|
خطة البرق وظاهرة " خيل الريسز " العراقية.. خطة إضافية أو بديلة
د.هادي المالكي
" مثل خيل الريسز بس أول هدة ". هذا المثل العراقي الشعبي يلخص ظاهرة اجتماعية سلبية لطالما عانت منها دوائر الدولة، وحتى المجموعات الشعبية وخاصة العشائر، عند اضطلاعها بحملاتها الوطنية لإصلاح ما تخرب قبل الحملة في أي مجال من المجالات السياسية أو الإدارية أو الأمنية. وهذه الظاهرة ليست وليدة العراق الجديد، بل هي موجود دائما في كل المراحل السياسية للعراق حتى منذ العهد الملكي ربما، لأنها ظاهرة اجتماعية مرتبطة أساسا بطبيعة المجتمع أكثر من ارتباطها بأي نظام سياسي معين يحكم البلد، سواء أكان ملكي أو بعثي أو ديمقراطي. هذه الظاهرة كانت واضحة مع التحسن الأمني النسبي الذي شهده البلد مع استلام حكومة علاوي للسلطة، وهي واضحة جدا الآن بعد مرور قرابة الشهر على عملية البرق في بغداد، فقد رأينا تحسنا امنيا هائلا في بغداد في بداية تطبيقها، ثم سرعان ما تراجع هذا التحسن حتى بدأت الخروقات تزداد يوما بعد يوم حتى وصلنا إلى وضع يمكن أن نُقَيّْمه على انه فشل لعملية البرق ؛ فلا نعرف أين اختفت نقاط التفتيش الستمائة وخمس وسبعون وربما أكثر والتي نصبت في بغداد وعلى مداخلها الرئيسية والفرعية، حتى تمكنت مجموعة من أكثر من خمسين إرهابيا من الهجوم على مركز الشرطة في البياع وبمختلف الأسلحة المتوسطة. و إن كانت هذه العملية الإرهابية ربما قد جاءت لتخفيف الضغط عن الإرهابيين الذي يواجهون عملية الرمح أو الخنجر. ولكن مع ذلك، يبقى من الضروري القول إن الخروقات في خطة البرق قد كثرت إلى الحد الذي يدعونا ربما إلى الاعتقاد بفشلها وبضرورة استبدالها أو تعزيزها بخطة أخرى، فإن كانت هذه الخطة قد فشلت فعلا، فربما السبب الأساسي لذلك هو إنه قد جرى عليها ما جرى على سابقاتها من حملات وطنية من ظاهرة " خيل الريسز " ؛ وعذرا لإخوتنا في القوات الأمنية لهذا التشبيه، ولكننا نحاول هنا أن نشخص ظاهرة اجتماعية عراقية عامة ربما تنطبق على الكاتب أيضا. اقترح خطة إضافية أو بديلة لخطة البرق وهي أن يتم إغلاق جميع مداخل بغداد الرئيسة والفرعية وإعلان حظر التجول المطلق لمدة أسبوع أو عشرة أيام أو أكثر يتم خلالها تفتيش جميع مناطق بغداد ومساكنها وبناياتها ومزارعها وبساتينها تفتيشا كاملا ودقيقا، على أن تفتح خلال مدة حظر التجول المطلق المستشفيات فقط، وان يكرس جزء من القوات الأمنية للمهام الإنسانية من قبيل توزيع بعض المواد التموينية الأساسية على الناس من قبيل السكر والطحين والزيت والغاز ونقل من يحتاج إلى المستشفى، على أن يتم تدبير الأعداد الكبيرة اللازمة من أفراد القوات الأمنية للقيام بهذا العمل الضخم من أجزاء الأفواج والألوية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية الموجودة في المحافظات المستقرة ؛ وبعدها، إذا نجحت هذه الخطة يتم تطبيقها على المحافظات الأخرى. ربما سيعترض البعض على هذه الخطة بالقول إنها عملية خاصة وغير اعتيادية أو طبيعية و ربما ليس لها سابقة. ربما نعم، ولكن على من يقول ذلك أن يتذكر إن الأوضاع الخاصة تتطلب بدورها معالجات خاصة أي حلول إبداعية و ابتكارية، وما يشهده العراق اليوم من حرب إرهابية قذرة لا يمكن أن تُقَيّم إلا على أنها وضع خاص جدا لم يشهده أي بلد من بلدان العالم على الإطلاق. وأخيرا، نرجو أن لا تتعرض هذه الخطة الجديدة بدورها، إذ ما كتب لها أن تطبق، لظاهرة " خيل الريسز " هي الأخرى، وان يكون العراق الديمقراطي الجديد خير ضمانة للقضاء على ظاهرة " خيل الريسز " أو غيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |