينيا لأنها تضمن خصوصيات كل نوع وتحقق طموحاته كاملة فلا مكان للاضطهاد والاستعلاء والإلغاء أو التهميش الذي يمارس على الطوائف والاقليات في ظل الدولة البسيطة فعلية تعدّ الصيغة الفيدرالية أمانا للمظلومين وراحة لهم من الاستبداديين وتحقق مصالحهم بأيسر الطرق ومن خلالهم هم فيطمئن الناس ويشعرون بإنسانيتهم وتعود لهم مواطنتهم بالتدريج بعكس الحرمان والكبت والأحقاد التي تنشا بسبب توحيدهم بالقوة تحت سيطرة واحدة مركزية. والفيدرالية بذلك - كطريقة لإدارة الدولة – تختلف عن شكل نظام الحكم أو طريقة الإدارة السياسية له فأنظمة الحكم متعددة فهناك النظام الرئاسي الذي يمنح رئيس الدولة سلطات واسعة ويتم اختياره مباشرة من قبل الشعب عن طريق الانتخابات الرئاسية وهو يختار أفراد حكومته كسلطة تنفيذية وطبعا هي مستقلة عن السلطة التشريعية التي أيضا يختارها الشعب ولها صلاحيات وسلطات تختلف عن صلاحيات السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس فضلا عن استقلال السلطة القضائية عنهما معا، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات، وتختلف الدول بحسب تطورها حول رسم طبيعة العلاقة بين هذه السلطات بين انفصال تام أو تعاون غير متداخل وكمثال على النظام الرئاسي ما يتم العمل به في أمريكا وهناك النظام الملكي الدستوري وفيه يتم انتخاب رئيس وزراء فيه من قبل الشعب مباشرة و يشكل السلطة التنفيذية وطبعا مع استقلال السلطات الذي أشرنا إليه آنفا وهناك النظام الجمهوري وفيه إما يتم انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب أو من البرلمان وتكون صلاحيات رئيس الجمهورية إما واسعة أو شرفية محددة كتركيا وتكون السلطة التنفيذية بيد رئيس الوزراء وأيضا مع استقلال السلطات الثلاث وهناك ما يعرف بحكومة الجمعية وهو ما تطبقه سويسرا إذ يقوم البرلمان باختيار السلطة التنفيذية وطبعا هناك أنظمة أخرى نعرفها وهي النظام الملكي الاستبدادي الذي يكون الشعب من رعاياه وهو سيدهم أو النظام الجمهوري الذي يستبد به رئيس الجمهورية فيه ويستلم كل السلطات كصوصو العراق الجرذ السابق وهناك نظام علمنا إياه حافظ الأسد وهو النظام الجمهلكي وهو جمهوري يورّث لابن الرئيس، وطبعا ذكرت هذه الأنظمة الأخيرة من باب النكتة المحزنة لأنها بصراحة لا يجب تحسب على أنظمة الحكم من الناحية الدستورية.

ثالثا: من خلال ما تقدم تبين الفرق بين النظام السياسي وشكل الدولة وتبين أن الفيدرالية لا علاقة لها بتقسيم العراق أو حكمه طائفيا وان القول بغير ذلك أما جهلا أو مفخخة سياسية وهو ما أرجحه لكثير من القوى التي ستحاول تفجيرها في الأيام القادمة - و أكاد اسمّي هذه القوى لولا مخافة الحياء الذي لا اعتقد انه سيطول – وعليه فليس أمامنا إلا العمل والصبر والتحدي ون المشاكل التي أتوقعها أمام الفيدرالية هي مشكلة كركوك والمنطقة الغربية بشكل اكثر سخونة من الوسط الذي سوف لم يخلو من مشاكل أيضا والحل الذي أقدمه هو الآتي:

1- فيما يخص كركوك وحتى لا يستغل وضعها ويستفيد منه المزايدين أرجو من القوى الكردية والعربية الحيّة   أن يتم الاتفاق على الآتي:

أ‌) تبقى كركوك على وضعها الإداري الحالي كمدينة لها وضع خاص دون أن تنظم لأي محافظة أخرى ويتم تشكيل لجنة من كافة الأطراف السياسية والشعبية في المدينة بمشاركة حكومية وخبراء دوليين لتحديد حدودها وإعادة المهجرين منها وضبط أعداد السكان فيها بعد الانتهاء من إعادتهم وتعويضهم.

ب) يجري في عام 2020 استفتاء عام لأهل كركوك حول الانظمام لمحافظات أخرى من كردستان أو البقاء كمحافظة مستقلة إداريا والزمن كفيل بتهدئة النفوس ووضوح الرؤية وتحديد الأهداف ويجب التعامل مع الاستفتاء بشفافية تامة وتحت رقابة قانونية وسياسية محلية أو دولية ويجب أيضا الاحترام التام لإرادة شعب كركوك في الاستفتاء دون التمسك بالشعارات الكاذبة فالأصل وحدة الشعوب والانسجام بينها لا التوحيد بالقوة ويعرف العراقيين ما جرّه عليهم الاستبداد والعاقل يتعظّ فعندي كركوك كردستانية مثلا في عراق متحاب متماسك خير ألف مرة من كركوك عربية في عراق متناحر متفكك.

2- المحافظات الغربية والمحافظات الأخرى غير الراغبة في الانظمام حاليا لإقليم، تبقى هذه المحافظات تدار من قبل مجالس المحافظات التابعة لها لحين 2010 ويتم الاستفتاء الشعبي العام حول انظما مها أو تشكيلها أقاليم خاصة، وأنا على ثقة إن الزمن سيوضح للناس أهمية الفيدرالية والأقاليم عندما يذوقوا حلاوة الحرية ويتخلصوا من سحر الاسلاموية والقومجية الذي ينتشر في البلاد حاليا.

3- أما المحافظات الراغبة في تكوين أقاليم حاليا فنرجو أن يتم تشكيل الإقليم برغبة المواطنين جميعهم حول الانظمام إلى محافظة أخرى. واعتقد أن العملية ستتم بيسر في مثل هذه المحافظات.

وفق الله الجميع لبناء عراق فيدرالي ديمقراطي مستقل حر والى هذا فليعمل العاملون وسيعلم أصحاب المفخخات السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الإدارية انهم خارج الزمن وعليهم إما الانتحار أو التقدم وترك الخطايا.

 

 

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com