الزرقاوي لا يفرق بين المقاومة الشريفة وغير الشريفة

(محاولة ربط سنة العراق بالإرهاب)

 

محمد الموسوي / باحث قانوني

almosawy1967@yahoo.com

 

أدرك الزرقاوي إن الشعب العراقي ليس للبيع وان هذا الشعب يمتلك من الحضارة والعقل ما يمّكنه من فهم وربط الأمور اعتمادا على العقل والروح الوطنية ما يجعله بمأمن من الانجراف في هاوية الأفكار التدميرية وقد قاس الزرقاوي مع الأسف العراقيون على غيرهم من العرب في فهمهم للإسلام والدولة والحياة وفكّر أن البداوة يمكن أن يكون لها محلا فيه فجلب نفسه ومعاونيه من الأردن وأفغانستان والسعودية من الشباب المخّدر ليجعل من العراق قاعدة انطلاق أخرى بعد عدم السماح له من اعتماد الأردن لنفس الغرض لأنه وعشيرته من بني حسن يعرفون القصة جيدا وقد ساعده على هذه الخطوة ما وجده من ازلام صدام وأيتامه الذين يودون التعامل حتى مع الشيطان الآن لكي يعيدوا أمجادهم الإجرامية في العراق وتصوّر الاثنان إن الطريق سالك أمامهم وان الوسيلة الامثل التي ينفذون منها إلى الشعب وكسب تعاونه هو مسالة التفرقة بين السنة والشيعة والعرب والأكراد والمسلمين والمسيحيين معتمدين في ذلك على التراكم الغبي للتراث السياسي بين هذه الأطراف والذي جعل الزرقاوي وأعوانه يضنّون أن هذه الأمور ستكون صالحة كمستنقع لبكتيريتهم الهدامة لكنه تفاجأ بإصرار العراقيين على الوحدة الوطنية وباستعدادهم للموت من اجل العراق والإسلام والمحبة والتآخي وإنهم بجميع أطيافهم يرفضون القتل العشوائي ويرفضون التفرقة الطائفية حتى من قبل اشد الناس معارضة للعملية السياسية الجارية في البلاد ورأى إن الجميع قد وصف العمليات ضد العراقيين بأنها عمليات غير شريفة ومدانة أخلاقيا وشرعيا وعقليا فجنّ جنونه وأصدر شريطا خاصا يرفض فيه هذه التفرقة وأراد من خلال الشريط أن يخلط الأوراق كعادته فهو يقول إن كل العمليات في الفلوجة والرمادي والقائم وسامراء وبغداد وبابل من صنع تنظيم القاعدة وهذا الخلط أراد به الزرقاوي الأمور الآتية:-

1- إذا كنتم تقولون بالتفرقة بين المقاومة الشريفة وغير الشريفة فهذا غير صحيح لان كل العمليات أنا وجماعتي نقوم بها ويعني ذلك إما كلها شريفة أو كلها غير شريفة وأراد بهذا الخلط أن يضم معه أهالي هذه المناطق وإظهارهم بصورة المسؤولية عن الأحداث والقتل للمدنيين وهو بذلك قد وجّه خطابه للشيعة حتى يفهموا إن سنة هذه المناطق مسئولين عن عمليات القتل إذن الهدف الأول له هو ربط سنة العراق بعمليات قتل المواطنين وتحريض الشيعة عليهم تمهيدا للحرب الأهلية التي هي المخرج الوحيد له وجماعته وحلفائه

2-إن مسألة التفريق بين المقاومة الشريفة وغير الشريفة هي بداية النهاية له ولأمثاله لأنها تصريح عراقي واضح بوحدة الشعب ووحدة المشروع الوطني وان اختلفت وسائل التعبير عليه من قبل العراقيين وهذا يعني خروج كافة القوى التي تقاتل في العراق لأغراض مصالحها الخاصة والتي تجعل من العراقيين وقودا لمحارقهم الدنيئة وهو الأمر الذي يعني وجود خندقين احد هما عراقي والآخر أجنبي محتل وان اختلفت مسمياته وأوصافه وهذه التفرقة كفيلة بقطع كافة الإمدادات التي توفرها عملية خلط الأوراق والتي بدأ العراقيون يدركون أهميتها وخطورتها وبالتالي كان لابد على ألزرقاوي وحلفائه أن يعيدوا هذا الخلط بكل الوسائل وعليه تم إصدار البيان

3- إن إدراك العراقيين لمسألة الاحتلال الأمريكي كذريعة يستفيد منها الأجانب عموما جعلهم يعملون هذه التفرقة لأنهم أدركوا أن المستفيد منها أمريكا وبما يعينها على البقاء فترة أطول في العراق من جهة ويفيد الدول الخائفة من التغيير الديمقراطي لأنها قد تكون المرحلة الأخرى فعملت على جعل العراق مستنقعا للدماء لأشغال الاميركان وإفشال خططهم- وطبعا يدفع الشعب العراقي فاتورة هذا المستنقع- ويفيد أيضا  تنظيم القاعدة في جعل العراق ساحة حرب لها مع أمريكا لسهولة التضاريس وقدرتها على القتال بطريقة أفضل من أفغانستان كمدخل لعودتها إلى هناك وإعادة أمجاد دولة الخلافة الطالبانية المتطرفة كما  إن خلط الأوراق يفيد الدول الاستعمارية التي أبعدتها أمريكا عن كعكة العراق وأخذت منها موردا اقتصاديا هاما فنحن نعلم إن ألمانيا كانت تبيع بمليارات الدولارات التقنية الكيماوية للأسلحة لنظام صدام وان فرنسا تحقق المليارات من بيع الأسلحة والنفط مقابل الغذاء  وهو الأمر الذي جعلها تتسابق على إصدار قرارات الحصار الظالمة على العراق أما الصين فقد فقدت المليارات من بيع الأسلحة إضافة إلى ما كانت روسيا تأخذه وتتعاقد عليه بصورة تثير الاشمئزاز هذا بالإضافة إلى ما كانت هذه الدول تستفيد ه من نفط العراق المجاني الذي يقدمه الطاغية عربونا لمساعدته على البقاء، كل هذا أدركه العراقيون وواضح جدا خطر هذا الإدراك على كل هذه الجهات.

إن العراقيون اليوم هم الأكثر نضجا من أي وقت مضى وقد تحركت فيهم النخوة العراقية ويثبتون من خلالها أنهم أهل الحضارة وقد شمّروا ساعد الجّد على التخلص من كافة الاحتلالات الأجنبية في بلادهم وبطريقة عراقية خالصة ليس لنظرية الشام الكبرى أو الاتحاد الهاشمي أو بلاد فارس أو الولاية 56 أو غيرها مكانا فيها وان نظرية القتل الزرقاوية تصلح لكل مكان ما عدا العراق فمن القائم إلى خانقين ومن زاخو إلى الفاو شعب واحد في المواطنة والحب والحياة وسيكون العراق مدرسة العالم المتجددة في الحرية والحضارة وان فترة أفول هذه المدرسة كان بسبب الاستبداد الذي ولّى إلى غير رجعة حتى يعلم الجميع إن بلاد العقل هو العراق.

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com