|
الجاهلية العربية الثانية – الآن
د.هادي المالكي
سقط الصنم الذي أقامه الطاغوت لنفسه في بغداد في يوم التاسع من نيسان الأغر ، فراح العرب في الشرق والغرب يبكون حزنا على سقوط الصنم . هذا العمل الرمزي التاريخي قد كشف عن وضع العرب المزري الذي أمسوا يعيشون فيه في جاهليتهم الثانية وهم لا يشعرون . تذكر العديد من التفاسير نقلا عن ابن عباس إن المقصود بالآية الكريمة ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) (33) سورة الأحزاب ، هو إن هنالك جاهلية أخرى ستظهر في الإسلام بسبب الفسق والفجور . ولا أرى أوضح من هذه الصور ة التي أمسى العرب فيها ، فهم قد عادوا إلى عبادة الأصنام بكل وضوح ، و إلا كيف نفسر بكائهم وعويلهم المشهور ذلك يوم التاسع من نيسان الأغر يوم أطيح بصنم الطاغوت . ما زال العرب والمسلمون بعامة يشهدون أن " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ، ولكنهم لفرط ما صاروا يحبون الطغاة والحكام الظلمة من أمثال صدام فقد عمى الله أبصارهم ودخلوا في جاهليتهم الثانية وهم غافلون . ما كان من المتوقع أن تعود الجاهلية الثانية ، وهي جاهلية في الإسلام ، بان ينكر العرب والمسلمون كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ، بل على العكس ، كان من المحتم أن تعود هذه الجاهلية الثانية وهم يقرون بوحدانية الله سبحانه وتعالى ، ولكنهم قد أشركوا في عبادته عبادة أخرى ، هي هي التي نراها اليوم على لسان كل عربي يبرر لنفسه ولغيره حزنه وبكاءه على سقوط الصنم إذ يعتبر صدام رمز عربي قومي . لن يتخلص العرب من ظلم الدكتاتوريات التي تسومهم سوء العذاب حتى يسارعوا إلى كره صدام وأمثاله من الحكام الظالمين والطغاة العرب، فلن يتخلصوا من الظلم حتى يكرهوا الظالمين ، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .وذكر فقد تنفع الذكرى .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |