|
السفير المصري .. إختطاف ثانٍ! سليم رسول
لم تكد تمضي سنة من تأريخ إختطافه الأول حتى وقع في فخ الإختطاف ثانية، ذلك هو السفير أو القائم بالأعمال المصري في بغداد. بلا شك ولا ريب يتضمن إختطافه الثاني فضلاً عن الفدية التي هي مطلب يسيل له لعاب الخاطفين، فقد كانت الشقيقة مصر سخية جدا معهم في الإختطاف الأول على غير عادتها،يتضمن رسالة واضحة الى كل الدول العربية والى عمر موسى بالذات الذي صرح في آخر حديث له بشأن العراق بأنّ على الجامعة العربية أن لا تدع العراق فارغاً تماما من الوجود العربي. الجميع فهم هذه الرسالة وعرف مضامينها، وربما جاءت عذرا مطلوبا ومرغوبا فيه لبعض الحكومات التي لا ترغب أصلا في التواجد في العراق ولا تريد ان تعطي شرعية لأية حكومة عراقية ما لم تكن من سنخ الحكومات العربية. ولكن أليس في هذا الحادث مضامين أخرى غير رسالة الإرهاب وغير الفدية الدسمة وغير تبرير الخوف من التواجد العربي في بغداد؟! أعتقد جازما أنّ هناك شيئا ما وراء الكواليس لا يعلم به إلاّ الحكومة المصرية والخاطفين وبعض الهيئات الدينية في جامع إم القرى، فقد ذكرت بعض الصحف الأمريكية أنّ السفير المصري قدم الى العراق لمهمة هي خلق مناخ مناسب للحوار بين الحكومة والإرهابيين، وهي مهمة تشبه الى حد بعيد المساعي التي قام بها رئيس المخابرات المصرية في غزة لجمع الأطراف الفلسطينية حول مائدة المفاوضات. وعللت الصحيفة الأمريكية الإختطاف بأنّه جاء نتيجة غضب بعض الأطراف من هذه المساعي وانّها تريد إبقاء الوضع على ماهو عليه. ولكن هناك مايعد ربما أبعد مما ذهبت إليه الصحافة الأمريكية، فحادث الإختطاف لم تكن له رواية واحدة بل جاءت عدة روايات نقلها الإعلام عن الحادثة منها انه كان في منزله ودخل عليه الخاطفون ومنها انه كان في شارع الربيع وإعترضت طريقه سيارتان، ومنها أنه كان قريبا من محل عمله وهكذا. وهذا يشير الى أنّ هناك إرباكا في بث الحدث وأن ليس هناك إتفاقا على السيناريو، إضافة الى ذلك فإنّ الحكومة العراقية ما تزال تلزم جانب الصمت حول الحادث ولم يصدر تعليق من رئاسة الوزراء، بل صدر تصريح من ليث كبة يعلن فيه قبول الحكومة بالحوار مع الجماعات المسلحة بغض النظر إن كانت ملطخة أيديها بدماء العراقيين أم لم تكن كذلك وهذا يعني أنّ هناك تحول كبير وخطير في القناعة العراقية الرسمية حول الإرهاب والمقاومة. الذي يمكن ان نخمنه ونعتقد انّه أقرب للواقع هو أنّ السفير المصري ذهب في رحلة حوار ومفاوضات الى أوكار المجموعات الإرهابية، ولكي يحصن الإرهاب نفسه من أي ما من شأنه أن يكشف تلك الأوكار كان شرطه ان يقوم هو وبطريقته الخاص بتوصيل السفير الى تلك الأوكار دون حماية أو مرافقين ودون أن يعرف هو نفسه أي طريق يسلك للوصول الى قادة الإرهاب الذين سيتحاور معهم، وستكون الفدية مصطلح إعلامي فيما هي في الحقيقة مكافأة مصرية لرضوخ تلك الجماعات لمطلب المصريين في الجلوس حول مائدة التفاوض. وجاء تصريح ليث كبة تمهيدا لتلك المفاوضات، أو إظهارا لحسن النية! لا أعرف هل هذا المسعى المصري وبهذا السيناريو يقابل بالشكر والقبول أم بالإستنكار والتنديد؟! يرى بعض المراقبيين للراهن العراقي أنّ المفاوضات حتى لو كانت مع الزرقاوي نفسه هي أمر مطلوب لوقف نزيف الدم العراقي، فبعد مرور سنتين منذ سقوط النظام المباد لم ينقطع هذا النزيف بل خسر العراق الكثير من الوجوه السياسية والدينية والإجتماعية والعقول العراقية جراء هذا التقاتل غير المؤدي الى نتيجة لذلك حسب وجهة نظرهم لا مناص من التفاوض والحوار. فيما يرى آخرون أنّ الحوار مع القتلة والمجرمين إنما هو تضييع للدماء ورضوخ من قبل الدولة لإبتزاز الإرهاب وتسليم له بالنصر والتفوق عليها وعودة لرموز النظام المباد الى الساحة السياسية ثانية وبالنتيجة فليس هناك أي ما من شأنه أن يعد إنجازا للشعب الذي قدم الكثير من التضحيات من أجل الخلاص من الدكتاتورية السابقة. بل أنّ بعضهم يشبه المفاوضات مع الإرهاب بخدعة رفع المصاحف والتحكيم الذي أودى بالخلافة الراشدة المتمثلة بشخص الإمام علي بن أبي طالب. أرى أنّ الوضع يزداد غموضا والتحديات ربما قفزت الى أكبر من حجم الحكومة وما لم تكن هناك شفافية كبيرة لدى الحكومة مع الشعب فإنها لا تستطيع الصمود حتى نهاية الشوط وهذا ما لاتحمد عقباه على كافة الأصعدة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |