|
من اجل دستور لايمهد لحرب اهلية علي بداي
اذا اردنا ان نكون واقعيين، وصادقين وشجعانا لابد ان نقر بحقيقة قاسية: انه حيثما وجد الاسلام وجد التخلف والفقر والجهل والفوضى وانعدام التخطيط، من بلاد الاسلام تنهض يوميا افكار تكفيرية همجية لاتمت للتحضر بصلة، في بلاد الاسلام يعيش افقر فقراء الارض واغنى اغنياءها، في بلاد الاسلام تداس كرامة المرء وتهان المراة بما لايليق ببشر، في بلاد الاسلام من دون سائر بقاع الارض يستعبد الانسان فيستقدم للخدمة المهينة ويعامل كعبد لاينتظر منه سوى الطاعة، في بلاد الاسلام لا السياسة سياسة ولا الدين دين. كل يقتل على هواه ،وكل يفسر القران كما يشاء، ويدخل الناس لجهنم او يسكنهم فسيح الجنات.كل الامم من مجاهل افريقيا الى مرتفعات بيرو تتجه للديموقراطية الا امة محمد ، فهي تتمسك بانها خير امة اخرجت للناس وبذات الوقت لم تقدم للبشرية سوى الارهاب والتخلف والتمسك بالوقوف بمؤخرة الصفوف الى ابد الابدين والى ان يرث الله الارض ومن عليها. بلاد المسلمين تهرب بحكوماتها، واحزابها ، ومراجعها الدينية راكضة امام مبادئ حقوق الانسان رافعة لافتة " خصوصيتنا الثقافية والحضارية"، وترفع بوجة اي قارئ جاد وناقد لتاريخنا" المخزي في جوانب كثيرة منه " ايادي التحذير من مغبة التطاول على قدسية التاريخ. المؤسسات الدينية والمتطفلة على اسم الدين التي ابتلينا بها،حولت التاريخ الاسلامي ورموزه الى مقدسات عزلت عن الحياة البشرية ( في ابتعاد حتى عن عصر صدر الاسلام وتاكيد القران الكريم على ان الرسول نفسه ماهو" الا بشر مثلكم", "وخلقناكم من نفس واحدة" مما يعني ان البشر قد خلقوا من طينة واحدة). كما تهان في العراق الحالي الاقوام غير الاسلامية التي بنت ارقى الحضارات قبل الاسلام بالاف السنين، وتذاع على مسامع المواطنين الاصليين من الاشوريين والكلدان والمندائيين النداءات، وتعقد الندوات ، والخطابات التي تحرم على "المسلم سفك دم المسلم"، بتجاهل وازدراء لكل من هو غير مسلم وبما يعززمن مخاوف العراقيين من غير المسلمين من انهم مطالبون بتغيير معتقدهم لكي ينعموا بالمواطنة المتساوية. ان واقع الحال لايسمح بقبول التبريرات من ان هذه الافعال من صنع مجاميع مارقة لاتمت للاسلام بصلة، وان مانراه ليس بالاسلام بل شبيهه، اذ ان الاف المساجد التي تنتشر في صحراءنا العربية هي جزء اساس من المنظومة الدينية وهي تتباهى بدورها المباشر في تعميم ثقافة التحريم والتجريم والتكفير ، كما ان "علماء" الاسلام يمارسون التحريض على القتل ويدعون لخنق كل جدال في مهده، فاين هو الاسلام الحقيقي اذا كان ما ينشط ويتحرك ويسير الامور هو الاسلام المشوه؟ ولماذا يصمت ملايين الاسلاميين الحقيقيين عن تشويه صورة دينهم ولماذا يختبئ الذين يؤمنون بان الاسلام دين التسامح والمحبة في اماكن لايطالها بصر وسمع؟ واين هم من الفضاثع التي ترتكب باسم دينهم ضد المراة والاطفال؟ بل ضد شعوب بكاملها وضد منطق العصر؟ لابد ان نعي الحقيقة في النهاية ونستوعب ان تخلف العقل الاسلامي ناجم من كون هذا العقل قد بني على القدرية والاستسلام لعدم التفكير والاتكالية والهروب من مسوؤلية الفعل الذاتي الى تبريرات غيبية، هذا العقل تربى على مفهوم" اصرف مافي الجيب ياتيك ما في الغيب" بالمعنى الواسع للصرف والغيب، هذا العقل يضرب اخماس باسداس ولايخطط لشئ في حياته،يعدو هاربا من نتائج هذه الفوضى العارمة الى عبارة:" اللة كريم" التي يفهمها خطأ فيحمل الخالق عاقبة عيوبه وقصوره وكسله. هذا العقل تعلم ان يكون انتقائيا فيفهم الظاهرة الواحدة فهمين متناقضين: اذا وقع زلزال في ايران فان اللة اراد اختبار عباده المؤمنين وان تكرر الزلزال في اميركا فان اللة اراد الانتقام من القوم الضالمين!. فالعقل الذي خلقتة المؤسسات الدينية التخويفية لايربي الانسان على المنطق، ولا يخلق انسانا حرا، انه يزرع الحياة بغابة من المحرمات والالغام التي تتناقض مع طبيعة العقل المتطورة باستمرار ولو تاملنا بدقة ماتطرحة الاحزاب الطائفية الشيعية المهيمنة على عقول الناس في العراق في الكثير من المناسبات حين يدور الحديث عن تطبيق الشريعة الاسلامية للفت انتباهنا ترديدها مقولات تخاطب احساس الناس الطائفي ولاتتوغل في اي عمق في حياة الانسان، من هذه المقولات مايخص ان اغلبية الشعب متدينة ولها الحق بممارسة ماتعتقده، والسؤال هنا: اليس ذلك بالضبط ما تدعو له كل القوى والشخصيات المتحضرة التي تصرخ يوميا وتستصرخ احزاب المرجعيات : ان يترك المتدين يمارس ما يعتقد انه يتوافق مع دينه ان كان ضمن الاكثرية او الاقلية( بالاخص ان كان ضمن الاكثرية فمم الخوف؟)، فاذا كانت الاكثرية متدينة فلم هذا الهلع من مستقبل الدين ؟ ولم انعدام الثقة بالناس واختياراتهم ورجاحة عقولهم؟ في حقيقة الامر ان الاحزاب الطائفية الشيعية قد سارت شوطا بعيدا في بناء المجتمع على اساس طائفي متخلف وهي تفرض نفسها يوما بعد يوم ناطقا رسميا باسم ملايين الشيعة مستغلة حالة التهشم والتشضي والسحق التي تعرض لها فقراء العراق وجلهم من الشيعة الذين اقصتهم المرجعية الشيعية ذاتها عن الاسهام في الحياة السياسية طيلة ثمانين سنة، ثم عادت تتاجر الان باحلامهم الغضة. وبذات الاسلوب البدائي تناقش هذه الاطراف موضوعة فصل الدين "عن" الدولة فمن الواضح ان لكلمة " الفصل" وقع سلبي على الاذن العراقية اذ يذكر بالفصل من الوظيفة او المدرسة لذا فهم يروجون الان: ان هذا المفهوم يعني "الغاء الدين" و"تهميشه"، فهم بهذا يستغلون حالة الجهل السائدة كما حال حكاية الشيخ الامي مع الفلاحين في تفسير قانون دارون للتطور. ان العراق جزء من عالم موار بالحركة، عالم يتقدم، بل يقفز قفزات الى امام فيما تحاول الجماعات الطائفية قذف العراق من شباك الحضارة الى دوامة المجهول ، فهي حين تتحدث عن الدول المتحضرة تخاطب في الناس غرائزهم الشرقية وتحاول ربط هذة الحضارة بالاباحية وانعدام القيم والحقيقة ان هذا التقدم لايمكن ان يصنعة مجتمع متخلف واباحي وخال من القيم اطلاقا، فالتقدم التكنولوجي اوالحضاري في الغرب يعكس واقعا اجتماعيا متطورا، وفي كل هذة الدول المتطورة يعيش الدين محترما بسلام خارج دائرة تاثير الدولة والسياسة اليومية فيما تهتم الدولة بتوفير العمل والسكن والصحة والتعليم للمسيحي والمسلم والبوذي واليهودي مادام هذا المواطن ملتزما بالقانون. اما على الجانب الروحي فليس للدولة اي تدخل وتاثير اذ يذهب المسلم للمسجد والمسيحي للكنيسة واليهودي للمعبد وهو تصرف منطقي اذ ان المرء يعيش في المجتمع مع غيره ويتوجب ان يرتبط مع " المجتمع " بقوانين محددة، فيما يشكل كل ما هو خارج الحياة الدنيا شانا فرديا يتحمل تبعاته الشخص المعني نفسه فسوف لن يحاسب احد في الآخرة عن اعمال غيره فلماذالانقتفي اثر هذه الدول ونسلك هذا الطريق الذي سلكته؟ ماالذي نخسره؟ يعيش المسلم الذي لجا الى احدى الدول الاوربية هربا من ظلم نظام دولة اسلامية كايران مثلا معززا مكرما متمتعا بامتيازات الاوربي " الدنيوية" ومتمتعا بكامل الحرية الدينية بل ان البعض من الشيعة وصل به الشعور بالامان حدا دفعه لتقديم طلب لاجازة موكب عاشوراء للطم وفلق الروؤس بالسكاكين في احدى المدن الاوربية لولا تدخل البعض من الحريصين على ماتبقى للعرب والمسلمين من اسم بين امم القرن العشرين، واقناع هذا البعض بالعدول عن هذه الفكرة الجنونية والبحث عن اسلوب متحضر في تكريم شهادة الامام الحسين(ع). وبالمقابل فان في الارض دولتان فقط تدمجان الدين بالسياسة اليومية هما السعودية وايران وفشل هاتين الدولتين وتخلفهما الحضاري، وتقديمهما المثال السئ في مجال حقوق الانسان الاساسية، وعزلتهما عن العالم المتطور، واخفاقهما المريع في التوزيع العادل للثروة وانهاء الفقر الذي يطال قطاعات واسعة من سكانهما، اشارات انذار لكل من يحرص على القيم الاسلامية وسمعة الدين الاسلامي ، ومثالهما يؤكد استحالة ان تبنى دولة متقدمة بتداخل الدين مع الحياة اليومية، وستكون الدولة عبئا على الدين وسيكون فشلها( وهو وارد في كل الاحوال) فشلا للدين. يتعين علينا اذن دون خوف او تحفظ او تردد المطالبة بكتابة الدستور الانساني الخالي من الالغام الذي يبتعد عن كل ما من شانه الاشارة الى الدين اذ يكفي ان يقال ان الشعب العراقي مكون من القوميات والاديان(.......) التي تتعايش وتحترم بعضها البعض وان حرية العبادة مكفولة للجميع، هذا الانجاز سيعطي دفعة للاسلام وسيطرحه امام العالم كله دينا متحضرا اما مفاهيم مثل "الهوية الاسلامية للمجتمع العراقي" والدعوة الى"عدم تشريع مالا يتعارض مع هذه الهوية" فهي دعوات ملغمة، غامضة، تروم تضييق الخناق على حرية حركة الفرد والمجتمع معا بسجنهما ضمن اطر غير معرفة اصلا ومطاطة فالاول ينطوي على مفهوم الاكثرية والاقلية المعيب والمهين للاديان والقوميات الاخرى من سكان العراق الاوائل وبناة حضارته ويفتح الباب لتشريعات مستقبلية غير محددة ( استنادا الى المادة كذا من الدستور....) والثاني يحضر كمينا ناسفا للائحة حقوق الانسان حيث يمكن ان يندرج الرق واستعباد الانسان وحيازة الجواري وضرب المراة ضمن هذه الهوية طالما ان الاسلام سيقرا بخمسين لغة واكثر. فهل كان اسلام الحجاج بن يوسف مثل اسلام عمر بن عبد العزيز؟ وهل يفهم علي بن ابي طالب(ع) الاسلام كفهم المهدي بن النصور والوليد بن عبد الملك له؟ واذا كان الامر كذلك فلم ينشق اتباع علي بن ابي طالب ( وليس الاسلام فقط) الى عشرات الاحزاب والملل والفروع؟ . دعوا الناس اذن تعرف دينها بنفسها فقد اتحفها الخالق بالعقول ولاتحشروا انفسكم وسطاء بين اللة والناس ف"الله اقرب للمرء من حبل الوريد" وهل هناك اقرب للمرء من حبل الوريد؟؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |