|
حينما تنتحر الامنيات هشام الشمري
حين كنا نسير في بغداد ، نتجول في شوارعها نشاهد بعض البيوت بل القصور نتحسر على مانراه لاننا لانملك سقفاً في هذا البلد ,نسال عن هذا البيت يقال انه لاحد رموز السلطة قد يكون لابن أخت عبد حمود او لاحد افراد عشيرتهم المبشرة بالنعمة , نمر مرور الكرام ورقابنا تكاد تنكسر من التوائها وتحديق عيوننا على هذا البيت او ذاك , هناك اماكن في بغداد لم نتجرأ يوما على المرور منها لأنها اماكن رئاسية مقدسة فضفاف دجلة محتل من الكاظمية وحتى الدورة مرورا بكل الاحياء الفاخرة فشوارعها النظيفة وارصفتها اللماعة تدل على ان ساكنيها من اسياد العوجة ومن التف حولهم والتحف بعبائتهم الكريمة , فكان الذهاب الى هذه المناطق بمثابة سفرة سياحية لنا نحن سكان الاحياء المعدمة اذا ما اردنا تمتيع نظرنا بمشاهد الخضرة الجميلة فكنا ننبهر بالتشجير الجميل والترتيب العالي لهذا الشوارع اغلب هذه المناطق لم تكن تقبل بمرورنا البسيط عليها فكنا معروفين وكأنما هنالك ختم على جباهنا يدل على معيديتنا او شروكيتنا (ان صح التعبير على رأي سيد البلغاء ) لايسمح لنا بالمرور من هناك فمثلا الشارع الممتد من تحت جسر (القائد ذو الطبقتين )حتى نادي الجادرية لا احد يستطيع المرور به دون ان يخضع للتفتيش وصادف في يوم ما ان سرت في هذا الشارع الجميل وأنا في لحظة غرام لم انتبه بل اخذني جمال الشارع واذا بدورية تنقض علي انزلوني من السيارة وكانوا مؤدبين حيث لم يضربوني امام من كانت معي بل اخذوني جانبا قالوا هل تعلم اين تسير اجبتهم لا ، هل انت من بغداد قلت نعم قالوا وكيف لاتعلم ؟ فبدوت كالابله , قلت وبلهجة الواثق اين المشكلة انا اسير في احد شوارع مدينتي الحبيبة ,حبيبة ها... كانت اجابة احدهم ؟ فتلقفني الاخر ,الا تعلم ان هذا الشارع مخصص لمرور الاستاذ عدي حين يتجه الى نادي الجادرية ؟ اجبتهم لا طبعا فلو كنت اعلم ذلك لما تجرات ,المهم فتشوا السيارة تفتيشاً دقيقاً اخذوا كل ما معي من وثائق واتصلوا بالدائرة كما سمعتهم ابلغوا عن كل مواصفاتي وسياراتي ,تبرع احدهم بأن يوصل الفتاة التي معي الى اقرب تكسي حتى تذهب لاني ساذهب معهم ,يابة صلوا على محمد ترة اخوكم غلطان بالطريق مو اكثر ,واني بشاربكم ,الظاهر اني كسرت قلب احدهم فامر بان اوصل انا الفتاة على ان اعود لاحقا لاخذ اوراقي ,بعد ساعة وجدت الشخص قال لي اني محظوظ لانه تواجد وألا كنت نزلت اليوم ضيفا عليهم في الرضوانية حمدت الله وشكرته لانه ارسل لي هذا الشهم ودفعت 25 الف دينار مني ثمن هذه الشهامة ولانه وقف معي كوني اخوه في الوطن!! , تذكرت هذه القصة اليوم وانا احاول ان اجد طريق ما لكي اسلكه في بغداد فكلما مررت بطريق وجدت الحواجز واللافتات التي تدل على ان هذه المنطقة تخضع لهذه الجهة او تلك وعليه لايمكنني المرور فمادمت لا احمل باج البيشمركة كوني لست من جنودهم ولا هويات المجلس الاعلى لانني دائما في الاسفل ولا من الوفاق ولا اعرف الاتفاق ولست من جماعة المؤتمر ولا انا احد او ابن احد المسؤولين الساكنين في ربوع هذه المنطقة فلايحق لي ابدا المرور وان كنت مررت في زمن استاذ عدي وانتهت القضية حينها بخمسة وعشرين الف فهذه المرة لن تنتهي الى وانا ممزق اشلاء ,تراجعت سريعا وسلكت اقرب الطرق التي تؤدي بي الى سلامة راسي وعدت من حيث اتيت عرفت حينها ان بغداد التي كنت احلم بها قد انتهت وأحتلت من جديد فلم يتغير شيء ابدا فمن عائلة حاكمة واحدة الى عشرات العوائل ومن حزب واحد الى عشرات الاحزاب ومن عشيرة واحدة الى ماشاء الله من العشائر وللجميع الحق في ان ياخذوا مايشاؤن من الاراضي والبيوت وهذا حق مكتسب لهم كونهم مناضلين اما باقي الشعب فهم ... ؟ ولهؤلاء المناضلين الحق في ان يضعوا مايشاؤن من حواجز ويقطعوا كل شوارع بغداد فارواحهم العزيزة في خطر., أما ارواحنا فألى..... !!! الله كم كنا ساذجين ونحن نكتب ونتحدث عن عراق الغد المتحرر من نير الاستبداد وقهر الحكام ؟؟ العراق المنطلق نحو الحرية؟ فالعربة يقودها المناضلون اصحاب التاريخ المجيد الشفاف الناصع البياض ولم نكن نعلم حينها ان الشفاف المناضل واحد وخلفه عشرة الاف لص محترف ,المجاهد واحد لكن خمسين فرد من عائلته وعائلة عائلتة يتبعونه لينهشوا بهذا البلد فهي فرصة ومال سائب ولا من مراقب (جيب جمال وحمل مال)وهذه هي الحقيقة فعلى مدار هاتين السنتين سرق من العراق مال لايمكن ان يحصى ولايعد والكل يغرف مايشاء ، اي احد يتسلم منصباً ما يعلم جيدا ان مايسمى بلعبة الديمقراطية سوف لن تمهله طويلا في منصبه وعليه فلياخذ مايستطيع ان ياخذ وبنوك الخارج جاهزة لاموال السحت , عراقنا اليوم يشهد عملية تحول ديمقراطي يجري من خلالها تنشيف بنوكه وتحويل ارصدته الى حسابات الاخوة المناضلين واتباعهم ,نسمع عن مليارات الدولارات ولم نشاهد الا اطنان النفايات ؟ نسمع امنيات وردية ولم نشاهد سيارة اسفلت ترمي زفتها على شوارعنا المحفورة كقلوب امهاتنا ؟ مشاريع الماء قائمة وفي الحقيقة هي مشاريع تجارية للمسؤولين في شبكات الماء وهي فرصة العمر لهم ولا ماء ولا حتى هواء فغضب الطبيعة يتوافق هذه الايام مع مشاريع اللصوص الجدد ,سمائنا يملؤها التراب ولا ماء ولا كهرباء لا اعرف حقيقة لماذا يحملنا الله كل هذا الحمل وهو يعلم اننا شعب مبتلى اين نتجه لمن نشكو لا اعرف؟؟؟ اخوتنا سادتنا قادتنا يتجولون يجمعون المال والدعم لبناء العراق وحين ياتي المال يذهب الى جيوب عشرات المقاولين من لصوص العهد الجديد ,امين بغدادنا يقال والعهدة على القائل انه يستعين بعشرات المستشارين بل يقال انهم بالمئات وراتب الواحد فيهم لايقل عن المليونين وهكذا الحال في بقية وزاراتنا فهم جميعا بحاجة الى مئات المستشارين ليشفطوا بأستشاراتهم كل شيء عراقنا المتحرر من عبودية صدام يترنح الان من جراء اصابته بالضربة الفنية القاضية فيد الارهاب اليمنى لاتقل قوة عن يد اللصوص اليسرى ، وهاتان اليدان لم ترحما العراق ابدا انه الان يترنح اما ان يسقط بالفنية القاضية او يامر الله له بشيء اخر وليس لنا الا ان ننتظر نهاية النزال الكبير .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |