معذرة ياوطنا تركناه ثملا
بقصائدنا طيلة هذه السنين،
نحن أبناءك السذج الذين لا
يجيدون سوى صناعة الشعر،
معذرةً حين اطلقنا عصافير
احزاننا بلا اجنحةٍ فما إن
همّت بالطيران في سماء الذكرى
حتى سقطت في بركة الألم
وتناثرت الأسئلة من دوامة
حيرتنا فازددنا حيرةً فيك.
كيف تكون فيك كلّ هذه
السكاكين و كلّ هذا
الشعر!!... كيف تكون أباً
للعلم والأساطير في ذات
الوقت!! ....كيف تكون لك كلّ
هذه الأنهار ونرطّب شفاه
احلامنا من رضاب القصائد!!..
كيف تكون اباً لنا وتكون أباً
لهم في ذات الوقت!! هل لوّث
الشيطان في غفلةٍ منك نطفتك
الأخرى!!
توسّلنا أنهارك أن تتفجّر
طوفانا يغرقهم وينساب بحنوّ
لقوارب صيّادينا الفقراء،
إلاّ انّهم قذفوا باجسادنا
موتا يطفو على ضفاف دجلة او
يعلق في شباك الصيّادين فكان
لهم فينا اكثر من مدائن.
منذ آلاف السنين ونحن نحفر
على احجارك تقاسيم وجهك
الجميل وهم يجعلون منها
مسنّاً لسكاكينهم ويطلقونها
تبحث في الأسواق عن الأكثر
غضاضةً من رقابنا، بين
مسلّتنا ومسنّهم بحار من دم.
قلنا سنعتلي نخلاتك الباسقات
نسمع السماء أنّات ضحايانا
فكان لهم على قمّة كلّ نخلةٍ
قنّاصاً يقذف بالموت نسوةً
يسبقن الفجر طلوعاً ويحملن
على روؤسهنّ أقماراً من فضّة،
وهكذا ذهب الصغار الى مدارسهم
جياعاً...هزّت يداك النخيل
لهم فلم تسقط رطباً فقد أحرقت
نخيلك حروبهم اللاتنتهي،
وكظمت غيضك..يالله كم تكظم من
الغيض، ويالله كيف تحمّلتهم
كل هذه السنين.
في وحدتنا ألّفنا بين الطوائف
فكنت وطنا للجميع..لفتاة من
كردستان لوّنت صمتها بذهولٍ
بات يسكنها منذ أفلتت في
غفلةٍ من بنادقهم من هول
الأنفال، لامرأةٍ في الجنوب
ظلّت واقفة حتى وهي تلملم
عظام ابناءها، لصابئةٍ ما
صبأوا إلا بالموت حين عمّدوا
أبناءهم بماء الحياة، لمسيحٍ
ما صفعوا خداً أيمن ولا
أداروا لصفعةٍ خدهم الأيسر.
في وحدتهم ألّفوا بين المقابر
فكنت مقبرةً للجميع ولذا كان
للأكراد مقبرة في السماوة
وللبصريين مقبرة في أربيل قلت
نحن أبناءك السذج الذين
لايجيدون سوى صناعة الشعر
وليس بأبناءك من لوّث الشيطان
نطفتهم فإلام تظلُ الوردة
ساجدةً تتلو صلوات العرفان
لربيع لم يأت ، ومتى ستفرش
افياء بساتينك أسرةً لأجسادنا
المتعبة- نحن أبناءك الذين
مرّت طفولتهم من جنبهم مرور
الرجل الغريب دون حتى أن
تلتفت – ومثلما يفعل كل
الآباء تمرح معنا وتمازحنا
فترشَنا برذاذٍ من ماء
فراتيك..فإذا ما اعتصرنا
الجوع تهزّ لنا نخلاتك لتسقط
في أفواهنا رطبا شهيّاً.....