أهداف أمريكية ودور الأغلبية المستضعفة ـ الجزء الثالث

المهندس صارم الفيلي

ماجستير هندسة توليد طاقة
 sarimrs@hotmail.com

sarimrs@tele2.com

 

ان د.علاوي لم يعترف بالخسارة الأنتخابية ويتقبلها بروح رياضية ولا بواقع التعددية التي نتجت عنها، وبالتالي رفض كعادة البعثيين الديمقراطية كآلية تتعاطى مع واقع الأختلاف في الأيديولوجيا والمواقف السياسية واساليب العمل واختلاف في التقديرات والقرارات التي تصدر وتقيمها على قاعدة المشروعية المتباينة في اتجاهاتها بتباين الأسس التي تعتمد عليها الأحزاب في تكوينها، ولم يقبل ان يكون معارضا منصفا، بل اعتمد الشطب على كل عناصر القوة في قائمة ألأئتلاف وبالخصوص تنظيماتها التاريخية، دون ان يعتمد نقدا ذاتيا لشخصه أو لأداء الوزراء المحسوبين عليه بانتمائهم لقائمته, او اشتراكهم معه في نهجهم البعثي المسخ، الفساد الذي نخر كل مفاصل الدولة في عهدهم ولازالت الملفات مفتوحة رغم هروب من هرب منهم، أو بقاء من بقى متسترا هذه المرة بتمثيل العهر المقاوم، أو الأستقواء بالعشائرية والمناطقية.
لم يضع علاوي الصالح العام بتعضيدة للفائز في الأنتخابات انسجاما مع روح الديمقراطية التي لاتعني الأختلاف فقط، بل السعي ايضا للتلاقي مع الند السياسي أو المخالف السياسي على المشتركات خدمة للصالح العام، بعد الأعتراف بواقع الهزيمة، والأستعداد بشفافية ونزاهة لجولة أخرى مع عدم التخلي عن النقد الموضوعي من اجل التقويم، بل التعضيد عن طريق الأجتهاد في تقديم مشاريع تساعد الحكومة الحالية في اداء عملها خدمة للعراق ككل، لم يعمل ذلك بل عمل العكس تماما، بأتباع اسلوب المزايدات الرخيصة، وعزف تلك النغمة التي ترضي الجوار الطائفي، وكذلك الأدارة الأمريكية، واقصد هنا مهاجمة مايسميه الأسلام السياسي، الذي عمل معهم كل تلك الفترة المنصرمة، أو في ظلهم عندما كان وحركته من المغمورين للشعب العراقي. عمل ذلك تصريحا لاايحاءا فقط مستخدما منهجا تسقيطيا في البعد النفسي والمادي وصولا للتآمر، خاصة لاحقا, بعد ان لم تلبى شروطة التعجيزية للمشاركة في الحكومة. ماهي تلك الشروط غير المنطقية التي قدمها د. علاوي لقائمة الأئتلاف العراقي الموحد ؟
الشرط الأول ألغاء قانون اجتثاث البعث وان تكون المحاسبة فقط للبعثيين الذين ارتكبوا جرائم.
وهذا مضحك لأسباب كثيرة اولها ان كل انسان ارتكب جرما يجب ان يحاسب وليس الأمر محصور بنوع الأنتماء السياسي.
ثم ان عملية الأجتثاث تشمل الدرجات العليا من تنظيم البعث التي لم يكن ليصل المنتمي اليها دون القيام بأعمال قذرة. مع عدم اعفاء الدرجات الأدنى أذا ثبتت أرتكابهم لجرائم. ثم ذكرنا مسبقا ان ذلك التنظيم لم يمتلك لاأيديولوجية فلسفية أوسياسية واضحة المعالم، فقد كان " فكرا " هجينا بدء من الآرسوزي ولواء الأسكندرونة، ليتلقفه الفاشل عفلق، ويحوله الى " علمانية" مشوهة " انظر اليه عند استلهام الروح " فهو مزيج من نتف شوفينية نازية برداء اشتراكي مزيف، اما في العراق فقد اسس نفسه على منطق العنف والمؤامرة، ليعتمد على أفراد بمؤهلات ليس منها العلم والثقافة, منبوذين وابناء شوارع وفي احسن الأحوال انصاف متعلمين، ليلبي صدام بجداره هذه الشروط، لحصوله على كامل درجات الشذوذ والشراسة والأجرام تأهله لرآسة " الحزب" ودولته البوليسية المرعبة، ليصبحوا ابطالا للمقابر الجماعية والتهجيرات، ابطالا للأرهاب والقمع الدموي وانتهاك الأعراض ونهب الأموال وخرق سائر المحرمات، هذا على مستوى " الفكر " والممارسة وقد فصلنا دلك في مقالات سابقة. أما بخصوص افرادة الذين تسلقوا تلك الدرجات الحزبية العليا فقد استمرؤا العمل الحزبي وأصبحوا جزءا من أنساقه القمعية، بدءا من تقتيل المشتبهين بمعارضتهم للنظام مرورا بالتربص بالعراقيين واعتقال الهاربين وكتابة التقارير الحزبيه ليؤسسوا لأشاعة الخوف في جمهورية الخوف، وأنتهاءا بحصولهم على أمتيازات البعثيين، من مراتب مهمه في أجهزة الدوله، الترشح للبعثات والدورات خارج الوطن مؤسسين لبنية تحتيه متينه للفساد وثقافته الذي أصبح الكذب فيها علما والخديعه فنا والنفاق منهجا.

هذه الثقافه أزكمت الأنوف وأغشت الأبصار وعطلت الوجدان مسببه لمرض العمى الأجتماعي واعراضه من عدم التحسس والنفور من ما يتعارض مع الفطره وما يسئ الى الذوق العام. فاذا كان هكذا وهوكذلك بشهادة الواقع القريب والمعاش، قيادة ومنهجا واتباعا واخلاقا، فلماذا لايجتث على كل هذه المستويات من المسميات ؟. هذه الجدلية بين تشوه الفكر وجريمة الممارسة ووحشية الكادر مع التزامن التاريخي لهذه كلها لا يعطي فرصة لمشكك أو منافق كي يفصل بين المنهج الفكري لهم وبين ممارسة أو قراءة قياداته لهذا المنهج، فقد كانت جرائمهم، المنظرين من القيادة والكادر المتقدم، تثري سوداوية ووحشية هذا الحزب ناريخيا، لتصبح تلك الجرائم بدورها ملامح وسمات لتصل الى حد انطباعات خارجية ولحظية عند من يسمع بلفظة البعث كي تظهرمباشرة على شاشته الذهنية ملفا كاملا كاشفا لمحتوى مرعب لهذه اللفظة.
الشرط الثاني لعلاوي هو الأبقاء على المؤسسة الأمنية دون اجراء تغييرات عليها وان يتولى هو مسؤوليتها. ليكون البلد والمؤسسة السياسية رهينتين بيد البعثيين الذين كانوا يسيطرون على كل المفاصل المهمة في وزارة الداخلية والأستخبارات مما يعززمن أحتمال قيام اعمال ارهابيةضد المتصدين للعملية السياسية كمحاولة من السلفيين والبعثيين لأفراغ البلد من قادته الحقيقيين وأبقاء البعثيين الجدد ليستأنفوا عملية التآمر في بيع العراق لدولة الأردن وغيرها. رغما عن ان مصدرا في وزارة الدفاع الأميركية أكد حينها " قوات الأمن العراقية " المقصود في عهد النقيب " قد تمت اختراقها بصورة كبيرة من قبل مجموعات ارهابية تتوفر لديها مبالغ مالية غير محددة وان في بعض الحالات فأن بعض اجهزة الأمن العراقية تبدي تعاطفا مع الأرهابيين ولديها اتصالات معهم وفي حالات اخرى ان متسللين ارسلوا للأنضمام الى تلك الأجهزه وان بعض الأعتداءات على الحرس الوطني هي من الداخل * علما ان المخابرات لازالت بعيدة عن سيطرة الحكومة العراقية المنتخبة، حيث الشهواني، الذي لايشتهي سوى عداء الشيعة، كما تشير الأنباء له اتصال مباشر بالجانب الأميركي، قافزا على وزارة الداخلية، فهو أظهر عداءا واضحا للقيادات التاريخية الشيعية التي قارعت الدكتاتورية، هناك رأي يذهب الى ان الديمقراطية المقبولة أميركيا للعراق هي تلك التي ترسم خطوطها وتوازن تركيباتها ويتم التحكم بأتجاه مسارها أمريكيا عن طريق كبار ضباط الجيش والأجهزه الأمنية والأستخباراتية، وهي تشبه الى حد كبير تلك الموجودة في تركيا حيث الخطوط الحمراء التي تظهر على السطح بين الحين والآخر عند المنعطفات الكبيرة التي تنذر
بتحولات نوعية في الوجه السياسي للبلاد لاتنسجم مع ما مرسوم لها.

لقد قامت الجيوش التي حمت دكتاتورية الأقلية في أكثر البلاد العربية بهذا الدور سابقا وقبل أحداث سبتمبر. وهذا يفسر الرغبة الأمريكية السابقة وربما المستقبلية " سوف نأتي على هذا الموضوع في اجزاء قادمة " في بقاء علاوي وكذلك يفسر تدخلها بمنع اجراء تطهيرات من قبل حكومة المستضعفين المنتخبة في الأجهزة الأمنية العلاوية.
الشرط الثالث هو ان يبقى رئيسا للوزراء ومايعزز ذلك ما نسب اليه بأنه ان لم يحصل على هذا الموقع سوف يذهب الى الأردن علما انه لم يحظهر بعدها اجتماعات الجمعية الوطنية المنتخبة، وذهب الى الأردن ثم الى لندن لأكثر من شهر قبل ان يعود الى هنا وهناك لبدء دور جديد يمكن، بل من المرجح، قد رسم له، بتخطيط اردني، وربما بمشاركة دول طائفية شوفينية أخرى.ومن هذه التصريحات والتصرفات نستنتج مدى استفحال داء البعث عنده والذي من اعراضة عدم الأيمان الا بالسلطة والأنطلاق من الفكر الأمني المبني على قاعدة الشك ومذهب التآمر " يخاف ان يبقى داخل العراق وليس بيده الحكم ".

اننا لم نسمع في العالم بديمقراطية تشكل فيها القائمة الثالثة السلطة، الا أذا كانت ديمقراطية لايحكم فيها الا بعثي. وهنا تكمن اسباب محاولته تأخير العملية السياسية للبقاء اطول فرصة في الموقع والاظهار للآخرين بأن البعث وحده يمتلك القدرة والكفاءه والأهلية لممارسة السلطة من موقع القيادة " يقول البعض اننا بنينا العراق ونحن الرقم الصعب الذى لايمكن لأحد انكاره " وينسوا حجم الفضاعات التي ارتكبوها في ليل العراق الذي استمر لثمانين سنة.

انتهى الجزء الثالث
 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com