|
أدلى المدعو عصام البرقاوي والمعروف بأبي محمد المقدسي بتصريحات لمراسل قناة الجزيرة، أثنى فيها على العمليات الأرهابية التي يرتكبها تلميذه ابو مصعب الزرقاوي وأعوانه من سلفيين ومن بقايا مجرمي النظام الصدامي المنهار ضد أبناء العراق المظلومين. كما وأنه أعتبر مقاتلة المحتلين في العراق أمر واجب ومبارك, وأما قتال العراقيين فهو جهاد لأنهم مرتدين بزعمه بحجة تعاونهم مع القوات التي حررتهم من عبودية نظام صدام الطاغية. وفي معرض حديثه عن الشيعة لم ينس التذكير بأنه لم يدعي أنهم أسوأ من اليهود والنصاري وهذا يعني أنهم في عرض واحد معهم في أحسن الأحوال. وهنا نود مناقشة المرشد الروحي لأبي مصعب الزرقاوي حول الأرتداد ومن هو المرتد. فحسب الأستاذ البرقاوي فإن المرتد هو كل من يتعاون مع قوات التحالف في بلاد الرافدين, إلا ان التلميذ الزرقاوي قد وسع هذا الحكم وجعله يشمل كل من ينوي التعاون أو ينوي خدمة العراق سواء عبر محاولة الأنخراط في الشرطة أو الجيش العراقي او في أي مجال خدماتي يساهم في تحسين معيشة المواطن العراقي المنكوب. ويعد هذا التوسع في مفهوم الأرتداد ومصاديقه من الأمور المستحدثة في فقه الجماعات المتطرفة التي ما انزل الله بها من سلطان. فمفهوم الأرتداد من الناحية الفقهية يتعلق بالمسلم الذي يتخلى عن ديانته سواء أكان مسلم عن فطرة أو مسلم ذي خلفية دينية أخرى. ولقد ورد ت في الفقه الأسلامي أحكام تتعلق بالمرتد نتركها لذوي الأختصاص. ولم تكن تلك الأحكام ثابتة يتم تطبيقها بغض عن النظر عن كل الظروف والعوامل التي تساهم في الأرتداد. بل إن هذه الأحكام توقف العمل بها وأختار أئمة المسلمين سلوك سبيل أخر وهو أسلوب الحوار مع المرتدين ومحاولة إقناعهم وبالدليل العقلي حول وجود الله, كما حصل في مناظرات الأمام الصادق وتلاميذه مع من كان يعرف بالزنادقة. وهذا الأرتداد على صعيد العقيدة قد يكون له مبرراته وأسبابه الموضوعية التي أدت أليه ولابد من أزالة هذا الأسباب والدواعي التي ادت ألى وقوعه قبل تنفيذ أحكام الردة. فعندما ينمو المسلم ويتربى في اجواء لا يقدم له فيها سوى مفاهيم مشوهة وبعيدة عن روح الأنسانية والشريعة فهل يمكن لومه ان تخلى عن دينه؟ وهل أن الأرتداد ينحصر فقط بأنكار التوحيد والنبوة؟ ام إن هناك إرتداد أكبر؟ إن الأرتداد الحقيقي والأرتداد الأكبر هو بالتخلي عن القيم الأنسانية والأرتداد عنها. وما تفعله جماعات الأرهاب اليوم في العراق هو خير مصداق للأرتداد عن كل قيم الأرض والسماء. وهل من الدين في شيء قتل النساء والأطفال والشيوخ؟ وهل هناك ردة أكبر من ردة تكفير والدعوى لقتل شريحة كبيرة من المسلمين لمجرد أنهم من اتباع مدرسة أهل البيت؟ وهل من الأسلام في شيء أستباحة دماء العراقيين وزوار العتبات المقدسة ومصلي الكنائس والجوامع؟ وهل هناك أرتداد أكبر من تفجير أرهابي لنفسه الخبيثة في جموع المصلين والزائرين؟ وهل من الأسلام في شيء ذبح أشخاص لمجرد كونهم يهود او نصارى؟ وهل من الأسلام في شيء تخريب بلاد المسلمين وهدر ثرواتها؟ أن من يقوم بهده الأفعال هو المرتد الحقيقي وهو البرقاوي والزرقاوي والقرضاوي وأتباعهم, ومن لف لفهم من علماء السوء والرذيلة من علماء الحجاز وغيرهم ممن جعلوا الدين الله لعقا على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم. لقد أرتد هؤلاء عن القيم السماوية والأرضية بتحليلهم قتل النفس المحترمة التي كرمها الله. وأن كانت الحجة هي التعاون مع اليهود والنصارى على أرض العراق، فأن اليهود والنصاري أفضل منزلة عند الله من كل شيوخ السوء ومن كل مسلم ساند ويساند الطاغوت الصدامي ويسعى لأعادته ألى سدة الحكم ليتسلط على رقاب العراقيين ويعيد دوامة الموت والدمار الصدامية الى سابق عهدها. لقد قدمت هذه القوات خدمة كبرى لأبناء العراق بأسقاطها لأسوأ نظام عرفه التأريخ البشري. وهي تحاول اليوم مساعدة العراقيين في طريقهم نحو الحرية والديمقراطية والعيش الكريم. لقد سبقكم اليهود والنصاري في تقديمهم العون لأبناء العراق المظلومين ولقد سبقوكم في أحترامهم للأنسان وتكريمهم له ويكفيهم ان ملايين المسلمين ممن هربوا من الظلم والفقر المستشري في العالم الأسلامي قد وجدوا في بلاد الغرب الملجأ والملاذ الأمن الذي يشعرون فيه بانسانيتهم ويمارسون فيه طقوسهم وعباداتهم بكامل حريتهم. واما أنتم فلاتجيدون سوى الأرتداد عن قيم السماء والأرض. فمن هو المرتد الحقيقي يا مقدسي ؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |