|
الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين
المهندس الاستشاري/ سلام إبراهيم عطوف كبــة
ملاحظة : نشرت هذه الدراسة قبل عام في بعض المواقع الالكترونية . واعيد نشرها بالذكرى المجيدة لثورة تموز ... مع التقدير . يعكس الخراب الذي أصاب صناعة الطاقة الكهربائية في العراق أزمة النظام الحاكم المقبور الذي بدأ عهده بالمزايدة مع اليسار وبالغ في تدخل الدولة التعسفي بشوؤن القطاعات الإنتاجية الأساسية للاقتصاد الوطني لينتهي بالتنكر لإجراءات مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة والعهد الجمهوري ومحاولته تصفية القطاع الحكومي في شتى الميادين وبمختلف الحجج والذرائع من قبيل نظم أدارة الشركات أو لامركزية صناعات القطاع العام ومنحها القدر الأكبر من الاستقلالية المالية والإدارية، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة باتجاه أقتصاد السوق دون ضوابط منهجية وتخطيط مركزي، وبالعطاءات والمزادات والبيع من خلال سوق الأوراق المالية أو تحقيق المنافسة العادلة للوصول الى القيمة المنصفة، واستيلاء الأسرة التكريتية على أهم مؤسسات الاقتصاد الوطني بأبخس الأثمان، وفتح الأبواب مشرعة لدخول القوات الأميركية بالتبعية المفرطة وبيع الاستقلال والسيادة الوطنية . خضعت صناعة توليد ونقل وتوزيع الكهرباء والإصلاحات فيها لعواقب الحروب المدمرة والحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وتقلبات مزاج الدكتاتور ومصالح حاشيته، وهي تخضع اليوم لمصالح الرأسمال الأميركي والأحتكارات الدولية . وألحقت سياسات صدام حسين الضرر البالغ بالبنية التحتية وسببت الهدر السريع للثروات والهلاك لمئات الآلاف من العراقيين والقوى العاملة واستنزاف العقول والهجرة الجماعية للكفاءات العلمية والثقافية والهبوط الحاد في مستوى المعيشة وتدني أنظمة الصحة والتعليم. تهدف هذه الدراسة تتبع تأسيس الكهرباء في بلادنا وسط التوترات السياسية الداخلية والإقليمية والعالمية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والفوضى البرلمانية في العهد الملكي وتقوض وضياع أسس المجتمع المدني في العهود اللاحقة وتشرذم حقوق الملكية في هذا النفق الطويل المظلم عبر أعتى دكتاتورية شهدها العراق الحديث وبالإحتلال الأجنبي. ودراسة تاريخ تطور الكهرباء تعني يقينا أستعراض نموها ارتباطا بالصراعات الأجتماعية والسياسية… لكن محاولات كهذه تستوفي مستلزمات البحث العلمي تبقى غير كاملة ومتكاملة لأن النظام البائد حصر الثروة المعلوماتية في قبضته والأفتقار بالتالي للبيانات اللازمة للأستدلال ودعم الحجج، وبسبب الخراب والفوضى التي ترافقت مع وأعقبت سقوط البعث الحاكم وأعمال التخريب والنهب والسلب اللاحقة التي زادت من الأزمة المعلوماتية تفاقما.
· بدايات الكهرباء في العراق
تصاعدت هيمنة الدولة في الأقتصاد مع سيادة القطاع النفطي على مقدراته . وقبل النفط لعبت التجارة الخارجية مع بريطانيا الدور المحرك في هذا الأقتصاد حتى الحرب العالمية الثانية .وبعد الحرب أصبحت عائدات النفط مصدر التمويل الرئيسي للميزانية الحكومية و مشاريع الأعمار. لقد دخل العراقيون القرن العشرين والفانوس وسيلتهم في الإنارة بالمنازل حيث نقل معناه الى المصابيح المعلقة في الطرق ليستضيء بها الساري، وسميت بالمناوير حيث تلقى في جميع الطرق إراحة للناس دون تفريق بين التابع والمتبوع . وتتولى البلدية مهمة تنوير الأزقة لتطوف اللمبجية حاملة السلالم الخشبية داخل المدن في المساء لإشعال اللمبات النفطية بعد وضع الزيت فيها.وفي العاصمة بغداد وحدها وصل عدد الفوانيس عام 1919 الى 3450 منوار. وكان ناظم باشا قد أعد سنة 1910 امتيازات لمشاريع كهرباء وتنوير شتى لكن بغداد بقيت تنتظر تحقيق ذلك. اتخذت شركة النفط الإنكليزية - الفارسية سنة 1911 من قرية البريم على شط العرب جنوب العراق مقرا لها . وشرع البريطانيون في نصب ماكنة كهرباء ومد خطوط تلفون وتلغراف في القرية منذ ذلك التاريخ . وفي 1912 أنير قصر الشيخ خزعل أمير المحمرة (خرمشهر حاليا ) والمعروف بقصر الفيلية بالكهرباء في جميع حجره. رفع التطور الحاصل في مكائن الأحتراق الداخلي من قيمة النفط وجعله من العوامل الأساسية الحاسمة في النزاعات الدولية ايام الحرب العالمية الأولى واسهم فعلا في سرعة انتشار الكهرباء. ونصب البريطانيون ماكنات الكهرباء تباعا في العراق فترة الحرب لتشهد بغداد غرس أعمدة الكهرباء ولتتألق الأنوار في شارع الرشيد وتتسامى مدخنة مشروع كهرباء العباخانة، لكنهم ( أي الإنكليز ) وضعوا تسعيرة كهرباء أبتزازية مرتفعة وضاعفوا من مصاعب إيصال النور الى الأهالي. قبل ذلك حاول محمود جلبي الشابندر عقد الأتفاقات مع الأستانة وبذل الجهد لتنوير بغداد بالكهرباء وقد منحته الحكومة العثمانية امتياز تنوير بغداد سنة 1912. ثم تزاوجت مصالح التاجر الشابندر مع الإنكليز لوضع حد لتدخلات العثمانيين في أموره التجارية . وبعد تأسيس الدولة العراقية طالبتها شركة الشابندر بالموافقة على مشروع الكهرباء السالف الذكر لتصدر الإرادة الملكية في منح هذه الشركة الأمتياز في 26 /9 / 1928، وهو يقع في 120 مادة تشتري فيه الشركة الماكينات البريطانية وتوابعها وتستمر في تشغيلها. وقد توفي محمود الشابندر عام 1935 ليخلفه أبناءه في إدارة شوؤن الشركة. ونظم جميل صدقي الزهاوي قصيدة يرثيه فيها كانت من قصائده الجميلة وآخر ما نظمه قبل وفاته ببضعة أشهر. وفي أعوام 1938-1939 احتلت شركة ابراهيم محمود الشابندر المحدودة (هذه المرة ) موقعها ضمن قائمة الصف الأول لغرفة تجارة بغداد. واستوزر ابراهيم نائبا في البرلمان العراقي عام 1952 بينما استوزر أخوه موسى اكثر من مرة وكان سفيرا للعراق في واشنطن عام 1953 . تولت البلديات في المدن العراقية نصب مكائن الكهرباء . في سنة 1918 ظهرت الماكنات في البصرة و كركوك. ونصبت احداها في الموصل عام 1921 واخرى في الرمادي عام 1927 . وكانت البلديات العراقية قد تأسست عام 1869 أيام مدحت باشا ارتباطا مع قانون الولايات العثماني سنة 1853، واستمر الوضع على هذه الحال حتى صدور قانون البلديات العراقي رقم ( 84 ) لسنة 1931 . وبه أقرضت البلديات من الخزينة العامة حيث كانت في معظمها تأخذ الضياء والماء من السلطات العسكرية البريطانية لكنه أضر مختلف فئات الشعب. أدار الرأسمال الأجنبي شركة كهرباء بغداد أو شركة التنوير والقوة الكهربائية (شركة الترام والكهرباء_ الشابندر _سابقا )، واستوعبت معاملها التحشدات العمالية الواسعة . حتى هذا الوقت توزع عمال الكهرباء على المؤسسات الأجنبية وشبه الأجنبية بحكم الأستثمارات الرأسمالية وطبيعتها وهوية الموظفين الكبار العاملين في ادارتها كالميناء والسكك الحديد وشركات النفط وشركة كهرباء بغداد. وقد ألبت السياسة التسعيرية لشركة كهرباء بغداد الأهالي للتحرك ضد برامج وتوجهات الشركة المعلنة مرات عديدة وبدعم من اتحاد العمال في العراق. واضطرت المعامل التي تستخدم المكائن الى خفض أسعار منتجاتها رغم بقاء أسعار الرسوم للمحروقات باهضة، بينما استدعيت القوات الإمبراطورية مرارا لحماية المصالح الأجنبية كما حصل سنوات 1931 و 1933 خلال إضراب بغداد حين طوقت شركات النفط ومراكز توليد الكهرباء في بغداد والبصرة معا. فلم يكد جميل المدفعي يشكل وزارته، حتى جابهت حكومته أخطر الأزمات، عندما أعلنت الطبقة العاملة الإضراب العام ضد شركة الكهرباء البريطانية، بسبب استغلالها الجشع لأبناء الشعب . وكانت شركة الكهرباء، التي يمتلكها البريطانيون، قد فرضت على المواطنين دفع 28 فلساً عن كل كيلوواط، مما اثقل كاهل الطبقات الفقيرة، التي كانت بالأساس تعاني من الظروف الاقتصادية الصعبة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلدان الرأسمالية، وانعكاس آثار تلك الأزمة على حياة الشعب المعيشية . وحاولت نقابات العمال حث شركة الكهرباء على تخفيض أسعار الوحدات الكهربائية، وبذلت جهوداً كبيرة لحمل الشركة على تنفيذ مطالبها . غير أن الشركة رفضت الاستجابة لتلك الطلبات المتكررة، متذرعة بالتكاليف العالية لتوليد الكهرباء . فلما وجدت نقابات العمال أن الشركة مصرة على موقفها، دعت إلى الإضراب عن استخدام الكهرباء، والاستعاضة عنه بالفوانيس الزيتية، واللوكسات، لحين استجابة الشركة لمطالبهم . وافقت الشركة على تخفيض فلسين فقط من سعر الكيلوواط الواحد، وهذا ما لم يرضِ نقابات العمال، وجعلها تقرر الاستمرار في الإضراب .... غير أن الحكومة، بدلاً من أن تقف إلى جانب الشعب، أقدمت على اعتقال العديد من القادة النقابيين النشطين أما الإنكليز فقد سارعوا إلى جلب قوات عسكرية لحماية الشركة، وحماية رعاياهم في المدن العراقية.
· مجلس الأعمار ونقل ملكية الكهرباء
ظهر مجلس الأعمار الى الوجود بموجب قانون رقم (23) لسنة 1950 اثر أرتفاع حصة الحكومة العراقية من عائدات النفط. واستعان المجلس بالدراسات والبحوث الأستشارية ومنها على سبيل الحصر :
× تقرير بعثة البنك الدولي للأنماء والأعمار (WB) عام 1951 الموسومة (التطور الأقتصادي في العراق ). × تقرير شركة ( بريس كارديو و رايدر ) لتطوير مشروع كهرباء ميناء البصرة عام 1952 . × تقرير كارل أيفرسن عامي 53- 1954عن السياسة النقدية في العراق. × تقرير اللورد سولتر سنة 1955 تحت عنوان ( أعمار العراق - خطة العمل ). × تقرير شركة ( جي.جي . وايت وشركائهم ) عن كهرباء العراق. × تقرير شركة آرثر دي ليتل عام 1956 .
وضمت هذه البحوث التي تجاوز عددها ال (50) دراسة من الشركات والأطراف الأستشارية جملة تصورات عن آفاق تطور الكهرباء في بلادنا والإجراءات الواجب اتخاذها. في 18/5/1955 نقلت ملكية شركة كهرباء بغداد الى الحكومة العراقية تتويجا لنهوض الدولة العراقية في إدارة شوؤن الكهرباء في البلاد لتوؤل الى دائرة حكومية سميت مصلحة كهرباء بغداد. واشترت الحكومة الموانيء العراقية وامتلكت وحدات الكهرباء فيها حسب اتفاقية عام 1952 … وبلغ عدد البلديات التي امتلكت كهرباء و ماء صافي سنة 1956 (95) بلدية و(109) بلدية على التوالي من مجموع كلي هو (152) بلدية … بعد أن كان عددها عام 1941 (34) بلدية من مجموع (114) بلدية. في تاريخ البشرية محطات يتوقف عندها الزمن ليحييها باعتزاز لأنها غيرت وجه الطبيعة على كوكب الأرض. والكهرباء إحدى هذه المحطات الى جانب منجزات القرن العشرين الأخرى . وبفضل الكهرباء والأكتشافات العلمية اللاحقة تحول عالمنا المعاصر الى قرية صغيرة متشابكة . وشهد العراق دخول الكهرباء الى مدنه تباعا بعد 30 عاما فقط من بدء أول محطة كهرباء في العالم العمل عام 1882 وهي محطة أديسون في الحي الصناعي في مينلوبارك في نيويورك..أما معادلة وتائر التطور البطيء في توليد ونقل وتوزيع الكهرباء في العراق فقامت على طرفين.الأول - الطرف المشرع، وتقاسمته الأستانة والإنكليز والحكومة العراقية وكبار التجار. الثاني - عامة الشعب، وعلى أكتافهم جرى نقل الماكنات ومد الخطوط وتعليق المصابيح ..الخ. وحرصت شغيلة الكهرباء على ديمومة إيصال الكهرباء الى الناس وصيانة شبكات الكهرباء. حتى ثورة 14 تموز المجيدة اتسم كهرباء العراق بالمقومات التالية :
- سيادة التوليد الكهروحراري لتوفر النفط في الأسواق ورخصه . واكدت التوصيات الأستشارية لمجلس الأعمار على بناء المحطات الحرارية الكبيرة لأقتصاديتها ولضمان استقرارية الشبكة العامة، وعلى المحطات الكهرومائية على المدى الإستراتيجي . وأوصى الخبراء باستخدام الغاز الطبيعي بدل النفط لتشغيل المحطات الحرارية لأقتصاديته ونظافته البيئية . ولم تخضع الأعمال الأستشارية الأجنبية الى الرقابة الحكومية وجمدت الطاقات الوطنية. وحتى ثورة 14 تموز أمتلك العراق محطة واحدة ذات سعة 41 ميكاواط هي الصرافية. وفي عام 1954 تواجدت 49 ماكنة كهرباء اشتغلت لساعات محددة يوميا امتلكتها صنوف الجيش العراقي والصناعات الوطنية الكبيرة نسبيا واستوعبت 1259 عاملا. وتطرقت التوصيات الأستشارية مبكرا الى مشاريع دوكان و دربنديخان و بخمة الكهرومائية وأكدت على حاجتها الى الأستثمار الرأسمالي العالي.
- بلغت السعة الإجمالية الوطنية للكهرباء أواسط الخمسينات (65) ميكاواط تمركزت في العاصمة بغداد . وبلغت كلفة الوقود 10% على الأقل أعلى خارج بغداد. وامتلك 13% من مساحة العراق 66% من إجمالي المشاريع الصناعية والتي استهلكت لوحدها 70% من الكهرباء.... بينما امتلكت 40% من مساحة البلاد 34% من إجمالي المشاريع الصناعية واستهلكت 30% من الكهرباء الأمر الذي يعكس التشوه في عوامل التمركز. - كان الطلب على الكهرباء ثابت و غير كبير وعامل الحمل (Load Factor) منخفض والإنارة هي الطاغية. - اضطرار معظم الصناعات على توليد كهرباءها بسبب عدم انتظام و ضعف كفاءة التوليد العام. وامتازت مشاريع الكهرباء هذه بتواضع رساميلها الاستثمارية وهذا ما ميز عموم الصناعة الوطنية في الحقبة المذكورة. - تباين تسعيرة الكهرباء في الألوية، وكانت الأسعار في بغداد والبصرة اقل بمقدار النصف مما هي عليها في البلديات الأخرى .... لكن أجمالي السعر كان مرتفعا. - رسخ القطاع الأجنبي من تطوره وقوى من قاعدته التكنيكية… بينما اتسم تطور القطاع العام بالسلحفة والتشوه والمعاناة من عجز الموارد المالية والخطط الاستثمارية الخاطئة . وعرقلت السياسة الاقتصادية المعلنة تطور القطاع الأهلي . وخضع قطاع الكهرباء بأكمله تقريبا لسيطرة القطاع العام منذ سنة 1955. وقد وضعت الدولة ثمانية خطط استثمارية مركزية أعوام ( 27 - 1939). وقبل تأسيس مجلس الأعمار اتسم الأقتصاد العراقي بهزالة الموارد المالية للدولة وضعف إمكانياتها المادية - التقنية وبالخضوع التام للسياسة الاقتصادية الكولونيالية وبقيت التخصيصات الاستثمارية تتسم بالفوضى.أما مجلس الأعمار فوضع خلال فترة نشاطه حتى عام 1959 (3) خطط ألغيت احداها قبل المباشرة بالتنفيذ. وعبر تأسيس مجلس الأعمار عن انتقال الدولة من إسناد الصناعة العراقية عن طريق المصرف الصناعي الى تدخلها المباشر في تطور القطاع الصناعي! وتوفير مصادر التراكم للرأسمال الصناعي في القطاع العام ومشاريع الكهرباء . - انتعشت تجارة السلع والمعدات الكهربائية اثر تأسيس مجلس الأعمار حيث ازداد الطلب على السلع الكهربائية وصيانة وتصليح المعدات مع توسع إنتاج الكهرباء، وبلغت ربحية ورش الصيانة والتصليح هنا (15) مرة ربحية وحدات التوليد و(20) مرة ربحية البلديات في هذه الحقبة.
جدول رقم (1) السلع الكهربائية المستوردة حتى عام 1958
جدول رقم (2) مقاربة اقتصادية بين وحدات التوليد والصيانة والتصليح الكهربائية سنة 1959
- طبعت الكفاءة المتدنية إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء بسبب أخطاء التسليك وسوء مد الشبكات وضعف الصيانة فكانت خسائر الطاقة مرتفعة بلغت مستوى 36% بينما كانت الماكنات الكهربائية لا تعمل أكثر من 50% من سعاتها الإجمالية. - حلت الكهرباء محل الكيروسين في إنارة المدن وتعددت أغراضها . ومع ذلك وحسب إحصاء عام 1956 الذي استثنى الدور السكنية في قرى الريف العراقي التي ضمت أقل من 15 دار فأن 83% من الدور الصالحة للسكن لم تمتلك كهرباء و 97% لم تصلها إسالة الماء و 67% لم تمتلك دورات تفريغ و 90% لم تمتلك حمامات غسيل . وكانت 80% بيوت طينية أو من القصب…الا إن الدور السكنية الملحقة بشركة نفط العراق في كركوك مثلا كانت مزودة بالتدفئة المركزية الى جانب توفر الخدمات الأساسية. وبلغت صرفيات الكهرباء في العائلة العراقية متوسطة الدخل 198 فلس أي 1% من دخلها سنة 1954 . وغاب الكهرباء عن الريف ولم توضع خطة علمية شاملة للكهربة الريفية الا بعد ثورة 14 تموز.
· الكهرباء في العهد الجمهوري
لم يطور قادة ثورة 14 تموز 1958 المؤسسات التي ورثوها من الملكية لتعميق محتواها الدستوري والديمقراطي والحد من تشوهاتها وتجاوزاتها المعروفة قبل الثورة وتوسيع صلاحياتها، بينما كانت الإصلاحات البرلمانية والدستورية والمؤسساتية كفيلة بوقف تسلط القوى التي كانت تتلاعب بها ! ورغم نزاهة ووطنية قيادات الثورة الا أن الزعامة غرقت في بيروقراطيتها وأدخلت العراق في متاهات المجتمع اللامدني والفوضى السياسية. وبعد انقلاب 8شباط 1963 تعاقبت الحكومات،الواحدة تلو الأخرى، واستبدلت الحقائب الوزارية ذات الشأن كالتخطيط والصناعة والاقتصاد عدة مرات الأمر الذي طبع الخطط الاستثمارية وبرامج العمل والتنفيذ والكادر الفني والهندسي والهيكلية الإدارية بعدم الثبات واللاأستقرارية وساعد على إشاعة الفوضى واللاأبالية وعدم الشعور بالمسوؤلية والفساد والقى الضوء على الآفاق الفنية التكنيكية للمشاريع الأقتصادية دون الجدوى أو استيعابية السوق ومتطلبات القاعدة التجتية المتينة. في عام 1960 صدر قانون جديد للتنمية الصناعية ليزداد عدد المؤسسات الصناعية من 150 وحدة فترة العهد الملكي الى 480 وحدة.أما الخطة الأقتصادية المؤقتة فكانت طموحة بحق اكدت على التصنيع حجر اساس في السياسة الأقتصادية وبدونه لايمكن البت بثمار الأستقلال الأقتصادي الناجز وأكدت على الكهرباء قاعدة للتصنيع السليم. تأسست مصلحة الكهرباء الوطنية سنة 1959 وادمجت معها مصلحة كهرباء بغداد عام 1964 . وتوقفت البلديات عن توليد الكهرباء لينحصر عملها في نقله وتوزيعه بينما باتت المدن العراقية تستلم الكهرباء مباشرة من الشبكة الوطنية التي أغتنت بالمحطات الجديدة. ودخلت محطة دبس الخدمة عام 1959 في الوقت الذي بلغ فيه اجمالي السعة المؤسسة (Installed) سنة 1962 قرابة 450 ميكاواط أي سبعة أضعاف ما كانت عليه السعة قبل الثورة، وجرى توسيع إنتاجية المحطات العاملة بحكم ازدياد الطلب . وفي 1965 أنتصب مركز السيطرة الوطنية في بغداد شامخا يقود تنظيم الحمل وتوزيع الكهرباء مركزيا عبر الشبكة العامة. اتسم تطور الكهرباء فترة 1958 - 1968 بالمظاهر التالية: - تأسيس مجلس التخطيط على أنقاض مجلس الأعمار ليضع التخصيصات الاستثمارية الدورية. مما عزز من ريادة القطاع العام في صناعة الكهرباء . واشرف المجلس على وضع الخطط المركزية وهي:
× الخطة الأقتصادية المؤقتة 1959 - 1963 × الخطة الخمسية الأولى 1961 - 1965 × الخطة الخمسية الثانية 1965 - 1969
وحققت مصلحة الكهرباء الوطنية الأرباح الأقتصادية بعد أن جمعت لأول مرة التوليد والنقل والتوزيع معا وتوالت الزيادات السنوية في إيراداتها، بسبب التطورات الحاصلة:
× الزيادة في الطلب وارتفاع الحمل (Load). × التخصيصات الاستثمارية المغرية وفق الخطط الأقتصادية الحكومية. × أنتقال المشاريع الى مرحلة التشغيل والعمل الفعلي. × تراكم الخبرة التخصصية للعاملين. × الزيادة المطردة في الكادر الهندسي والفني والإداري.. × استخدام الحاسوب في التحكم المركزي والحسابات. × التوسع في الشبكة واعمال صيانتها.
وكانت الأجور المستحقة للعاملين في مشاريع الكهرباء مرتفعة نسبيا. في حين تضمنت الخطط الأقتصادية المشاريع الحكومية لانتاج المعدات الكهربائية من محولات وأسلاك ومصابيح إنارة ومراوح وبطاريات وعدد ولوازم كهربائية أخرى ليرتفع الإنتاج السلعي الكهربائي من( 2,8 ) مليون دينار 1958 الى(15,8 ) مليون دينار 1968 أي بنسبة 500%. واقتصر القطاع الخاص على استيراد السلع الكهربائية. وفي عام 1964 طالت التأميمات شركات أهلية أسهمت بقسطها في أيراد السلع الكهربائية والصناعية. - ارتفاع الكفاءة الاستثمارية أي نسبة ( الرأسمال / العمل ) مع انطلاقة مصلحة الكهرباء الوطنية وبالأخص منذ عام 1964،علما إن الأستثمارات في قطاع الكهرباء من النوع الطويل الأجل ولا تظهر النتائج الا بعد أعوام! لكن معدلات الاستثمار - او العوامل الاستثمارية (Exploitation Factors ) - في محطات الكهرباء بقيت واطئة ولم يجر الأستثمار الا بحدود 25% من السعات المؤسسة.أما الأهداف الاستثمارية المحددة لقطاع الكهرباء في هذه الحقبة فقد تباطأ تنفيذها وتباين تمركزها بين الألوية ولتبلغ نسبة الصرف الى المخصص 48%. وبلغت أعلى نسبة تنفيذ 86,5% على مشروع توليد طاقة اضافية للمنطقة الوسطى واقل نسبة على مشروع محطتي دوكان ودربندخان بلغت 1,% فقط. جدول رقم (3) نسبة الصرف الى المخصص أعوام 1961 - 1964 في قطاع الكهرباء
- الزيادة المطردة في اجمالي السعات المؤسسة لتبلغ 550 ميكاواط سنة 1968 . وتواجدت قرابة 130 ميكاواط اضافية خارج اطار الشبكة العامة على هيئة مولدات احتياطية ( Stand By ) في المعامل و المستشفيات . - سيادة النشاط المؤسساتي الكبير في القطاع الصناعي يعني استحواذه على حصة الأسد في معدلات استهلاك الكهرباء حيث بلغت 81,9%. جدول رقم (4) مقارنة نسب استهلاك الكهرباء أعوام 1962 - 1968
- تدني أعمال المقاولات الحكومية والأهلية في بناء واقامة مشاريع الكهرباء ونصب ماكيناتها وتولي الشركات الأجنبية تنفيذها وانعدام التنسيق بين الأطراف المقاولة وعدم مراعاة التوقيت الزمني فترة التنفيذ.
· التنمية الأنفجارية ومشاريع البناء الجاهز
أستلم البعث السلطة ثانية عام 1968 فأقام دكتاتورية فريدة النمط تصاب بالذعر حين يجري ذكر ثمار ثورة 14 تموز التي ربطت بين مهام الأستقلال الوطني والتحرر الأقتصادي بابداع .أما التوسع في شبكة الكهرباء الوطنية فانسجم مع التطور الطبيعي لأقتصاديات بلادنا وهمشته متاهات القادسيات الكارثية والسياسات الأقتصادية النفعية التي أرجعت العراق الى عهود الفانوس - المنوار ! عجلت العائدات النفطية أواسط السبعينات من تنفيذ مشاريع الكهرباء وتبخترت الحكومة بعقودها السخية مع الاحتكارات الغربية لنصب الوحدات الجديدة وتوسيع الشبكة التي كلفت المليارات من العملة الصعبة . وفرغت السياسة الأقتصادية للدولة التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وتوزعت التوجهات الحكومية على عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973، التنمية الأنفجارية، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح وتحجيم العمل التعاوني.... الخ. وقد ضربت التنمية الانفجارية عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، و أثارت الفوضى في نشاط الشركات الأجنبية وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع. دخلت أول محطة كهرومائية وهي سامراء ذات ال(84) ميكاواط العمل سنة 1972 . وفي سنة 1974 تأسست المؤسسة العامة للكهرباء وفق قانون رقم (159) ونقلت اليها دوائر مصلحة الكهرباء الوطنية التي ألغيت. والغيت المؤسسة العامة للكهرباء فيما بعد وقامت على اثرها منشآت مختلفة لانتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والكهربة الريفية ومنشآت أخرى. ودخلت الدولة أول أزمة كبرى في الكهرباء أواسط السبعينات بسبب اضطراب التوازن بين الإنتاج والطلب، والعجز الذي دفع النظام الى سد احتياجاته الطارئة بنصب الوحدات الغازية التوربينية رغم الكلفة التشغيلية العالية لها.. وسبب الركض وراء الحلول الآنية السريعة أبعاد تأزمية للدولة العراقية التي باتت ضحية نهج التوفيقية والنفعية المدمر بينما فرغت أزمات الكهرباء شحناتها داخل المناطق الشعبية المكتظة بالناس وفي الريف. أتصفت هذه الحقبة التي امتدت حتى 1991 في مضمار الكهرباء بما يلي : - ابرام العقود الاستراتيجية تحت إشراف مباشر من مجلس قيادة الثورة - أعلى سلطة سياسية في البلاد، والحكومة العراقية وبدعم الشركة العامة للمقاولات الإنشائية، وجماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا. وقفزت التخصيصات السنوية للمناهج الأستثمارية بشكل سريع بعد تأميم النفط لتصل الى أكثر من (20 - 23 ) ضعف قياسا الى تخصيصات مجلس الأعمار المنحل و(10-17) ضعف قياسا الى تخصيصات العهد الجمهوري التي سبقت التأميم. وأصبحت الدولة البعثية المالك الأول والأكبر للرأسمال والمتحكم بتوزيع العمل والإنتاج والدخل في البلاد عبر تركيز القوة والهيمنة الاقتصادية بيد النخبة الحاكمة وبالتالي فرض إرادتها والتحكم الكامل بالمجتمع. وقد وضعت الحكومة سلسلة مناهج وخطط استثمارية أدت الى زيادة التخصيصات اللازمة لقطاع الكهرباء ومشاريعه. - رفعت الشركة العامة للمقاولات الإنشائية التي تأسست بموجب القانون رقم 52 لسنة 1969 من نفوذ وهيبة القطاع العام في المقاولات وساهمت بفاعلية في إنجاز مشاريع الكهرباء . لكن الطبيعة الأجتماعية للسلطة وبزخم العائدات النفطية الكبيرة أدخلت رأسمالية الدولة الوطنية منذ منتصف السبعينات دور الانحطاط لتتحول الى المعين البارز لنمو الطفيلية وحاضنتها وخلقت أرباح لها هامش طفيلي كبير تجنيه الاحتكارات. وتحول قطاع المقاولات الى اكثر القطاعات ديناميكية وهيمنة على الأقتصاد وتغلغلت الطفيلية والبيروقراطية في أجهزة الدولة ومهدت الطريق للخصخصة التي اتضحت معالمها بداية الثمانينات مع الغاء التعاون الزراعي ومحاولات بيع المنشآت الحكومية الى القطاع الخاص عن طريق المزاد وتشربع مراسيم لامركزية صناعات القطاع العام . ولم تكن السلطات جادة في حماية حقوق الملكية الخاصة بقدر ما كانت تعمل لاغتصابها وتسييرها واصطدمت الخصخصة بمحاولات الشرائح القرابية (المقربة من النظام)الهيمنة على القطاع الخاص. وهددت الخصخصة منشآت الكهرباء توافقا مع اخفاقات القطاع العام واخطاء القائمين على صناعة الكهرباء . لقد بقي قطاع الكهرباء حكرا على الدولة طيلة الفترة 1955 - 1990 والتي لم تسهم بشكل مباشر في تراكم العناصر الرأسمالية فيه في الوقت الذي فقد القطاع الخاص موقعه التقليدي فيه منذ عام 1955 . - مع التوجه الجامح صوب عسكرة الاقتصاد الوطني وخلق الذهنية العسكرية وتأمين القوة العسكرية الكافية لتأمين مستلزمات تحقيق الأطماع ارتبطت وزارة الصناعة والمعادن بالتصنيع العسكري في وزارة واحدة ثم انفصلتا وتوحدتا وانفصلتا… بحكم مزاجية الدكتاتور وحاشيته وما يتبع ذلك من اجراءات عولبة الهياكل الادارية لصالح القرابية والبيروقراطية والطفيلية والعسكريتارية. وهذا طبع دوائر الكهرباء أيضا. - ارتفعت نسب تنفيذ مشاريع الكهرباء في هذه الحقبة لتصل احيانا الى 150% - 165% وحتى 200% ما كان مخصص لها فعلا وسط ظاهرة تدني نسب التنفيذ في مجمل القطاعات الأقتصادية عدا القطاع الصناعي . وزاد الإنتاج الصناعي 15 مرة بمعدل نمو سنوي هو 16,7% الأمر الذي لا يتناسب مع زخم العائدات النفطية آنذاك. ووصلت خدمات الكهرباء الى اكثر من 90% من اجمالي الوحدات السكنية في البلاد ولكن مع انخفاض عدد السكان في الريف وتوسع الهجرة من الريف الى المدينة لتصبح نسبة سكان المدن في العراق 80% نهاية الثمانينات بعدما كانت لا تتجاوز 35% ابان ثورة 14 تموز. وهذا لم يوقف توسع الطلب على الكهرباء في الريف العراقي، وجرى إيصال الكهرباء الى 84% منه بينما غطت الكهربة الريفية حوالي 7000 قرية في هذه الحقبة يستثنى من ذلك الريف الكردستاني وأرياف الجنوب العراقي - الأهوار بالطبع والقرى الحدودية بفعل القادسيات الكارثية والسياسات الشوفينية الطائفية للسلطة التكريتية. - تضرر الشبكة الوطنية بالحروب الكارثية للنظام ونخص هنا الحرب العراقية - الإيرانية والحرب الأهلية ضد الشعب الكردي حيث جمد العمل بمشاريع كهرباء عديدة تتويجا لرغبة صقور الحرب والشوفينية وتعرضت مرتكزات الشبكة الى التدمير أكثر من مرة بفعل الأعمال العسكرية . - ارتفاع ملموس في حصة او نصيب المواطن العراقي من الطاقة الكهربائية ليصل عام 1989 الى 1700 كيلوواط ساعة رغم تدني هذا المعدل عن مستويات بلدان الجوار والدول الآسيوية. وقد تضاعف أجمالي أستهلاك الطاقة الكهربائية في الفترة الممتدة بين عامي 1968- 1988 (14) مرة،وكان يفترض أن يتضاعف مرتين كل أربع أو خمس سنوات منذ نهاية الثمانينات.
جدول رقم ( 5 )
استهلاك الفرد في العراق من الكهرباء
- بلغت السعة المؤسسة سنة 1990 مستوى 9496 ميكاواط ضمت 25% منها سعات كهرومائية، بينما ضم طاقم المحطات الكهربائية 138 وحدة توربينية .أما السعات الغازية فشكلت ما لا يقل عن 15% من الإجمالي وبلغت 1750 ميكاواط. وعادة تكون هذه النسبة في المعدلات العالمية اقل من 2% لأن كفاءة التوليد الغازي تعادل 30% فقط. وبقي حمل الذروة في العاصمة العراقية يعادل ربع حمل الذروة الأجمالي البالغ 5162 ميكاواط. وكان عامل الحمل في ارتفاع مستمر و أستقر ما بين 63% و 67% بينما راوح عامل السعة في موقعه دون 40% و هذا معدل جيد نسبيا - راجع الجداول أدناه. ودخل الضغط الفائق 400 كيلوفولت الشبكة العامة لنقل الكهرباء لأول مرة. واستبدلت أشكال الوقود الحرارية كالمازوت والديزل بالغاز الطبيعي لتجهيز المحطات الكهروحرارية به . وشرع باستخدام قواطع (Circuit Breakers - C.B.) سادس فلوريد الكبريت SF6 العصرية في المحطات الثانوية (sub-stations) . في الوقت الذي ارتفعت فيه كمية الكهرباء المنتجة من1,3 الى 25,5 مليار كيلوواط ساعة وارتفع الناتج المحلي الأجمالي من 10,5 الى 343 مليون دينار بمعدل نمو سنوي قدره 19% في قطاع الماء والكهرباء في هذه الحقبة،ارتفعت مساهمة قطاع الكهرباء في الدخل القومي رغم بقاءها منخفضة وبقاء وتائر النمو بطيئة .
جدول ( 6 ) تطور المعاملات ( Factors ) في منظومة الكهرباء الوطنية
جدول ( 7 ) التطور السعوي في منظومة الكهرباء الوطنية
- جهزت الدولة العراقية السوق المحلية بالسلع الكهربائية . وتوزعت قيمة العقود المبرمة في مجالات التوليد والنقل على دول السوق الاوربية المشتركة واوربا الشرقية والولايات المتحدة بينما ارتفعت هذه القيم في الثمانينات وبلغت (2) مليار دولار عام 1981 لتشمل مشاريع استراتيجية مثل محطات الموصل و حديثة والمسيب الخ . وحسب عقود أبرمت عام 1988 كان يفترض أن تساهم الشركات والمصالح الأميركية بحصة متميزة في استثمارات مشاريع الكهرباء بقيمة إجمالية قدرها 1,5 مليار دولار ومنها شركات بيجتيل وجنرال ألكتريك و ويستنغهاوس. لقد لعبت الشركات الأوروبية منذ عقد السبعينات دوراً كبيراً في مشروعات التنمية العراقية، وأسهم النفط في تمتين العلاقات المشتركة، واتضح حضور الشركات الأوربية في الجوانب التجارية والمالية والصناعية والتكنولوجية. وكانت هناك أربع دول غربية ارتبطت مع العراق بعلاقات اقتصادية وفنية – تقنية متميزة هي فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وبريطانيا، بل إن العلاقة مع فرنسا، كما هو معروف، ارتفعت إلى مستوى علاقات صداقة. وقد وصل حجم التبادل التجاري بين العراق والاتحاد الأوروبي في عام 1989 سبعة مليارات دولار من أصل 22 مليار دولار هو حجم التبادل التجاري الإجمالي للعراق مع العالم. - مع الأنتهاء من مد خطوط نقل الكهرباء ذات سعة ال(400) مليون كيلوواط.ساعة في كانون الأول 1987 الى الحدود التركية بات العراق مؤهلا كأول دولة مصدرة للكهرباء في الشرق الأوسط ويفترض أن يكسب حوالي 15 مليون دولار / سنة من ذلك حسب الأسعار الجارية في ذلك العام. وتضمنت خطط الحكومة العراقية الأستراتيجية في حينها رفع السعة أعلاه الى 3 مليار كيلوواط.ساعة لتجهيز تركيا بالكهرباء وحتى تجهيز الكويت بالطاقة الكهربائية. - لم تفلح جهود الحكومة العراقية في بناء أول محطة كهرباء نووية عراقية حيث تعرض المفاعل أويزراك في أبو غريب، حزيران عام 1981، لغارة اسرائيلية دمر بها عن بكرة أبيه . وفي عام 1988 شرع الخبراء الفرنسيون والإيطاليون والسوفييت بأعادة بناء المفاعل في موقع آخر بينما وعدت السعودية بالتمويل والبرازيل والبرتغال بتجهيز اليورانيوم. - في هذه الفترة توفرت سعة احتياطية شكلت مجموع الحمل الأقصى والاحتياطيين الساكن والدوار. ولم تواجه البلاد عجزا يذكر الا في أواسط السبعينات عندما تأخر العمل في أنجاز محطة النجيبية في البصرة.علما إن:
العجز = السعة الأحتياطية – السعة الأجمالية المؤسسة. السعة الأحتياطية =الحمل الأقصى + الاحتياطي الساكن + الاحتياطي الدوار ( Running ) . الاحتياطي الدوار = سعة أكبر وحدة عاملة في الشبكة. الاحتياطي الساكن= 20% من الحمل الأقصى .
· العقوبات الأقتصادية و سياسات حافة الهاوية
دمرت 92% من مرتكزات شبكة الكهرباء الوطنية في حرب الخليج الثانية بفعل الضربات المباشرة الصاروخية وتعطلت قدرات تصل الى 8585 ميكاواط بينما تعطل المتبقي بسبب فقدان مقومات الإنتاج كالوقود والصيانة وقطع الغيار. وشن التحالف 215 غارة جوية استهدفت الشبكة الوطنية فقط وادى التدمير الى آثار بيئية ضارة.. وبلغت السعة المتاحة في 28/4/1991 (1598) ميكاواط فقط. فقد لحق قطاع الكهرباء دمار شبه كامل أصاب الشبكات ومحطات التوليد، الأمر الذي تسبب النقص الشديد في قطع الغيار اللازمة، والوحدات العاملة لا تعمل سوى 50% من طاقتها، والمحطات في حالة سيئة، وانقطاع التيار المبرمج يدوم لفترات تصل إلى 18 ساعة بسبب عجز وضعف المحطات، ووحدات الإنتاج، وهذا أنعكس سلباً على كافة مجالات الحياة في البلاد . وتوقفت عن العمل مشاريع مياه الشرب بسبب انقطاع التيار الكهربائي واصيبت بالشلل التام، كما تدهور الوضع الصحي بسبب عدم توفر المستلزمات والخدمات الوقائية، مما أثر على المعالجات الحيوية في المستشفيات وخارجها. جدول رقم ( 8 ) نسب الدمار في الشبكة الوطنية للكهرباء في القادسية الثانية
مع الحصار الدولي والعقوبات الأقتصادية تدنت مستويات الصيانة وفقدت السوق المحلية قطع الغيار الضرورية المطلوبة وتدنت كفاءة الشبكة الوطنية الى مستويات غير معهودة لتتسع أكثر ظاهرة الأنقطاعات في التيار الكهربائي . وتسبب ذلك في كبح عجلة الحياة اليومية، كما تسبب عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل المولدات الأحتياط (Stand-By ) وأسلوب التشغيل المتناوب للمولدات هذه، إلى ضعف عملية التعقيم الصحية مثلا . . وهبطت مستويات المعيشة الى حدود لا تطاق وارتفعت رسوم الكهرباء أضعافا. وتعود النظام العراقي تعليق أزماته الاجتما – اقتصادية على شماعة الحصار في الوقت الذي اخذ العراقيون فيه يستخدمون الفانوس النفطي بدل الكهرباء بالأخص في ضواحي المدن والارياف، وانتشر التوليد الأهلي والتجاري وتفاقم التمايز القومي والأجتماعي. ترسخت العقوبات الأقتصادية في برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء حسبما ورد في قرار الأمم المتحدة المرقم 986 (SCR-986) الذي يعتبر حجر الأساس في الوصاية المالية الدولية على العراق . ولم يأت القرار المذكور لحل الأزمات الأقتصادية المستفحلة بل لتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة ودرء الكارثة .وأشرفت الحكومة العراقية على توزيع مواد مذكرة التفاهم في المناطق الخاضعة لسلطاتها كما أسرعت الوصاية المالية من تدويل الوظيفة الأقتصادية - الخدمية للدولة العراقية ورحلتها الى مؤسسات خارجية تحت واجهة هيئات تابعة للأمم المتحدة او منظمات غير حكومية (NGOs). وشهدت حقبة 1991 - 2003 انخفاض حاد في القيمة الصناعية المضافة بسبب العقوبات الدولية وقرارات مجلس الأمن المتلاحقة …( 687،715،986،1051،1153،1284،1409 …) مع عرقلة مكشوفة من لجنة العقوبات لتخصيص المبالغ اللازمة لاستيراد قطع الغيار الضرورية لتشغيل وصيانة الشبكة الوطنية وباقي المرتكزات الأقتصادية . ولم ترجع المساعدات الإنسانية الحرارة الى الدورة الأقتصادية السلمية حيث عانت جميع المشاريع التي في عهدة الأمم المتحدة من بطء الأداء والعمل كما لم تخضع وكالات الأمم المتحدة نفسها وعموم التمويل الخارجي والأجنبي للرقابة.وقد توسعت الميول التضخمية وتعمق التفاوت في الدخل . استمر الحال هكذا حتى سقوط النظام والاحتلال الأميركي . من المفيد هنا ملاحظة مايلي: - عرقلة لجنة العقوبات الموافقة على العقود المبرمة انسجم مع مصالح الاحتكارات والرأسمال المالي العالمي والدولة الكومبرادورية في العراق. وبلغت قيمة العقود المعلقة للمراحل العشرة الاولى من مذكرة التفاهم في قطاع الكهرباء والبالغة 184 عقدا مقدار 1,366,400 مليار دولار.. وكانت هذه القيمة هي الأعلى في كافة القطاعات الأقتصادية يليها النفط بقيمة 945 مليون دولار وشمل تعليق 769 عقدا ! ولم يستلم العراق حتى نهاية سنة 1999 سوى ما قيمته 463 مليون دولار من المعدات منذ بدء تطبيق البرنامج الإنساني. بعبارة أخرى حصل العراق على (15 – 27 )% من مجموع قرابة 600 عقد لشراء معدات تأهيل الكهرباء بلغت قيمتها الأجمالية حوالي 2,5 مليار دولار حتى نهاية المرحلة الثامنة من برنامج النفط مقابل الغذاء. ولم يطرأ تغييرا ملموسا على هذه النسبة في المراحل التالية . - التحول الى نظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على أسس تجارية وفق قانون رقم 22 لسنة 1997 شمل منشآت الكهرباء في مسعى طوباوي لتجسيد لامركزية هذا القطاع ومنحه القدر الأكبر من الأستقلالية المالية والإدارية وسط الفوضى العارمة وتفاقم أزمة التيار الكهربائي الا انه تحول الى آلية للتهريب المنظم القانوني نحو الخارج فتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق ولأن النظم الوليدة احتاجت أصلا الى التكامل المرن والتنظيم والدقة دليلها القطاع العام نفسه لمحاصرة وتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الضيق… وقد شجعت أجواء الخصخصة القائمين على إدارات الكهرباء في السير قدما نحو تلبية توجهات دكتاتورية صدام حسين لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.
جدول رقم (9) اجراءات الحكومة العراقية صوب الخصخصة أعوام 1968 - 2003
- انتعاش نسبي في عمل المقاولات الأهلية توزع بين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية وغير الحكومية والقطاع الخاص لتنفيذ مشاريع الكهرباء وسعيها الدائم لاغراء الكوادر الفنية في أجهزة الدولة لترك أعمالها والانخراط في صفوفها عبر الرواتب العالية والامتيازات وسبل الفخفخة الا إن فوضى السوق المحلية أبقت المشاريع حكرا على حفنة من المقاولين الكبار الذين تحكموا بأسعار السوق ونشطوا تحت خيمة حزب البعث البائد. لكن كساد السوق وشحة المواد الأولية كانت من معوقات المقاولات العراقية عموما. وتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات وأساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها أموالا لا حصر لها. - تنامي الغش الصناعي في إنتاج السلع الكهربائية كالمفاتيح والمآخذ، وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية وهي وحدات إنتاجية منزلية الطابع تجميعية المضمون. وتعتبر حالة الركود التي شهدها الاقتصاد العراقي وتفشي البطالة والتسيب عوامل ضاغطة باتجاه الغش الصناعي. - في ظل أجواء الخصخصة وأزمة انقطاعات التيار الكهربائي مد التوليد الأهلي والتجاري اخطبوطه وتوسع رغم كلفته ورسومه العالية التي وصلت احيانا الى 25000 دينار / الأمبير الواحد بمعدل عشرة ساعات / يوم صيفا ورغم رداءة نوعية غالبيته حيث لا يخضع للصيانة والرقابة ويستهلك بسرعة بسبب الحمل العالي ليشيخ مبكرا تحت ضغط العمل المتواصل . وهو قليل المناورة والإتاحة (A-ailability) وضعيف الموثوقية ( Reliability) وذو رسملة واطئة لا تتيح له نصب الوحدات الكبيرة والإنتاج واسع النطاق. ولا توجد إحصائيات عن هذا التوليد تشمل عدد المولدات واجمالي الإنتاج الخ. وقد استعانت هيئات الكهرباء نفسها بعدد من هذه المولدات لبيع التيار الكهربائي بأسعار مرتفعة دون حسيب ولا رقيب لتزيد طين الأزمة بلة وتتعمد الإساءة الى القطاع العام مع تعمد السلطات الحاكمة قطع الكهرباء إجراءا عقابيا قسريا ضد الشعب. في الموصل وحدها وصل عدد المولدات الأهلية الى 4000 مولدة عام 2000 . - تدني اجمالي السعة المتاحة الى معدلات لا تتجاوز ال 50% احيانا من معدلات ما قبل الحرب.. واحتل الوقود الاحفوري نسبة تقارب ال 98% من أجمالي الوقود المستخدم في المحطات الكهربائية .. والمتبقي كان من حصة الطاقة الكهرومائية رغم السدود الكبيرة والمحطات الملحقة على نهري دجلة والفرات. وبات الحديث عن حفظ الطاقة والإنتاجية ومعدلات النمو والكفاءة الاستثمارية وعوامل الحمل والسعة والإتاحة والتباين في واقع تفسخ البنى التحتية والفقر الاستثماري وعهد الدولة الكومبرادورية وسلوكية لجنة العقوبات _لجنة 661 _ وتدهور المستوى المعيشي هلوسة فكرية وترفا. وقدرت احتياجات العراق الى ما قيمته 30 مليار دولار حسب تقارير الأمم المتحدة لتمويل قطاع الكهرباء فقط واستعادة مستويات ما قبل الحرب مع الحفاظ على وتائر العمل السائدة والتوازن بين العرض والطلب الذي يرتفع بمعدل 10%سنويا بينما تذهب مليارات الدولارات سنويا سدى كعجز وخسائر اقتصادية وهدر بسبب سوء التنسيق في اداء القطاعات الاقتصادية والخدمية . - مواصلة السلطات العراقية وشرائحها الطفيلية والبيروقراطية سياسة ابتزاز الشعب بالأعباء المالية كالرسوم والأتاوات وتحميل الأمم المتحدة والعقوبات مسوؤلية أزمات انقطاع التيار الكهربائي، وتحميل كادر القطاع العام مسوؤلية الفساد باشاعة المحسوبية والمنسوبية والولاء الجهوي وتلقي الرشاوي والاختلاس والغش والتهرب الوظيفي والاستغلال السيء للمنصب الرسمي والوظيفة العامة، ومواصلة الأعلام تضليل الرأي العام بالأسباب الفعلية لأزمة الكهرباء بينما انفلتت هذه السلطات من عقالها في اعتقال من تشاء لتحقق معه وتحاسبه دون محاكمة وتتخلص منه بأخس السبل . وعكس عمق التناقضات الأجتماعية وتوسع الأحياء المدينية الراقية دور كبار التجار والسماسرة والمنتفعين الذين باتوا يشكلون قوى ضغط طفيلية شبه مستقلة تتعاظم أرباحها مع إفقار الشعب ونبذ غير القادرين على الصمود وزجهم في سوق العمل الرسمي . - استحصال غالبية الشركات الأجنبية عقود الكهرباء العراقية لاعتبارات سياسية ومصالح اقتصادية تقديرا لزعماء أحزاب وأعضاء برلمانات في اوربا وآسيا وأميركا.. وقدم النظام العراقي العمولات المالية والنفطية الضخمة لصالح السمسرة السياسية عبر ابرام العقود وترتيب الصفقات مع الشركات بغض النظر عن كفاءتها ! - قللت المشاريع التركية الضخمة من قدرة العراق على التوليد الكهرومائي وبالأخص مشاريع الغاب (GAP). وعادلت القدرة الكهرومائية العراقية المتاحة 30% فقط من قدرات 1999 .في الوقت الذي أدت فيه هذه المشاريع الى خفض حصة العراق المائية بنسبة 80%. - توقف وتجميد مشاريع الربط الكهربائي بين العراق والدول المجاورة والشبكات المركزية في اوربا وآسيا . - ولدت الكوارث القادسية الآثار البيئية الضارة والجفاف الذي سبب مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 6 درجات مئوية فوق المعدل عجزا قدره 240 ميكاواط سنة 1996 فقط.
· آفاق التطور في ظل الاحتلال الأميركي
يعتبر التاسع من نيسان عام 2003 عيدا وطنيا لأنه شهد سقوط أعتى الدكتاتوريات في الشرق الأوسط الا انه ليس العيد الوطني الوحيد في العراق . جوهر مفارقتنا أن هذا التاريخ شهد ايضا دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية والشروع بالاحتلال المباشر لتمر البلاد بالمرحلة الاستثنائية - الانتقالية او الكارثة الوطنية بعينها. لم يسقط النظام ولكن ايضا سقطت الدولة وانهارت، وادى فقدان الحكم الى اعطاء سلطات كبيرة الى المحتلين رغم تأسيس مجلس الحكم وتشكيل الحكومة المؤقتة ورفع العقوبات الأقتصادية . ومجد القرار 1483 للأمم المتحدة سلطات الاحتلال وأكد على الدور الاستشاري فقط للعراقيين والسلطات الكاملة للمحتلين. واقرت قرارات الأمم المتحدة 1500،1511 بمجلس الحكم العراقي، وبسلطات الاحتلال الأميركي التي هي فوق كل اعتبار . والقرارات 1483،1500،1511 بالنهاية هي مشاريع اميركية - بريطانية ! ترتهن آفاق تطور صناعة الكهرباء الوطنية العراقية اليوم بالمصالح الأميركية فبوصلة الاحتكارات الدولية والأميركية كانت ولا زالت نسبة القيمة الزائدة بتجلياتها والسيطرة المالية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعسكرية على العالم. وتحيي وتجدد السياسة الأميركية دوما ترومانية النقطة الرابعة التي لا تعني سوى القواعد، الاحتلال، الدمار والمقابر تحت واجهة برامج جديدة و فوائد جديدة .. وتحديد أحادي الجانب وجامد لماهيات الفقر والجوع والمرض والأرهاب وتسخير المهارة والمعرفة في خدمة الاستغلال … بينما تستهدف الترومانية المعاصرة تحويل الدول الوطنية الى وكالات حارسة سياسية مسلحة للمصالح الأميركية وتأكيد نظام ازدواجية الهيمنة الكولونيالي في الطور الجديد من الرأسمالية المعاصرة . وتسعى الولايات المتحدة في احتلالها العراق ضمان الهيمنة على النفط العراقي وفرض نظامها الأمني في منطقة الخليج وابقاء المنطقة سوق للسلاح الاميركي والهيمنة الأقتصادية الأميركية، وفي سبيل أن ينخرط العراق في عملية التسوية العربية - الإسرائيلية وان تفتح أبوابه على مصراعيها أمام الرساميل الأميركية والأسرائيلية، والسيطرة على الأسواق العراقية وتأمين أن تمتلك الأستثمارات الأميركية حصة الأسد في عملية إعادة بناء اقتصاد العراق . ويحدد بول بريمر ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا :
× إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة × تعزيز التجارة الخارجية × تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي
تبدو جليا خطة بريمر في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين، واطلاق حرية السوق، واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد، وافقار الشعب، والغاء دور الطبقة الوسطى، وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور. قال " بريمر" في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا " ان هدفنا الإستراتيجي في الشهور القادمة هو تحريك سياسات تؤدي إلى نقل الأشخاص والموارد من المؤسسات الحكومية إلى المؤسسات الخاصة الأكثر إنتاجيةً. وسيكون أحدَ البنود الأساسية لهذه العملية إجبارُ المؤسسات الحكومية على مواجهة ضوابط مالية صعبة، وذلك بتخفيض تقديم الإعانات والصفقات الخاصة لها ".بجلاء تهدف البريمرية تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا ( إعادة البناء ) بل نقض بناء . فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي و مستقبل العراق للشركات الأمريكية أو لعراقيين يعملون كواجهة لشركات أمريكية.ومحطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الكهرباء هي من الممتلكات و الموارد العامة المخطط بيعها بالتدريج و المرغوبة من قبل الشركات الأمريكية و الغربية .وتسمح البريمرية بامتلاك الشركات الأمريكية ل 100% من قيمة المشروع وحق الشركات الأمريكية في تحويل 100% من أرباح المشروع خارج العراق . بينما تستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية و جني الأرباح و الفوائد.تبعا لذلك منحت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية احتكار ( بيجتيل - Bechtel ) الأميركي معظم عقود اعادة تأهيل صناعة الكهرباء العراقية . وهذه الوكالة هي المسوؤلة الأولى عن توزيع عقود اعادة الأعمار في العراق ويمثلها مستشار اعادة الأعمار لآسيا والشرق الأدنى . وتتضمن مشاريع وكالة التنمية الدولية الأمريكية في الكهرباء اعادة تأهيل الكهرباء والاصلاح السريع لمحطات وشبكات توليد الطاقة الكهربائية حيث عمل فريق من المهندسين من هيئة الكهرباء العراقية والوكالة ووحدات عسكرية أمريكية منذ شهر أيار 2003 على اعادة نظام الطاقة الكهربائية العراقي الى العمل والذي تضرر وشهد عقود من الاهمال وسوء الادارة . وحتى اليوم تبرز السمات التالية: - المحاولات الجادة التي تبذلها وزارة الكهرباء المشكلة حديثا في الحكومة العراقية لمعالجة أزمة انقطاعات التيار الكهربائي المستفحلة والتي باتت تؤرق الجميع الذي أدرك إن سنوات من ضعف الاستثمار في ظل النظام السابق والعقوبات الدولية و30 سنة من الاهمال والاقتصاد الهابط والسلطات التي تستخدم الخدمات العامة وسيلة للقمع لا يمكن أن تحل أزمة الكهرباء الحالية بأبعادها الشاقولية والأفقية في فترة وجيزة . وهي أحدى معالم ( قوس الأزمات ) الذي يحيط بحياة العراقيين وجزء من الأزمة العامة للاقتصاد الوطني جراء سياسات الدكتاتورية الهوجاء التي تفجرت بسقوط الدكتاتورية نفسها وعدم اكتراث الادارة المدنية لقوات التحالف بمعاناة المواطنين وبحكم الوشائج التي تربط المسوؤلين الجدد في إدارات الكهرباء بالاحتكارات الرأسمالية " شغل اول وزير كهرباء معين( السامرائي ) منصب المدير التنفيذي لشركة KCI الأمريكية للمقاولات الهندسية في شيكاغو قبل استيزاره واخذ عقدا بالملايين لتصليح الكهرباء حال استيزاره وهو عضو نشط في الحزب الجمهوري الأمريكي. ". - مواصلة إدارات الكهرباء أسلوب إطفاء الحرائق سيء الصيت الذي ورثوه من النظام السابق والذي أذاق الناس الأمرين في كل المواسم والفصول وتتجاهل الادارة المدنية الأميركية جملة حقائق موضوعية في مقدمتها بلوغ اجمالي السعة المؤسسة المتوفرة ( Installed ) قبيل العمليات العسكرية الأخيرة قرابة 16 الف ميكاواط…أي بتواجد سعة احتياطية إجمالية غير قليلة رغم الافتقار الى قطع الغيار وتدني الصيانة بسبب العقوبات الدولية لتسقط هي ايضا في فخ اطفاء الحرائق. - تعرض منشآت الكهرباء ابان وبعد العمليات الحربية الأخيرة آذار - نيسان 2003 الى أعمال النهب والسلب وهذا شمل بالطبع مخازن منشآت الكهرباء التي تقدر ممتلكاتها ب(250) مليون دولار التي طالتها أعمال السرقة والحرق الكامل وكذلك النظام الحاسوبي في مركز السيطرة الوطنية ! لكن البنية التحتية الأساسية لم تتعرض الى أذى كبير مثلما حصل ابان القادسيات - الكوارث، وباتت بغداد اكثر المناطق المتضررة لكون مصادر التوليد بها محدودة ولكون معظم مصادر التوليد قريبة على المساقط المائية وخطوط النفط والغاز وهي خارج بغداد. وبالرغم من إن أعمال السرقة والنهب التي تعرضت لها المحطات الكهربائية وشبكات نقل الطاقة وتوزيعها أفقدت المنظومة المرونة التي تتيح إمكانية تلافى الآثار السلبية الناتجة عن حدوث أي طوارئ، ومقوِّمات الاستقرارية ودرجة الوثوق المطلوبة والاحتياطي الدَّوار، إلا انه قد توفر لملاكات الكهرباء الوقت الكافي لأصلاح وصيانة شبكات نقل الطاقة وتوزيعها. ولا زالت غالبية الأحمال الصناعية والتجارية التي تؤلف اكثر من ربع حجم الاستهلاك المحلي في اجازة اجبارية بينما ينعدم الاستهلاك بالقصور والمواقع الرئاسية والخاصة والعسكرية السابقة او تقلص كثيرا الأمر الذي يعني انخفاض استهلاك الكهرباء بمقدار النصف او الثلث مقارنة بالمدة نفسها من عام 2002 ولا يفسر الأسباب الكامنة وراء أزمة انقطاعات التيار الكهربائي. وتستخدم الأدارة المدنية الأميركية في معظم مواقعها الأساسية اليوم مولداتها الخاصة التي اوردتها معها من الخارج. - ورثت وزارة الكهرباء الوليدة مخلفات النظام المقبور وبالأخص عشعشة البيروقراطية، والطفيلية، والفساد كالروتين والرشوة، والوصولية والانتهازية والبراغماتية. وبات فرسان البعث بؤرا لتجمع حثالات الوزارة التي لا زالت تتخذ الموقف اللامبالي واللامسوؤل ازاء هذه المظاهر السوداء بتواطؤ فاضح أحيانا من الإدارة المدنية الأميركية التي أوكلت لبعض رموز النظام السابق مسوؤلية إدارة قطاع الكهرباء } انظر : كريم وحيد - عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي وشغل منصب مديراً عاماً للشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية ومديراً عاماً لشركة الرافدين للحاسبات ومديراً عاماً للدائرة الفنية في هيئة الكهرباء، صلاح كزير - عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي ووزير سابق ومن رموز نظام المافيات العفلقية في دوائر الدولة، سلام رزق الله،عماد العاني، ليث الشيخلي، مؤيد معيوف، ممتاز رضا، صبيح خماس، عبد الرحمن قاسم، رعد الحارس … وجميع هؤلاء هم من أقطاب المافيا العفلقية وأعضاء في شركات عديدة حقيقية ووهمية في خارج العراق وبالذات في الأردن، استطاعت أن تجمع الأموال الطائلة لحسابها الشخصي من خلال الحصول على قومسيونات ومضاربات بين الشركات المنفذة للمشاريع في العراق وأيضا بيع المواد والآليات العائدة للدولة بأثمان بخسة لمقاولين وتجار من أقاربهم وأقارب الدكتاتور صدام{ . - تفشي ظاهرة التجاوز على شبكات وخطوط توزيع الكهرباء في الأحياء والمناطق السكنية والشوارع التجارية عبر تبادل ربط المغذيات للاستفادة من ساعات القطع المبرمج وفوضى التوصيلات وتشابك الأسلاك المتدلية من الأعمدة والمتروكة على الأرض وخاصة في الأحياء الشعبية .ولا زالت مفارز العمل التابعة لهيئات الكهرباء ضعيفة وتعاني من قصور كبير في النشاط الميداني. كما شاعت ظاهرة سرقة خطوط النقل واسقاط الأبراج لسرقة النحاس والألومنيوم والتجارة بهما خارج الحدود! الى جانب أعمال التخريب المستمرة التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لمحطات التوليد وكل مرتكزات الشبكة الوطنية، وعدم العدالة في توزيع الكهرباء بسبب ضعف آهلية العاملين واستجابتهم تحت التهديدات لتجهيز مناطق دون غيرها!. - مراوحة السعة المؤسسة المتوفرة الحالية للكهرباء حول 5000 ميكاواط أي اقل من 50 % من إجمالي السعة ما قبل غزو الكويت وربع اجمالي السعة ما قبل العمليات الحربية الأخيرة بينما بلغ الطلب 6000 ميكاواط .. والمفارقات الأحصائية هنا هي نقلا عن تقارير الأدارة المدنية الأميركية والحكومة المعلنة ولا تخلو من مغالطات ! ولا زال النقص في الطاقة الكهربائية يبلغ 35% وان انقطاعات الكهرباء في بعض المناطق تصل الى 12 ساعة يوميا. جدول رقم (10) التوزيع السعوي للطاقة الكهربائية في البلاد
- تفشي التوليد الاهلي والتجاري وانتشاره زئبقيا بسرعة بعد أن أغرقت السوق بالمولدات والسلع الكهربائية. وتولي شركات خاصة ايراد مولدات ذات سعة اكبر من 1 ميكاواط وتشغيلها ومنها شركة الكاظمي بالتعاون مع شركات أجنبية ( يعتمد سكان العاصمة المتيسرين على المولدات الكهربائية التي ينتشر ضجيجها في مختلف المناطق....)، وتوفر المناخ المؤاتي لبعض القطط السمان لإغراق السوق بالسلع الكهربائية والمولدات وادارة تشغيلها على شاكلة شركات متواضعة وهيئات رجال أعمال حيث ينتظر الجميع استغلال الفرص التالية وفق قوانين الغاب المنافسة والاحتكار ( انظر لا على سبيل الحصر شركات : علاء علي ( أسب – ACP )، صباح الشمري ( سابكو- SAPCO)، الدوهان وشركائه، بنية التجارية، الشركة العراقية الوطنية للاستثمار والإعمار، شركة هانكوك اوفرسيز كوربوريشن العراقية في بريطانيا، الخرافي ناشيونال - احدى شركات مجموعة الخرافي، طالب علي سالم ( شركة المنصور للخدمات الهندسية)، شركة النورج - وكالات تجارية، شركة المنارة للاستثمار والإنماء، شركة الرافدين الإنشائية). - سعي ادارات الكهرباء لإيراد التيار الكهربائي من تركيا ومصر وسوريا والأردن وإيران والكويت جاري على قدم وساق ودون تخطيط ويصطدم بالعقبات وارتفاع أسعار التجهيز وتواضع التخصيصات المالية اللازمة. - أصبح معظم محطات التوليد متقادماً وتعاني شبكات التوزيع الكثير من النواقص، بالإضافة إلى عجز طاقة التوليد المتاحة عن سداد الطلب، خصوصاً القطاع المنزلي. وإذا أريد استئناف النشاط الاقتصادي لمستوياته العادية، فإن ذلك يتطلب إضافة طاقات توليد جديدة وتجديد الشبكة الوطنية.و تقدر احتياجات قطاع الكهرباء لاستحصال استقرارية المنظومة انتاجا ونقلا وتوزيعا بأكثر من (10 مليار دولار) بينما تبلغ المعونة الأميركية لقطاع الكهرباء (5,6 مليار دولار) كان يؤمل وصولها بداية شباط 2004. ولا تملك الحكومة العراقية وسيلة سحرية لانتشال المنظومة الكهربائية من واقعها المتدهور لأن ذلك يتطلب توفير المبالغ الكبيرة التي لا تقل عن ثمانية مليارات دولار لعام 2004 فقط، في حين أن وزارة الكهرباء وبعد طول الألحاح حصلت على 600 مليون دولار مما أتاح لها ذلك إحالة أول عقد لإضافة 500 ميكاواط جديدة قبل شهر حزيران . ويبقى السؤال.. لماذا تطلب الحكومة العراقية عبر وزيرها للكهرباء المبالغ نقدا وعدا ؟، أليس المعتاد في كل الأعراف أن يتم الاعلان عن المناقصات العلنية التي تحدد الاحتياجات الفعلية لتحديد مبالغها ؟، وان تم ذلك فعلا لماذا لم تطلب المواد من سلطات الاحتلال لتنفيذ التزاماتها وفق القوانين الدولية ؟. إن انعدام التخطيط والاتكال على إمكانية بلوغ استقرار منظومة الكهرباء الوطنية بإضافة كذا ميكاواط من القدرة الكهربائية فحسب هو محض خيال ولا يعني سوى إطالة عهد الشمعة والفانوس لإضاءة بغداد . - تكشف اعمال الارهاب والتخريب التي تطال الشبكة الوطنية ومحطات الطاقة وانابيب النفط عن جهاز استخباراتي متطور. وتستهدف السيارات المفخخة القوافل الأمريكية بانتظام مما يعني ان الارهابيين يعرفون أي طرقات ستسلك القافلة وتوقيت مرورها عليها.وقد برهنت العمليات العسكرية الأمريكية والمشتركة عن عدم فعاليتها فيما تتمكن فرق الارهاب من الإفلات والهرب بعد أن تزرع العبوات البدائية الصنع في مخابئها.ويبدو أن عمليات تخريب أنابيب النفط ومعامل الكهرباء موجهة بدقة ضد الأماكن الحساسة أي أن مرتكبيها لم يطلعوا على طريقة تركيب شبكة الطاقة فحسب بل على مواطن الضعف فيها أيضا، الامر الذي يؤكد ان الارهاب مصدره من داخل السلطات الجديدة ( حاميها حراميها ) وليس كما تحاول هذه السلطات اشاعته وفق التسجيلات المتلفزة. ... جرذان بعث وزارة الكهرباء العراقية لهم اليد الطولى في اعمال التخريب، كما يبدو ان ايران قد اخذت قسطها عبر تمويل هذه العمليات وتوفير الاجواء الجيوسياسية والبيئات الاجتماعية لها . - دخول المرجعيات الدينية على الخط . تذكرنا المرجعيات الدينية والفقهية في العراق التي تصدر فتاوي القتل وفتاوي دعم قوائم انتخابية دون اخرى، والفتاوي التي تصدر بطلب حكومي ... تذكرنا بكهنة القرون الوسطى واجراءات محاكم التفتيش، وفتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين .. وتذكرنا بصدام حسين الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة ! جاءت الفتوى بترشيد الكهرباء والحفاظ على شبكات الطاقة ومصادر التوليد الى ابناء الشعب انصياعا لطلب حكومي وتسترا على رعونة اقزام البعث في وزارة كهرباء عرس واوية صولاغ الاشيقر الصدر الصغير ..وهذه الفتوى مقدمة لفتاوي لاحقة كترشيد المحروقات والمياه الصالحة للشرب والاخطر ترشيد الاستهلاك المعلوماتي ... وهي حالة خطيرة تجسد فساد المرجعيات الدينية التي تأبى الفتوى بالمواجهة الحازمة لمظاهر الفساد الاداري التي تنعم بها حكومة الاشيقر والمواجهة الحازمة للرأسمال المحلي والكومبرادوري العراقي ونصرة الفقراء . ان اللجوء الى المرجعيات الدينية وفتاويها البليدة لا يناقض الديمقراطية فحسب بل يهدد العملية الديمقراطية برمتها لانها تسيء استخدام الحريات التي تمنحها الديمقراطية للناس، كما تستغل الدين لتحقيق اغراض ذاتية.الدين هو الضحية لها وللنخب الحاكمة الفاسدة، وهذا اخطر ما في العملية السياسية نظرا لحساسية الدين وقداسة الرموز الدينية في اذهان الناس.
· توصيات خلاصية
الكهرباء طاقة سلمية تصب في تعزيز السلم والاقتصاد الوطني وهي البنية التحتية الأساسية للنشاط الإنساني المعاصر. ابتلت في العراق بدكتاتورية رعناء تستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته،وهي لم تأبه بمواثيق دولية وحقوق إنسان عندما حولت الكهرباء من نعمة الى نقمة نهاية القرن العشرين .. الكهرباء نعمة للشعوب الآمنة المسالمة المتطلعة لغد افضل .. لا نعمة فحسب بل ثمرة تكنولوجية للقرن العشرين وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث. وقد ورث مجلس الحكم الانتقالي والحكومات المتعاقبة التالية التركة الثقيلة للنظام المقبور. في معمعان هذا الخراب الكارثي للبنى الارتكازية وانهيار الدولة العراقية كان ترفا فكريا وهلوسة الخوض في الحديث عن الإنتاجية،ومعدلات النمو،والكفاءة الاستثمارية، وعوامل التمركز،…، حجم المقاولات،والتوليد التجاري رغم التوسع الافقي والشاقولي للحمولات خاصة في العاصمة بغداد .وتفاقم ديناميكية الاستثمار الاقتصادي في عملية إعمار العراق من انتهاكات حقوق الإنسان، بينما يساهم استخراج الموارد، لاسيما النفط، في بيئة غير آمنة، في تأجيج النـزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، ويؤدي انعدام الشفافية في إرساء مشاريع الإعمار الكبرى ومنها الطاقة الكهربائية وعمليات العطاءات أو المناقصات المغلقة أو السرية المتعلقة بها إلى الفساد والإفساد مما يضعف من جهود توطيد سيادة القانون في العراق، فضلاً عن تبديد الموارد التي يمكن أن تستخدم لمصلحة الشعب العراقي . كما إن الممارسات التي تعتمدها الشركات الأميركية والبريطانية وشركات عقود الباطن – في التوظيف، مثلاً، أو لجهة الحفاظ على أمن عملياتها – أدت وتؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. وثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الأجنبية إلى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا. يبدو جليا دور الدولة والمؤسساتية المدنية في تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات.
- أي حديث عن حفظ الطاقة والانتاجية في ظل واقع تفسخ البنى التحتية والفقر الاستثماري والوصاية الدولية وعهد الدولة الكومبرادورية وعهد انهيار الدولة والاحتلال الأجنبي هو مضيعة للوقت.رغم ذلك يجب إعطاء حقوق الإنسان موقع الصدارة في عمليات الإعمار، وإشراك العراقيين في عمليات صنع القرار، وحماية حقوق المرأة، وإرساء العقود بطريقة شفافة من خلال العطاءات العلنية،وادارة العائدات النفطية بطريقة تتسم بالشفافية والمساءلة .ويجب أن يحتوي الدستور العراقي الجديد على مواد تمنع امتلاك الموارد العراقية الأساسية من قبل القطاع الخاص و الشركات الأجنبية كالنفط من الإنتاج الى التكرير و أنابيب النقل، ومحطات توليد الكهرباء، شبكات التوزيع والصيانة،.. الخ.وعلى مجلس الحكم والحكومة الانتقالية عدم التحول الى حملة لاختام بول بريمر و بالتالي لا اعتراض على قرارات التخصيص و خصوصا أن للكثير من أفراد النخبة الحاكمة الجديدة مصالح كبيرة في عملية الخصخصة ( في خطط الحكومة العراقية الراهنة لا تقل حصة القطاع الخاص عن ثلاثين بالمئة من اجمالي المبالغ المخصصة لاعمار قطاع الكهرباء وهي تعتمد على القطاع الخاص بالفعل لأعتقادها الراسخ المبني أصلا على البريمرية انه السبيل الوحيد و السريع الذي يمكن أن يساعد في حل مشكلة الطاقة الكهربائية في الوقت الحاضر. ).. - المطالبة بالتزام دولي لأعادة أعمار عراق ما بعد صدام لضمان سير الدورة الأقتصادية السلمية وتشغيل المعامل والمصانع المتوقفة عن العمل ومنها منشآت الكهرباء . ويستلزم ذلك ارساء المؤسساتية المدنية واشاعة الحياة الديمقراطية والدستورية وخلق أجواء الثقة والاستقرار،وجلاء القوات الأجنبية عن ارض العراق،وتولي الأمم المتحدة دورها في توجيه الحاكمية الدولية لضمان استقلال العراق الناجز وسيادته الوطنية على كامل أراضيه وإضفاء الشرعية على عملية الانتقال الى الديمقراطية في بلادنا. وفي هذا الإطار تندرج المطالبة بمعالجة بطء العمل والروتين والبيروقراطية التي يتصف بها اداء هيئات الأمم المتحدة وبالأخص - UNDP - البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة في تنفيذه برامج إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية ENRP في العراق وبالأخص في كردستان. - توزيع بناء محطات الكهرباء التقليدية ونصب الوحدات التوليدية على عموم البلاد وبمعدل نمو سنوي لا يقل عن 10% لمعادلة الطلب المتنامي . ويستلزم التوزيع العادل للثروات الوطنية تخصيص حصة مناسبة من أجمالي السعة المؤسسة الوطنية للإقليم الجبلي . واعتماد المحطات المتنقلة لتلبية جزء من الطلب المتنامي الطارئ. - تفعيل دور المحطات الكهرومائية بعد ضمان حقوق العراق المائية في اتفاقات متوازنة مع تركيا وسوريا،وعلى الحكومة العراقية الانتقالية ومجلس الحكم اتباع سياسة رشيدة سليمة توظف العلاقات العراقية – التركية لصيانة الأستقلال الوطني والسيادة الوطنية لبلادنا. يسهم التوليد الكهرومائي الكبير في انتاج الطاقة الكهربائية الرخيصة الكلفة والنظيفة والصديقة للبيئة ورفد الشبكة العامة بالكهرباء وخاصة في ساعات الذروة المسائية والنهارية !..وبالتالي تحقيق التوازن في الشبكة العامة باعتبارها تشكل النسبة الكاملة تقريبا من الاحتياطي الدوار " Running " عند وقوع أي طارئ من أعطال وانقطاعات مفاجئة.أما بحيرات ما خلف السدود الرئيسية فهي المخزون الاستراتيجي الهام للأمن المائي في بلادنا وجب مراقبتها وقياسها وتقييمها دوريا .ومن الضروري صيانة وتحديث المجموعات الكهرومائية وتأمين القطع التبديلية لها مع استخدام الحوسبة الكمبيوترية في آلية العمل والأحصاء فيها. لقد بات إنتاج الطاقة الكهربائية من محطات الطاقة الكهرومائية غير اقتصادياً بسبب ارتفاع كلفة الوحدة المائية المنتجة لوحدة الكهرباء، وبالتالي ارتفاع كلفة وحدة الطاقة المنتجة من الكهرباء ومن ثم ارتفاع سعر الوحدة الكهربائية المنتجة التي يتوجب دفعها من قبل المستهلك. وهذا مرتبط أساسا مع زيادة عدد السكان وبالتوسع في الأراضي الزراعية المروية إضافة إلى موجات الجفاف المتلاحقة على المنطقة وقلة الأمطار. ويعتبر العراق من أكبر الدول العربية توافرا للموارد المائية المتاحة، حيث يستحوذ على حوالي 24 % من إجمالي الموارد المائية العربية المتاحة. نصيب العراق يقدر بحوالي 64 مليار متر مكعب مقارنة ب 562 مليار متر مكعب من الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي ككل. كما أن نصيب الفرد في العراق من المياه / السنة يقدر بحوالي 2358 مترا مكعبا مقارنة بمتوسط نصيب الفرد في الوطن العربي في حدود 1000 متر مكعب / السنة، أي ما يعادل 24 ضعف المتوسط العربي. وللثروة المائية العراقية أولوية كبرى، تختفي وراء المطامع النفطية البراقة. - يحقق الربط الكهربائي مع البلدان المجاورة العديد من المزايا الفنية للأنظمة الكهربائية المرتبطة معا ويحقق العديد من المزايا الاقتصادية والبيئية على المستوى الوطني للدول المرتبطة فهو يساهم في تخفيض الاستثمار في الاستطاعة التوليدية لتغطية أحمال الذروة ويتيح الفرصة للعراق والأنظمة ذات الأحمال الكهربائية الصغيرة لإنشاء محطات توليد عالية الاستطاعة ومرتفعة المردود والاستفادة القصوى من فروقات تكاليف التوليد وتحسين كفاءة وحدات التوليد الكهربائية من خلال التشغيل الاقتصادي الأمثل وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية الموحدة في الحالات الثابتة والمتغيرة والعابرة. ويمكن من إنشاء محطات توليد الكهرباء بالقرب من المصادر الأولية للطاقة ذات الكلفة المنخفضة، وتخفيض كلفة توليد الكهرباء، وجودة الخدمة أن ينعكس إيجابيا على التطور الاقتصادي والاجتماعي للدول المرتبطة كهربائيا ومنها العراق. وتخفض المتطلبات المالية المطلوبة للنهوض بقطاع الكهرباء في العراق إلى النصف في حال استكمال ربط الشبكة الكهربائية في العراق بالشبكة الكهربائية الإقليمية. لان كلفة الطاقة الكهربائية المستوردة تكون أقل من كلفة توليد الطاقة محلياً، إذا كانت حاجة البلد المصدر أقل من الإنتاج الأقصى، وتتوفر الفرص لبيع الطاقة عند حدوث أعطال تؤدي إلى انقطاع التيار أو عندما لا تتمكن محطات التوليد من تأمين حاجة المستهلكين. - تحديث الوحدات الحرارية المتقادمة ونصب مجاميع كبيرة نسبيا من الوحدات الغازية ( سعة 40 ميكاواط ) لأغراض (حمل الأساس - Base Load ) لمرونتها وامكانية تشغيلها على اكثر من نوع من الوقود فضلا عن موثوقيتها وتخصص الشركات الأميركية في انتاجها.وتوسيع قاعدة التوليد غير التقليدي ( Abnormal - Renewable) ودعم البحوث العلمية ذات العلاقة في ميادين التوليد الشمسي والبايوغازي ( Biomass ) وطاقة الرياح، والكهروضوئي والتوليد الكهرومائي الصغير(Mini & Micro ).. في أطراف المدن والبراري والمناطق الجبلية . وتجديد مرتكزات الشبكة الوطنية بالتقنية الحديثة ومعادلة تقادماتها. - توسيع تجهيزات الشبكة الوطنية بنسب تماثل الزيادة الحاصلة في الطلب على الكهرباء مع استبدال ما هو مطلوب تبديله تناسبا مع التوسع المضطرد في الأحمال وتطور أساليب الاستهلاك في الشبكات القائمة . وتنفيذ مشاريع الاستبدال والتوسع التي تطال محطات التحويل والقواطع الآلية الحديثة (C.B.)، والحمايات الرقمية لها لقيادتها آليا وحاسوبيا، وقابلوات التوتر المتوسط الأرضية والتوتر المنخفض الأرضية والتوتر المنخفض الجدارية وتكبير استطاعة المحولات. - مواصلة اعتماد الغاز الطبيعي وقودا لتشغيل المحطات الحرارية لأقتصاديته ونقاوته البيئية . وتصدير الغاز المسيل (L.N.G.) الى الدول المجاورة بالأسطوانات وعبر الأنابيب الى بلدان الجوار واوربا. - تفعيل دور قطاع الطاقة الكهربائية في عملية الأنتاج الأجتماعي للحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي في مختلف مجالات الأقتصاد الوطني في البلاد وتقليص حجم القوى العاملة اللازمة لذلك، وجعل الدخل القومي محسوبا بالأسعار الثابتة لأعوام قياسية خلت يتزايد مع ارتفاع رصيد الطاقة الكهربائية في الأنتاج الأجتماعي . ومعروف ان معدلات نمو الطاقة الكهربائية السنوية تفوق مُعدَّلات نمو الدخل القومي السنوية في البلدان المستقرة أقتصاديا لأن جزءاً من هذه الطاقة يستخدم لرفاهية المواطن ورفع مستواه الفكري والاجتماعي.وبسبب سياسات النظام السابق والحروب التي انتهجها والحصار الدولي تدهورت معدلات نمو الإنتاج والاقتصاد الوطني عموماً وأصبحت الآن تقارب ناقص ستة (- 6)، بعدما كانت تناهز 11 % نهاية السبعينات، وهذه حال مريعة للغاية.ويذلل الإنتاج الواسع والاستهلاك المتنامي للكهرباء من أعمال النقل الحديث بالسكك الحديدية والمترو .. وهي وسائل نقل اقل كلفة باعتبارها وسائل نقل جماعية واكثر حماية للبيئة من التلوث بغاز ثاني أوكسيد الكاربون. - اعتماد سياسة تنويع السلع الكهربائية المنتجة محليا واستخدام الخامات الوطنية أساسا للإنتاج وتقليص اعتماد السوق على ايراد قطع الغيار الضرورية من الغرب. - اتباع سياسة تسعيرية مناسبة تسهم في تقليل تكاليف معيشة الشعب وتكاليف الأنتاج وتدعم الأقتصاد الوطني وعبر الأدارة الكفوءة لقطاع الكهرباء وتحقيق الأرباح الموازية.ومعالجة فواتير الكهرباء اللامدروسة والعشوائية التي تصيب المواطنين بالغبن، واتخاذ الأجراءات اللازمة لتقليل كلفة وحدة الكهرباء ( ك.و.س.) المنتجة وحصر نسبة الفاقد. - المتابعة الدقيقة لعقود قطاع الكهرباء التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات ونخص بالذكر هنا ( بيجتيل - Bechtel ) و( سيمنس - Siemens ) و(مجموعة واشنطن الدولية) و(شركة أوم الكتريك لانشاءات التوصيلات الكهربائية) و(شركة ايليجيكت ضمن مجموعة عمل مصرية) و(شركة « مويا» الكويتية التي أسست شركة تدعى Securiforce لحماية أمن المحطات الكهربائية وتساهم فيها 3 شركات بريطانية ) و(شركة « فارتسيلا» الفنلندية) و(شركة "سلوفيي ماشيني" الصناعية الروسية العملاقة… بتمويل من بنك " بي ان بي باريبا " الفرنسي) و(شركة رنكو الايطالية) و (الشركة الاميركية فوستر ثومبسن) و (شركة شنغهاي الصينية) و(شركة أنترأنيرجوسيرفيس الروسية ) وفق برنامج النفط مقابل الغذاء والمطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة .وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية.يذكر ان عملية منح الشركات الأميركية عقودا لاعادة الأعمار في العراق لم تخلو من تجاوزات فاضحة أساسها التواطؤ بالعلاقات المباشرة مع رجال البيت الأبيض وصقور وزارة الدفاع الاميركية - البنتاغون، وأن معظم الشركات التي فازت بعقود لإعادة إعمار العراق معروفة بعدائها الشديد تجاه النقابات العمالية وحصلت على معظم العقود دون طرحها في عطاءات تنافسية بسبب علاقاتها الوثيقة بإلادارة الاميركية، واستطاعت هذه الشركات الاستفادة من العلاقات السياسية والترشيحات والتعيينات في المناصب الحكومية والحصول على امتيازات ضخمة.} انظر شركات: « هاليبيرتون»، « براون أندر روت»، إم. آي. سي ورلدكوم،سنوي ماونتنز الأسترالية، « آي. بي. بي أسوسيتس»، بلاك وفتيش هولدنج كومباني، كريستيف أسوسيتس أنترناشيونال، « دين كورب كمبيوتر سبنسزكور بوريشن»، « فلوركوربوريشن»، بارسونز كوربوريشن، « بيريني كوربوريشن»، سكاي لينك، « SSA »، معهد تراينجل (المثلّث) للأبحاث…وبالطبع مجموعة بيجتيل المتحدة {. وهي شركات ذات تاريخ حافل بالفساد والفضائح وتسعى إلى تحقيق معدلات أرباح ضخمة تقدر بمليارات الدولارات من الخراب الذي حل بالعراق من خلال وضع أكبر قدر من صناعاته وخدماته وثرواته تحت السيطرة الأجنبية. يجب على الشركات أن تلتزم بمراعاة مسودة معايير الأمم المتحدة الخاصة بمسؤوليات الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات التجارية الأخرى فيما يتعلق بحقوق الإنسان ورفض المشاركة في مشاريع تفرض التهجير القسري والتعسفي القائم على التمييز حيث لا تدفع التعويضات الكافية، وتجنب التمييز في الوظائف أو مفاقمة الانتهاكات الماضية بشراء أو إشغال ممتلكات صودرت بصورة غير قانونية أو تعسفية في الماضي.وعليها مراعاة المعايير الأمنية المعترف بها دولياً والتشاور مع أبناء الشعب العراقي والاستئناس بآراء المرأة العراقية،وتقديم الخدمات الضرورية على نحو غير قائم على التمييز،وتسعير المنتجات أو الخدمات الضرورية على نحو يأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية المحيطة بالشعب العراقي في مرحلة ما بعد النـزاع، والإسهام في عدم التلوث البيئي، وعدم المساعدة على استمرار الفروق الاجتماعية كتأجيج العداوات القديمة أو ترسيخ عدم المساواة،وعدم دفع الرشاوى أو تشجيع الفساد،والتحلي بالشفافية ومساندة سيادة القانون وإنشاء نظام قضائي عادل، وتأييد نشر مراقبين لحقوق الإنسان. - التخطيط لتشييد محطات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية بأسلوبي التمويل ال ( بي أو تي _ bot ) وال ( بي أو أو _ boo ). الأسلوب الأول هو المتضمن البناء والتشغيل مع ابقاء الملكية لوزارة الكهرباء من قبل شركات الاستثمار العربية والاجنبية بالإضافة الى العراقية،على أن تقوم الحكومة العراقية من جانبها وكشرط لازم بالتعاقد مع الجهة المستثمرة في شراء الكهرباء المنتجة من تشغيل المحطة وليجري نقل ملكية المحطة الى الدولة بعد انتهاء مدة العقد الذي يتم تحديده والاتفاق بشأنه…شرط الحصول على الصفة القانونية للاستثمار في قطاع الكهرباء كونه من المشاريع الإستراتيجية (تقوم الدولة بتحديد حجم المحطة ونوع الوقود المستعمل وموقع المحطة والتعاقد مع الشركة المستثمرة بشراء الكهرباء المنتج من المحطة للفترة من “5-10” سنوات وبسعر يتم الاتفاق عليه حسب المواصفات الفنية ولكل حالة على حدة،وبعد انتهاء مدة العقد تؤول ملكية المحطة الى وزارة الكهرباء) …أما أسلوب التنفيذ الآخر فينص على أن تبقى الشركة المنفذة للمحطة محتفظة بملكيتها بعد انتهاء عقدها مع الدولة وعندها تتمكن الشركة من ابرام عقد جديد معها لتجهيزها بالكهرباء أو بيع المحطة الى شركات أخرى تقوم هي بعقد اتفاق جديد مع الدولة بخصوص تجهيزها بالكهرباء. إن هذا النوع من الاستثمار يمكن العراق من التمتع بالطاقة الكهربائية المستقرة من دون اللجوء الى ميزانية الدولة في الوقت الحاضر. وكذلك التخطيط الحكومي لإبرام العقود مع القطاع الخاص الوطني والعربي والأجنبي من اجل امداد المصانع الكبيرة في العراق بالكهرباء في إطار عملية إعادة أعمار البلاد وفق أسلوب تشييد المحطات الخاصة وتركيب المولدات الكهربائية على أن تكون كلفة الوحدة الكهربائية المشتراة مناسبة وغير ابتزازية ومدد العقود محدودة زمنيا وتخلو من أية اشتراطات تخل بحق الدولة في إلغاءها في أي وقت تشاء وتراه مناسبا ... وتبقى العقود سارية الى أن يصبح من الممكن تزويد المصانع بالكهرباء من الشبكة الوطنية، وهو أمر قد يستغرق الخمس سنوات حسب التقارير الاميركية. - تأمين المستلزمات الموضوعية لتنفيذ شبكات ضغط منخفض ومتوسط نظامية وتركيب عدادات وابرام عقود اشتراك في مناطق المخالفات الجماعية التي تقر البلديات العراقية تقديم الخدمات لها، وضبط وتنظيم حالات سرقة الكهرباء والتلاعب به والاستجرار غير المشروع له وتشريع المراسيم الخاصة بذلك مع وضع الخطط الاستراتيجية لتخفيض الفاقد الإجمالي ( الفني - التجاري ) تدريجيا لتصل الى المستويات المقبولة في الشبكات المماثلة على النطاق الإقليمي على الأقل. وتأمين استخدام التقنيات الحديثة لمتابعة التوزيع العادل للكهرباء على الأحياء السكنية كالخرائط الجوية التي تتضمن الصور الحرارية للأحياء السكنية التي تشهد تفاوتا في توزيع الكهرباء، وعلى المعنيين في مركز السيطرة الوطني وقطاع التوزيع ضرورة تجاوز حالات التفاوت والأستجرار غير المشروع معا من خلال إجراءات فنية وعملية في آن واحد. - المباشرة باتخاذ الإجراءات الضرورية لتحويل وتبديل الشبكة الكهربائية الهوائية داخل المدن الى أرضية ( دفنها تحت الأرض) لمنع تعرضها لأية محاولة عبث أو تخريب أو سرقة وخاصة في المناطق الشعبية ولأن ذلك سوف يسهم في استقرار نسبي في الطاقة الكهربائية. - اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتلافي الأخطاء والثغرات في اداء منشآت ومديريات ودوائر وزارة الكهرباء لتخفيف الروتين وسحب البساط من تحت البيروقراطية الإدارية والشرائح الطفيلية والتعقيدات وامراض الماضي التي يواجهها المواطن، لاسيما في قطاع التوزيع وضرورة بذل كل الجهود لخدمة المجتمع من خلال توزيع الكهرباء بعدالة بين المواطنين.قد يتفهم العراقيون شحة الكهرباء ولكنهم لا يتقبلون أبدا عدم العدالة في توزيعه لان خدمة الكهرباء كغيرها من الخدمات تعد من المؤشرات المهمة على اداء عمل وزارة الكهرباء. - تعزيز قطاع شرطة الكهرباء وتفعيل دوره في حماية مرتكزات الطاقة الكهربائية وتجهيزه بالمعدات التقنية الضرورية كالطائرات والحواسيب. - صياغة نظام استثماري مناسب لتأطير مهمات وزارة الكهرباء، تتولى وضع أسسه لجان ادارية منبثقة عن المنشآت التابعة لها تراعي مقتضيات ظروف عمل كل منشأة على انفراد من الناحية الجغرافية وطبيعة الاستهلاك ونمطية الاستثمارات. - تشجيع إنشاء شركات التوليد المختلطة المساهمة المملوكة من أصحاب المؤسسات الصناعية لتغذية المناطق الصناعية حصراً واعتمادا على مبدأ الجزيرة المعزولة، حيث توضع الوحدات التوليدية الحرارية والغازية والعاملة على الرياح ضمن المنطقة الصناعية المراد تغذيتها بشراكة 25% للدولة لأن الصناعيين يستثمرون مبالغ طائلة في المولدات الكهربائية العاملة على المازوت ( بيئة) و تكاليف مراكز التحويل. وبذلك يستعيض الصناعي عنها باستثمار ذو ريعية جيدة وبأقل كلفة و بعائدية أفضل للاستثمار، بالإضافة الى ما توفره هذه المشاريع للدولة من خطوط الضغط العالي و الضياعات...الخ. - تعزيز دور المقاولات الحكومية وبالأخص الشركة العامة للمقاولات الإنشائية، واعتماد مبدأ التقاولية الهندسية - المشاركة في مشاريع توليد الكهرباء لتنمية أموال العراقيين المغتربين و تخفيف أعباء الاستثمار و القروض على الدولة و تقليص حجم الدعم و تخفيف الهدر و رفع الأداء في الصناعات الكهربائية مع بقاء سلطة الدولة و الحصول على الريعية. - تحقيق مستويات التنسيق المثلى بين الوزارات ذات العلاقة عند تناول مشاريع الكهرباء من التخطيط والتصميم حتى التنفيذ وتفادي ممجوجية الحجج في تحميل الوزارات بعضها البعض مسؤولية تأخير تنفيذ مختلف العقود وبالأخص تحميل وزارة الكهرباء المسؤولين في وزارة المالية تأخير المصادقة على العقود المبرمة مع القطاعات الخاصة الوطنية والأجنبية. وتذكرنا هذه الحجج بالإقطاع العشائري والمزج بين العرف العشائري وبين سيادة الدولة لتتحول كل وزارة الى عشيرة أو مجموعة عصبوية . وخدمت سياسة إرباك التنسيق بين الوزارات في العهد البائد القبلنة التكريتية للدولة،وهدر المال العام، وإنعاش التهريب القانوني الى الخارج، وتأخير تنفيذ المشاريع الى جانب فوضى التنفيذ. - تطهير إدارات ومنشآت الكهرباء من مرتزقة البعث التي باتت بؤر صارخة للفساد واتباع نهجا عقلانيا موضوعيا لمعالجة أزمة انقطاعات التيار الكهربائي . لقد طردت قوى التحرير والاحتلال الدكتاتورية في العراق وتقدم مجموعة من رؤوسه الى المحاكم لكنها تغمض عيونها عن الهاربين وتُعيد الاعتبار لبعض البعثيين حسب اتفاقيات سرية لا أحد يعرف محتواها، وتقوم بمنح بعضهم مسؤوليات كبيرة في ما يسمى بالعراق المُحرر. عشرات الأسئلة هي مثارة حول عودة المافيا البعثية الى السلطة ومن المستفيد من ذلك .
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reser-ed. info@bentalrafedain.com |