برق بلا صواعق !

ساهر عريبي

Sailhms@yahoo.com

 

أثارت موجة التفجيرات الأرهابية الأخيرة والتي إستهدفت قلب العاصمة العراقية بغداد, جملة من التساؤلات حول جدوى عمليات البرق التي شنتها الحكومة العراقية ضد الأرهابيين, وحول مدى صحة إدعاء الحكومة حول نجاح هذه العمليات. ويتسائل العديد من المواطنين العراقيين عن الأسباب الكامنة وراء هذا الأنهيار الأمني الذي خلق حالة من الشعور بالأحباط في تفوس المواطنين التي علقت آمالا كثيرة على الأجراءات الأمنية التي إتخذتها الحكومة الجديدة. فما هي أسباب هذا الأنهيار؟

 في البدء لا بد من الأشارة إلى أن القوات المتعددة الجنسيات قد فعلت كل ما في وسعها للقضاء على المجاميع الأرهابية خصوصا بعد تولي الحكومة الحالية لمهامها في الشهر الماضي. إذ شنت هذه القوات سلسلة من الهجمات على قواعد الأرهاب في القائم والرمادي وغيرها من الأماكن الملتهبة بشكل متزامن مع تشكيل هذه الحكومة.

 وهذا الواقع يطرح تساؤلا مشروعا عن سبب إخفاق الحكومة في إحلال الأمن رغم هذا الدعم الكبير الذي تحظى به خطتها لأحلال الأمن من قبل القوات المتعددة الجنسيات. و يمكن إرجاع سبب هذا الأخفاق والعودة إلى نقطة الصفر إلى جملة من العوامل المؤثرةو ولعل أحد أهمها هو التسامح القانوني مع الأرهابيين وعدم وجود إجراءات قانونية رادعة بحق هؤلاء تمنعهم من التمادي في إرتكاب جرائمهم. فالعقاب في كل الشرائع والقوانين يتناسب مع حجم الجريمة, إلا أن ما يؤسف له قي العراق الجديد هو التسهيلات التي تمنح للأرهابيين والتي تعتبرعاملا مشجع للأخرين على إلأستمرار في إرتكاب جرائمهم.

 وأما العامل الأخر فهو تقسيم المقاومة إلى شريفة وأخرى ساقطة والأنفتاح على القسم الأول وتقديم التنازلات السياسية له, وواقع الأمر أن لاوجود لمثل هذه المقاومة الشريفة وكل ما يسمى بمقاومة هو إرهاب مطلق. وهذا التنازل قد شجع هذه الأطراف الأرهابية على المضي قدما في إرتكاب جرائمها بحق أبناء العراق طمعا في الحصول على المزيد من المكاسب.

 وأما العامل الأخر الذي ساهم في تنامي الأرهاب فهو عدم سن قانون يحظر عمل كل داعمي الأرهاب من هيئات وتجمعات وأفراد لا تخفي دعمها ومساندتها لجماعات العنف المسلح في العراق. كما وأن لغياب الأصطفاف الجماهيري خلف القوى المناهضة للأرهاب قد أعطى دعما معنويا للأرهاب. فبعض القوى العراقية تسارع في إعقاب كل عملية إرهابية إلى ألتماس الأعذار لمثل هذه الأعمال وحرف أنظار الشعب عن هذه الجرائم ومحاولة إلقاء تهمة إرتكابها على عاتق الصهيونية والماسونية والبوذية والهندوسية وغيرها, رغم إعلان وإفتخار الجماعات السلفية بالمسؤولية عن إرتكابها, إلا أنها لا تعمى الأبصار ولكنها تعمى القلوب التي في الصدور.

 ومما ساهم في تدهور الوضع الأمني هو عدم وجود موقف عراقي رسمي واضح وحازم من تدخلات دول الجوار في الشأن العراقي وبالخصوص سوريا التي لم تتخذ أي إجراءات بحقها رغم دورها التدميري في العراق. ولا زالت الحدود السورية العراقية مفتوحة على مصراعيها أمام كلاب الأرهاب السابقة.

 وكان من نتائج سياسة المحاصصة الطائفية التي إعتمدت في تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد التاسع من نيسان , هو تغلغل عدد كبير من أزلام النظام الصدامي السابق إلى الأجهزة الأمنية بسبب إنتمائهم الطائفي. وهؤلاء كانوا ومازالوا يمارسون دور الطابور الخامس داخل الدولة العراقية والذي يمد مجاميع الأرهاب بما تحتاجه من معلومات . وللأسف لم تخط الحكومة الجديدة أي خطوات جدية في سبيل تطهير أجهزة الدولة الأمنية من هؤلاء كما وعدت الناخبين العراقيين قبيل الأنتخابات.

 وكان يفترض بالحكومة العراقية وبالأتفاق مع القوات المتعددة الجنسيات الأستعانة بكل القوى العراقية الوطنية التي تحارب الأرهاب وعلى رأسها قوات البيشمركة ومنظمة بدر, فالمعركة الضارية ضد الأرهاب تستوجب حشد كل الطاقات والقوى لأنها معركة مصيرية تحدد مستقبل العراق والمنطقة والعالم.

 أن هذا الأنهيار الأمني يشير وبكل أسى إلى أن عملية البرق كانت قرقعة سيوف لا غير, ولم تكن سوى برق بلا عاصفة تسقط على رؤوس الأرهابيين وتريح منهم العباد والبلاد.

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com