بدائل الطاقة المتجددة حل لأزمة الكهرباء والتلوث في العراق ..(1)

المهندس ساهر عريبي

Sailhms@yahoo.com

 

يطلق إسم بدائل الطاقة المتجددة على منابع الطاقة التي تختلف عن المنابع التقليدية الممثلة بالنفط والغاز الطبيعي والطاقة النووية والفحم. ولقد سميت هذه المصادر بالمتجددة لأنها لا تنتهي بعد فترة زمنية محددة, كطاقة الرياح والطاقة الشمسية والغابات التي يمكن تسميتها متجددة جزئيا بشرط ألا تزيد وتيرة قطعها على وتيرة نموها.

لقد ظهرت الحاجة الملحة للبحث عن بدائل للطاقة عوضا عن المصادر الحالية بسبب إزدياد نسبة التلوث في الطبيعة والناجم عن مخلفات الصناعة وإستخدام السيارات إضافة ألى الحروب المختلفة التي ساهمت في تلويث البيئة ,وأدت الى حصول ظواهر مختلفة, كظاهرة الأحتباس الحراري الناجمة عن زيادة التلوث في الغلاف الجوي للكرة الأرضية والتي تؤدي ألى عودة جزء كبير من أشعة الشمس المنعكسة من الأرض إلى سطح الأرض مرة أخرى مسببة إرتفاع في درجة الحرارة. وكذلك ظاهرة ثقب الأوزون وظاهرة التصحر وغيرها .

كما وأن الحاجة إلى بدائل طاقة آمنة قد تضاعف بعد كارثة تشرنوبل والتي حفزت البحث عن بدائل للطاقة النووية التي تستخدم بشكل واسع في عملية توليد الكهرباء في العديد من دول العالم. كما وكان لأزمة النفط التي حصلت في عام 1973 الأثر الكبير في دفع الدول الأوروبية الى البحث عن بدائل جديدة للطاقة تحل محل النفط.

 ولعل أحد أهم هذه البدائل المتجددة هي طاقة الرياح والتي إستخدمت منذ القدم في توليد الطاقة اللازمة لتشغيل الطاحونات الهوائية وكذلك في تسيير السفن في عرض البحار. وطاقة الرياح المجانية هي بالأساس طاقة شمسية , إذ أن أشعة الشمس التي تسخن الهواء تؤدي ألى تصاعد هذالطبقات الهوائية الحارة إلى أعلى تاركة تحتها فراغا يتم ملأه بالهواء الباردة الذي ينساب كرياح. وهذه الرياح تحتوي على طاقة يتم إستخدامها اليوم في توليد الكهرباء على نطاق واسع في أنحاء مختلفة من العالم.

والفكرة التي تقف خلف هذه التقنية بسيطة وتقوم على مبدأ فيزياوي معروف وهو مبدأ الحث , وطبقا لهذا المبدأ فإنه يمكن توليد تيار كهربائي في موصل إذا تحرك الموصل بالقرب من مجال مغناطيسي.

تتألف محطات الطاقة الرياحية من مراوح ومن توربين. فالرياح تحرك المراوح المربوطة بالمولد الذي يقوم بتوليد الكهرباء والتي يتم وصلها بشبكة الكهرباء المحلية بعد تعديل ذبذبتها وفولتيتها وجعلها بمستوى ذبذبة وفولتية كهرباء الشبكة المحلية. قامت شركة ABB السويدية وهي عملاق متخصص في صناعة المحولات والمولدات الكهربائية بصناعة توربين يقوم بكل المهام أعلاه (WIND FORMER ) وهو يقلل الخسائر في الطاقة التي كان تسببها الأنظمة السابقة.

 تعمل المحطات الرياحية عندما تتراوح سرعة الرياح بين 5 و25 مترا في الثانية طبقا لقانون بيتز. وفي حالة وضع رياحي جيد من الممكن لهذه المولدات العمل حوالي 6000 ساعة في السنة من مجموع ساعات السنة البالغة 8760 ساعة وبقوة تعتمد على سرعة الرياح. وبمعنى أخر أن محطة الرياح تعمل بما يعادل 2500 ساعة في السنة. فإن كان لدينا محطة لتوليد الكهرباء من الرياح قوتها 1 MW فهذا يعني أن هذه المحطة تولد حوالي 2500 MWh كهرباء في السنة الواحدة.

وتستطيع مثل هذه المحطة أن تولد كهرباء تكفي لسد حاجة حوالي 500 فيللا في السنة الواحدة.كما وإن هذه المحطات يمكنها العمل لمدة تقرب من ال 25 عاما.

كما ويعتمد إرتفاع هذه المحطات على قوتها وهو يتراوح بين ال 30 وال 100 متر , وهناك أيضا محطات عملاقة جرى نصبها في المانيا. وتعتبر ألمانيا والدانمارك واسبانيا من الدول الرائدة في هذا المجال , إذ تشكل الطاقة الكهربائية المتولدة من الرياح اليوم حوالي 16% من مجموع الطاقة الكهربائية المنتجة في الدانمارك والتي تطمح ألى رفع هذه النسبة الى الخمسين في المئة في العام 2030. ومن المؤمل أن تشكل الكهرباء المتولدة من الرياح نسبة العشرة في المئة من مجموع الكهرباء المنتجة في العالم في العام 2015.

 وهناك بعض المآخذ البسيطة على مثل هذه المحطات الرياحية ومنها أنها تصدر ضوضاءا أو أنها تشوه مناظر بعض المناطق , غير ان التطور التقني اليوم قد أزال الكثير من الضوضاء ألى حد أنه لايمكن سماع أزيز المراوح إلا عند الأقتراب منها كثيرا. وإذا ماقيست هذه السلبيات البسيطة أمام إيجابيات هذا البديل فإنها تتضائل بل تختفي. فمحطة رياحية بقوة 1MW تستطيع أن تقلل من توليد ثاني أوكسيد الكربون بما يعادل 2500 طن في العام, فيما تقل نسبة الكبريتات المتسربة الى الجو بنسبة 3 طن في العام, وأما النترات المتسربة الى الطبيعة فتقل بما يعادل 2,5 طن في العام, لو تم توليد نفس كمية الكهرباء بمصادر الطاقة التقليدية كالفحم.وأما كلفة هذه المحطات فتعتمد على قوتها وعلى الشركة المنتجة.

 إن أزمة الكهرباء التي يمر بها العراق اليوم إضافة الى التلوث الذي خلفته حروب صدام الهمجية , وكذلك اعمال التخريب التي ينفذها الأرهابيون في العراق اليوم والتي تستهدف أنابيب النفط قد أدت إلى إزدياد نسبة التلوث في العراق.

وهذه المعضلة لها تأثيرات كبيرة على ثروات العراق الزراعية والمائية فضلا عن تأثيراتها الصحية على المواطن العراقي.

 وهذا الواقع المأساوي يستوجب رسم سياسة جديدة للطاقة تقوم على مبدأ الأعتماد على بدائل الطاقة المتجددة والتي تساهم في خفض نسبة التلوث المرتفعة أساسا في العراق, وكذلك تقلل من الأعتماد على النفط في توليد الطاقة الكهربائية.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* بكالوريوس في الهندسة الألكترونية.

* بكالوريوس وماجستير في الهندسة الفيزياوية من جامعة لوند /السويد.

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com