ماذا لو انسحبت القوات الأمريكية؟

ساهر عريبي

Sailhms@yahoo.com

 

أثار عدد من أعضاء الجمعية الوطنية العراقية في جلسة هذا اليوم, موضوع إنسحاب القوات الأمريكية وطالب البعض بأنسحابها بأسرع وقت فيما طالب البعض الأخر بجدولة إنسحابها. وتأتي هذه المطالبة في ظل وضع أمني سيء وعمليات إرهابية تستهدف المواطن العراقي والبنية التحتية العراقية. وهذا ما يثير عدد من علامات الأستفهام عن سر هذا التوقيت في طرح مثل هذه المطالب.

 فلقد كان من الأولى لأعضاء الجمعية الوطنية مناقشة السبل الفعالة والكفيلة في القضاء على الأرهاب بدلا من صرف الأنظار إلى موضوع التواجد الأمريكي الذي خدم الشعب العراقي وهو الحليف الذي يقف في صف الحكومة والشعب في هذه المعركة الشرسة ضد الأرهاب. خاصة وأن هذه القوات لم تبد أي قصور في مكافحة الأرهاب, وعملياتها العسكرية في المنطقة الغربية خير شاهد على ذلك.

 إلا أن البعض يطالب بخروج هذه القوات بإعتبارها قوات محتلة, وهنا يطرح سؤال ملح نفسه وهو, هل كنا أحرارا في زمن صدام حتى أصبحنا محتلين في زمن أمريكا؟ فإن كان الجواب بنعم , فهذا يعني بأن كل الجرائم والحروب التي إرتكبت في ظل النظام السابق قد حصلت بإرادة العراقيين ولم يكن العراقيون مجبرين عليها. وفي هذا تبرئة لصدام ونظامه , الذي حكم بإرادة عراقية , وبناءا على ذلك فعلينا إصلاح كل الأخطاء التي إرتكبت في عهده وعلينا أن نتحمل وزر كل الجرائم التي وقعت في العهد البائد.

 وواقع الحال أن العراقيين كانوا يعيشون حالة من العبودبة والرق في ظل حكومة الصبيان السابقة. فكان العراقيون يساقون سوق النعاج إلى حروب صدام الهمجية, وويل لمن لا ينصاع لأرادة الدكتاتور , فحينها عليه أن يرضى بوشم الجباه وقطع الأذان والألسن. وكان على الجميع الدخول في حزب البعث وإلا فأقبية الأمن العامة الرهيبة بإنتظاره وحينها سيرى فيها من وسائل التعذيب التي لم ترى مثلها عين ولم تسمع مثلها أذن. وأما من ينتفض فلن يجد سوى الأبادة والمقابر الجماعية بإنتظاره. هذا هو حال عراق الأمس في ظل الحكم (الوطني) حتى جاءت القوات الأمريكية لتقضي على كل ذلك ولتحرر الأنسان العراقي من عبودية دولة البرابرة الصدامية. فهل هذا إحتلال أم تحرير ؟ أم إن الحرية في عرف هؤلاء هي في الذل والأهانة والقهر والموت الذي كان سائدا سابقا؟

 ومن ناحية أخرى فإن الدولة العراقية لم تزل طرية ولم يشتد عودها , وما زلنا عاجزين عن وقف الأرهاب على طريق طوله بضع كيلومترات يمر عبر اللطيفية فهل سنتستطيع إحكام السيطرة على البلد كله؟ ومازلنا لا نملك سوى البكاء والعويل أسلوبا للرد على العمليات الأرهابية فما ذا سنفعل إذا خرجت القوات الأمريكية؟ وماذا سيحصل حينها؟

يعتقد البعض بأن وجود القوات الأمريكية في العراق قد أدى إلى تحويل العراق إلى مركز إستقطاب للأرهاب الدولي . وأصبح العراق بسبب وجود هذه القوات ساحة حرب بين فلول الأرهاب والقوات الأمريكية يدفع ثمنها الشعب العراقي ولو إنسحبت هذه القوات لخفت وتيرة العمليات الأرهابية. فهل هذا الأدعاء صحيح؟

 في الواقع إن في هذا الأدعاء مغالطة كبيرة. ففلول الأرهاب القادمة من وراء الحدود لم تأت الى بلاد الرافدين من أجل قتال القوات الأمريكية وتصفية الحسابات السابقة معها. بل إن هذه الفلول قد جاءت إلى العراق من أجل نصرة الفلول الطائفية التي كانت تحكم العراق سابقا والتي إنهزمت على يد القوات الأمريكية.

فالهدف الأساسي لفلول الأرهاب هو إعادة الحكم الطائفي السابق ولذا فإن أغلب العمليات الأنتحارية لهؤلاء لا تستهدف سوى العراقيين. والقوات الأمريكية هي مانع أساسي في وجه نجاح المشروع الأرهابي هذا.

 وفي حالة خروج هذه القوات فإن الأنتحاريين العرب سيأتون إلى العراق من كل حدب وصوب وستفتح حدود دول الجوار على مصراعيها أمام هؤلاء الظلاميين.

وعندها سنشهد عودة حكم دولة الصبيان الطائفي, وحينها سيحول هؤلاء العراقيين إلى عبيد والعراقيات إلى قيان كما فعلوا ببعض الطوائف في أفغانستان. فالأعمال الأرهابية ستشتد وتيرتها بشكل غير طبيعي فيما لو خرجت القوات الأمريكية, ولن يبقى للعراقيين من خيار حينها سوى الأستسلام للأرهاب وعودة حكم صدام, أو الدخول في حرب أهلية لا تبقى ولا تذر.

 ولذا فإن كل دعوة لخروج القوات الأمريكية اليوم أو جدولة إنسحابها هي دعوة لاتصب إلا في صالح الأرهاب وفلول النظام الصدامي ولا تهدف إلا إلى تدمير العراق وشعبه. ولا يطلق مثل هذه الدعوة سوى من كان لهم سابقة في النظام الصدامي السابق ممن كانو أعضاء في الحرس الجمهوري وغيره من المؤسسات الصدامية وتمكنوا من دخول البرلمان بحجة كونهم من أبناء الطائفة المظلومة.

 

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com