موسيقى (فرانكو أرب) في الناصرية

الفنان مازن المنصور / اوسلو ـ النرويج

mazen_flaminco@yahoo.com

 

الموسيقى هي لغة عالمية واحدة تتكون من الحروف نفسها. ويتغير لونها ومذاقها من شعب لأخر حتى لتظنها لغات كثيرة، لا لغة واحدة....

ومن أهم الأسباب الأختلاف في طبيعة الشعوب والآلات التي تتخذها في موسيقاها.

 ففي مدينة الناصرية مدينة الأبداع الفني والثقافي والتي أنجبت الفنان كمال السيد وطالب القرغولي وحسن الشكرجي وحسين نعمة وحكمت السبتي وعلي جودة وجبار ونيسة وحضيري ابو عزيز وداخل حسن والقائمة تطول. ولكل مدينة من مدن العراق لها خاصيتها الأبداعية الا ان الناصرية تتميز عن غيرها من المدن بموقعها وتاريخها وعطائها.

 ففي عام 1971 قام الفنان حسن الشكرجي عندما كان معلماً في الناصرية بفتح دورات موسيقية في النشاط المدرسي، وكان من ضمن التلاميذ الفنان محمد علي طارق وهو عازف الة الكمان، وكذلك الفنان علي هادي الدهش على الة الأكورديون وأنا على الة العود وكان بتشجيع من والدي الذي كان مديرا لمدرسة السابع عشر من تموز في حينها الأستاذ والمربي عبد حسن المنصور الزيدي في ذلك الوقت، وكان حبي لألة الكيتار ولعدم رغبتي لتعلم الة العود وعدم وجود كورس لآلة الكيتار تركت الدورة في الاسبوع الأول من بدئها بعد توضيح الآمر لوالدي.

 فولد عشقي لهذه الالة ولموسيقاها، بعد مجيء الفنان عازف الكيتار علاء حسين حسان من بغداد وهو من العازفين الذين درسوا الموسيقى أكاديمياً في بغداد والذي قام النظام البائد بأعدامه لميوله الماركسية وكذلك لرفضه الأنخراط في الحرب العراقية الأيرانية.

 تجمعت مجموعة من شباب الناصرية وكان ملتقاهم في صالون حلاقة كريم يومياً لمناقشة امور الموسيقى والثقافة الموسيقية العالمية والذي كان بتشجيع صاحب الصالون كريم لآنفتاحه وحبه للموسيقى والفن.

 فولد عشق هؤلاء الشباب للموسيقى الغربية من خلال كاسيتات الشباب كل من عازف الكيتار محمود شاكر جواد ومحمد خيري والأخوة الاكراد الفنان كامران وشيركو الذين ابعدهم النظام من مدنهم في شمال العراق واجبارهم على العيش في الجنوب فجلبوا معهم من ايران كثير من الكاسيتات للمطربة كوكوش وستار وكذلك لمطربين يعزفون على الألات الغربية، وكذلك من خلال موجات أذاعة صوت امريكا وأذاعة مونت كارلو حيث كنا نسهرحتى ساعة متأخرة من الليل ننتظر برنامجاً عن موسيقى الجاز مدته ساعة يومياً وكنا نقوم بتسجيل المقطوعات على شريط كاسيت لأعادة سماعها مرات عديدة.

 وكانت الفرقة الموسيقية تتكون من الفنان والمغني علاء حسين حسان عازف كيتار، الفنان علي فليح حسن عازف كيتار، الفنان منقذ عبد الله عازف باز كيتار، الفنان علي هادي الدهش عازف كيبورد، الفنان باسم عدنان العزاوي عازف درامز ولعشقه لفن التصوير اصبح مصوراً للفرقة وعازفاً في حفلاتها ايضاً، والفنان مازن عبد حسن المنصور عازف الكيتار وكاتب هذه السطور.

وكان يوحد هؤلاء الشباب حلم الحرية والعدالة والحب وعبروا في موسيقاهم السلام والمحبة مع أفضاء جو من المرح خلال عروضهم الحية وكانت موسيقاهم ليست مدونة بل تعتمد أساسا على الآرتجال المشترك.

وقد نجحت الفرقة الموسيقية في دمج الموسيقى الغربية والعربية معاً وتأسيس تجربة موسيقية مشتركة. وكانت تؤدي هذه الفرقة موسيقى العراق والفلكلور العراقي وألاغاني العربية التي تطلق عليها ( فرانكو أرب) وكذلك موسيقى الروك أندرول. عندما ذاع صيت المغني الآمريكي الشهير ألفيس برسلي في مختلف أنحاء العالم. وقد جمع ألفس برسلي في موسيقاه ثقافة البيض والآفارقة معاً بطريقة حيوية هيأة الطريق لموسيقى الروك الفلكلورية الآمريكية التي تبعتها. ويعتبر التنوع

والشمولية الفنية أهم مايميز أداء هذه الفرقة. وكانت أمسيات الفرقة تقتصر على شريحة معينة من الطبقات الآجتماعية العراقية والجاليات الأجنبية. مثلآ ( نادي الأطباء. ونقابة المهندسين. والمسرح في دائرة المصب العام للمهندسين. وكذلك الشركة الروسية التي قامت بتنصيب الطاقة الكهربائية في الناصرية).

 بالإضافة الى ذلك كنا نعمل مناهج خاصة إلى كل حفلاتنا الموسيقية، علما لم يكن هناك تعاون فني بين الفرقة ودوائر الدولة من منظمات الشباب ومديرية تربية الناصرية وبالعكس كان من يترصد للفرقة ويعترضها وكانت أيادي خبيثة ظلت تعمل لتغييب الفرقة وللأسف نال البعض ماكانوا يرومون أليه. فقط كانت هناك الفئة المثقفة والمساعدة المعنوية من الأستاذ جعفر الحداد الذي كان يشد من ازر اعضاء الفرقة ويرفع من معنوياتهم رغم تعليمات الحزب القائد الذي دمر العراق ارضا وشعبا والحملة التي شنت في ذلك الوقت على فرق الباند الغربي التي شنها حرامي الدولة خير الله طلفاح عندما كان محافظ بغداد وبقية المحافظات في حملته على الشباب الذين يعزفون على الألات الغربية مثل الة الكيتار ويغنون الاغاني العراقية الفلكلورية القديمة. ومن ضمنهم الفنان الهام المدفعي بحجة أن مايعملونه هو مشروع صهيوني شعوبي ماسوني ويهدف الى تشويه التراث العراقي حيث كانت أغاني المقام العراقي التي كانوا يؤدونها على آلاتهم كانت تغنى من قبل يهود العراق سابقاً، وهؤلاء الفنانون يقومون بأحياءها الى الشباب والجيل الجديد حسب تصور القيادة ولكون خال الدولة (وهذا لقبه) خير الله طلفاح وزمرته لاتطربهم سوى أغاني بنات الريف الغجرية فشنت الحملة ضد الفنان ألهام المدفعي وجميع الفرق الموسيقية للباند الغربي في بغداد والمحافظات العراقية وعلى جميع المستويات في الصحف والمجلات والاذاعة أيضاً ونالوا مانالوه من التهميش والأضطهاد.مثل ماناله الشعب العراقي من الذبح والأعدامات. 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com