|
حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
المهندس الاستشاري/ سلام إبراهيم عطوف كبــة
في العراق اليوم قانون الأحكام العرفية، والحكومة الخانعة، والحرب الأهلية، وسفك الدماء اليومي، وانتظار الفقر وتفشي الأمراض، ولا نهاية تلوح في الأفق.والأوضاع الاقتصادية تعيسة، والأرقام التي تبين النمو في اجمالي الناتج المحلي مضللة، وتستند الى مساعدات إعادة البناء التي تستقر في جيوب المقاولين الأمريكيين. ومادام النظام القضائي عشوائي ومتقلب ... تبقى البيئة العراقية الراهنة لا تجتذب أي استثمار رأسمالي منتج. والأعمال التي تنتقل الى العراق اليوم غير نزيهة، ويتطلع أصحابها الى السلب والنهب. وفي هذه الأثناء تظل صادرات البلاد من النفط متقطعة ولا يمكن التنبؤ بها نظراً الى سوء الإدارة وعمليات التخريب المتواصلة. وتكشف اغتيالات المسؤولين الحكوميين العراقيين وبما فيهم كبار المسؤولين الأمنيين إضافة إلى الكمائن التي تنصب لقوى الأمن عن جهاز استخباراتي متطور. وتستهدف السيارات المفخخة القوافل الأمريكية بانتظام مما يعني ان الارهابيين يعرفون أي طرقات ستسلك القافلة وتوقيت مرورها عليها.وقد برهنت العمليات العسكرية الأمريكية والمشتركة عن عدم فعاليتها فيما تتمكن فرق الارهاب من الإفلات والهرب بعد أن تزرع العبوات البدائية الصنع في مخابئها.ويبدو أن عمليات تخريب أنابيب النفط ومعامل الكهرباء موجهة بدقة ضد الأماكن الحساسة أي أن مرتكبيها لم يطلعوا على طريقة تركيب شبكة الطاقة فحسب بل على مواطن الضعف فيها أيضا ، الامر الذي يؤكد ان الارهاب مصدره من داخل السلطات الجديدة ( حاميها حراميها ) وليس كما تحاول هذه السلطات اشاعته وفق التسجيلات المتلفزة ... ويبدو ان ايران قد اخذت قسطها عبر تمويل هذه العمليات وتوفير الاجواء الجيوسياسية والبيئات الاجتماعية لها . شجع نظام صدام حسين عمليات تهريب الغازولين الى خارج العراق كوسيلة للالتفاف على العقوبات الدولية وكان يقدم علاوات جيدة للصيادين من اجل تشجيعهم على التحول لهذا النوع من النشاط حيث كانت تحمل مراكبهم بالمنتجات النفطية وتبحر عبر شط العرب ومنها الى المياه الدولية لتتوجه بعدها الى موانئ الامارات العربية المتحدة أو ما بعدها، بعض المهربين الذين يرغبون في تجنب مثل هذه المخاطر يمكنهم شراء المنتجات النفطية بمبلغ 250 دولارا للطن في الفاو، وبمجرد ان تصل القوارب الى البحر تصبح ثمن حمولتها 350 دولارا للطن وهذا يوفر آلاف الدولارات لرحلة قد تستغرق 10 أيام. وادى استيراد السيارات الجديدة واستخدام الغازولين لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية الى حدوث ارتفاع حاد في الطلب على هذه المادة في الوقت الذي تتراجع فيه قدرات المصافي على توفيرها بسبب الهجمات التخريبية ، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي عنها ، مما يتسبب بتوقفها عن العمل لساعات طويلة.هناك كميات كبيرة من الوقود «تختفي» من محطات الوقود أو من الخزانات التابعة للدولة، يسهم بذلك سائقو السيارات ( مهربجية السوق السوداء). احدى المدن التي تقع شمال مدينة البصرة خسرت حوالي 90% من مخصصاتها من النفط في شباط 2005 واتضح لاحقا ان ذلك تم على يد بعض المسؤولين المحليين الذين يعملون مع وحدة القوات البريطانية المسؤولة عن المنطقة. وذكرت وزارة النفط العراقية انها تدفع ما يقارب 200 مليون دولار شهريا لاستيراد المنتجات النفطية التي سرعان ما يتم تهريبها الى خارج البلاد.وبالرغم من ملاحقة السلطات لقوارب الصيد وتقليل المعونات التي تدفع لها، الا انها تبدي ترددا في معالجة موضوع دعم المنتجات النفطية التي تباع بأسعار زهيدة للغاية حيث يصل سعر الوقود الى اقل من 2 سنت اميركي للتر الواحد. استغلال شط العرب في تهريب الوقود ادى فيما ادى الى تلوثه . إن مياه شط العرب لا تصلح حاليا للاستهلاك البشري وتحولت الى (مثانة) في جسد دجلة والفرات، وقد بلغت نسبة الملوحة فيها 3000 جزء من المليون، أي اكثر من المقرر بخمس عشرة مرة. اما قضية تلوث هذه المياه فهي كارثية، اذ تعتبر المياه غير صالحة للتناول اذا كانت نسبة التلوث فيها من 3-1 جزء في المليون، اما مياه الشط فقد وصلت نسبة التلوث فيها الى 50 جزءا في المليون. ويرى العاطلون عن العمل ان تهريب الوقود عبر السوق السوداء عملية مربحة اذا علمنا ان الاحصائيات والخطوط البيانية للبطالة في العراق قد وصلت الى 60% وان البطالة المقنعة قد اخذت دورها في اثقال كاهل الدوائر سواء كانت خدمية ام انتاجية ، وهذا مما يؤثر على الايرادات المالية لهذه الدوائر. ويسبب الفقر، عدد السكان الكبير، الغبار، الشوارع الغير مبلطة، تدني القدرات المعيشية ، التلوث البيئي وغياب الوعي الصحي توسيع دائرة الامراض التي سبق واستأصلها العراق منذ عقود . ويقول الأطباء العراقيون أنهم منشغلون اليوم بشأن حالات السل في مدينة العمارة الجنوبية، والذي ينشط بسبب نقص الأدوية وحالات المعيشة الفقيرة، مع وجود كميات قليلة جدا من الماء النظيف والعناية الصحية الكافية. ان انتشار السل بعد مرور أكثر من خمسين عاما شيئا يثير القلق ف ( 400) حالة هو عدد كبير جدا نسبة لعدد سكان مدينة العمارة وهو يتزايد يوميا..أن الدورة العادية للعلاج تكلف 500 دولار على الأقل والتي لا تستطيع أغلب العائلات على شرائها.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |